لحظة وحدة !

العراق 2019/10/01
...

عبد الحميد الصائح
لا يمكن لأي اتفاق أو شراكة أو مذكرات تفاهم يعقدها العراق النجاح من دون دعم سياسي شامل، والشامل تعني أن الجميع يرون في هذا الاتفاق مصلحة مباشرة لهم وكسراً لطوق الفشل الذي توزع عليهم حتى وان تنصلوا عن مسؤوليته.
ولعدم توفر هذا الامر بسهوله  يسخر اليائسون من اي اتفاق يحصل مستندين الى فشل الزيارات الواسعة السابقة، والاتفاقات الاحتفالية التي عقدت والمشاريع والمقاولات المليارية التي انبلعت من دون أنْ نجد على الارض بناءً مرموقاً أو بصيص صناعة او انتاج وتسويق وخدمات تامة والتصريحات الفتوحية  التي رافقتها خلال ستة عشر عاما، ناهيك عن المحافظات والمدن  التي وصل الأمر بأهلها لأن يعلنوها مناطق منكوبة وهي لم تتعرض الى وباء او تشهد حربا أو دخلها الإرهاب بل أنهكها الإهمال والفساد والمسؤولون الحرامية الذين يتعاقبون عليها.
اليوم غير الأمس  نسبيا، غير الأمس لان العراقي لم يعد يفرق بين سياسي وآخر، متدين أو ملحد، خارج أو داخل، تيار وتيار، حزب وحزب، لقد حملتم جميع المسؤولية ولم يستثن منهم احداً، ولذلك فان التسقيط المتبادل بين الكتل السياسية أو الوقوف بوجه المشاريع كي لا تحسب انجازا لفلان أو غيره كما جرت العادة، أصبح غير ذي جدوى، فقد توزع الفشل عليكم ايتها الاخوات ايها الاخوة جميعا سنة وشيعة، علمانيين واسلاميين، نوابا ونائبات، للأسف كلكم حتى من أخطأه الدليل، وحين يتوزع الفشل بهذه الصورة فإنكم اليوم بحاجة الى نجاح يخفف من وطأة الغضب الشعبي الساطع على ما لم تفعلوه، النجاح بل النجاح الكاسح وحده كفيل بان يغفر لكم (بعض) ما ارتكبتموه من تقصير، حينئذٍ تنتعش الحياة الاجتماعية ويستقر البلد وتعود رئة الامل الى التنفس، واليوم بالذات فرصة ثمينة لتحقيق ذلك، فالاتفاقات التي عقدت بين العراق والصين بهذا الشكل التفصيلي الواسع والكفاءات التي كانت وراء المؤسسات الممثلة في المباحثات حسب ما عرفنا من أعضاء الوفد ومن المعلومات المتسربة عن ذلك تؤكد أن هناك ضوءا في نفق الفشل، فسارعوا الى دعمه، بسرعة وبقوة ودون تفكير،  لا تجعلوا الدولة تتغير كل سنتين أو سنة وتنسى عقودها وشخوصها، فهذا الإتفاق في أقل تقدير سقفه الزمني عشر سنوات، بمعنى دورتين ونصف - حكومتين، ومؤكد أن وجوها كثيرة ستذهب وتجيء أخرى، وربما تتغيرُ سياسات وتحدث مفاجآت، لكنّ مجرّد الشعور بأنّ ما أنجز في الصين مكسب وطني عام وانجاز عراقي مستقبلي  يستأهل الدعم بسرعة وقوة وبدون تردد، يجب تجنيبه الخلافات التقليدية والطارئة، ينبغي صناعة (لحظة وحدة سياسية) لدعم اتفاقات العراق الاقتصادية ومراقبة ومتابعة انجازها، لحظة وحدة لا تستهدف ربحاً أو نسبة من مقاولة، لحظة وحدة من الاحتراف والإقرار بأنّ الفشلَ لقيط يرمي أحدُنا به على الآخر، فنتهم به جميعا، فيما يدعي جميعنا ايضا  بانه آبٌ للنجاح، النجاح الذي سينعش العراق وشعبه ويخفف من السخط وينقذ ما يمكن انقاذه من شرف المسؤولية الوطنية التي فرط بها الكثير خلال السنوات الماضية.