لماذا يبدأ إقليم كردستان حقبة جديدة؟

العراق 2019/07/19
...

مسرور بارزاني *
بعد ستة عشر عاما من الاضطرابات في العراق، وخمس سنوات من الحرب الوحشية مع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي، العدو الذي عرض البشرية بأسرها للخطر، بدأنا رحلة جديدة نحو بناء كردستان أقوى. 
ستكون السنوات الأربع المقبلة وقتاً محدداً لنا ولجيراننا ولحلفائنا، إذ نتطلع نحن في حكومة اقليم كردستان، إلى تجاوز الصدمات الأخيرة، وتعزيز مكانتنا في المنطقة وتأمين وجودنا على الساحة الدولية.
باختصار، نريد أن نبدأ بداية جديدة.
في الأسبوع الماضي، قمت بتشكيل حكومة لقيادة إقليم كردستان العراق. 
مهمتي هي تغيير الطريقة التي ندير بها الأمور، في الداخل والخارج.
كرئيس للوزراء، سأطرح أسلوباً مختلفاً للقيام بالمهام التي تواجه التحديات التي عشناها، يعتمد على إنجازاتنا ويستجيب لديناميكية عالمية متطورة.
إن المعركة ضد داعش، التي ساعدنا في قيادتها نيابة عن المجتمع الدولي، الحقت ضرراً باقتصادنا. 
أصبح العبء لا يطاق. إن تكلفة الحرب، وخفض الموازنة الاتحادية من قبل الحكومة في بغداد، وحركة النزوح الجماعي إلى أراضينا، خلفت لنا ديونا بمليارات الدولارات.
خلال معاناتنا، بقينا صديقاً وحليفاً للغرب وشريكاً في المنطقة. منذ أن استولى داعش على جزء كبير من غربي العراق وشرقي سوريا في منتصف عام 2014، أظهرنا أن قتالنا ضد الإرهابيين كان يتعلق بحماية حلفائنا بقدر ما يتعلق بحماية أنفسنا.
قدمنا معلومات مخابراتية أحبطت هجمات إرهابية في الخارج، ووفرنا ملاذاً لما يربو على مليوني شخص فروا من الاضطهاد.
لقد أظهرنا بوضوح حسن نيتنا كمواطنين عالميين، آوينا العرب والكرد والمسلمين والايزيديين والمسيحيين والتركمان وغيرهم.
على بعد عشرة كيلومترات من مبنى برلماننا، ثمة مجتمع مزدهر من المسيحيين، من جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث يبنون الكنائس ويمارسون العبادة بسلام.
ومع ذلك، فإن تكلفة اللاجئين الآخرين تتزايد، وما زالت ممولة جزئيا.
لا يمكننا أداء دورنا كمضيفين وحدنا.
نحتاج إلى تأمين مستقبل للنازحين ولأنفسنا، ونطلب مساعدة أصدقائنا في الغرب بشتى الطرق.
تبدأ تحدياتنا داخل كردستان العراق، الذي كان وطننا على مر العصور. كرئيس للوزراء، سأنفذ إصلاحات ستتبنى أفضل الممارسات العالمية وتجلب المساءلة لجميع قطاعات الخدمة المدنية ومجلس الوزراء.
ستنشئ حكومتي اقتصاداً متنوعاً يحقق رفاهاً متنامياً للجميع. سنسن تشريعات لجعل كردستان موقعاً مُرّحبا وجاذبا للمستثمرين.
سنقوم بتحديث قواتنا المسلحة ودمجها.
وسنعمل على تحويل الخدمات العامة ومحاربة الفساد لضمان خدمة الحكومة للشعب، وليس العكس. سيكون إشراكنا سياسيا وماليا ضروريا لهذا التحول، وأدعو أصدقاءنا للقيام بذلك.
أيضا سأتخذ خطوات لإعادة ضبط وتحسين العلاقة بين أربيل وبغداد، التي ظلت متوترة طوال الستة عشر عاماً الماضية.
لقد حكمنا انفسنا بصورة اساسية طوال معظم ذلك الوقت، من دون أن نفسد علاقتنا مع بغداد.
حصلنا على حصة من الميزانية العراقية باتفاق. لكن المخصصات نادراً ما يتم تسليمها بالكامل.
آن الأوان لشراكة بناءة وأكثر استقراراً مع بغداد. كرئيس للوزراء أجريت الأسبوع الماضي زيارتي الأولى لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وحملت معي مقترحات لحسم الخلافات بيننا بشأن النفط والأراضي والميزانيات ودور قواتنا المسلحة.
أريد أن أضمن احترام اتفاقياتنا من خلال التوزيع العادل لإيرادات الموازنة. إن من شأن ذلك أن يوفر الأساس الراسخ للتعاون في المستقبل. مستقبلنا مرتبط بعراق آمن وديمقراطي.
في عام 2017، أجرت كردستان العراق استفتاءً على الاستقلال. كان التصويت غير ملزم، لكن 93 في المئة من الناس صوتوا مؤيدين.
في الوقت الذي كنا نرحب فيه بالدعم الأكبر من المجتمع الدولي لحقنا في تقرير المصير، فإن أولويتنا الآن هي بناء إقليم كردستان قوي ومستقر يرتكز على المجتمع الدولي.
نطلب من أولئك الذين ساعدنا في حمايتهم أن يعترفوا بالدور العالمي البنّاء الذي لعبناه من خلال مساعدتنا في بناء اقتصادنا.
على مدى أجيال عديدة من الصراع، عانت كل عائلة في كردستان العراق من خسارة شخصية.
لم يعد بإمكاننا التخلي عن التضامن، أو تبديد التضحيات التي قدمها الكثيرون، من خلال العودة إلى النزاع الذي اُبتليت به العلاقات بين الاطراف والمحيطين.
لدينا العديد من الأصدقاء في المجتمع الدولي الذين يتمنون لنا الخير، ولكن حان الوقت لبذل المزيد من الجهد.
نؤكد من جديد دورنا كوسيط نزيه يثق به الجميع.
نفعل ذلك من خلال منظور الصداقة الحقيقية، بعد أن أظهرنا دعمنا الثابت لمصالح حلفائنا، بما في ذلك الولايات المتحدة، والتزامنا بالقيم الديمقراطية.
نحن بحاجة إلى أصدقائنا لمساعدتنا على البدء من جديد.