عبد المهدي سيزور ثلاث مدن.. ويوقع اتفاقيات تاريخية
الثانية والثالثة
2019/09/16
+A
-A
(السفير الصيني لدى العراق تشانغ تاو لـ {الصباح:
بغداد / الصباح
يتوجه رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي على رأس وفد حكومي رفيع بعد غدٍ الخميس إلى الصين في زيارة رسمية وصفها مراقبون من كلا البلدين بالتاريخية والمهمة لا سيما أنها تتزامن مع احتفالات الذكرى الـ 70 لتأسيس جمهورية الصين، وأعرب مسؤولون وسياسيون من بغداد وبكين عن تفاؤلهم في أن تدشن هذه الزيارة لنقلة نوعية ومرحلة جديدة في مسار العلاقات العراقية الصينية، وتوقع السفير الصيني لدى العراق تشانغ تاو؛ أن تكون السنة المقبلة 2020 "سنة إعادة إعمار العراق"، مبيناً تطلع بلاده للمشاركة بقوة لتحقيق النهضة التاريخية المرتقبة، مؤكداً ان العراق يعد شريكاً أساسياً للصين في فكرة مبادرة "الحزام والطريق" العالمية العملاقة.
وكشف السفير تاو في حديث خاص لـ "الصباح"، عن أهم وأبرز محطات الزيارة والاتفاقيات الاقتصادية والتكنولوجية والأمنية والثقافية التي سيوقعها الجانبان، وعلى رأسها الاتفاقية الإطارية مع شركة "سانشو" الصينية وهو الاتفاق الذي سيوفر أكثر من 10 مليارات دولار لعمليات إعادة الإعمار في العراق، وكذلك متابعة مساهمة الصين في حل أزمة الكهرباء عبر إنشاء 4 محطات ضخمة للطاقة الكهربائية في بغداد والمحافظات، وبين تاو إن الاتفاقيات التي سيوقعها رئيس الوزراء ستشمل كذلك إنشاء مكتبة إلكترونية بجامعة بغداد وتدريب الكوادر العراقية على يد خبراء شركة "هواوي" الرائدة في مجال تكنولوجيا الاتصالات واتفاقيات في بناء المجمعات السكنية والمستشفيات وإصلاح التربة والزراعة وتحقيق تعاون وتنسيق أمني بين البلدين وعشرات من الاتفاقيات.
العراق المنتصر
يقول السفير الصيني لدى العراق تشانغ تاو في حديثه لـ "الصباح": إن "زيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي المرتقبة؛ تعد الزيارة الأهم من بين الزيارات التي قام بها المسؤولون العراقيون إلى الصين، لاسيما بعد أن حقق العراق انتصارات عظيمة على إرهابيي (داعش)، خصوصاً إن الوضع الأمني يتحسن بشكل ملحوظ، وهذا الأمر يزيد من فرص العراق في عمليات إعادة الإعمار".
ويضيف: "نتوقع أن تكون السنة المقبلة؛ سنة إعادة الإعمار، وهذا ما لاحظناه من خلال تصريحات العديد من المسؤولين الذين أكدوا ان العام القبل سيشهد طفرة كبيرة في عمليات الإعمار، وان الصين والعراق يشتركان في ذات التطلع لتحقيق نهضة تاريخية في مختلف المجالات".
إعادة الإعمار
ويتابع السفير: إن "الهدف الرئيس من زيارة عبد المهدي هو توطيد العلاقات الستراتيجية بين الصين والعراق، ونحن نسعى لتعزيز تلك العلاقات من خلال التوقيع على اتفاقية مشتركة لتأسيس آليات تعاون أوسع في مختلف المجالات، وضمن هذه الاتفاقيات المهمة التي سيتم التوقيع عليها خلال زيارة عبد المهدي، هي الاتفاقية الإطارية مع شركة (سانشو) المتخصصة بتوفير الضمان الاعتمادي للتجارة النفطية العراقية، وهو الاتفاق الذي سيوفر أكثر من 10 مليارات دولار لعمليات إعادة الإعمار في العراق، وهذا يعني أن هناك المزيد من الشركات الصينية التي ستشارك بإعمار العراق بشكل أوسع، وهو ما ستضمنه تلك الاتفاقية، وهناك جهود تبذل الآن للدفع باتجاه التوقيع على مذكرة تفاهم بين العراق والصين للمشاركة في إعادة الإعمار، وهذه المذكرة تعبّر بشكل عام عن رغبة الصين للمشاركة في هذا المجال بشكل واسع ومعمق".
مجالات متعددة
التعاون والاتفاقيات بين البلدين لن تقتصر على مجال واحد، ويقول السفير تاو: إن "التعاون سيمتد إلى مجال الكهرباء وتنقية المياه وإنشاء المدارس والمستشفيات والوحدات السكنية ومشاريع النقل وغيرها، وإن الشركات الصينية ستشارك في المجالات التي يحتاج اليها الشعب العراقي بشكل ملح، كما إن الجانب الصيني سيقدم الدفعة الجديدة من المساعدات الى العراق، والبالغة قرابة 10 ملايين دولار والتي تستهدف المجال الإنساني".
وسيتم خلال الزيارة التاريخية؛ التوقيع على البرنامج التنفيذي بين العراق والصين في المجال الثقافي لغاية العام 2021، وكشف السفير الصيني عن اتفاق للتعاون بين مجلس الإعلام الصيني ووزارة التعليم العالي لإنشاء مكتبة إلكترونية متكاملة في جامعة بغداد، ويضيف "أما في المجال التكنولوجي، فسيتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين شركة (هواوي) وهيئة الاتصالات والاعلام العراقية، والتي ستتضمن تدريب الكوادر العراقية بمجال الاتصالات والانترنت، كما سيتم بحث مذكرة تفاهم بين المكتب الصيني للملاحة عبر الأقمار الصناعية ووزارة الاتصالات العراقية بشأن التعاون في هذا المجال المتطور، وضمن مذكرة التفاهم في المجال التكنولوجي التي من المؤمل توقيعها خلال الزيارة، فإن شركة (هواوي) ستساعد الجامعات العراقية في تدريب الأساتذة في مجال الاتصال والتكنولوجيا".
مشاريع ستراتيجية
كما سيبحث الجانبان العراقي والصيني خلال الزيارة التعاون في المجال الأمني والمشاريع الستراتيجية المتعددة، ويوضح السفير الصيني: إنه "يتم حالياً بذل جهود لتحقيق اتفاقية بين الأمن العام الصيني ووزارة الداخلية العراقية في عدد من المجالات المشتركة، كما سيتم التشاور مع الجانب العراقي بشأن انجاز عدد من المشاريع الستراتيجية الكبرى، كالمدارس والمجمعات السكنية ومشاريع المواصلات الكبرى".
وكشف السفير تاو عن تعاون مهم في مجال الزراعة مع العراق، اذ ستقدم الحكومة الصينية مجموعة متنوعة من البذور المقاومة للجفاف والملوحة وفقاً للأجواء ومتطلبات وزارة الزراعة العراقية، ويوضح: إن "هذه البذور مخصصة للعراق، وقد طورها عدد من الباحثين الصينيين لتلائم الأجواء العراقية، لاسيما المناخ والتربة".
كهرباء وتأشيرات
أما قطاع الكهرباء في العراق الذي تشارك فيه الصين بقوة منذ سنوات، فيقول: إن "هناك أربع محطات كهرباء عملاقة تقوم الشركات الصينية بإنشائها لتزويد المنظومة الكهربائية العراقية بالطاقة، وفي حال إتمامها كلياً نتوقع أن تنتهي نسبة كبيرة من أزمة الكهرباء في البلاد، اذ من المؤمل أن تصل نسبة إنتاج الطاقة الى 22 ألف ميغاواط، كما إن هناك محطة صينية كبيرة تقوم بتزويد ما نسبته 60 بالمئة من الطاقة الى العاصمة بغداد، كما إننا نعمل في مجال الطاقة على مساعدة العراق على استغلال الغاز المصاحب".
وكشف السفير تاو في حديثه لـ "الصباح"، عن "إصدار السفارة الصينية ببغداد تعديلات جديدة على منح الفيزا للعراقيين، حيث سيشهد منحها تسهيلات كبيرة"، وقال: "سنعالج هذا الأمر، ونخفف القيود في مسألة الدعوة التي يتم على وفقها منح الفيزا، وسيكون الحصول عليها أسهل بكثير من السابق، ومقارنة مع السنة الماضية فقد زاد منح الفيزا للعراقيين هذا العام، ونتوقع أن تصل الى 23 ألف فيزا، كما أن هناك مباحثات بين وزارتي الخارجية للصين والعراق لإعفاء حاملي جوازات الخدمة".
برنامج الزيارة
ضمن برنامج زيارة عبد المهدي، ستتم إقامة المنتدى الاقتصادي الصيني العراقي المهم، وستتم دعوة أفضل الشركات الصينية للمشاركة فيه، ويقول السفير تاو: إن "الحكومة الصينية ترحب بشكل واسع وكبير بهذه الزيارة التاريخية، اذ إن العراق يعد أكبر شريك اقتصادي للصين، وإن العراق رابع أكبر مصدر نفط خام للصين، وإن الشركات الصينية تنظر للعراق كسوق واعدة ومهمة، لذا فإن الحكومة الصينية تولي اهتماماً بالغاً لتعزيز العلاقات مع العراق، سواء على الصعيد الاقتصادي أو التجاري أو السياسي، كما إن لزيارة رئيس الوزراء العراقي أهمية خاصة، اذ تتزامن مع الذكرى الـ 70 لتأسيس جمهورية الصين، وذلك يمثل مدى الاهتمام الكبير من قبل الحكومة الصينية بالعراق".
ومن بين النشاطات الخاصة التي سيتم ترتيبها خلال الزيارة، "حضور رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للدورة الثانية لمؤتمر التصنيع، والذي سيقام في مدينة (خو في)، وسيكون عبد المهدي ضيف الشرف الأول في ذلك المؤتمر، وهذا المؤتمر يمثل الأبرز والأهم في مجال التصنيع التكنولوجي عالمياً، وإن حضور رئيس الوزراء للمنتدى سيعزز الوضع العراقي عالمياً".
علاقات متكاملة
يؤكد السفير تاو، إن "شركات وحكومة وشعب الصين يتطلعون بحرص واهتمام بالغين لهذه الزيارة المهمة، حيث يتمتع التعامل بين البلدين بميزة تكاملية طيبة"، ويوضح، "إن العراق مثلاً يحتاج للأموال والتكنولوجيا والكوادر الصينية، وبالمقابل الصين تحتاج للطاقة من العراق، لذا فإن التعاون بين البلدين تعاون تكاملي، حيث أن الصين تستطيع استخدام تفوقها التقني والتكنولوجي في المشاركة بإعادة إعمار العراق".
ويبين السفير، ان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي سيلتقي خلال الزيارة بالرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، كما سيقوم بزيارة مدن (خو في وشانغهاي وبكين)، وقبيل الزيارة المرتقبة، وصل عدد من الوزراء العراقيين الى الصين للتباحث في شتى المجالات، وكان آخرهم وكيل وزارة الكهرباء، الذي عقد لقاءات مع هيئة الطاقة في الصين لإجراء تعاون مشترك.
الحزام والطريق
السفير الصيني تطرق في حديثه لـ "الصباح" إلى فكرة المشروع والمبادرة العالمية الأبرز في القرن الحادي والعشرين "الحزام والطريق" ويقول: إنه "في العام 2015 وقع العراق والصين، مذكرة تفاهم بشأن التشارك في بناء (الحزام والطريق)، ولكن بسبب الأوضاع الامنية التي مر بها العراق لم يتم تفعيل تلك المذكرة بشكل كامل، لذا تتطلع الصين خلال زيارة عبد المهدي الى تفعيل تلك المذكرة، كما نتطلع لتفعيل دور اللجنة الاقتصادية الصينية العراقية المشتركة، حيث يمكن للجانبين التباحث بشكل معمق في موضوعة بناء (الحزام والطريق) وتفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة".
ويؤكد السفير تاو، إن "العراق جزء لا يتجزأ من عملية بناء (الحزام والطريق)، وإن تلك المبادرة هي ليست مشروعا، بل هي مفهوم وفكرة، وعلى هذا الأساس يعد العراق الشريك الطبيعي في بناء (الحزام والطريق) والتعاون بين الصين والعراق في بناء الموانئ والسكك والجسور سيتم إدراجه في إطار بناء (الحزام والطريق)"، ويضيف: "نود التأكيد أن المبادرة هي ليست ستراتيجية صينية بل هي مبادرة يطرحها الجانب الصيني، حيث أن المبادئ الأساسية لـ (الحزام والطريق) هي التشاور والتشارك والتنافع، وندعو ونرحب بجميع الدول للمشاركة في بنائه، والهدف الرئيس للمبادرة ليس الربح، بل الازدهار المشترك لكافة الدول والشعوب، لذا فإنه يمكن القول أن بين الصين والعراق مصالح وأسسا مشتركة في بناء (الحزام والطريق)".
عنوان العصر
ويشير تاو، إلى أن "العراق دولة عريقة تتمتع بالحضارة، وهي دولة مهمة في المنطقة، ولكن بسبب التأثيرات السلبية فقد واجه العراق بعض المشاكل والتحديات، لذا فأنا كسفير أحرص على بذل أقصى جهود لمساعدة الشعب العراقي ولمساعدة العراق في تحقيق التنمية والازدهار، وأعتقد إن زيارة عبد المهدي تمثل رغبة مشتركة للجانبين لتعزيز العلاقات الستراتيجية للبلدين في مختلف المجالات، وهذه الزيارة تلبي الاحتياجات المهمة لدى الجانبين، وكذلك تتناسب مع عنوان العصر الحالي (السلام والتنمية)".
ويضيف: "تنبع أهمية الزيارة كونها تسهم بدور إيجابي في تعزيز التعاون بين البلدين في المرحلة القادمة، وهي تبشر بمرحلة جديدة بين البلدين مستقبلاً، اذ إن مهمتنا المستقبلة هي ترجمة التوافق المشترك بين البلدين وبشكل جدي، وسنشجع المزيد من الشركات الصينية لدخول العراق والمساعدة بإعادة الإعمار، ولن نساعد العراق فقط في إعادة البناء بل سنساعد العراق على بناء الكوادر العراقية في مختلف المجالات، وفي التغلب على الصعوبات والتحديات، وذلك من أجل تعزيز العلاقات المشتركة التاريخية وتعزيز التقدم بها".
مسك الختام
في ختام حديثه لـ "الصباح"، أكد السفير الصيني لدى العراق تشانغ تاو، إن بلاده "تدعم بثبات جهود العراق للحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدته وسيادة أراضيه، كما نعارض بشكل قاطع أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات، ونتطلع أن يحقق الشعب العراقي انتصارات مستمرة في دحر الإرهاب وتحقيق الأمن والأمان في جميع أنحاء العراق، وهذه هي مشاعر الشعب الصيني الذي يسعى لتعزيز التعاون مع العراق بما يسهم بتحقيق تنمية مشتركة".
ومن المقرر أن يتوجه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على رأس وفد رفيع بعد غدٍ الخميس إلى الصين في زيارة رسمية بدعوة من رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، وتستمر الزيارة أربعة أيام يجري فيها توقيع اتفاقيات مهمة بين البلدين في شتى الملفات، على رأسها الملف الاقتصادي وملف المشاريع الكبرى الخاصة في مجال الطرق والنقل، والخدمات والتعليم والصحة وغيرها.