تجلياتُ ما بعد الغربةِ للفنان الرائد فاروق حسن

ثقافة 2019/09/17
...

حبيب السامر
 
في جلسة مغايرة ضمن الأنشطة المستمرة والمنفتحة على مجمل الثقافة البصرية وإبداعها، ضيّف اتحاد الادباء والكتاب في البصرة، الفنان التشكيلي الرائد المغترب فاروق حسن  بتقديم مميز من الفنان صباح السبهان الذي قال في مستهل تقديمه:  يعد الفنان التشكيلي  فاروق حسن من الفنانين العراقيين الذين أكدوا حضورهم الفاعل والمميز في محافل عربية وعالمية ، انه ابن البصرة المعطاء ، وتجربته الغنية خير دليل وعافية على عمق الثقافة العراقية، عمل مصمم ديكور وأزياء مسرحية ومصمم طوابع بريدية، أقام اكثر من عشرين معرضا شخصيا  في بغداد والبصرة فضلاً عن المساهمة في معارض مشتركة في أمريكا.
بعدها استعرض  الفنان فاروق حسن نبذة مختصرة من بداياته بقوله: لأكثر من ستة عقود وانا اغور في أعماق الذاكرة مهووسا وملتاعا بتراكمات الوجع العراقي المستدام حتى أدمن قلقه الإبداعي الذي قاده الى تحولات كبرى مذ أن أسست للخطاب الجمالي  متأثراً بالموروث والفلكلور العربي والإسلامي، فاستقيت موضوعاته من كليلة ودمنة، وسيف بن ذي يزن، قصص حمزة البهلوان بائع عرق السوس، ونساء في مزار، في اعماقي مواطن وفنان بصري الأصل، ذلك ما جعلني أنتج واستمر بالعطاء، تجربتي قبل الستينيات هي تجربة عميقة.
وواصل  حسن قوله : توجهت للفن عن طريق الأدب، حيث قرأت الشعر العربي الجاهلي والاموي والعباسي والاندلسي، ثم أنجزت أربعين عملا تشكيليا اغنتني بالخيال والانفتاح، قمت كذلك برسم بعض الأشياء التي ركز عليها كتاب (الف ليلة وليلة) والعادات والحياة الاجتماعية، وأعطيت اهتماماً خاصاً لذاكرة الطفولة ففي مطلع السبعينيات توجهت الى اللوحة النحتية إذ وظفت العديد من خامات المعادن والخشب ثم انتهى بي الامر الى حرق وشواء بعض الخامات الداخلة في العمل الفني كتقنية معاصرة ومستحدثة..
وأضاف قائلاً: هاجرت لأكمل دراستي في روما، وبعد الهجرة الى أوربا لغرض الدراسة بدأت  التجربة تنضج وتتحول بشكل اكثر عمقا، فكان لروما وقع السحر على ماهية عملي الفني، وبعد إكمال دراستي الفنية في روما وتقديمي لاطروحتي التي نلت عليها درجة كاملة في التخرج،  انتقلت بعد ذلك الى بغداد في ثمانينيات القرن الماضي وعند عودتي الى العراق فوجئت باندلاع الحرب، اضطررت الى الاستقرار فيها، لأعمل في تصميم الديكورات المسرحية مع ثلة من عمالقة المسرح العراقي مثل (ابراهيم جلال وبدري حسون فريد.... ) بقيت  أواصل الرسم والتصميم في الديكور المسرحي حتى عام 2003،  حيث الانعطافة  الكبرى والتغيير الذي حصل في العراق بعد ذلك اخترت الهجرة ثانية  حتى صرت أعيش  بما يسمى بـ  (النفي الارادي) استقر بي المقام في الولايات المتحدة الأمريكية لأعيش بإحساس الغربة والحنين الى الوطن اذ تعمقت اللوعة وأنا أتابع عذابات الإنسان العراقي في مواجهة الإرهاب مما أثر في اسلوبي الفني حتى رسمت (نساء في اقفاص من زجاج) ليجسد قتل النساء والأطفال وواصلت تعزيز الخطاب التشكيلي على مستوى عالمي إذ أسهمت في العديد من المعارض.
بعدها فتح باب المداخلات والاوراق النقدية التي شارك فيها الناقد التشكيلي خالد خضير الصالحي بمداخلة أوجزها: 
 اعتقد ان تجربة فاروق حسن لا يمكن ان تتجه الى التجريد النقي واختفاء وجود المشخّص، لان المشخص والمحلي والواقع المعيش، قد استمكنت من تجربته، وظلت عالقة في جوهر تلك التجربة، فبقيت اللوحة عن فاروق حسن ضربا من الممارسات والتجارب اللونية، بل نحن نزعم ان مرحلته، التي اسماها شاكر حسن آل سعيد (الملمسية) واستنادا الى (قانون بيكاسو) فإنني اجد ان تجربة فاروق حسن قد نقلت معها، في كل مراحل تحولاته: روح الثيمة الاولى، الروح المحلية التي بقيت عالقة بالتجربة دونما انمحاء، ونقلت روح المادة الاولى وهو اللون الانطباعي. كما كانت هناك مداخلات لعدد من الادباء
 والفنانين.