أطفالنا المغتربون في خطر

اسرة ومجتمع 2018/11/17
...

ميشغان/ لمياء نعمان
 
بلغت سما مازن السنتين والنصف وما زالت لا تنطق رغم متابعة العاملة الاجتماعية لها في البيت والتي تم تعيينها من قبل ولاية لانسنغ – ميشغان لمثل هؤلاء الاطفال الذين يشكون من بطء النمو في قدراتهم السمعية والجسدية والحركية والعقلية والادراكية .. ولم تكن الصغيرة سما تبالي بهذه  “ الغريبة “التي تحاول حثها على الكلام وتشجيعها على النطق فهي مشغولة بالآيباد الذي يظهر لها بلمسة ناعمة من أصابعها أفلام متحركة تنبهر بها.وقررت العاملة المعتمدة بعد عدة محاولات ومراجعات أن تلحق الطفلة لحضانة الاحتياجات الخاصة لمثل حالتها، ومع المتابعة الدائمة ومراجعة الأطباء بدأت الصغيرة  تنطق ببعض الكلمات وهي تخلط ما بين العربية والانكليزية بلكنة أميركية، لكنها حريصة في البيت على أن تأخذ آحد هاتف والديها أو آيباد أخيها الصغير لتتابع أفلامها المفضلة من الكارتون أو وسائل تعليمية باللغة الأنكليزية لتعليم الحروف والارقام وأسماء الحيوانات والألوان وما هو موجود في محيطها، كما أنها حادة المزاج وتصرخ عند طلبها لبعض الحاجات ولا تشتهي الطعام ومشغولة دوما بمشاهدة أفلامها، حتى تلفاز الدار تم برمجته على الكارتون حتى يتجنبوا صياح صغيرتهم وعصبيتها..
وتتابع حالتها الدكتورة آيزك ووالتر وهي طبيبة للعائلة وتعمل في مستشفى سبيرو بمدينة لانسنغ..والحديث كان طويلا بخصوص حالة سما مازن وأطفال المغتربين من جنسيات مختلفة..
تُرى هل السبب في تأخرالنطق هو خوفها من المحيط الجديد الذي لا تفهمه أو تعلقها بمحيط الآيباد عالم الخيال والرسوم المتحركة الخارقة في الفعل والتصرف واللون، أم هي غربة صغارنا وابتعادهم عن الأسرة الكبيرة ومحيط المجتمع ومحبة الأهل ...ولماذا يندر وجود مثل هذه الحالات في مجتمعنا.
تبدأ د. آيزك بالقول إن: الطفلة مهاجرة مع أسرتها حتى لو ولدت هنا فهي تبقى في المنزل وحيدة مع والدتها أو مع أختها أو أخيها الصغير، لذا تسليتها الوحيدة ستكون مع عالم الطفولة لتضحك وتسمع وهو ما يوفرها لها الكارتون ..كما يواجه مثل هؤلاء الصغار لغتين لغة “الأم” الدولة التي هاجرت منها أسرة الطفل ولغة البلد الذي يعيش فيه الصغير، لذا فان عقله ما زال ينمو ولا يعرف الاختيار للتفاهم مع الأسرة أو المجتمع الجديد رغم معرفتنا بذكاء الأطفال وتعلمهم السريع لأي كلام وفعل وتصرف، فهم في العادة يقلدون الآخرين بكل معنى الكلمة لكنه يهرب من واقعه لعالمه الأفتراضي ويشاهد أفلامه أحيانا بالروسي والياباني والفرنسي والايطالي أو أي لغة أخرى فيضيع بين هذه اللغات العديدة المعروضة عليه في أفلام الكارتون ..
وبصراحة والحديث للدكتورة آيزك ... هناك دراسات للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال لايمكن للصغار دون الستة أشهر من العمر مشاهدة ما يعرض في الهواتف أو الآيباد لضرره على دماغ الطفل وعيونه التي تتأثر باشعاعات تلك الأجهزة الخطرة على صحتهم وحتما يؤثرذلك في عقل الطفل وقدراته الحسية والعقلية في الادراك والانتباه والتركيز.
- يعني ذلك ما سيجعل الطفل عصبي المزاج ولايهتم ويقدرمحيطه 
وأسرته؟
- نعم وهذا ما يبطَي نمو المهارات العقلية في التعلم الحقيقي مع الأسرة أو الحضانة والروضة وهذه الأجهزة تجعل الأطفال حبيسي أماكنهم في البيوت ولا يختلطون حتى بالأهل وممن بأعمارهم وسيؤثر في تفاعلهم مع البيئة والمحيط العائلي والمجتمع الجديد وهو بذلك يفقد قدراته الذهنية والسمعية، وبالتالي يكون هناك تشويش  في التفكير والذاكرة على الرغم أن الأهل يُسعون الى تعلمه بوسائل تعليمية بسيطة من الرسوم المتحركة والأفلام التوضيحية، لكن الطفل يفُضل الاستماع ولا يتعلم النطق و ينزوي في مكان من البيت ولا يهتم حتى بالطعام لذا على الأهل  متابعة الحالة ومراجعة الأطباء المختصيص ...
شارك الحديث دكتور جيمي بارلفن،طبيب أطفال أيضا لكنه أشار الى جانب آخر فيقول: مشكلة تأخر النطق عند الأطفال ان لم تكن مرضا يمكن أن نجد لها الحلول بتعليمهم بالحضانة والروضة وطرق التعلم الخاصة، أن لم يكن هناك تخلف عقلي يصيب
الطفل ..
المشاكل الأكثر أهمية تقع على متابعة الصغار لمواقع تؤثر في حياتهم حتى لو لم ينطقوا، فهم يشاهدون أفلام الرعب والعنف والقتل والتعذيب والاغتصاب والجنس والعابا بعضها مخيف تؤثر في شخصية الطفل لمدى حياته وهذا ما نريد أفهام الأهل بخطورة تلك الأجهزة السهلة والتي يسهل ابتياعها للطفل ..
ويستمر دكتور جيمي بالحديث ويقول.. كلام طويل لكنني أشارك د. آيزك في ظهور علامات الاضطربات العقلية للطفل وزيادة في عصبيته وعناده عندما يتم منعه من استخدام أجهزة تنقله لعالم الرسوم المتحركة، وسيعتمد في حياته الصغيرة على هذه الشاشة التي توفر له الرفقة والالوان والأغاني وحتى الاصدقاء من الحيوانات، لذا سيكون خجولا في التعامل مع مفردات الحياة الطبيعية وان لم يختلط بالأطفال من حوله سيصاب بمرض” التوحد”، كما يتراجع مستوى تفكيره وعقله وادراكه. 
لذا ننصح المغتربين من جنسيات مختلفة بأن يهتموا بحالات أولادهم وينتبهوا لها ويراجعوا الأطباء المختصين لغرض المعالجة المبكرة وألا يتركوا أولادهم مع الأجهزة الصغيرة حتى مع افلأم الكارتون، يجب أن يكون لهم أصدقاء وأهل حتى لا يهربوا من واقعهم الى عالم آخر والى زوايا أنفسهم الصغيرة.