أطفال المناطق المحررة...قنبلة موقوتة
اسرة ومجتمع
2018/11/09
+A
-A
يونس جلوب العراف
لم يكن الطفل مروان هو الوحيد الذي يعاني من الانطواء والعصبية والتصرفات العدوانية فهو من الأطفال الذين تدربوا على استخدام الأسلحة في معسكرات عصابات داعش الإرهابية فيما سمي في حينه (أطفال الخلافة ) لذلك مثل هؤلاء يحتاجون إلى معالجة الآثار النفسية التي تسببت بها تلك الإعمال الشيطانية وهم في ذلك اشبه بالقنبلة الموقوتة فهم نتاج أعمال (داعش) او كانوا شاهدين على الأعمال الوحشية التي ارتكبها الدواعش حيث ان بعض الأطفال شهدوا مقتل آبائهم على يد تلك العصابات. إعادة تأهيل الأطفال نفسيا
الدكتورة فاتن عبد الواحد الحلفي عضو مفوضية حقوق الانسان تقول ان: الحكومة مطالبة بمعالجة ماخلفه العنف الذي مارسته عصابات داعش الارهابية و الذي ترك اثاره السيئة على أعداد كبيرة من الأطفال في المحافظات التي عانت من وطأة الإرهاب وهي الموصل والانبار وصلاح الدين وديالى .
وطالبت الحلفي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالعمل على توفير خدمات إعادة التأهيل النفسية لجميع الاطفال الذين ظهرت عليهم علامات التأثر باعمال العنف وادخالهم في مراكز الإيواء التي تديرها في بغداد والمحافظات، مشيرة الى ان بعض هؤلاء الأطفال هم من الأقلية الأيزيدية.
وبينت ان: الوزارة ومن خلال برنامج التأهيل النفسي تستطيع مساعدة الأطفال المتأثرين بشكل كبير كونها قادرة على استيعاب هؤلاء الاطفال المتضررين من العنف الذي قد يجعل منهم مشاريع مجرمين وارهابيين في المستقبل ان لم تتم معالجتهم بشكل صحيح كون بعضهم تدربوا على يد عصابات داعش الارهابية في استخدام السلاح واشتركوا بعمليات القتل والذبح.
شهدوا مقتل آبائهم
الدكتورة نهى درويش، أستاذة علم النفس بجامعة بغداد تقول أن العراق ادرك خطورة تجنيد الاطفال من قبل الارهابيين منذ عام 2006 عندما تأسست معسكرات أشبال الزرقاوي على أرضه
وأضافت :ان المعلومات تشير الى ان عصابات داعش الإرهابية قد مارست تجنيد الأطفال عندما قامت بفتح اربعة معسكرات في محافظة نينوى ومعسكر هيت في محافظة الانبار لتجنيد أكثر من ألف طفل دون سن الثامنة عشرة من العمر وإدخالهم في برنامج لغسل الادمغة وتدريبهم على قضايا القتل والذبح وتنفيذ العمليات الارهابية .
وأوضحت :ان مسؤوليتنا تقتضي المثابرة وبذل جهد أكبر فما مر به بعض الأطفال لم يكن سهلا.
واضافت أن هناك بعض الأطفال شهدوا مقتل آبائهم على يد داعش وهذه الصور المؤلمة لا تفارق مخيلتهم وتصيبهم بنوبات من الاكتئاب والذعر وقد تركت أثرا بالغا في عقولهم وفهمهم لحقيقة الأمور.
تأهيل وإعداد نفسي
وبدورها، قالت الناشطة إسراء العبيدي وهي من مدينة الموصل وتعمل في المنظمة المتحدة لحقوق الإنسان وهي منظمة غير حكومية، إن الاهتمام بالطفولة ضروري لخلق جيل صحي وناضج.
وأضافت:علينا جميعا حكومة ومنظمات، التعاون باتجاه تحجيم مشكلة تأثير الإرهاب في الأطفال.
وتابعت :إنها ليست عملية سهلة فهي تتطلب جهدا شاقا وسنوات من المتابعة والعلاج يخضع خلالها الأطفال المتأثرون لدورات تأهيل وإعداد نفسي وذهني على يد متخصصين محترفين.
وثائق تعريف
البرلمانية السابقة ليلى البرزنجي وهي ناشطة حقوقية من محافظة نينوى تقول :
اننا نتابع عن كثب قضايا الأطفال الذين لم يتجاوزا سن الرابعة وولدوا من حالات اغتصاب أو زواج قسري من المتطرفين، ذلك انهم لا يعيشون جميعا في دور الأيتام.
أن “هؤلاء الأطفال يحظون بالرعاية في دور الأيتام والمخيمات دون تمييز”.
وتابعت انهم مع ذلك يفقدون الحنان بعد تخلي أمهاتهم عنهم بمحض إرادتهن أو بحكم الضغط الاجتماعي.
وذكرت البرزنجي أن جميع هؤلاء لا يمتلكون وثائق تعريف رسمية، مما يمنعهم من الحصول على حقوقهم المدنية العامة كمدنيين، وبالتالي يحولهم لأشخاص ناقمين على مجتمعهم حيث أن ذلك سيؤثر حتما في تربيتهم ومستقبلهم.
وطالبت ببذل جهد تنسيقي بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني يركز على استحداث خطة شاملة وطويلة الأمد لضمان التأهيل النفسي لضحايا الاغتصاب ولتوعية أفراد المجتمع بهذا الشأن.
ونوهت البرزنجي أيضا بأهمية أن تركز الخطة على تيسير إجراءات تبني الأطفال الأيتام لجعل العملية أقل تعقيدا.
مليون وخمسمئة الف طفل
الدكتور احسان عبد الرحيم يؤكد ان : ان عصابات داعش الارهابية قامت بتجنيد الاطفال وخصوصا في محافظتي نينوى والانبار لاستخدامهم في العمليات الارهابية استكمالا للجرائم والانتهاكات الخطيرة التي قامت بها ضد اطفال العراق سواء من خلال اختطافهم والاتجار بهم داخليا وخارجيا أواستخدامهم كدروع بشرية وبيع اعضائهم الداخلية وقتل الكثير منهم ودفنهم مع ذويهم في مقابر جماعية وتهجير وابعاد قسري لأكثر من مليون وخمسمئة الف طفل منذ تاريخ عام 2014 فضلا عن تدريب العديد منهم على القتل والذبح.
واضاف ان تأثير اجرام عصابات داعش الارهابية كان مضاعفا على نفسية الأطفال دون غيرهم وقد ولّدت لدى الأطفال الذين كانوا في مناطق النزاع حالة ذعر مزمنة، بالإضافة إلى أمراض نفسية عدة.
واوضح أن بعض الأطفال لم يستجيبوا للدعم النفسي حتى بعد أشهر عدة من إعادة التأهيل، لافتا إلى انه “ليست لديهم الرغبة بالاندماج ويفضلون الاختلاء بنفسهم على الجلوس مع الآخرين فهؤلاء الأطفال يكبرون مع صور مشوشة عن حقيقة الأمور، وقد يمثلون خطرا على المجتمع في حال لم يتلقوا المساعدة اللازمة.
وضعية الأطفال ما بعد مرحلة داعش
المتحدث باسم وزارة العمل عمار منعم يقول: “ان هيئة رعاية الطفولة التابعة للوزارة شاركت بعدد من الندوات والاجتماعات التي خرجت بتوصيات سترفع الى الجهات العليا للقيام بزيارات ميدانية الى المناطق المحررة للاطلاع على وضعية الاطفال ما بعد مرحلة داعش”.
واشار منعم الى امكانية التنسيق مع المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني لفتح مراكز للصدمة النفسية لغرض اعادة تأهيل الاطفال او دمجهم مجتمعيا بعد جلاء عصابات داعش الارهابية من مناطقهم
المحررة.
وتابع ان وزير العمل السابق رئيس هيئة رعاية الطفولة محمد شياع السوداني اكد على ضرورة وضع الخطط والآليات المناسبة لمساندة الاطفال (ضحايا عصابات داعش) في المناطق المحررة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ومنظمة اليونيسيف لان الوضع في تلك المناطق يحتاج الى كثير من الخدمات الاساسية التي تفتقر لها العائلات في تلك المناطق .
واوضح منعم ان الاجراءات الحكومية المحلية لا تزال دون المستوى المطلوب وتحتاج الى تضافر كل جهود المؤسسات الحكومية وغير الحكومية للنهوض بواقع الطفولة في تلك المناطق.
ولفت منعم الى ان هيئة رعاية الطفولة سبق وان عقدت مؤتمرا دوليا بالتعاون مع مكتب رئيس الوزراء للحد من تجنيد الاطفال وتحت شعار (لنحمي الطفولة من ارهاب داعش) ، طالبت فيه الامم المتحدة بإصدار قرار باعتبار ما قامت به عصابات داعش الارهابية من عمليات تجنيد للاطفال في العراق جرائم ضد الانسانية ، وعلى الجهات المعنية الاسراع باصدار قانون حماية الطفل العراقي ، واوصت بتبني المجتمع الدولي للفكر المناهض للمنهج المتطرف معتمدا على الرؤية الانسانية في التعامل مع الغير وتبني المؤسسات التعليمية والتربوية ومنظمات المجتمع المدني مبادرة التثقيف والتعليم في اطار التعايش السلمي ونشر قيم المحبة والسلام للتصدي للفكر المتطرف وحث الحكومات لوضع مزيد من التدابير التي تسهم في حماية الاطفال والحد من استغلالهم من قبل العناصر الارهابية وتعزيز دور مؤسسات التأهيل لضحايا الارهاب وايجاد برامج لاعادة دمجهم في المجتمع.
وتابع :نعمل على تهيئة مؤسساتنا لاحتضان ذلك العدد الكبير من الأطفال وإخضاعهم للتأهيل، مبينا ان الوزارة طلبت الدعم من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني حيث نحتاج إلى موارد وبرامج عمل كثيرة وإلى كوادر مدربة جيدا على التعامل مع مختلف حالات التعنيف وتوسيع خدماتنا لتشمل عددا أكبر من الأطفال.