جدل دستوري وقانوني أمام تسمية رئيس الوزراء الجديد

العراق 2019/12/04
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
 
تكثف الكتل والأحزاب السياسية مشاوراتها لاختيار رئيس لمجلس الوزراء عوضاً عن رئيس المجلس المستقيل عادل عبد المهدي، وسط ترقب الأوساط الشعبية إعلان رئيس الجمهورية برهم صالح عن اسم الشخصية المرشحة لتسنم المنصب وتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة بعد قبول البرلمان استقالة عبد المهدي، وبينما اكدت اللجنة القانونية النيابية ان رئيس الجمهورية يقوم بمهام رئيس الوزراء المستقيل لحين تكليف شخص آخر خلال مدة لا تزيد على 15 يوما لهذا المنصب وفق المادة 81 من الدستور، رجح تحالف الفتح لجوء الرئيس صالح الى المحكمة الاتحادية للبت بالكتلة الأكبر بعد ان اعتذرت سائرون عن استحقاقها رسمياً.
القانونية النيابية
وقالت عضو اللجنة القانونية النيابية، بهار محمود، في بيان صحفي تلقته "الصباح": "بعدما تم قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي من قبل مجلس النواب وفق المادة 75 من الدستور، وبعد الاستقالة يجب ان يكون التعامل مع الوضع وفق المادة 81 من الدستور".
واضافت محمود ان "هذه المادة تقضي في حالة خلو منصب رئيس الوزراء فان رئيس الجمهورية يقوم مكانه لمدة 15 يوما بشرط تكليف شخص آخر لتشكيل الحكومة خلال هذه المدة وفقا للمادة 76 من الدستور بمعنى ان الحكومة تقوم بأعمالها ولكن برئاسة رئيس الجمهورية".
واشارت محمود إلى أن "خلو المنصب في الفقه الدستوري يشمل اربع حالات وهي الاستقالة، الاقالة، الوفاة، الاصابة بعجز دائم او مرض عضال يمنعه من اداء عمله"، مؤكدة أن "اي اجراء او تعامل مع الوضع الحالي خارج هذه المادة يكون غير دستوري".
وبشأن الكتلة الأكبر التي ستكلف بتسمية رئيس مجلس الوزراء، يرى النائب عن تحالف الفتح عامر الفايز، في تصريح صحفي، ان "تكليف مجلس النواب رئيس الجمهورية برهم صالح بتكليف الكتلة الأكبر لتسمية شخصية بديلة عن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي واعتذار سائرون باعتبارها الكتلة الأكبر في عدد المقاعد النيابية وضع رئيس الجمهورية في حرج".
وأضاف الفايز ان "الدستور نص على ان يكلف رئيس الجمهورية الكتلة الأكبر بترشيح رئيس الوزراء خلال 15 يوما وبعده (سكت) من دون ان يخول رئيس الجمهورية بتكليف الكتلة التي تلي في حال اعتذار الأولى وهذا ما وضع رئيس الجمهورية في حرج"، مرجحا أن "يلجأ رئيس الجمهورية الى المحكمة الاتحادية للبت في الامر وتفسيره".
مواصفات رئيس الحكومة المقبل 
وعن الشروط والمواصفات التي ينبغي توافرها بشخصية رئيس الوزراء، أشار رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، خلال استقباله سفير الاتحاد الأوروبي الجديد لدى العراق مارتن هوس إلى ان "الازمة التي يتعرض لها العراق هي امتداد للأزمات التي تشهدها المنطقة"، مشدداً على "ضرورة ان يكون للاتحاد الأوروبي دور سياسي في ابعاد الصراعات الدولية من اجل تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".
واكد المالكي ان "القوى الوطنية والشعبية مصممة على المضي في تسمية رئيس وزراء جديد يحظى بالمقبولية السياسية والاجتماعية وبموجب ما طرحته المرجعية الدينية العليا من اجل الاسراع في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة".
وفي السياق نفسه، أكد رئيس تيار الحكمة الوطني، السيد عمار الحكيم، لدى استقباله السفير الفرنسي لدى العراق برونو اوبيرت، ان "القوى السياسية تسعى للإسراع في تسمية رئيس حكومة يحظى بمقبولية شعبية بالإضافة الى توفر معايير القدرة والكفاءة في إدارة البلاد".
وأشار الى ان "الحكومة المقبلة ستكون حكومة مؤقتة تعمل على التحضير لإجراء انتخابات مبكرة على ضوء قانون الانتخابات المنصف الذي يتم تشريعه في مجلس النواب والمفوضية الجديدة البعيدة عن التأثير
السياسي".
بينما يرى النائب عن تحالف الفتح محمد كريم البلداوي، في تصريح صحفي، أن "ترشيح رئيس الحكومة المقبلة سيكون من خلال طريقين، الأول هو تسمية الكتلة الأكبر، وهي التي ستتشكل بتوافق الكتل السياسية وتطرح اسم المرشح المقبل لرئاسة الوزراء من خلال إعادة رسم شكل الخارطة السياسية بكتلة جديدة، على اعتبار أن الكتلتين السابقتين اللتين تنافستا على تسمية الكتلة الأكبر وتوافقتا على طرح اسم مرشح توافقي لم تحسما حينها من هي الكتلة الأكبر".
وأضاف البلداوي أن "الطريق الآخر هو من خلال التوافق أيضاً بين الكتل على مرشح، لكن بطريقة أخرى توجب إلزام المتوافقين على الشخصية بدعمها وليس كما حصل سابقاً، وأن يكون تثبيتاً للتحالف بأن يتبنى الحكومة وشخصية رئيس الوزراء من أجل حصوله على القوة والدعم لحكومته داخل مجلس النواب".
وأوضح البلداوي أن "الطريقين ينبغي أن يكونا متناسقين وبقوة مع رأي الشارع ومطالبه وأن يكون للجماهير الكلمة الفصل في الشخصية المطروحة لشغل المنصب، وأن لا يتم ترشيحه الا بموافقة الشارع لأنه من دون ذلك فلن يستطيع الوصول إلى حل أو إيجاد حكومة جديدة".
 
حكومة تصريف الأعمال
وعن عمل حكومة تصريف الأعمال في المرحلة المقبلة، قال عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية رياض التميمي، في تصريح لوكالة الأنباء العراقية "واع": إن "حكومة تصريف الأعمال لن تؤثر في القوانين المرسلة من قبل الحكومة الى البرلمان"، لافتا الى أن "تنفيذ المشاريع التي أتت بها الحكومة ستنعكس على الرؤية الاقتصادية للبلاد في الفترة المقبلة".
وطالب التميمي الكتل السياسية بـ"الاسراع في طرح الحكومة الجديدة لإكمال البرنامج الحكومي والخروج من الفوضى وتحقيق خطوات متقدمة في البلاد".
في غضون ذلك، لفت النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ديار برواري، إلى أنه لم تبق من المهلة الدستورية المقررة بـ 15 يوما سوى 10 ايام لاختيار رئيس جديد للحكومة وتوازيا مع هذه المستجدات تبلور حراك متنوع سياسيا واجتماعيا من القوى الموجوده في الشارع والمتمثلة بالمتظاهرين وطُرحت اسماء عديدة مرشحة لشغل المنصب. 
وأضاف برواري، في حديث لـ"الصباح"، ان اختيار رئيس وزراء يحظى بمقبولية الجميع يجب أن يكون دقيقاً، لاسيما وان الفترة المقبلة ستكون شبه انتقالية سيتم فيها تغيير قانون الانتخابات والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات اضافة الى تغيير الدستور، مشيراً إلى ان  رئيس الحكومة المقبل سيتحمل مسؤولية كبيرة في اختيار برنامج حكومي يلبي طموح الجماهير وكابينة وزارية كفوءة وقادرة على تنفيذ البرنامج الحكومي بفعالية.
واضاف برواري ان الأسماء المطروحة لشغل منصب رئيس الحكومة لا يمكن القول إنها مستقلة تماما لكنها يمكن أن ترضي جميع الأطراف، مبينا ان الكتل السياسية تتحرك من اجل طرح اسماء لمستقلين وكفوئين.
بينما اشارت النائب عن تحالف القوى العراقية سميعة الغلاب إلى ان رئيس مجلس النواب وجه كتابا رسميا الى رئيس الجمهورية لتسمية رئيس للوزراء خلال 15 يوما، مبينة ان البرلمان حدد مواصفات رئيس الوزراء المقبل على ضوء المطالبات الجماهيرية. 
واكدت الغلاب، لـ"الصباح"، ان الكتل السياسية تجتمع بشكل دؤوب لاختيار شخصية لمنصب رئيس الوزراء يقبلها الشارع، مؤكدة ان اتحاد القوى لا يسعى للحصول على منصب رئيس الوزراء وينتظر ما تتفق عليه الكتل السياسية الاخرى.
وأضافت الغلاب ان البرلمان سعى منذ بداية التظاهرات الى تجاوز المحاصصة في اختيار المناصب واتخذ من الحراك الشعبي قوة داعمة للتخلص منها.
في حين، اكد رئيس كتلة بيارق الخير المنضوية في تحالف النصر محمد الخالدي، لـ"الصباح"، ان اكثر من 130 توقيعا قدمها نواب من مختلف الكتل السياسية لرئيس الجمهورية تحدد مواصفات رئيس الوزراء المطابقة لمطالب المتظاهرين، مبينا ان هذه التواقيع تمثل "فيتو" على أي كتلة سياسية تطرح شخصية لا تتطابق مع المواصفات المطلوبة لرئيس الوزراء.