لعلّ أكثر الأسئلة طوال قرون وعهود وأزمنة.. يتردد على لسان الفلاسفة ومعظم المفكرين والباحثين والأدباء هو سؤال :المثقف والثقافة ودوره في المجتمع .. وقد ورد بتعريف أكثر من ٢٠٠ تعريف، لكن الجامع المانع الشامل يؤكد على حصوله على مجموعة المعارف التاريخية والاقتصادية والفكرية والأدبية والفنية مع السلوك، معارف +سلوك =صانع الجمال، والمدافع عن الحقوق والحريات وصوت لمن لاصوت له حيث يمثل الهم الجمعي والصوت الوطني والإنساني.. والمعارف تشمل كل حقول الميادين الطبية والهندسية والقانونية. حتى عُرف بمختلف ألوان التعبير الإنسانيّ صاحب المواقف عن إرادة الشعب.. في كتاب (من هو المثقف؟) للدكتور نزار دندش الصادر عن دار غوايات ط١ /٢٠١٩ الذي كتب مقدمته الدكتور جورج صدقة عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية محللاً جرأة المؤلف مميزاً بين مثقف السلطة وصوت الشعب والأمة الرافض للتطرف، والمناشد للديموقراطية الحقيقية والإصلاح الديني.. مؤكداً بص ٥ (مامن شك في أن نزاز دندش يحمل هما يشتعل في داخله وهو تخلّف العالم العربي وعدم قدرته على اللحاق بركب العالم المتمدن. هذا الهمّ ينخر ضمير المؤلف وفكره، فيشعر بأن من واجبه أن يسهم في الإضاءة على هذه المشكلة البنيوية في المجتمع العربي التي تنعكس على أنظمته وبناه الاجتماعية وعلى الإنسان فيه. هو يطرح من جديد الأسئلة التي ما انفك المفكرون العرب يطرحونها منذ أجيال:لماذا تخلف العرب؟ وكيف نعالج هذا التخلف؟…).
فيما أكد المؤلف بالتمهيد ص٩ :(ليس بالعلم وحده تُبنى الحضارات، وليس بالحرب وحدها تهدم وتزول. وغنى الأوطان لا يُقاس بثرواتها الطبيعية، ومهارة أبنائها وحسب، بل وبثقافة شعوبها أيضاً، فالثقافة زينةٌ للإنسان وثروة للوطن والمواطن. إن مثقفي أي أمة هم ضمانة استمرار حيويتها، وهم درعها الواقية من الفساد ومن التفكك والانحلال.) إن الرؤية الواقعية للمبدع الدكتور نزار دندش تتجلى بأهمية الثقافة بالأمة، وكيفية النهوض والتطور، فالمثقف ينبض حيوية للمراقبة والمحاسبة والتشخيص للسلبيات وآلية ومنهجية البناء السياسي والاجتماعي فهو عين مبصرة راصدة مقومة للمشهد برمته.
ناقش المؤلف ،الذي وصف بغزارة العطاء بالشعر والنقد فقد أنتج أكثر من (55)كتاباً ،بفصول الكتاب الأربعة أسئلة جوهرية وبنيوية مثل :أتزول الثقافة أم تتغير مهمة المثقفين؟ فيما جاء الفصل الثاني: لماذا تخلّف العرب والمسلمون؟ فيما ركز بفصله الثالث من هم مثقفو هذا العصر؟ وفي فصله الرابع خصوصيات المثقف العربي.. جاء في ص١٧:(... نحن نفهم ونتفهم مسألة التقارب الثقافي، خاصة في زمن العولمة التي فتحت أبواب التواصل بين المجتمعات حيث غدت كل ثقافة مطعّمة بالثقافات الأخرى ولم يعد هناك ثقافات نقية إلا في الأماكن المعزولة أو النائية. لكن الثابت أن ثقافة الجماعات لاتزول ولاتتغير إلا ببطء شديد.). في الكتاب سياحة بدور المثقف في الإطار الديني والماركسي والرأسمالي والمجتمع المدني وشروط النهضة الاجتماعية التي يؤشرها بنقاط جوهرية متعددة.. وقد أجمل المشاكل التي تعيق التنمية في ث٦٠ من خلال ١٦ سبباً مهماً أدت إلى النكوص والتدهور في الدول العربية مركزاً
١-إرتفاع مستوى البطالة في ما ورد بالنقطة ١٦- الإسراف في إنفاق الخيرات الطبيعية، والاعتماد على القطاعات الاقتصادية غير المنتجة.
لعلّ تلك الإصدارات التوعوية المهمة في النقد ومعالجة مشاكل الأمة تُسهم بالبناء والتنمية التي يطمح لها كل عربي.. يؤكد الشاعر المبدع والناقد الحاذق الدكتور نزار دندش ص ٨٦.... من المهمات الملقات على عاتق المثقفين الدخول إلى المنازل والمدارس والمؤسسات التعليمية لنشر الثقافة الهادفة في الجيل الجديد وعدم تركه لقمة سائغة أمام السامعين لحرفه عن فهم ثقافة الحياة.).