اللوازم الثلاثة لبقاء الدولة

العراق 2018/11/24
...

حسين العادلي
 
لا تتوحد دولة إلاّ بالمواطنة، ولا يتماسك مجتمع إلاّ بالتعايش، ولا تستقر سلطة إلاّ بالديمقراطية،.. هذه هي اللوازم الثلاثة الضامنة لبقاء وتكامل الدولة،.. المواطنة كلازم رابطة لتشكيل الأمّة الوطنية (الدولة) بعيداً عن الروابط العرقية الطائفية الإثنية، والديمقراطية كلازم إنتاج سلطات الدولة لإدارة الخلاف وتحقيق المصالح والتداول السلمي للسلطة، والتعايش كلازم يمكّن لاستحقاقات التعددية المجتمعية وحقوقها السياسية والمدنية من الحضور دونما تمييز أو إقصاء.
والعلاقة بين هذه اللوازم الثلاثة علاقة تكاملية فعّالة لإدارة ثلاثي: المواطن/ الدولة / المصلحة.
* دولة صافية العرق أو الديانة أو الطائفة أكذوبة، فالتنوع ظاهرة مجتمعية تلازم الدولة على اختلاف مصاديق التنوع، وما تعانيه الدول (تقريباً 196 دولة حالياً) من اضطراب ليس بسبب التنوع بل بإدارة التنوع بما يضمن الاعتراف به وتمكين حقوقه الطبيعية والوطنية،.. لذا فلازمة المواطنة (باعتبار حياديتها) تعتبر الأساس لوحدة الدولة، ولازمة التعايش (باعتبار استيعابها) تعتبر الأساس لتماسك المجتمع، ولازمة الديمقراطية (باعتبار عدالتها) تعتبر الأساس لاستقرار الدولة وحل اشكاليات الصراع على السلطة والثروة.
* تتقوّض فرص البقاء لأية دولة فيما لو اعتمدت آيديولوجيات التمييز القومي أو الديني أو الطائفي كعقائد للسلطة الحاكمة، وتتقوّض فرص الوحدة المجتمعية فيما لو احتكرت هوية مجتمعية معينة السلطة والثروة والتمثيل والمصلحة على حساب باقي الهويات، وتتقوّض فرص الاستقرار فيما لو ساد التسلط والإكراه ومصادرة الحقوق سواء في تطبيقات الدولة أم في تطبيقات المجتمع،.. من هنا فإنّ بقاء الدولة يرتبط عضوياً بنمط القيم والتجربة الحاكمة، وبالثقافة المجتمعية السائدة.
* لا مواطنة تامّة الحقوق والواجبات، ولا ديمقراطية تضمن السلم والعدالة، ولا تعايش قادر على احتواء التنوع المجتمعي إيجابياً في ظل دولة دولة المكوّن الواحد، أو في ظل عقائد وسياسات التمييز والإقصاء والاحتكار الحاكمة، كونها ستقود حتماً إلى ثلاثي: الاستعباد (مقابل المواطنة)، والاستبداد (مقابل الديمقراطية)، والاستبعاد (مقابل التعايش).
كذلك، لا مواطنة حقيقية ولا ديمقراطية صادقة ولا تعايش بنّاء في ظل دولة المكوّنات، كونها تؤسس الاعتراف والتمكين والمصلحة على وفق مبدأ المكوّن العرقي الديني الطائفي الإثني في بناء وإدارة الدولة على حساب مبدأ الأمّة الوطنية الواحدة، فتكون الدولة عندها كزيجة نشزة تتصارع مجتمعياتها الاعتراف والابتلاع للدولة وسلطاتها ومواردها، وستكون بالتبع دولة مكونات لا دولة مواطنين على مستوى الهوية والانتماء والمصلحة، تعيش التعايش الهش والحذر والمتحفّز انطلاقاً من تغليبها الجماعة على المجتمع والسلطة على الدولة والمكوّن على الأمّة،.. وهنا ففرص المساواة والعدالة والتضامن والسلم ستتقوض بالضرورة.
* عراقياً، وقبل 2003م كانت لدينا مواطنة تمييزية محجورة الحقوق، وكان هناك تعايش هو في حقيقته عيش بحكم الضرورة لا يستند إلى تعددية حقيقية معترف بها ومُمكّن لاستحقاقاتها، وكان لدينا شمولية مطلقة. 
وبعد 2003م اعتمد الأعم الأغلب من صنّاع فعل الدولة مبادئ المكوّن على حساب المواطنة والتوافق العرقطائفي على حساب الديمقراطية وأعطينا الاعتراف السيادي لمجتمعيات الدولة!! خلافاً حتى لدستور 2005م الذي أقام بحق بنيانه على وفق استحقاقات المواطنة والديمقراطية رغم كل ما يقال
 عنه.
* يحتاج إصلاح الدولة إلى إعادة الاعتبار لثلاثي: المواطنة والديمقراطية والتعايش،.. فمن هنا تبدأ جميع الإصلاحات، ومن هنا ننقذ الدولة.