يدور حديث هذه الايام في بعض الدوائر الاعلامية والسياسية عن امكانية وضع العراق مرة اخرى تحت طائلة احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة. وكان مجلس الامن الدولي اخضع العراق لاحكام هذا الفصل بموجب القرار 660 اثر احتلال النظام الصدامي للكويت في 2 اب من عام
1990،
فهل بالامكان تفعيل احكام الفصل السابع مرة اخرى؟ وهل ان العراق خرج فعلا من احكام هذا الفصل؟
وزارة الخارجية تقول نعم ان العراق خرج من احكام الفصل السابع. وقالت الوزارة في تصريح صحفي في التاسع من شهر كانون الاول عام 2017: إن مجلس الأمن الدولي صوت بالإجماع على إخراج البلاد من الفصل السابع بعد قيام العراق بتنفيذ الالتزامات المطلوبة منه،
واستندت الوزارة في تصريحها هذا الى قرار مجلس الأمن 2390/ 2017 الذي صدر بالإجماع.
وبالعودة الى قرار مجلس الامن المذكور نجد انه يخلو تماما من ذكر خروج العراق من احكام الفصل السابع، او اخضاعه الى احكام الفصل السادس، كما يقول البعض.
وهذا يعني ان ما ذكرته صحيفة “الاندبندنت” البريطانية الصادرة باللغة العربية في 21 تشرين الثاني الحالي غير صحيح. فقد قالت الصحيفة: “وكان العراق قد خرج من الفصل السابع بالقرار 2390 عام 2017 وحُوّل إلى الفصل السادس لحل الإشكالات مع الكويت.” وهذا كلام غير دقيق.
ويرى الخبير القانوني رياض السندي ان العراق مازال خاضعا لاحكام الفصل السابع في عدة مجالات منها الاسلحة. “فقد جرى فرض إجراءات الحظر على السلاح إلى العراق بموجب القرار 687 (1991)، والكلام للسندي. ورأينا كيف ان مجلس الأمن قد استثنى تدابير حظر الأسلحة عندما قرر رفع الحظر الاقتصادي عن العراق في 22/ 5/ 2003، ويتعين على جميع الدول منع بيع الأسلحة والمعدات ذات الصلة للعراق أو تزويده بها. وقد جرى تأكيد ذلك في الفقرة 22 من القرار 1546 (2004)، وأشار المجلس إلى أنه لا يوجد في الفقرة السابقة ما يمس الحظر المفروض على الدول أو التزاماتها في ما يتعلق بالبنود المحددة في الفقرة 8 (الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقذائف التسيارية التي يفوق مداها 150 كيلومترا) والفقرة 12 (الأسلحة النووية) من القرار 687 (1991) أو الأنشطة الوارد وصفها في الفقرة 3 (و) (الأنشطة النووية) من القرار 707 (1991). وكانت الفقرة 10 من قرار مجلس الأمن 1483 في 22 أيار 2003 قد نصت على استثناء حظر السلاح للعراق منه إجراءات رفع الحظر بقولها: الا تسري بعد الان جميع تدابير الحظر المتصلة بالتجارة مع العراق وبتقديم الموارد المالية أو الاقتصادية للعراق، والمفروضة بموجب القرار 661 (1990) ... وذلك باستثناء تدابير الحظر المتصلة ببيع الأسلحة والأعتدة ذات الصلة أو تزويده بها.”
فاذا اعتبرنا ان العراق مازال تحت احكام الفصل السابع، فانه من الممكن لمجلس الامن اتخاذ اجراءات بموجب المادة 42/ الفصل السابع التي تقول: “إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال التظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء “الأمم المتحدة”.
اما المادة 41 فتقول: “لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء “الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.”
ولا توجد سابقة لمثل هذا الاجراء، رغم حصول حالات مشابهة في العديد من بلدان العالم.
واما اذا اعتبرنا ان العراق خارج احكام الفصل السابع، فيمكن نظريا لمجلس الامن ارجاعه الى مظلة هذا الفصل، شريطة ان لا تستخدم اية دولة اخرى من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن (كالصين او روسيا) حق النقض “الفيتو” ضد مشروع قرار من هذا النوع.