{بغداد يا ليل البنفسج».. رصدٌ للتحولات السياسيَّة وأثرها في الأغنية العراقيَّة

الصفحة الاخيرة 2019/08/31
...

بغداد/ سامر المشعل 
 
صدر كتاب “بغداد يا ليل البنفسج” عن دار “جزيرة الورد” في القاهرة، من تأليف فاطمة الظاهر وقاسم السومري، بطبعته الأولى 2019. ويشكلُ هذا المعطى المعرفي إضافة للمكتبة الموسيقيَّة العراقيَّة، لما يتضمنه من بحث ورصد للتحولات الاجتماعيَّة والسياسيَّة منذ بداية القرن العشرين وأثرها في طبيعة الخطاب الغنائي العراقي. أهمية البحث تأتي من خلال إنَّ هذا الكتاب هو الأول من نوعه الذي يتناول الحقب التاريخيَّة التي مرَّت بها الأغنية العراقيَّة بمراجعة نقديَّة وتحليليَّة من الناحية الفنيَّة، في الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات والسبعينيات وتنتهي بحقبة التسعينيات.. ويعطي ملامح عامة للأغنية التي سادت في تلك الفترة، وأبرز فرسان هذه المرحلة من ملحنين وشعراء
 ومطربين.يسبق تناول الجانب الفني بالأغنية، إعطاء نبذة تاريخيَّة للمناخ السياسي الذي كان يتحكم بتلك الفترة أو الحقبة وانعكاس ذلك على الخطاب الغنائي. ربط الجانب التاريخي بالفني وبحث في الظروف التي أسهمت في ظهور نمط ولون غنائي لكل فترة زمنيَّة هو الذي جعل كتاب “بغداد يا ليل البنفسج” يتفرد بالتحليل برصد فني ذكي في تناول كل حقبة زمنية وخصوصيتها الفنية وطابعها المميز.
اعتاد الباحثون والنقاد تناول فترة زمنيَّة بعينها، فمنهم من بحث بالأغنية البغداديَّة إبان الأربعينيات أو الخمسينيات من القرن الماضي، ومنهم من بحث في الأغنية العراقية في حقبة الستينيات أو السبعينيات ومنهم من تناول الأغنية الريفيَّة، ومنهم تناول الأصوات النسائيَّة، والسواد الأعظم من الكتاب والصحفيين والباحثين من تناول شخصيات فنية، كأنْ تكون من الملحنين أو المطربين أو الشعراء وتعقب مسيرتهم الإبداعيَّة وحياتهم الشخصيَّة. أما كتاب “بغداد يا ليل البنفسج” فتناول الأغنية العراقيَّة بمراجعة تاريخيَّة شاملة منذ مفتتح القرن العشرين وتطورها على يد الأخوين صالح وداود الكويتي الى ظهور الأغنية في التسعينيات.. وهذا البحث ليس بالأمر الهين واليسير، فقد سلط الباحثان كشافاتهما المعرفيَّة على التأثيرات السياسية والاجتماعية وانعكاسها المباشر أو غير المباشر في بنية الأغنية وطبيعة صياغاتها وتوجهاتها.. وهو بحث مضنٍ وطريق وعرة لمن يسلك هذا البحث لعدم وجود مصادر كثيرة بهذا الميدان، وقد نجح الكاتبان الى حدٍ ما في إظهار هذا الكتاب المتفرد، والذي سيسد بعض الفراغ الموجود في المكتبة الموسيقيَّة العراقيَّة، وهذا الجهد الكبير يجعلنا نغفر للكاتبين فاطمة الظاهر وقاسم السومري بعض الهفوات البسيطة التي رافقت بحثهما والتي لا ترتقي الى ذكرها.
كتاب “بغداد يا ليل البنفسج” هو بحثٌ مستفيضٌ يستحقُ القراءة بلغة رشيقة وذات فائدة معرفيَّة ممنهجة وعطاء لا بدَّ أنْ يُقابلَ بالثناء
 والتقدير.