لتكن الخطوة الأولى

آراء 2019/11/25
...

حسين رشيد
 
يقترب الحدث الاحتجاجي من النضوج والتطور ساعياً الى إيجاد بنية جديدة واختيار ديناميكية اجتماعية مؤثرة في الواقع والحال السياسي بنواته الحاكمة بوجه الخصوص والمتمثلة بالسلطة المؤتلفة والمتآلفة من تحالفات حزبيَّة، والتي يفترض انها نتاج اختيار شعبي عبر النظام الديمقراطي المعتمد في البلاد ما يحتم عليها العمل لخدمة الشعب وسماع صوته وتنفيذ مطالبه. هذا الحدث المتمثل بالاحتجاجات والتظاهرات المطلبية الشبابية المتوهجة بوعيٍ متقدم حريص على بناء مشهد مغاير لما حدث بعد نيسان 2003 وشكل العراق الذي كان يحلم به أنْ يكون، إلا أنَّ جملة مؤثرات حرفت مسار هذا التغيير النيساني نحو الطائفية والمحاصصة والإرهاب والانفلات الأمني وانتشار السلاح كل ذلك أنتج منظمة فساد اخطبوطية مع تفشي الرشوة والمحسوبية في كل مفاصل الحياة، حتى يكاد يندر أنْ تجد أي تفاصيل صغيرة في قطاع أو مجال بعيدة عن هذا النحو أو تخلو من ملفات الفساد والنهب للمال
 العام.
الحدث الاحتجاجي اليوم يقدم خدمةً مجانيةً كبيرة للسلطات الثلاث وأحزاب السلطة والبرلمان وكل القوى السياسية الأخرى، ويحثها على فتح صفحة جديدة إنْ كانت في علاقتها مع الشعب، أو في إدارة الدولة، هذه الخدمة تأتي من خلال الاستمرار بالتظاهرات التي اعترفت كل القوى السياسية بشرعيتها مع مطالبتها باستمرارها كذلك اعتراف قيادات قوى نافذة بالمشهد السياسي والمُشاركة بفعالية بالحكومة انها طوال السنين الماضية قد قصرت في عملها وأدائها، ولم تقدم ما كان مرجواً منها للمواطن العراقي، بعد حقبة نظام البعث الفاشي وهذا الاعتراف وحده منجزٌ مهمٌ للتظاهرات التشرينيَّة.
يتطور المشهد الاحتجاجي في كل يوم وهو يقدم الضحايا الأبرياء من الشباب الحالمين بوطن ملائم للعيش، وطن يحقق أمانيهم وتطلعاتهم وليس الوطن الذي يقتلون من أجل استعادته من مخالب الفساد والإرهاب ورجالات الأحزاب، هذا التطور مصحوبٌ بتوجسات حزبيَّة وحكوميَّة، وتنافر في ما بينهم، ومحاولات لي الأذرع وإعادة خلافات حزبيَّة الى الواجهة الاحتجاجيَّة، كذلك محاولة الحكومة تنفيذ جزءٍ من مطالب المتظاهرين التي تبلورت تدريجياً وربما تصل في الفترة المقبلة الى قِمتها، ما يعني وضع القوى السياسيَّة والمشاركة بالحكومة بوجه الخصوص في فوهة المدفع خاصة إذا ما انتهبت الى حراجة الموقف وتطور الحدث الاحتجاجي الى اعتصامات وإضراب 
عام.
الكثير من القيادات والشخصيات المتقدمة في القوى والأحزاب السياسية الحاكمة والمتحكمة قد أثرت بشكل فاحش، وبالطبع لن يأتي أي ثراء سريع بالطرق السليمة من العمل والكسب المشروع، وهذا الأمر بوجه الخصوص مثار حديث رئيس عند المتظاهرين في خيم الاعتصام مع نيتهم تقديم تلك الأسماء الى الرئاسات الثلاث والقضاء ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي
، لذلك يمكن أنْ تسارع كل القوى السياسية إذا ما أرادت الإصلاح وإيجاد نواة التغيير الى تبني قانون (من أين لك هذا؟) وتطبقه على قياداتها وأعضائها وترفع يدها عمن تثبت إدانته ويقدم للقضاء مع إعادة الأموال والأملاك الى الدولة، بعد ذلك يكون لكل حادث 
حديث.