اتفاق سياسي على ترشيح شخصية «مستقلة» لرئاسة الوزراء

العراق 2019/12/16
...

بغداد / مهند عبد الوهاب 
 عمر عبد اللطيف
أعلنت عدة كتل وقوى سياسية الاتفاق على ترشيح شخصية مستقلة لمنصب رئاسة الوزراء، في حين أكدت ان هذا الترشيح لايحتاج الى “كتلة أكبر” كون هذا الموضوع قد حسم في ترشيح رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي..
وأكد نواب من مختلف الكتل لـ “الصباح” إن شخصية رئيس الوزراء المقبل يجب أن تجد “صيغة تناغمية” بين شروط الكتل السياسية ومطالب المتظاهرين وكيفية العمل على وجود حلول توافقية بين الطرفين لضمان الخروج من أزمة تسمية رئيس الوزراء وتشكيل كابينة وزارية جديدة، بينما وقع أكثر من 170 نائباً على وثيقة ترسل إلى رئيس الجمهورية تتضمن مواصفات رئيس الوزراء المقبل وأبرزها أن يكون “مستقلاً”.
وكشف عضو مجلس النواب حسن فدعم الجنابي لـ “الصباح”: عن “عقد اجتماع مساء يوم الاحد الماضي اتفقت فيه القوى من مختلف الطوائف والمكونات على ترشيح شخصية مستقلة وطنية تحظى بمقبولية شعبية ودولية لمنصب رئاسة الوزراء للمرحلة المقبلة”، مؤكداً ان “مطلع هذا الاسبوع شهد إصرار إحدى القوى السياسية المؤثرة الكبيرة على ترشيح شخصيات من جسدها التنظيمي والسياسي، في حين كانت كتلة أخرى تفرض بالقوة مرشحين معينين، محاولة استغلال دعم ساحات التظاهر لتمرير هؤلاء الشخصيات”، بحسب تعبيره.
وأضاف، إن “الكتل السياسية تحاول الخروج بحلول معقولة ومنطقية أمام الشارع العراقي وترشيح شخصية يمكن أن تكون الأفضل وتسير بالعراق الى شاطئ الأمان”، مستبعداً وجود أية “مشاكل” تتخلل موضوع اختيار رئيس الوزراء، وأوضح، إن “المباحثات ما زالت مستمرة كون المدة الدستورية لم تنته لغاية الآن”، منوهاً بإن “الكتل تحتاج الى إيصال رسائل تطمين وإيجابية للشارع، إذ إن العراق ليس هو البلد الوحيد الذي يستقيل فيه رئيس الوزراء ليحل آخر بديلاً عنه”.
وتابع الجنابي: إن “الكتل سلمت أخيراً بأن شخصية رئيس الوزراء المقبل يجب أن تحظى بمقبولية لدى أبناء الشعب بكل طوائفه وقومياته، فضلاً عن المقبولية الدولية ولديها علاقات جيدة مع جميع الدول الكبرى والمهمة والإقليمية”، مقراً بأن مهمة اختيار هذه الشخصية “معقدة وليست سهلة يمكن أن تحل بأيام معدودة”، متوقعاً أن “يشهد اليومان المقبلان تكليف إحدى الشخصيات لتولي رئاسة الوزراء”.
وبشأن طلب رئيس الجمهورية من رئيس مجلس النواب تحديد “الكتلة الأكبر”، ألمح الجنابي، أن “الكتلة الأكبر اختارت تشكيل الحكومة الأولى ولا تستوجب أن تختار رئيس الحكومة للمرة الثانية”، مؤكداً إن “هذا التفسير قانوني، و(الكتلة الأكبر) يجب أن تكون حاضرة في ترشيح رئيس الحكومة للمرة الأولى، ولا تستوجب أن تكون في الثانية”.
 
تيار الحكمة
من جانبه هدد تيار الحكمة بابتعاده عن المشهد السياسي في حال اختيار “شخصية سياسية بحتة” وعدم مراعاة طلبات الشارع فيها ليكون المرشح رئيساً للوزراء خلال المرحلة المقبلة.
وقال مسؤول مكتب العلاقات الوطنية والسياسية في التيار محمد حسام الحسيني لـ “الصباح”: إن “التيار حدد خياراته منذ البداية بالقبول برئيس وزراء مستقل ولديه مقبولية لدى أبناء الشعب”، مبيناً إنه “لا حياد عن هذا الشرط وسنكون من الداعمين له خلال المرحلة المقبلة”.
ولوح الحسيني بابتعاد تيار الحكمة عن المشهد السياسي “في حال اختيار رئيس الوزراء المقبل خلاف هذه الشروط”، مستدركاً انه “لا بأس في أن تختار الاحزاب السياسية شخصية على أن تتوفر فيها الشروط المناسبة لتولي هذا المنصب”، مؤكداً إنه “من الطبيعي أن تختار الأحزاب شخصية رئيس الوزراء المقبل ولا يمكن أن يصوت عليها من دون أن تكون لها مقبولية لدى الأحزاب”.
وألمح الحسيني، الى إن “الأمور لاتزال ضبابية لغاية الآن رغم وجود تفاعل كبير من القوى السياسية، إذ لاتزال هناك مشكلة في مفهوم الكتلة الأكبر منذ تشكيل الحكومة ولغاية الآن، إذ لم تحسم المحكمة الاتحادية هذا المفهوم بعد الانتخابات التي جرت العام الماضي، في حين أن هناك بعض الكتل السياسية التي تعد الأكبر لم ترشح أية شخصيات ولديهم نظرية وآلية خاصة في هذا الموضوع”.
مسؤول مكتب العلاقات الوطنية والسياسية في تيار الحكمة، أكد أن “التيار لن يكون في تحالف ينتج رئيس وزراء حزبياً وبعيداً عن طموح الشارع العراقي، بل إنه سيكون طرفاً داعماً وليس مستفيداً لأي رئيس وزراء يمكن أن تكون لديه مقبولية لدى الشارع”، ملمحاً الى انه “ليس بالضرورة أن يكون لدى التيار وجود أو تمثيل في الحكومة القادمة”.
 
موقف سائرون
النائب عن كتلة سائرون عباس عليوي قال لـ “الصباح”: “بما إننا الكتلة الأكبر، فقد قدمنا الى رئيس الجمهورية كتاباً يخول الشعب اختيار رئيس الوزراء، أما عن الكتل السياسية الأخرى فإنها قد كثفت حواراتها مع رئيس الجمهورية والاتحادات والنقابات لتهيئة رئيس وزراء متوافق عليه”. 
وأضاف، إن “هناك اجتماعات مكثفة مع ممثلي المتظاهرين إضافة الى الكتل النيابية، وبالنتيجة لابد من أن يتم اختيار رئيس وزراء يلبي طموح الشارع العراقي”، وأشار إلى أن “الوضع العام يتجه الى استمرار التظاهرات لحين تحقيق مطالب المتظاهرين المشروعة واختيار رئيس وزراء حسب المواصفات التي يرتضيها الجمهور، وبالتالي فإن اختيار أي شخصية من الكتل السياسية بدون أخذ رأي الشارع سيكون مرفوضا”. 
وأكد عليوي، إن “التظاهرات الكبيرة التي انطلقت في عموم العراق، أعطت رسائل ودلائل على أن أداء الكتل السياسية ضعيف ولا ينسجم مع تطلعات الشعب العراقي، لذلك تتجه بوصلة التظاهرات الى الاستمرار، وعلى الكتل السياسية أن تأخذ آراء المتظاهرين على محمل الجد، وعليها أن تختار رئيس وزراء مطابقاً لمواصفات الشارع العراقي، إضافة الى تناغم آراء المرجعية مع آراء المتظاهرين”. 
وبين، إن “الكرة الآن في ملعب رئيس الجمهورية وهو من يكلف الكتلة الاكبر باختيار رئيس الوزراء المقبل، وبحسب تصريح رئيس الجمهورية فإنه على اتصال مع الامم المتحدة وتنسيقيات التظاهرات من أجل اختيار شخصية تتلاءم وتطلعات المجتمع العراقي”، مؤكداً إن “الفرصة متاحة أمام الكتل السياسية للتصالح مع الجمهور من خلال اختيار رئيس وزراء وكابينته الوزارية وفق المطالب العامة للجماهير”. 
 
رؤية الفتح
من جانبه، أكد النائب عن تحالف الفتح عبد عون علاوي في حديث لـ “الصباح”، إن “اختيار رئيس الوزراء بات قريباً من خلال المحادثات التي تجرى مع القيادات التنسيقية للمتظاهرين -إذا كانت لديهم تنسيقيات- ومن خلال اللجان التي تطلق من رئاسة الجمهورية أو رئاسة البرلمان”. 
وأضاف، إنه “من خلال التنسيقيات للمتظاهرين واللجان التي شكلتها الرئاسات سنتوصل الى اختيار رئيس وزراء مقبول”، مشيراً الى أن “رئيس الجمهورية طلب من رئاسة البرلمان بعد 14 يوماً من المدة الدستورية تحديد الكتلة الأكبر، في حين كان عليه أن يطلب التعريف الرسمي والقانوني لمصطلح الكتلة الأكبر بعد يوم من بداية المدة الدستورية”. 
ولفت علاوي، الى أن “الحلول لتسمية رئيس الوزراء تأتي في اللحظات الاخيرة من المدة الدستورية، لذلك فاننا في كتلة الفتح أكدنا على أهمية أن تتناغم مواصفات رئيس الوزراء مع مطالب المتظاهرين”، مبيناً إن “خروج التظاهرات بهذه الصيغة غير المعادلة السياسية التي أجمعت على أن يكون رئيس الوزراء بمواصفات إدارية سياسية خدمية غير تابعة للأحزاب لذلك، وبهذا المسار أجبرت الكتل السياسية على التماشي مع مطالب المتظاهرين”. 
بدوره، قال النائب عن تحالف الفتح عباس الزاملي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن “رئاسة مجلس النواب ملزمة بإرسال اسم الكتلة الأكبر التي سميت في أول جلسة للدورة البرلمانية الحالية ورشحت رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي”، وأضاف أن “المدة الدستورية تلزم رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهورية لأنه لم  يتبق سوى ثلاثة أيام على تكليف شخصية تشغل منصب رئيس الوزراء”.
وأشار الزاملي، إلى أنه “في حال تسمية الكتلة الأكبر خلال اليومين المقبلين سيتم ترشيح اسم لرئيس الجمهورية برهم صالح”، موضحاً أن “تسمية مرشح لتولي منصب رئيس الوزراء سيتم بالتوافق مع الكتل الأخرى ولن تنفرد الكتلة الأكبر بتمرير المرشح”.
 
وجهة نظر الديمقراطي الكردستاني
أما النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني طعمة اللهيبي، فقد دعا الكتل السياسية إلى الأخذ “برأي الشارع العراقي في اختيار رئيس الوزراء، وهو الحل الوحيد للخلاص من الأزمة، وتحول الحكومة الى حكومة خدمات لتلبية مطالب الشعب”. 
اللهيبي أكد لـ “الصباح”، أن “هناك شبه إجماع من الكتل السياسية على تسمية النائب محمد شياع السوداني رئيسا للوزراء، وفي الشارع العراقي هناك أكثر من شخصية مطروحة لرئاسة الوزراء، وعلى الكتل السياسية أن تعي الخطر الكبير في اختيار شخصية رئيس الوزراء”، وبين إن “كتلته تؤيد رأي الشارع، وتطمح الى أن يكون اختيار الشارع هو الأمثل، وستوافق الكتلة على هذا الاختيار ولن ننظر الى المصالح الشخصية أو الحزبية وإنما مصلحتنا هي في استقرار العراق وهو ما نطالب به”. 
وأكد، ان “طلب رئيس الجمهورية تحديد الكتلة الأكبر في البرلمان بشكل رسمي دليل على رمي الكرة في ملعب البرلمان، ومع ذلك فإن كتلة سائرون هي الكتلة الاكبر وقد خولت الشعب اختيار رئيس الوزراء، بينما تقع المسؤولية الكبيرة على رئيس الجمهورية”. 
ولفت اللهيبي، إلى “أننا أمام مطالب جماهيرية حقيقية، ويجب تحقيقها بأي ثمن، وبما إننا دخلنا في نهاية المدة الدستورية، لذلك ينبغي على الكتل السياسية ورئيس الجمهورية تحمل المسؤولية الكاملة أمام الشعب وتسمية رئيس الوزراء قبل نهاية المدة القانونية، وعدا ذلك يعتبر خرقاً قانونياً للدستور”.
 
تواقيع نيابية
النائب عن سائرون أمجد العقابي، كشف عن أن “أكثر من 170 توقيعاً نيابياً تم جمعها لتقديم طلب الى رئاسة البرلمان والتي بدورها ترسله الى رئاسة الجمهورية لتحديد مواصفات رئيس الوزراء الجديد”، وأضاف ان “من مواصفات رئيس الوزراء الجديد أن يكون مستقلا وفق مطالب الجماهير”. وكان مصدر نيابي، كشف في وقت سابق عن جمع تواقيع أكثر من 170 نائباً من مختلف الكتل السياسية بشأن اختيار رئيس الوزراء المقبل خارج الإطار الحزبي، مشيرا إلى أن رئيس الجمهورية برهم صالح سيجتمع مع النواب لتسلم التواقيع.
 
خبير قانوني
في غضون ذلك، قال الخبير القانوني طارق حرب: إن “الوضع أصبح معقداً والشارع ألقى بظلاله على المشهد السياسي”، مؤكداً ان “الوضع تعقد أكثر عندما قدم رئيس الجمهورية طلباً لرئاسة البرلمان (بشأن الكتلة الأكبر)، وهو مؤشر ودليل واضح على رفض أي مرشح وكذلك صرف نظر عن ترشيح محمد شياع
 السوداني”. وأضاف، “لا توجد كتلة نيابية أكبر منذ بداية الدورة البرلمانية الحالية وممكن أن يكون النواب الذين قدموا طلباً لرئيس الجمهورية هم الكتلة الأكبر”، مبيناً إن “الكتلة الأكبر هي النصف زائد واحد وهذا لم يحصل طيلة الدورات السابقة”.
وأكد حرب، “يمكن لأي كتلة أن تكون هي الأكبر -بغض النظر عن عدد مقاعدها- إذا لم يحصل أي اعتراض عليها وصمت الجميع عنها”، متوقعاً أن “يتكرر المشهد السياسي في العراق ونكون أمام أمر واقع كما حصل في حكومة نوري المالكي 2008 التي استمرت ثمانية أشهر رغم اتمام ولايتها الدستورية وقد تستمر حكومة تصريف الاعمال الحالية لحين تكليف رئيس جديد للحكومة فلا يمكن بقاء الدولة بلا إدارة”.
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، وجه أمس الأول الأحد، كتاباً الى رئاسة البرلمان يطالب فيه بإعلامه عن الكتلة النيابية الأكثر عدداً لتكليف رئيس
الوزراء.