انتخابات مجالس الأقضية وإمكانية إجرائها

آراء 2018/11/24
...

مقداد الشريفي
 
لم تجرِ انتخابات حقيقية لمجالس الأقضية والنواحي منذ تشكليها بعد عام 2003 من قبل قوات الاحتلال  ولغاية الآن. فاغلب تلك المجالس تم تعيينها دون انتخابات .. بغض النظر عن اداء اغلب هذه المجالس التي كانت بابا من أبواب الفساد وأحد أسباب تردي الواقع الخدمي في اغلب أقضية ونواحي البلد ، وهنا لا يمكن سرد جميع سلبيات هذه المجالس التي لم تستطع اجهزة الدولة( برلمان وحكومة ) من حل اشكالية وجود هذه المجالس وإمكانية تغييرها .. وسوف اتحدث هنا عن موضوع اجراء انتخابات مجالس الأقضية من الجانب الفني .. وإمكانية إجرائها من عدمه، وما هي الحلول العلمية والواقعية لإجرائها في ظل الظروف  والمعطيات الحالية من وجهة نظرنا  دون الخوض في تفاصيل اخرى. 
 
مشاكل اجرائها 
اولاً: المشكلة الحقيقة في عدم اجرائها من قبل دورات مجالس النواب السابقة ومجالس المفوضية المتعاقبة ذلك بسبب عدم وجود احصاء سكاني دقيق مما يسبب ذلك عائقا كبيرا  يحول دون اجرائها وذلك لان مفوضية الانتخابات  لا تستطيع ان تعكس بيانات سجل الناخبين على الناخبين داخل كل قضاء وذلك لعدم وجود حدود ادارية معلومة  في اغلب أقضية ونواحي البلد كون عدد نفوس  كل قضاء سوف يحدد عدد أعضاء مجالس الأقضية حسب القانون،  اضافة الى ضمان ان ناخبي هذا القضاء هم من سوف يصوتون الى مرشحي هذا القضاء كون الذهاب الى انتخابات في ظل سجل الناخبين على وضعه الحالي دون اسقاط بياناته على مستوى القضاء سوف يسبب مشاكل حقيقة على الارض بسبب تقسيمات سجل الناخبين التي سوف تتقاطع حتما مع الحدود الادارية لهذه الأقضية ووجود التداخل الكبير في ما بينها  وبسبب هذا المشكلة العقيمة لم تستطع المفوضية السابقة في حينها من اجرائها لهذا السبب الفني.  
ثانيا ؛ أسباب سياسية اضافة الى الأسباب الفنية توجد أسباب سياسية في بعض محافظات شمال البلاد تحول من اجرائها  وذلك بسبب التنازع والخلاف على عائدية بعض الأقضية بين المحافظات وإقليم كردستان ( المادة 140 )  وبين المحافظات في ما بينها.
ثالثا: مشكلة ادارية وهو وجود خلاف ونزاع قانوني بين الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات باستحداث الأقضية واعتمادها .. فكثير من مجالس المحافظات استحدثت أقضية وهذه الأقضية التي تم استحدثها محل خلاف بين الحكومة المحلية والاتحادية لاسباب عدة، لا يمكن سردها الآن لكن المختصين يعلمون بهذه الإشكالية التي هي عائق أيضا لإجراء هذه الانتخابات ما لم يتضمن القانون الجديد  نصا واضحا على الجهة المختصة والحصرية التي تزود المفوضية بالحدود الادارية وعدد نفوس كل 
قضاء.
 
الحلول 
دأبت المفوضية السابقة  على حل هذه المشكلة مع اللجان المختصة في البرلمان في الدورات السابقة واعطت بعض الحلول التي يمكن الاعتماد عليها وحل هذه المشكلة الكبيرة .. فكان هناك رأي لها في عام 2014  عندما كنا بالوظيفة  خاطبنا  به رئاسة مجلس النواب و مجلس الوزراء وذلك عن طريق تجزئة المشكلة وحل اكبر جزء منها قد يصل إلى اكثر من 85‎%‎ من حجم المشكلة، وذلك  بعد ان استطاعت  المفوضية في حينها من  عكس اسماء الناخبين في 80 قضاء ضمن الحدود الادارية لها  من اصل 120 قضاء مثبتة رسميا في الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط حسب المجموعة الاحصائية لعام 2013 .. علما ان  عدد الأقضية يشمل أقضية اقليم كردستان وبذلك يمكن اجراء الانتخابات في هذه الأقضية  التي اكدت الدوائر القطاعية في المفوضية حينها  إمكانية اجرائها  عام 2014 كما أسلفنا .. 
 
إمكانية اجرائها
بعد ان صوت مجلس النواب على قانون مجالس المحافظات والأقضية في دورته السابقة .. وابقى على عدة مواد لم يصوت عليها منها  المادة التي تخص موضوع انتخاب مجلس محافظة كركوك و المادة  المتعلقة بعدد المقاعد لكل محافظة كونها خلافية .. يمكن ان تتدخل اللجنة القانونية في البرلمان وان تضيف مواد واضحة المعالم مستندة الى رأي فني رصين بخصوص  انتخابات مجالس الأقضية في المحافظات، كون القانون المشار اليه لم يشر بوضوح الى انتخابات مجالس الأقضية بتفاصيل فنية واكتفى بالمادة 23 ثانيا" يكون كل قضاء وفقا لحدوده الادارية الرسمية دائرة انتخابية واحدة في انتخابات مجالس الأقضية"   وعليه يمكن اجراء هذ الانتخابات  بأقضية المحافظات التي لا توجد فيها اي مشكلة والتي يمكن عكس بيانات  سجل الناخبين على حدوده الادارية للناخبين المخصصين لهذه الأقضية، 
 اذ لا يمكن تأجيل انتخابات مجالس الأقضية في محافظة معينة بسبب خلاف على قضاء واحد فيها، وباقي الأقضية لا توجد مشكلة فيها، علما ان بعض المحافظات لا توجد مشكلة في جميع أقضيتها، فلا يمكن تعطيل انتخابات مجالس الأقضية في محافطة بسبب وجود مشكلة في محافظة 
أخرى.
 
آلية الانتخابات 
لعدة عوامل فنية و مالية تقف عائقا من اجرائها  سوف نطرح مقترحا  لإجراء هذه الانتخابات يعالج كل هذه المشاكل ويكون ذلك بان تجرى هذه الانتخابات في ذات يوم انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في العام المقبل وذلك لعدة اعتبارات سوف نوضحها لاحقا. 
سوف يعتمد مقترحنا على نظام التمثيل النسبي عن طريق الصوت المتحول .. وبهذا الطريق فان الصوت الذي يعطيه الناخب في ورقة الاقتراع لأي قائمة انتخابية يكون محسوبا لهذه القائمة على مستوى محافظة ( مجالس محافظات ) وذات هذا الصوت يحسب إلى هذه القائمة على مستوى القضاء(مجالس أقضية) وفي هذه الحالة على كل حزب يكون مشتركا بالانتخابات عليه تقديم قائمة مرشحين  لانتخابات مجالس المحافظات  وقائمة مرشحين مغلقة   أخرى لكل قضاء وبذلك سوف يتم احتساب الأصوات لكل قائمة انتخابية على مستوى مجلس المحافظة وفق ( 1.7، 3، 5، 7 .. إلى آلخ ) حسب المادة رقم 12 من قانون انتخابات مجالس المحافظات المصوت عليه في دورة مجلس النواب السابقة.. وأما عملية احتساب المقاعد على مستوى مجلس القضاء وذلك عن طريق نسبة ما حصل عليه كل حزب أو قائمة انتخابية من أصواته  على مستوى محافظة ولتقريب الصورة  مثلاً حزب معين  حصل 40‎%‎ من أصوات المحافظة في انتخابات مجالس المحافظات، فهذه النسبة سوف تعتمد له في جميع الأقضية في تلك المحافظة للحصول فيها على مقاعد تمثله في كل قضاء وفي هذا المقترح أعلاه والذي لا نعده مثاليا بقدر ما هو حل يمكن اعتماده في ظل هذه المرحلة وفق المعطيات 
الآنية.  
وإن من أهم ايجابيات هذا المقترح 
1 -  ضغط النفقات المالية بشكل كبير وذلك باعتماد ورقة اقتراع واحدة وعدة اقتراع واحدة وعدد موظفي اقتراع واحد والتي تشكل هذه  اكثر من 70‎%‎ من الميزانية الانتخابية. 
2 - معالجة أغلب المشاكل الفنية واللوجستية وذلك باعتماد ورقة اقتراع واحدة لكل محافظة( دائرة انتخابية). 
3 - تجاوز اقتراع التصويت الخاص وتصويت النازحين التي من الصعوبة اجراؤها على مستوى قضاء لأسباب فنية. 
4 - اختصار الوقت وعدم استنزاف جهد الدولة الأمني وذلك باعتماد يوم واحد لاقتراع لانتخابات مجالس المحافظات والأقضية. 
5 - التقليل من مصاريف الأحزاب وذلك باعتماد حملة إعلامية انتخابية واحدة تخص مجالس المحافظات والأقضية.
وأخيرا ان المقترح أعلاه هو حل لمشكلة كبيرة مستعصية لا يمكن حلها بشكل كامل، لكن نعتقد بأن هذا المقترح هو الحل الناجح والناجع في هذا الوقت لتجاوز هذه المشكلات.