ترحيب واسع بقرار القضاء اعتبار {الدكة العشائرية» عملاً إرهابياً

الثانية والثالثة 2018/11/11
...

بغداد/ شيماء رشيد/ عمر عبد اللطيف/ مهند عبد الوهاب


رحبت أوساط نيابية وشخصيات عشائرية وقانونية بقرار مجلس القضاء الأعلى بالتعامل مع ظاهرة "الدكة العشائرية" بحسب قانون مكافحة الارهاب وفق المادة (2) واعتبارها عملاً إرهابياً، حيث وصف أعضاء مجلس النواب الظاهرة بالدخيلة على المجتمع العراقي مؤكدين في أحاديث لـ "الصباح" أهمية القرار في هذه المرحلة واعتباره خطوة ايجابية ومهمة على طريق بناء دولة المؤسسات واستقرار أمن المواطن وفرض هيبة الدولة والقانون، كما أبدى شيوخ وشخصيات عشائرية دعمهم وتأييدهم لقرار القضاء، مبينين ضرورة اتخاذ الجهات الامنية اجراءاتها بحق المخالفين لهذا القرار، مؤكدين عزمهم توقيع وثيقة تلزم جميع العشائر برفض هذا النوع من الاعراف وتسليم المطلوبين الذين ينتمون اليها الى الجهات الامنية في حال مخالفتهم.ووجه مجلس القضاء الاعلى بالتعامل مع قضايا ما يعرف بـ"الدكات العشائرية" وفق قانون مكافحة الاٍرهاب، وقال المجلس في بيان مقتضب انه "يعتبر جرائم التهديد عبر ما يعرف بـ(الدگات العشائرية) صورة من صور التهديد الإرهابي وفق احكام المادة 2 من قانون مكافحة الاٍرهاب"، موجهاً بـ"بالتعامل مع هذه القضايا وفق القانون المذكور".
 
بناء الدولة
النائب عن تحالف سائرون جواد حمدان، أكد أن قرار مجلس  القضاء الاعلى بشأن (الدكات العشائرية) وفق قانون مكافحة الارهاب خطوة حقيقية وداعمة لبناء دولة المؤسسات وفرض هيبة القانون وترسيخ أسس بناء الدولة على اعتبارها القوة المساهمة في استقرار أمن المواطن الداخلي.  
وأضاف حمدان لـ"الصباح"، إن "المرحلة تتطلب ان تفرض هيبة الدولة وتحترم قوانينها من قبل الجميع من دون استثناء، اضافة الى ان العشائر منبر مهم من منابر التماسك والتلاحم الاجتماعي على اعتبارها هوية عراقية تمثل كل التنوع المجتمعي والطيف العراقي".
ولفت النائب إلى أن "العشائر العراقية الاصيلة رفضت (الدكات العشائرية) على اعتبارها نهجا لا يمثل الروح الوطنية والاجتماعية لما تسببه من اضرار للمجتمع والانسان"، مبينا أن "من يستغل (الدكة العشائرية) باسم العشيرة لا يمثل العشائر العراقية الاصيلة وإنما يمثل مجموعة من ضعاف النفوس التي تستغل هذه الفرص لمصالحها الشخصية على حساب أمن المجتمع".
وأكد حمدان، أن "قرار مجلس القضاء الاعلى بالتعامل مع (الدكات العشائرية) وفق قانون مكافحة الارهاب هو خطوة مهمة لتثبيت هيبة القانون والدولة ودعم بناء الدولة وفرض سلطتها"، مشدداً على ضرورة أن "تتعاون العشائر مع الاجهزة الامنية في القضاء على هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي وعدم التستر على كل من يحاول ان يخرق القانون ويستغل النفوذ العشائري".
 
ظاهرة دخيلة
من جانبه، دعا النائب عن دولة القانون محمد شياع السوداني، الى العمل بجدية على وقف ظاهرة (الدكة العشائرية) باعتبارها دخيلة على المجتمع العراقي، مبينا ان "قرار مجلس القضاء الاعلى بالتعامل مع هذه الظاهرة وفق قانون مكافحة الارهاب خطوة صحية ومهمة على طريق بناء الدولة ومؤسساتها".
وأضاف السوداني لـ"الصباح"، أن "المرحلة الحالية التي يمر بها العراق تتطلب ان تقف جميع العشائر العراقية مع بناء الدولة، وأن لا تسمح العشائر لبعض ضعاف النفوس باستغلال اسمها كونها منبرا مهما ويمثل الشعب العراقي جميعا الذي عرف عنه الغيرة والشهامة".  
وأشار الى "أهمية ان تتضافر كل الجهود بين مؤسسات الدولة الامنية والمجتمع والعشائر للحد من هذه الظاهرة التي اساءت للمجتمع العراقي وهددت أمنه الداخلي؛ بل واصبحت  ذريعة لضعاف النفوس في النيل من المجتمع والتكالب عليه من خلال تهديد امنه واستقراره بما يسمى بالدكة العشائرية".
ودعا السوداني، الى "تفعيل كل القوانين المهمة التي تحارب هذه الظاهرة وتعكس صورة المجتمع المتسامح والوشائج الاجتماعية المتراصة والسنن العشائرية الحقيقية التي تدعو الى تنظيم المجتمع وحمايته من هكذا اساليب وابعاد من يريد ان يفسد السنن العشائرية القيمة".  
 
خطوة إيجابية
فيما اكدت النائبة المستقلة زهرة البجاري، أن "اتخاذ مجلس القضاء الاعلى قراراً يحد من ظاهر (الدكة العشائرية) يعد خطوة ايجابية نحو تنظيم المجتمع وحمايته من المتلاعبين بالقيم العشائرية الأصيلة.
ولفتت البجاري لـ"الصباح"، الى "ضرورة ان يفهم المجتمع ومن يريد ان يتلاعب بامنه واستقراره من ضعاف النفوس أن الوقت قد حان لبناء دولة المؤسسات القوية التي تحترم القوانين النافذة، ولذلك على الجميع ان يتكاتف من الاجهزة الامنية والعشائر في عدم التستر على كل من يتلاعب بالقيم العشائرية ويهدد امن المواطن من خلال ظاهرة الدكة العشائرية الدخيلة على مجتمعنا العراقي".
وأضافت، أن "تنامي ظاهرة الدكة العشائرية اصبح يهدد امن المجتمع والاستقرار اضافة الى ان على الدولة ان تدعم قرارات اخرى مثل الحد من ظاهرة انتشار الاسلحة بين المواطنين وادراج قوانين صارمة  وشديدة بحق من يتاجر بالاسلحة النارية".
وأشارت البجاري، الى ان "على السلطة التشريعية ان تسهم في توفير الدعم الكامل للاجهزة الامنية من خلال القوانين المشرعة بمنع انتشار وتداول الاسلحة بين المواطنين"، مبينة، أن "تمادي بعض الاشخاص واصرارهم على ادخال الدكة العشائرية في سنن العشيرة العراقية امر لا يمكن التغاضي عنه، وانما العمل على الحد منه بتشريع قوانين أكثر قوة وتتوفر فيها عقوبات رادعة من اجل الحفاظ على القيم العشائرية العراقية الاصيلة وعدم اختراقها من قبل بعض المنتفعين من هذه الظاهرة".
 
حالة رعب
عضو مجلس النواب برهان المعموري، عد هذا القرار امر ايجابيا، رافضا ما يسمى اليوم "بالدكات العشائرية" لاسيما ونحن في بلد يجعل من القانون فوق الجميع.
وقال المعموري لـ"الصباح": ان "قضية العشائر اجتماعية لا يجب ان يستخدم فيها العنف لاسيما ان هنالك عوائل بدأت تصاب بالرعب من هذه الظاهرة ولا تستطيع مجابهة المرتكبين لها"، مبينا ان "العشائر العريقية يجب ان تحترم مقرراتها وقيادتها وشيوخها لأن العشائر مصدر امان للمجتمع العراقي وليست مصدرا للرعب".
وأضاف، إن "ماصدر من مجلس القضاء امر جيد على ان لا يمس العشائر التي كان لها دور  كبير في الحفاظ على الامن في أغلب المحافظات العراقية وكان لهم دور في تحرير الاراضي العراقية"، وتابع: ان "هذا القرار يجب ان ينفذ لأنه قانون، وعدم تنفيذه يشير الى وجود خلل في الحكومة وهو واجبها".
بدورها، عدت النائبة بهار محمود، قرار مجلس القضاء بشأن "الدكات العشائرية" أمرا جيدا ويعيد ثقة المواطن بالحكومة.
وقالت محمود لـ "الصباح": أن "انتشار هذه الظاهرة أصابت العديد من العوائل بالرعب"، ودعت الحكومة الى "تطبيق القرار بأسرع ما يمكن دون المساس بروح العشائر العريقة التي كان لها دور في وحدة العراق وأمنه".
 
شيوخ العشائر
ووصف الحقوقي الشيخ قاسم كولي الخفاجي، القرار بأنه مهم ويصب في إحقاق العدل وسيادة القانون، رغم مجيئه متأخراً.
وأضاف الخفاجي لـ"الصباح"، إن "هذا القرار سيرفع التجاوزات المرفوضة قانونيا واجتماعيا وعشائريا بعد خروج (الدكة العشائرية) عن أسلوبها المألوف عبر استخدام الاسلحة الخفيفة والمتوسطة والرمانات الصوتية وبشكل مباشر على دار المواطن المستهدف، بعد أن كانت تتسم بالإنذار الشفوي ومن ثم إطلاق رصاصة أو اثنتين في الهواء على أن تكون المنطقة التي فيها البيت المقصود خالية من الدور".
واستدرك الخفاجي، بأنه "في الوقت نفسه يجب أن تقوم السلطات الامنية من مراكز شرطة وغيرها بالاسراع بحسم القضايا والشكاوى العشائرية لكي يسود منطق القانون في البلد بعيداً عن مثل هذه التصرفات الارهابية"، مؤكداً ان "المشتكي في الوقت الحالي يواجه الابتزاز المادي وبطء انجاز المعاملات مما يجعله يذهب باتجاه العشيرة والقيام بمثل هذه الاعمال المرفوضة جملة وتفصيلا".
من جانبه، بين رئيس (فخذ المصالحة الوره) في بغداد والرضوانية سعد شلال الجنابي، أن "الدكة العشائرية مرفوضة وليست لها اصول، بعد أن تميزت مؤخراً بقتل الاشخاص المتواجدين داخل البيت وتهديم البيوت على اصحابها".
وبين الجنابي لـ"الصباح"، أن "العشائر المتواجدة في الرضوانية ابلغت الجهات الامنية بضرورة القيام بدورها والقبض على المخالفين لهذا القرار وتطبيق احكام هذه المادة لينالوا جزاءهم العادل وليكونوا عبرة لكل من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الافعال".
الى ذلك، أكد رئيس تجمع "حزم" لعشائر ونخب العراق أبو أركان الجناحي، استعداده لجمع العشائر وتوقيع وثيقة شرف فيما بينها لإدانة كل هذه الافعال المرفوضة.
وقال الجناحي لـ"الصباح": "على الجهات الامنية تفعيل هذه المادة، لأن الندوات التثقيفية والآراء لن تجدي نفعا في أغلب الأحيان مع البعض الذي يعتبر نفسه متمردا في مقابل ما تؤكد عليه جميع العشائر من ضرورة الالتزام بالقانون وجعلها قدوة لكل ابناء المجتمع في التضحية والشجاعة والوقوف الى جانب الدولة اذا احتاجت ذلك".
وأكد الجناحي، أن "الكثير من المؤتمرات التي عقدت في قطاع الرشيد ومحافظتي النجف وكربلاء والتي وقعت فيها وثائق عهد لمنع "الدكات العشائرية" والتهديد والوعيد والكتابة على جدران الدور والدوائر الحكومية والاعتداءات على الكوادر التعليمية والتربوية"، مبيناً "اننا على استعداد لتجديد كتابة وثيقة شرف تمنع هذه الاعراف المرفوضة ومساندة الدولة في جميع قراراتها وتسليم المخالفين الى الجهات الامنية لينالوا جزاءهم العادل وفق القانون".
أما شيخ عام عشيرة آل فراج في بغداد السيد عبد الرضا علي جبار الموسوي، فقد أكد رفض غالبية العشائر ما يحصل في بعض المناطق من "دكات" مما يؤدي الى مقتل وجرح عدد من شبان العشائر والمواطنين 
الابرياء.
الموسوي اتهم في تصريح لـ"الصباح"، جهات -لم يسمها- بترخيص السلاح المستخدم في هذه "الدكات" ومنحه الى بعض العشائر لكي تستمر الفوضى وقتل المواطنين لأسباب مجهولة "وهي أسلحة نراها اثناء اندلاع الحروب وفي الافلام".
وألمح الموسوي، بأن "التسامح والمحبة هي من الاعراف السائدة عند العشائر العراقية خصوصاً أن المجتمع العراقي هو عشائري بحت ولا يمكن لأي مواطن ان ينسلخ عن عشيرته".
 
رؤية قانونية
الخبير القانوني طارق حرب، رحب بقرار القضاء الذي اعتبره قرارا صائبا وسليما وهو موافق للدستور والقانون، وإن تطبيق قانون مكافحة الارهاب على هذا الموضوع تطبيق سليم ويحمد مجلس القضاء على هذا القانون.
وقال حرب لـ"الصباح": إن "الدستور طالب بالالتزام بالقانون وأولويات الناس، كما أن القرار القضائي يوافق القانون لأن التهديد الذي يمس الناس عن طريق (الدكات العشائرية) ليس تهديدا فردي بل هو جماعي"، منوها الى ان "تطبيق قانون مكافحة الارهاب اجراء سليم".
وانتقد حرب، "عدم تسليط الضوء على هذا القرار من قبل رجال الدين في خطب الجمعة"،  مبينا ان "العشائر طغت ويجب أن يكون لها حد"، مشيرا الى أن "الدكات العشائرية" ظاهرة تخالف الشريعة والقانون.
بدوره، أشار رئيس مركز الفكر للحوار الشيخ مجيد العقابي، الى أن قرار القضاء بشأن هذه الظاهرة امر جيد، وقال العقابي لـ"الصباح": "إننا ضد هذه الاعراف العشائرية وقد انتقدنا هذه الظاهرة التي تبعد الفرد عن القانون، ولكن هنالك مشكلة ستكون في آليات التطبيق من خلال دراست ابعاده".
وأضاف، "على الحكومة أن لا تدخل في تشريعات تكون تابعة للحوزة او العرف وعلى الحكومة ان تبت فقط في موضوع الامن وتحصر السلاح بيد الدولة ونزعه من العشائر وأن اي مشكلة بين عشيرتين يجب أن تسجل قانونيا ولا تبقى معلقة".
وتابع العقابي، أن "الحكومة قادرة على إلغاء أي نوع من استعراض العشائر والبعض من المتمردين الذين يريدون ان يشوهوا صورة العشائر العريقة التي دافعت عن الاراضي العراقية"، داعيا الى "إعادة تبويب التجمعات العشائرية بعد انتشار ضعفاء النفوس الذين يستغلون اسماء العشائر في تحقيق مكاسب شخصية".