العراق يدخل سنة 2020 بـ {موازنة مؤقتة}

العراق 2019/12/11
...

بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف - مهند عبد الوهاب 
 
أقرت اللجنة المالية في مجلس النواب بأن العراق سيدخل عام 2020 بـ "موازنة مؤقتة"، بسبب تأخر إرسالها من قبل حكومة تصريف الأعمال الحالية على خلفية إشكال قانوني إجرائي، مبينةً إن هذا الحال يشبه ما حصل في العام الماضي قبيل تشكيل حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي
 وكشفت اللجنة لـ "الصباح" عن أن الموازنة تقدر بـ 162 تريليون دينار، ومعدل الإيرادات العامة فيها وصل إلى نحو 114 تريليون دينار، ومعدل العجز 48 تريليون دينار، ويبدو أن دوامة الموازنة التي اعتاد عليها العراق في كل عام ستكون هذه المرة أعمق وأكبر بسبب الإشكاليات القانونية التي تصاحب إرسالها من قبل الحكومة الحالية وإقرارها لاحقاً.
وقال عضو اللجنة الدكتور أحمد الصفار لـ "الصباح": إنه "كان من المؤمل أن ترسل الموازنة الى البرلمان يوم الخميس الماضي، إلا اننا فوجئنا باعتذار رئيس الوزراء عن إرسالها بداعي عدم وجود صلاحية بإرسال أي مشروع قانون الى البرلمان بضمنها الموازنة كون حكومته الآن هي حكومة تصريف للأعمال".
وأضاف، إن "مجلس النواب استفسر عن ذلك وظهر إن بإمكان رئيس الوزراء إرسال مشاريع القوانين المهمة الى المجلس في أول أسبوع من حكومة تصريف الأعمال، الا أن المستشارين القانونيين لرئيس الوزراء هم من أبلغوه بالرأي القانوني الخاص بعدم إرسال أي مشروع قانون لمجلس النواب"، مؤكداً ان "المجلس بدوره لا يستطيع قراءة ومناقشة والتصويت على الموازنة لو أرسلت خلال كانون الأول الحالي".
وأوضح، "إننا مازلنا ننتظر وصول مشروع قانون الموازنة الى البرلمان خلال الأسبوع الحالي وتلوح في الأفق مجموعة من المقترحات للبحث عن مخرج قانوني، منها مخاطبة رئيس الجمهورية لإرسالها سريعاً"، كاشفاً عن إن "لجنة الموازنة في وزارة المالية أعلمتنا بمعلومات عن حجم موازنة 2020 والتي تقدر بـ (162 تريليون دينار)، ومعدل الإيرادات العامة فيها وصل إلى نحو (114 تريليون دينار)، ومعدل العجز (48 تريليون دينار)".
وبين الصفار، إن العراق سيضطر الى اعتماد (موازنة مؤقتة) تصرف بشكل شهري للرواتب والموازنة التشغيلية فقط، ويستثنى من الصرف الموازنة الاستثمارية والعقود والدرجات الوظيفية لحين التصويت على موازنة 2020".
وأوضح عضو اللجنة المالية، إن "سيناريو العام الماضي تكرر هذا العام عندما أرسل رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي موازنة 2019 قبيل التصويت على حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي مما حدا بالبرلمان الى إعادتها للحكومة كونها لا تعبر عن البرنامج الحكومي الذي طرحه الأخير في مجلس النواب، ونظراً لضيق الوقت شكلت لجنة من كل من البرلمان والحكومة لمناقشة التغييرات التي طرأت على الموازنة ومن ثم مناقشتها والتصويت عليها، الا أن الأمر يختلف هذا العام إذ أن حزمة الإصلاحات كإعادة المفصولين عن الخدمة وفتح باب التعيين والضمان الاجتماعي والسكن تحتاج للتصويت على موازنة 2020"، مبيناً انه من "دون التصويت على الموازنة فان تلك الاصلاحات تبقى حبراً على ورق".
 
آراء قانونية
عضو مجلس النواب بهار محمود، بينت ان إرسال قانون موازنة 2020 من الحكومة الى البرلمان أمر قانوني وفق قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم 6 لسنة 2019 حتى لو كانت حكومة تصريف أعمال.
وقالت محمود في بيان صحفي: إنه "بعد قبول استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من قبل البرلمان تحولت الحكومة الى تصريف أعمال وأصبحت هنالك مشكلة هل بإمكانها إرسال مشروع الموازنة أم لا؟، ووفق النظام الداخلي لمجلس الوزراء والذي ينص على أنه ليس لحكومة تصريف الأعمال الحق بإرسال مشاريع القوانين الى البرلمان لذا فان المجلس بصدد البحث عن ثغرة قانونية يتم من خلالها إرسال الموازنة".
وأضافت إن "قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم 6 لسنة 2019 يلزم الحكومة بإرسال الموازنة الى البرلمان في منتصف تشرين الأول كل سنة سواء كانت الحكومة طبيعية أو تصريف أعمال، ووفقا لهذا التدرج التشريعي يجب العمل بالقانون المذكور لا بالنظام الداخلي".
وتابعت محمود: أن "قانون الموازنة ليس من الأعمال السيادية التي لها طبيعتها الخاصة، وإنما من الضروريات اليومية ولأنها تتعلق بجميع المواطنين، وعليه بإمكان مجلس الوزراء إرسالها الى البرلمان".
من جانبه، قال عضو اللجنة شيروان ميرزا: إن "الحكومة التي ستتسلم زمام الأمور خلال الأيام القادمة قد تعمد الى قراءة ومناقشة الموازنة قبل إرسالها الى مجلس النواب لكي تنسجم مع خططها ورؤيتها المستقبلية مما يؤخر إقرار الموازنة".
وأضاف ميرزا لـ "الصباح"، بأن "رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي وجه رسالة الى القوى السياسية بأن الموازنة جاهزة ويمكن إرسالها في حال رغبت القوى السياسية بذلك"، مؤكداً ان "مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة -قبل استقالة الحكومة - صوت من حيث المبدأ على الموازنة ومشروعها وترك لوزيري المالية والتخطيط استكمال باقي التفاصيل".
وتابع، أن "الموازنة كان يجب أن تصل قبل منتصف تشرين الاول الماضي، الا ان العراق ووفق المستجدات السياسية الحاصلة سيدخل العام المقبل من دون موازنة، وسيضطر الى ان يكون الصرف وفق قانون الادارة المالية 1/12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة، على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة الاتحادية وهذا يشمل صرف الرواتب وبعض الصرفيات التشغيلية".
وأشار ميرزا، إلى أن "مشكلة اخرى سوف تبرز في الايام القادمة وهو تشكيل الحكومة الجديدة التي يمكن أن تقوم بمناقشة موازنة 2020 قبل التصويت عليها وارسالها للبرلمان في حال عدم انسجام ما جاء في الموازنة التي صادق عليها مجلس الوزراء السابق مع رؤيتها المستقبلية".
عضو اللجنة المالية النائب رعد حسين، أوضح إن "اللجنة المالية في مجلس النواب تلقت إشعارات من قبل الحكومة بأنها سترسل مشروع قانون موازنة 2020 الى البرلمان قريباً"، وأضاف، إن "اللجنة أكملت استعداداتها لمناقشة أبواب الموازنة وستعكف على إنجازها خلال وقت قصير جداً لغرض عرضها للتصويت"، مرجحاً إن "إقرارها سيتم بداية
 العام المقبل".
 
دوامة كل عام
دوامة قانون الموازنة المتكررة في كل عام، يبدو أنها هذه المرة ستكون أكبر وأعمق في ظل وجود حكومة تصريف أعمال، لا يحق لها إرسال مشروع قانون الموازنة الى البرلمان.
عضو اللجنة المالية، محاسن حمدون، شددت على "ضرورة الانتهاء من مشروع قانون الموازنة والتصويت عليه بأسرع وقت ممكن لتمشية الأمور"، مؤكدة أن "لجنتها بعد تواصلها مع رئيس مجلس النواب، ستخرج بصيغة قانونية لقانون الموازنة، بإدخالها ضمن أعمال حكومة تصريف الأعمال، أو تحويل الموازنة الى رئيس الجمهورية من أجل أرسالها إلى البرلمان".
وفي رأي مغاير ينذر بتعقيدات حقيقية في الموازنة، كشف عضو اللجنة ناجي السعيدي عن وجود مشكلة وصفها بـ "الكبيرة" في مشروع قانون الموازنة المالية الاتحادية للعام المقبل. وأشار الى أن "الدرجات الوظيفية عقدت مشهد اتمام الموازنة، في وقت وفّر فيه قانون التقاعد الجديد أكثر من مئتي ألف درجة وظيفية، فضلاً عن درجات الحذف والاستحداث التي تتجاوز أكثر من مئتين وخمسين ألف درجة وظيفية".
 
صلاحيات الحكومة
بدوره، قال النائب عن تحالف الفتح قصي عباس الشبكي: إن "الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال، وبالتالي فليس لديها الصلاحية لتوقيع اي اتفاقيات او عقود"، مبينا ان "من بين الأمور التي لا تمتلك الحكومة الحالية صلاحية استكمالها وارسالها الى البرلمان هي قضية الموازنة الاتحادية للعام
 المقبل".
وأضاف الشبكي، أن "تأخير الموازنة سيمثل معضلة كبيرة ستسهم في زيادة معاناة العراقيين، خاصة اننا في نهاية العام الحالي ولم تصل حتى اللحظة الموازنة الى البرلمان بعكس العام الماضي حين وصلت الموازنة بوقت مبكر وتم التصويت عليها"، لافتا الى ان "الموازنة السابقة ورغم التصويت عليها بوقت مبكر فالتلكؤ كان حاضرا في عمل بعض الوزارات والحكومات المحلية التي لم تصرف في البعض منها ربما 50 بالمئة مما خصص لها".
وأكد الشبكي، إن "هذا التعقيد بقضية الموازنة زاد التعقيد بالمشهد العراقي، على اعتبار ان الموازنة ستبقى لدى الحكومة لحين التصويت على حكومة جديدة تعمل على ارسالها الى مجلس النواب".