التعايش..حقل معرفي يتعدى الخلافات

العراق 2019/07/23
...

حميد السوداني
حاولت وسائل الاعلام المضادة تعتيم الحوار المرن والمستمر في عالم التعايش، إلا أن هذا التجاهل بات من المُستهلك لما للتغيير والتفاعل والنشاط الملحوظ يعتبر طموحاً نحو المواصلة وكسر المألوف من الفشل والإحباط في العملية السياسية ويكون في ما بعد منعطفاً ثقافياً ينصهر مع مفهوم الديمقراطية في الشارع الجماعي والتركيز على المشاركة الوطنية بجميع خياراتها ضمن الخطاب السياسي.
التعايش حقل معرفي رئيس يتعدى الخلافات المهمة، ويبعد الأطراف عن افتراق الطرق والاندماج بالممارسات التي فيها الأسئلة والأجوبة تمتاز بروح وطنية قوية، تستطيع أن تواجه استضافة السياسات المقبلة من العالم الافتراضي بالتعامل مع الأطياف وكأنها هي التي أوجدت بنود النقاش والاتفاق ضمن المقاييس الموضوعية في العقل السياسي الراجح سواء كان وطنياً أو عالمياً.
الاطياف الوطنية جزء مركزي من التعايش، وهو من إنتاج موجة التحرر من تهميش طيف أو فئة تعتبر وحدة المجتمع حقيقة مطلوبة في واقعنا الراهن.
ونرى في التعايش بناء الدولة أولاً، ومركزاً للثقافة الوطنية ثانياً، ولا يمكن خلط البناء بالثقافة من دون وجود هياكل ثابتة لاتحاد شعبي قوي يستطيع أن يقدم مراسيم الثقافة المتقدمة لدرء العدو والمباشرة بالعمل ضمن خطط التنمية البشرية والاقتصادية.
إن البراهين عديدة لمن يستهزئ ويشكك بكل لقاء أو نشر ورقة بقيمة التعايش ومنفعته على المدى القصير والبعيد اعتماداً على تأسيس عدة حركات اجتماعية عبر التنظيم المعاصر الحيوي الذي مارسته دول التعايش وهو ولادة حرية فكرية جديدة بعيداً عن البنادق والطعن من الخلف.
والتعايش اليوم له فهرست مهم في السياسة الدولية، إن أطراف النزاع هم الموكلون بتقديم مصل الحياة لأبناء الشعب، ففي مقاييس الثقة والاختصار للوصول الى قمة الرؤيا في السياسة وغيرها نقرأ لفظة التصالح والتوافق والوفاق والقبول والنية هي نقاط صغيرة وكبيرة تحرك سكون العملية السياسية وتعطي وهجاً جديداً لشعب يتجاوز الانكسار، 
 
قال الشاعر:
ليت لي قوة العواصف، يا شعبي
                    وألقي اليكَ ثورة نفسي
 
إن سباق اليوم هو البحث عن المناخات الملائمة لإتمام ما تبقى من حوار ومشاركة ودية أخوية بعيداً عن الفقرات الخلافية التي من الممكن إنهائها والدخول الى شبكة الغايات من أجل الهدف الذي يطمح اليه كل فريق من خلايا الجد والكدح والاصرار على النجاح تنازلاً عن بعض الحلقات من دون ردود أفعال لا تعكس منهجية الطاولة التي يطبق عليها طريق السلامة من دون تقاطع وتنديد ونسيان ما يهدد ويؤذي البلد من ويلات ودم وخلق طوابير لا تنفع أهل الوطن في 
النهاية.
واِذ يشعر المتنافسون إن التعايش له أهمية عند الأطراف المتعارضة لأهداف معروفة، فإن أهميته للشعب بأكملهِ أهم وانفع وذلك للأحساس الواقعي بين الماضي والحاضر والظلام والصباح والمربع الأول وإِلغاء المربعات التي بدورها تكاد تكون سبباً لفرصة صادمة للعدو، راغبة في اكمال مسيرة الديمقراطية واقتراب الوصول لإعطاء الحقوق والواجبات وكذلك الرغبة بالاعتراف بالحلم الكبير، (حلم التعايش).
    الحلم الذي ينهي معاناة الزمان والمكان، حلم السهر واليقظة والمكابدة، في نهار قائض، وليل بارد، حلم فيه طيف لا يزور في آخر الليل إلا  ليرحل مع أنوار الصباح الأولى كما يقول الشاعر”وما وصلتَّ في النوم إلا 
لتهجرا”.