نجفيون يحاربون الفساد من خلال المجالس الحسينية في محرم

العراق 2019/09/06
...

النجف الاشرف / حسين الكعبي 
 
مع حلول شهر محرم الحرام اتشحت مدينة النجف بالسواد، ايذاناً بانطلاق مراسم العزاء في ذكرى استشهاد الامام الحسين بن علي (ع)، وتكون الايام العشرة الاولى من محرم مخصصة لفاجعة الطف الأليمة، فلا تكاد ترى اي نشاط في المدينة سوى مواكب العزاء والمجالس الحسينية وكل ما يرتبط بذكرى عاشوراء. 
وعن هذه الايام تحدث الباحث والاعلامي حيدر الجنابي لـ”الصباح” قائلا: “تستذكر محافظة النجف بجميع اقضيتها ونواحيها ذكرى واقعة كربلاء مع اول يوم من ايام محرم الحرام، فتكون مراسم العزاء هي الطاغية على المحافظة لتصل الى ذروتها في يوم العاشر من محرم وهو يوم المعركة التي استشهد فيها الحسين (ع) مع اهل بيته واصحابه”، مبيناً ان زخم هذه المراسم يكون عادة في مدينة النجف القديمة حيث يقع مرقد الامام علي بن ابي طالب (ع)، فالمواكب المعزية باستشهاد الامام الحسين (ع) تتجه الى الصحن الحيدري الشريف، وتصل مراسم العزاء ذروتها في الليلة العاشرة من المحرم. 
ويصف الجنابي مراسم العزاء فيقول “تتنوع نشاطات ابناء النجف في هذه الايام لاستذكار واقعة الطف، فهناك مواكب للمشاعل التي يرافقها قرع الطبول التي تتبناها عشائر نجفية معروفة، والتي يرى البعض فيها اظهاراً لاستعداد هذه العشائر لنصرة الحسين (ع) في كل زمان ومكان، وهناك مواكب تقدم الطعام للزائرين والمعزين خلال ايام محرم، اضافة الى المجالس الحسينية التي يستثمرها رجال الدين في تقديم الوعظ والارشاد الديني والاخلاقي لابناء المجتمع”. 
ويضيف الجنابي “تكون المجالس الحسينية الكبيرة في بيوت مراجع الدين ثم البيوتات النجفية المشهورة، وتستذكر هذه المجالس مصيبة الحسين واهل بيته واصحابه (ع)، وتوجه من خلالها النصح والارشاد للحاضرين وتحثهم على الالتزام بمبادئ الدين الاسلامي التي استشهد من اجلها الحسين (ع)”. 
ولا تبتعد المجالس الحسينية ومراسم العزاء عن الواقع الذي يعيشه المجتمع، فهي تواكب هذا الواقع وتؤشر ما يكتنفه من سلبيات، يقول هادي السلامي وهو رئيس لجنة النزاهة في المجلس المحلي لقضاء النجف وناشط في مجال مكافحة الفساد: ان مجالس العزاء هذا العام اكدت من خلال خطبها والقصائد التي القيت فيها على مواجهة الفساد وتخليص المجتمع من اثاره، مؤكداً ان بعض المجالس والمواكب وضعت لافتات تشير الى عدم استقبالها للمسؤولين الذين تحوم حولهم شبهات الفساد، كما ان القصائد التي تقرأ في هذه المجالس تربط ما بين فاجعة الطف وما يحدث اليوم لان حركة الحسين كانت حركة اصلاح، ولا بد ان تستمر هذه الحركة ولا تتوقف وتكون مراسم العزاء مسيرة مكملة لواقعة الطف واهدافها. 
اما مهند عبد الامير وهو صاحب احد المواكب فيقول: ان مراسم العزاء الحسينية لم تكن في يوم من الايام بمعزل عن الواقع الاجتماعي والسياسي في العراق، فعلى مر الاجيال كانت طقوس عاشوراء منطلقاً لكثير من الثورات والانتفاضات بوجه الحكام الفاسدين والظلمة، مؤكداً ان هذه الطقوس بثوريتها اصبحت من الثوابت الراسخة عند اهالي النجف، فمع استذكار ثورة الحسين (ع) ينتفض المجتمع ضد اي حالة سلبية سواء كانت اجتماعية او سياسية. 
واوضح عبد الامير ان معاناة الشعب من سوء الخدمات وتفاقم مشكلات البطالة والفقر، دفع باصحاب المجالس الحسينية الى مناقشة مشكلة الفساد باعتبارها آفة حقيقية تهدد المجتمع، لذلك فان مجالس العزاء هذا العام هي لاستذكار واقعة الطف ولمحاربة الفساد في الوقت نفسه.