إن كل يوم يمرّ على العلاقات الأخوية والمواطنة النبيلة من خلال الجلوس على إنهاء الخلافات التي تعطل بناء البلد وأبنائه ِ الذين هم سادة الحضارة ومؤسسوها من خلال المصالحة الصادقة هي تجربة رائعة تمضي للأمام يضع روادها في خضم الأحداث الملتهبة اختبار النفس التي هدفها تحقيق الكرامة والعدل للجميع.
ومع الأيام تبدأ هذهِ النفوس من جديد وجديد للدعوة والحرية والانعتاق من الخوف الأبدي بين أبناء الوطن الآخر، الذي ضحّى كلّ بيت فيه بالشهداء الذين سقوا طريق التغيير بدماء زكية وبشجاعة أصبحت مدرسة مهمتها إسعاد البشر والنصر على الأعداء.
وعلى مائدة القادة من أبناء الشعب، نرى ونسمع خط الشروع لعملية المصالحة بمعناها الإنساني التي نراها صاعدة مع قطار الزمن لا خوف عليها ولا عجلات ترجع للخلف.
إن أصداء التجربة العراقية لم تكن وليدة المصادفة، انما كانت فيها إشارات وسيميائيات الأجيال الماضية التي أعطت الحرارة لهذا الجيل من أجل الايمان بالجماعات والاعتماد فيما بينها لنشر فكرة العمران في اهتمامات الرجال والسعي الدؤوب لاختصار الوقت بعيداً عن التخبط والبحث عن علل وقتية لا تكون على قدم المساواة مع من يحاول تقديم الحلم الجميل للشعب أولاً، والشعور بمواصلة الوصول لمراحل التطور مدركين الظروف وأحوال المجتمع الذي يعاني من مطباتٍ كثيرةً في العمل والرفاه الاجتماعي.
وهكذا نجد في المصالحة الحب المفقود، والتعاون المثمر، والتضحية الجماعية، والأخلاق المجتمعية، والدوافع الوطنية، ووضع الرجال المناسبين في الأماكن المناسبة، ونجد فيها أيضاً البحث عن هوية وطن، وهوية فرد، وهوية حضارة لا أحد ينكرها ولا أحد ينساها.
ونجد في المصالحة أيضاً إنّ الحقائق لها نور يعمي الأبصار والخير سنابل خضر تتمايل مع نسيم الوطن ورياحه.
وبخلاف ذلك لا نحاول تعداد المنجزات السياسية لكل جهة على انها دستور، ولا نحاول أن ننسى هذهِ المنجزات المحققة دون أن نجدها ضمن الدستور، إننا ووفقاً لتصورات السياسة نضع المصالحة أداة متكاملة للبقاء والاحترام والعزة للنفس والبشر جميعاً، فالوقت ليس وقت العموميات، والوقت لسان وقلم وتأييد لأي فكرة حسنة ولصالح الوطن، ولم تكن يوماً.
إن في المصالحة ما يعرقل هذا وذاك عن التمهيد بما يسرّ الخاطر ويطيب نفوس الناس الذين خرجوا من حكمة التاريخ وجنّة الأفكار لإعادة الأبطال الى أماكنهم، وإعطاء المنزلة الخاصة لهم، والاقرار بالنجاح من نظرة وطنية حتى لا نبعث مرة أخرى مفاهيم معقدة وازدواجيات في السياسة
والحكم.
وفي تصور الكثير إن التعبير داخل المصالحة بلغة الآخر والابتعاد عن إيجاد الذرائع التي تسبب الابتعاد عن القيم الإنسانية التي عقدت من أجلها المصالحة، وتثبت التقارب بدل التباعد والأهم قبل المهم والرفاه للإنسان العراقي الذي يحلم يوماً بالرفاه.