كانت أغنية {الكرنك} للموسيقار محمد عبد الوهاب هي سبب العلاقة بينه والشاعر والاديب اللبناني جورج جرداق، فكان الاخير شديد الاعجاب بهذه القصيدة، فبعث جرداق رسالة شكر وتقدير الى محمد عبد الوهاب يشكره على جميع الحانه وبالاخص أغنية “الكرنك”، وكان من عادة الموسيقار عبد الوهاب ان يقضي شهرين في لبنان، وفي حال وصول عبد الوهاب الى لبنان طلب لقاء جرداق في مقر اقامته في لبنان، ومن هنا نشأة صداقة بين الاثنين.
في إحدى الاجازات الاستثنائية التي ظل فيها محمد عبد الوهاب سنة كاملة في لبنان، وكانت اللقاءات تتكرر بينهما، وفي احدى جلسات السمر طلب محمد عبد الوهاب من الشاعر جورج جرداق ان يكتب قصيدة خاصة لام كلثوم، وفي اليوم التالي سأل عن اخبار القصيدة، التي كلّفه بها، فاجابه جرداق لم يحصل شيء بعد.. واخذ عبد الوهاب يكرر السؤال نفسه على مسامعه.
وفي إحدى الجلسات التي حضرتها مجموعة من الفنانين بينهم فريد الاطرش واحسان عبد القدوس وآخرون.. يقول جرداق غمز لي عبد الوهاب باشارة ان نجلس معاً في “البلكونة”، ويصف جرداق الجو بأنّ الهواء كان عليلا والقمر مكتملا ومشعا ومنظر اشجار وادي لاماردين واشجاره يسحر الناظر.. وكان عبد الوهاب يحب الجلوس في الشرفة وتأمل المنظر، وسألني: ها جورج ما حصل معاك شي للست ؟.. يقول جرداق ونحن جالسان بدأت أتمتم بكلمات تصل اسماع عبد الوهاب، فقال “هي دي عايزه” وفي اليوم التالي اكملت القصيدة واعطيتها الى عبد الوهاب من تحت الطاولة، لوجود مجموعة من الضيوف عنده، مع اشارات “اذا تعجبك اكمل قرأتها”.
عبد الوهاب اخذ القصيدة وسافر الى القاهرة، وبدأ يشتغل على تلحين القصيدة، واجريت بعض التعديلات على القصيدة.
وفي اول خميس من اول شهر من العام 1968 اتصل محمد عبد الوهاب بالشاعر جورج جرداق وقال له “النهارده اسمع قصيدة هذه ليلتي بصوت الست أم كلثوم”. وهذه القصيدة نقلت الشاعر جورج جرداق الى عالم الشهرة العربية بحسب اعتراف جرداق نفسه.
يذكر ان الشاعر والاديب جورج جرداق تعرف على الست ام كلثوم بدعوة من احد اصدقائه الذي شدد على مجيئه لان هناك مفاجأة له، هي حضور كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي ام كلثوم، وظل جورج جرداق طيلة الجلسة صامتا كعادته، لا يتحدث الا اذا طلب منه، وعند قيام احدى الجالسات بالرقص علق ببعض الابيات، فطلبت الست ام كلثوم ان يعيد على مسامعها ما تفوه به.. ثم دعته الى بيتها في اليوم التالي.