القاضي ناصر عمران الموسوي
اثبتت الدراسات العلمية ان هناك تشابهاً بين النشاط الذهني لدى الأشخاص المفرطين في لعب القمار ومدمني المخدرات، حيث ان مناطق الدماغ التي تنشط عند إحساس المرء بالمتعة عند تحقيقه غاية ما، مقللة نشاطه، لا تقوم بدورها بنفس الفعالية عند متناولي المخدرات والمقامرين على حد سواء بل ان الادمان على لعب القمار يؤدي الى امراض نفسية عديدة لعل اهمها اضطراب القمار او ما يسمى (القمار القهري) و هو رغبة لا يمكن السيطرة عليها للاستمرار في المقامرة على الرغم من الخسائر التي يتلقاها المقامر .لقد عرف القِمَار أو المَيْسِر بحسب التراث العربي بانه : كل لعب بين متنافسين على مال يجمع منهم ويوزع على الفائز منهم ويحرم الخاسر
ويوجد الكثير من أشكال القمار من أشهرها ألعاب اليانصيب اللوتري والقمار الالكتروني. وبعض مسابقات التيرى ، “للقمار أضرار اقتصادية مدمرة على المجتمع، إذ ينشأ عنه طبقة عاطلة تسعى لكسب المال من الناس بطرق سهلة ومن أضراره أيضاً نشر العداوة والبغضاء بين المتنافسين والانغماس في المقامرة يجر الى خسارة اشياء قيمة على أمل الحصول على اشياء أكثر قيمة والانشغال الدائم بالتخطيط المستمر للحصول على المزيد من الأموال في محاولة للتحكم في اللعبة دون تراجع أو توقف والشعور بالضيق أو الهياج عند محاولة التراجع عن المقامرة وتشكل اللعبة كذلك هروباً من المشكلات أو تخفيف المشاعر أو اليأس أو الذنب أو القلق أو الاكتئاب و(محاولات تعويض الخسارة) وكل ذلك مقترن بالكذب على أفراد الأسرة أو غيرهم لإخفاء مدى التعلق بالمقامرة، كما يؤدي الايغال في الخسارة إلى ارتكاب جرائم السرقة أو الاحتيال للحصول على أموال اللعب ومطالبة الآخرين بالمساعدة في المشكلات المالية بسبب خسارة المال وقد يكون الدافع الى المقامرة بنَوع من الافْتِتَان والانْسِيَاق غَير الوَاعِي في المجازفات الخطرة من اجل مشاعر انسانية صادقة - مع انها غير مبررة حتماً - وكيف يمكن ان يوجهها الانسان كما في رواية المقامر لدوستويفسكي عندما ذهب ألكسي إيفانوفيتش ليقامر وعاد بالنقود لمعبودته وحبيبته باولين ألكسندرڤنا في رواية المقامر و التي صورت نفسية المقامر ورغبته في تحقيق الثراء السريع وكيف يمكن أن يؤثر القمار عليه. لقد جرم القانون العراقي لعب القمار وادارته فنص في المادة 389 من قانون العقوبات ( 1 - يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مئة دينار او بإحدى هاتين العقوبتين كل من فتح او ادار محلاً لالعاب القمار واعده لدخول الناس وكذلك كل من نظم العاباً من هذا القبيل في محل عام او محل مفتوح للجمهور او في محل او منزل اعد لهذا الغرض
2 - ويعاقب بالعقوبة ذاتها صيارفة المحل
3 - ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر او بغرامة لا تزيد على500 الف دينار عراقي من وجد يلعب القمار في المحال المذكورة في الفقرة (1)
4 - تضبط النقود والادوات التي استعملت في اللعب ويحكم بمصادرتها - وللمحكمة ان تحكم ايضاً باغلاق المحل لمدة لا تزيد على سنة .) مع التنويه ان قانون تعديل الغرامات رقم 6 لسنة 2008 عدل مقدار الغرامة الواردة في المادة المذكورة لتكون اكثر من مئتي الف دينار ولا تزيد عن مليون دينار باعتبار العقوبة جنحة في الفقرة (1، 2) والفقرة (3) تكون الغرامة مقدارها خمسون الف دينار ولا تزيد عن مئتي الف دينار) باعتبارها مخالفة ، ونرى بان جريمة لعب القمار وادارة هذه اللعبة بحاجة الى تشديد العقوبة تشريعياً، كون ما ورد في النصوص العقابية لا يحقق الردع العام وهو الهدف المنشود للعقوبة وهناك بون شاسع بين المبالغ التي تدار فيها اللعبة والمكاسب المتحققة من ادارتها ومقدار العقوبة وبخاصة الغرامات وبخاصة ان الجريمة من الجرائم التي تؤثر في الاقتصاد الوطني وهي طريقة من طرق الوصول الى الجريمة اضافة الى اثرها الكبير اجتماعياً واخلاقياً وثقافياً وقد اصدر مجلس القيادة المنحل قرارين تشريعيين الاول بالرقم (203 ) بتاريخ 12/ 9 / 2001 قضى بعدم قبول شهادة من حكم عليه نهائياً وفق احكام هذه المادة واستثنى قبول شهادته اذا كانت هي الدليل الوحيد في الدعوى الجزائية او اذا امضى المحكوم عليه مدة لا تقل عن ثلاث سنوات بعد انتهاء تنفيذ العقوبة وثبتت توبته واصلاحه بتأييد من المجلس البلدي لمحل اقامته والقرار 27 في 31 /1 / 2003 والذي قضى بمعاقبة عدد من المسؤولين المعينين بصفاتهم الوظيفية ( وهم من المسؤولين في الحكومة والحزب في حينه ) بالحبس مدة ثلاث سنوات اذا مارس احدهم لعب القمار بقصد كسب المال والفصل من الوظيفة ) وقد شدد مجلس القضاء الاعلى في جلسته الاخيرة في شهر آب على ضرورة مكافحة جريمة لعب القمار بعد ان شكلت الجريمة قضية من قضايا الرأي العام بعد اعتقال مجموعة من المتهمين بارتكاب ممارسة لعبة القمار وادارة اللعبة بشكل واسع في مؤسسات سياحية
مهمة .