عبد المهدي يقدم استقالته إلى مجلس النواب

العراق 2019/11/29
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 
استجاب رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، أمس الجمعة، لما ورد في خطبة المرجعية الدينية وأعلن انه سيقدم كتابا رسميا الى مجلس النواب يطلب فيه الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية، مبيناً أنه تسهيلاً وتسريعاً لانجازها باسرع وقت، سيرفع الى مجلس النواب الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية، وبينما نأى زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بنفسه عن التدخل فيما يدور بالعراق من فتنة عمياء بين “الحكومة “ وبين متظاهرين لم يلتزموا بالسلمية بعد يأسهم، عبر الزعماء السياسيون عن تأييدهم لدعوة المرجعية الدينية العليا، أمس الجمعة، إلى تقديم مرشح بديل لمنصب رئيس الوزراء والمسارعة في التصويت على قانون جديد عادل للانتخابات وتشكيل مفوضية مهنية كفوءة.
 
وعلى الفور من تقديم رئيس الوزراء استقالته استجابة لطلب المرجعية، أجمع اعضاء مجلس النواب، خلال تصريحات لـ”الصباح” على الذهاب باتجاه رأي المرجعية وعقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة المستجدات والموافقة على طلب الاستقالة.
 
مصلحة العراق
وقال عبد المهدي، في بيان تلقته «الصباح»: «استمعت بحرص كبير الى خطبة المرجعية الدينية العليا يوم 29 /11 /2019 وذكرها انه «بالنظر للظروف العصيبة التي يمر بها البلد، وما بدا من عجز واضح في تعامل الجهات المعنية مع مستجدات الشهرين الاخيرين بما يحفظ الحقوق ويحقن الدماء ، فان مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة مدعو الى ان يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء ابنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب».
واضاف عبد المهدي أنه «استجابة لهذه الدعوة وتسهيلاً وتسريعاً لانجازها باسرع وقت، سارفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية، ليتسنى للمجلس اعادة النظر في خياراته، علماً ان الداني والقاصي يعلم بانني سبق وان طرحت هذا الخيار علناً وفي المذكرات الرسمية، وبما يحقق مصلحة الشعب والبلاد».
وكان الزعماء السياسيون وقادة الكتل السياسية وأعضاء في مجلس النواب قد أعلنوا تأييدهم لما جاء في خطبة أمس الجمعة، فقد قال زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، في بيان تلقته «الصباح»: إنه ينأى بنفسه عن «التدخل فيما يدور ب‍العراق من فتنة عمياء بين الحكومة وبين متظاهرين لم يلتزموا بالسلمية بعد يأسهم»، وذكّر بمهلته لحكومة عبد المهدي، قائلاً: «ما نفعت، ولن تنفع وسوف لن اشاركهم في حكم ولا انتخابات مهما حييت».
ونصح الصدر الحكومة بـ»الاستقالة فوراً حقناً للدماء، فلو لم تستقل فهذه بداية نهاية العراق وسوف لن ينفع نصحي للمتظاهرين السلميين على الاطلاق»، كما نصح الصدر المتظاهرين بـ»الالتزام بالاخلاقيات العامة للتظاهر، فسمعتهم أهم من أي شيء آخر»، داعياً إياهم إلى «معاقبة المسيئين وابعادهم من ساحتهم فوراً ومن سمعتهم». وناشد السيد الصدر في بيانه، الحكومة بـ»التنحي وعدم معونتهم على تحويل العراق الى سوريا ثانية يرتع فيها القائد الضرورة ويتسلط فيها الفساد»، محذرا في الوقت نفسه من «البعثيين العفالقة الانجاس الذين يتربصون بالمتظاهرين وبمعونة الاحتلال واذنابه ليزجوا المتظاهرين بحروب طائفية».
 
إقرار قانون الانتخابات
بدوره، قال رئيس تيار الحكمة الوطني، السيد عمار الحكيم، في بيان تلقته «الصباح»: إنه «في الوقت الذي نعبر فيه عن عظيم ألمنا وشديد اسفنا للأحداث الدامية التي رافقت التظاهرات خلال اليومين الماضيين حيث خلفت عشرات الشهداء ومئات المصابين من المتظاهرين والقوات الامنية، فإننا نطالب مجلس النواب العراقي بعقد اجتماع عاجل لتنفيذ الخطوات التي دعت إليها المرجعية الدينية العليا».
كما طالب البرلمان «بمواصلة اجتماعاته من دون انقطاع للانتهاء من اقرار قانون انتخابات منصف يعتمد الدوائر الفردية وقانون مفوضيتها بالتشاور مع بعثة الأمم المتحدة».
وطالب السيد الحكيم أيضاً «الجهات القضائية بإجراء التحقيق العاجل والفوري بالأحداث التي شهدتها محافظتا ذي قار والنجف الاشرف».
وأهاب بالمتظاهرين «الحفاظ على سلمية تظاهراتهم وفرز العناصر المندسة التي تريد بالعراق والعراقيين الشر والانجرار نحو الفوضى والاقتتال الداخلي».
على صعيد ذي صلة، رأى حزب الدعوة الإسلامية، في بيان، أنه «انسجاماً مع رؤية التغيير والاصلاح والعودة الى المسارات الدستورية في وضع العلاجات المطلوبة لجميع الازمات والحفاظ على العراق ارضا وشعبا ومكانة، وانطلاقاً مع نداء المرجعية الذي طالب مجلس النواب باعادة النظر في خياراته الحكومية وتلبيةً لحاجة العراق الى حكومة قوية منسجمة مقبولة شعبيا وسياسيا تقوم بمهام حفظ الامن والاستقلال ورعاية المواطنين وتلبية حاجاتهم التي اتاحها لهم الدستور، وحرصاً على ألا تتفاقم الامور وتصل الى الحرب الاهلية والاقتتال الداخلي الذي نكاد نلمس بداياته، فان حزب الدعوة الاسلامية يدعو مجلس النواب الى الانعقاد الفوري واتخاذ الخطوات الدستورية اللازمة لايجاد البديل الحكومي الذي يلبي الطموح الوطني، ويدعو الكتل البرلمانية والقادة السياسيين الى تقديم مرشح بديل لمنصب رئيس الوزراء يمتاز بالقوة والاخلاص والمهنية والنزاهة، يحوز على رضا الجميع ويؤيده الطيف السياسي والاجتماعي الواسع بغالبية مكوناته، ليشكل حكومة قوية تنهض باعباء المرحلة وتستجيب لمتطلباتها».
 
جلسة خاصة
وفي السياق، أعرب رئيس ائتلاف النصر، حيدر العبادي، في بيان، عن تأييده لـ»ما جاء بخطاب المرجعية الدينية العليا، داعيا مجلس النواب لعقد جلسة خاصة لسحب الثقة عن الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مستقلة، وانجاز قانون انتخابي منصف وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة لاجراء انتخابات حرة مبكرة ونزيهة بشراكة مع الامم المتحدة».
وأضاف العبادي «كما ونجدد التأكيد على محاسبة الجناة والقتلة، وعلى سلمية التظاهرات لنيل اهدافها الوطنية بعيدا عن المساس بالارواح والممتلكات العامة والخاصة، وبضرورة التلاحم الوطني لضمان وحدة واستقرار البلاد تجنبا للفوضى او المجهول او العودة لازمنة الدكتاتوريات المستبدة، حفظ الله العراق والعراقيين، وتغمد الشهداء بالرحمة، ومنّ على الجرحى بالشفاء».
وطالب رئيس ائتلاف النصر بـ»محاسبة الجناة واستقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة مستقلة، تقود مرحلة انتقالية لاجراء انتخابات حرة مبكرة بقانون منصف ومفوضية مستقلة بشراكة الامم المتحدة»، داعياً «الجميع لتحمّل المسؤولية والتضامن لانقاذ البلاد والعباد من مخاطر الانهيار».
مواجهة التحديات
وفي مواقف أعضاء مجلس النواب، دعا النائب عن تحالف الفتح احمد الكناني السلطة التشريعية إلى تبني موقف المرجعية الدينية العليا باختيار حكومة جديدة تحظى برضا الشعب وتحقن الدماء وقادرة على مواجهة التحديات، مبينا أن بقاء الوضع الحالي لن يكون في مصلحة البلاد وعلى البرلمان الذي اختار الحكومة الحالية وصوت عليها إقالتها واختيار بديل مناسب لها.
ودعا الكناني، في حديث لـ»الصباح»، الكتل السياسية التي اختارت الحكومة إلى الانحياز لمصلحة الوطن والشعب والتخلي عن مصالحها، مؤكداً ان «كتلته تؤيد موقف المرجعية الدينية وتعمل على تنفيذ وصاياها».
بينما أبدى النائب عن تحالف سائرون جواد حمدان عن اسفه لعدم اضطلاع البرلمان بدوره الحقيقي منذ بدء الأزمة، مبيناً أن تحالفه النيابي قدم طلباً لاستضافة رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة والمسؤول عن كل مايجري في الساحة العراقية واستكملنا كل الوثائق والادلة التي تثبت قتل واعتقال وتعذيب المتظاهرين ولكن رئيس مجلس النواب لم يحدد يوما لاستجواب رئيس 
الوزراء. وأضاف حمدان، لـ»الصباح»، ان المرجعية الدينية العليا حملت مجلس النواب مسؤولية كبيرة بصفته اعلى سلطة تشريعية وهي من جاءت برئيس الوزراء والحكومة. ولفت حمدان إلى أن جميع الكتل السياسية مسؤولة عن الوضع العام في العراق وليس هناك مجال للتنصل من هذه المسؤولية، مشيراً إلى أن أمام مجلس النواب مسؤولية كبيرة في اصدار التشريعات والقوانين لمحاسبة المقصرين والفاسدين الذين تسببوا في قتل المتظاهرين وكانوا سببا في انهيار 
الدولة.