لبنان يحسم الأمر.. ويكلف {حسان دياب} برئاسة الحكومة
الرياضة
2019/12/20
+A
-A
بيروت / جبار عودة الخطاط
أخيراً وبعد تجاذبات وتأجيلات عدة رستْ سفينة الاستشارات النيابية الملزمة على شاطئ الوزير السابق حسان دياب ليصار الى تكليفه برئاسة الحكومة اللبنانية الجديدة التي من المزمع أن تخلف حكومة سعد الحريري الذي قدم استقالة كابينته الحكومية يوم 29 من شهر تشرين الأول الماضي تحت وطأة الاحتجاجات الصاخبة التي اجتاحت المناطق اللبنانية جراء تردي الأحوال المعيشية وسياسة الضرائب القاسية، وكانت نتيجة الاستشارات التي أطلقها أمس الأول الخميس الرئيس اللبناني ميشال عون تسمية الدكتور حسان دياب من قبل 69 نائبا في حين لم يسمِ 43 نائبا أحدا وقام 14 نائبا بتسمية السفير نواف سلام.
حفلة محاصصة
ومن المتوقع أن تجابه رئيس الحكومة المكلف تحديات كبيرة وجدّية؛ فقد تعالت الأصوات من جهات فاعلة في المشهد السياسي اللبناني بأن حكومة دياب في حال تشكيلها ستكون حكومة تفتقر لغطاء (سني) أي أنها تفتقر الى الميثاقية المطلوبة، وبالتالي فهي بنظرهم جاءت بعملية خرق ميثاقي غير مقبول، و(الميثاقية) مصطلح يتم تداوله في الأدبيات السياسية اللبنانية للتعبير عن ضرورة مشاركة جميع الطوائف اللبنانية في عملية تشكيل الحكومة، وهي وإن كانت غير مدرجة كمادة دستورية إلاّ أنها عرفٌ تبانى الساسة اللبنانيون عليه في تأليف حكوماتهم المتعاقبة.
الرئيس السابق لمجلس النواب حسين الحسيني الذي يعتبره اللبنانيون «الأب السياسي» لاتفاق الطائف، علق على ما يثار في مسألة الميثاقية قائلاً: إن "مسألة الميثاقية جاءت استناداً إلى الفقرة "ي" من مقدمة الدستور التي تقول: "لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك، وهذا النص وُضع بناء على مسلمات العيش المشترك وليس على أساس حفلة المحاصصة بين الطوائف، وكذلك عطفاً على التنوع".
العيش المشترك
ويضيف الحسيني أن "عبارة العيش المشترك حلّت محل كلمة "المقدس" إذ كان النص يقول: "لا شرعية لأي سلطة تناقض الميثاق المقدس"، وهذا ما كانت أقرته ورقة العمل النيابية التحضيرية العام 1989 بالإجماع.
أهواء سياسية
وفي أول تعليق له حيال تكليف الوزير السابق حسان دياب بتشكيل الحكومة وخروجه من السباق الحكومي بصورة دراماتيكية قال رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري: "إننا كسلطة، فشلنا في أماكن كثيرة، ولم نفعل شيئا ولم نقدم الكهرباء ولا الاتصالات. فشلنا نعم، ولكنني لم اذهب الى التسوية عن عبث، بل ليمشي البلد ولكي تعود المؤسسات"، مشددا على أن "التفاؤل ضروري في هذه المرحلة".
ولفت الى أن "الناس نزلت الى الشارع وجميعنا سمعناهم، ولا يوجد أي حزب لم يسمع، لكن المشكلة اليوم أننا يجب أن نتقدم ويحصل شيء في البلد، وأن تكون هناك حكومة"، عادّاً أن "الطريقة الوحيدة للخروج من الأزمة هي بحكومة أخصائيين، وذلك لا يعني أنهم لا يفهمون بالأمور السياسية، بل أن يكون لديهم قرار مستقل ليقوموا بواجبهم في الحكومة".
وأضاف الحريري أن "كل ما كان يحصل في الحكومة كان البعض يفسرّه بالسياسة، وكلٌ بحسب أهوائه السياسية"، مشددا على "أننا فشلنا في حلّ مشكلة النفايات، وكان الخلاف على التكنولوجيا التي يجب أن تستخدم مثلاً".
الحريري متفاجئ!
وجزم الحريري بأن " لا احد يريد أن يأخذ القرار، والجميع يريد أن يعمل بخلفية طائفية للاسف. والحمد لله؛ أصبح هناك شباب في الشارع يقولون: كفى طائفية"، مؤكدا "أنني أول من رشحت نواف سلام لرئاسة الحكومة".
الحريري بدا في موقع المحبط من موقف (حليفه) سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية الذي اتخذ قراراً بعدم دعم الحريري في عملية الاستشارات، مما حدا بالأخير الى الانسحاب من ذلك الترشيح للاستشارات الملزمة.. وأكد الحريري أنه تفاجأ من "موقف القوات اللبنانية، ومن منطلق أن يكون هناك سلام بين الطوائف ومن منطلق الاعتدال طلبت يومين أو ثلاثة للتفكير بالموضوع"، مؤكدا "سأستقبل رئيس الحكومة المكلف حسان دياب"، مضيفا: "لست أنا من يشكّل الحكومة ولكنني لست مرتاحاً لأنني أخاف على البلد"
نقلة نوعية
أما رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، فقال في حديث تلفازي: "سيكون لدينا نقلة نوعية بكثير من الأمور، وسيكون في الحكومة عدد كبير من النساء ومن الاختصاصات المطلوبة لمعالجة الكثير من الأمور".
وعن الاعتصام الذي ينفذه عدد من المحتجين احتجاجاً على تكليفه أمام منزله، قال دياب: "هم أناس موجوعون ويعانون منذ سنوات وعقود، وبالتالي فإن المطلوب استيعاب هذا الوجع وأن يعبروا عن آرائهم"، مشيرا الى أنه "من واجباتنا أن نعالج المشكلة، فنسبة الفقر تزيد على 40 الى 50 في المئة، وهذه الشريحة من المجتمع لا بد من أن تأخذ اولوية".
وأضاف دياب "أنني كاختصاصي، فالهدف هو أن تكون الحكومة حكومة اختصاصيين، وطلبت إعطائي مهلة للقيام بالإستشارات في مجلس النواب"، موضحا "أننا سنشرك الجميع في الحكومة، وعلى جميع اللبنانيات واللبنانيين والأحزاب مساندة هذا العمل للوصول الى أفضل مجلس وزراء".
تفاؤل (دياب)
وشدد رئيس الحكومة المكلف على "أنني لست محسوبا على أحد، وأنا لم ألتق أحد لا من "حزب الله" ولا من "حركة أمل" لا في اليومين ولا الأسبوعين أو الشهرين الماضيين، ألتقيت فقط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي كان متجاوبا جدا"، وردا على سؤال بشأن عدم تسميته من قبل الحريري في الاستشارات، قال: "هذا السؤال
يوجه له".
وأشار الى أنه "منذ لحظة وصولي الى المنزل، أكدت لأمين عام مجلس الوزراء أن الأولوية هي لزيارة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، وهذا الأمر سيحصل إن شاء الله"، مبينا أن "الجولة على رؤساء الحكومة السابقين ستنطلق نحو الساعة 10"، مشددا على "أنني لن أعتذر عن تأليف الحكومة، وسيكون ذلك سريعا بالنسبة الى الوقت الذي
أخذته ".
محاولة الحريري
في خطٍ موازٍ قال عضو كتلة "المستقبل" النائب بكر الحجيري إنه "عندما طُرحت اسماء على رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري قال لهم: أنا لا أمانع إزاء أي اسم آخر يطرح"،
مشيراً إلى أن "الحريري حاول في أول 10 أيام من بداية الحراك في 17 تشرين الاول أن يتفاعل مع الشعب اللبناني ليصل لمكان يعيد فيه ترتيب أو إعادة ترميم أو تركيب حكومة بطريقة تلبي مطالب وطموحات الشعب،
وعندما لم ير إمكانية لذلك استقال في اليوم 12 من بدء هذا الحراك"، موضحاً أن "الحريري طرح ترؤس حكومة مصغرة من الاختصاصيين، عملها تحديدا هو الإنقاذ خلال 6 أشهر على مسؤوليته، ليعيد ترتيب البلد
اقتصاديا".
مسألة الميثاقية
أما رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وأحد أبرز قيادات تيار المستقبل فأعرب عن قلقه" من المسار الذي سلكته الاستشارات وأفضت الى ما أفضت إليه من تجاوز للصوت السني، وبالتالي تجاوز الميثاقية التي تحكم الحياة السياسية في
لبنان.
واستغرب مما وصفه بـ"المفارقة" حيال" تعاطي رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري مع مسألة الميثاقية، عندما طلب تأجيل الاستشارات الأسبوع الماضي بعد قرار حزب "القوات اللبنانية" الامتناع عن التسمية، ما يؤدي الى امتناع مكونين مسيحيين أساسيين هما "القوات"
و"التيار الوطني الحر" (الذي كان اعلن مسبقا انه لن يسمي أيضاً) عن تسمية رئيس الحكومة، في حين أن رئيس الجمهورية لم يراع هذه الميثاقية على المستوى
السني".
ساحة صراع
من جهته شدد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة على أنه " لا ميثاقية إلاّ ميثاقية الشعب وميثاقية حقوق الناس، وليس ميثاقية مصالح زعماء الطوائف".وأضاف أن "الحل للمرحلة المقبلة هو حل سياسي وطني داخلي وغير طائفي، يوفر الانتقال الآمن، مع ضرورة تقدير المتغيرات الحاصلة في الوضع اللبناني، سواء على صعيد أطراف السلطة أو على صعيد الهبّة الشعبية الوطنية العارمة التي تجاوزت الطائفية والمناطقية، وعبرت عن إرادة التغيير نحو لبنان جديد، وكل ذلك بهدف عبور هذه الأزمة من خلال مرحلة انتقالية نطالب بها منذ بداية
الانتفاضة".
زيارة (هيل)
هذا وشهدت عدة مناطق لبنانية حركة احتجاجات وقطع طرق رافضة لتسمية رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، لا سيما في المناطق التي تدين بالولاء لرئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري مثل منطقة سعد نايل في البقاع وفي طرابلس وفي طريق الجديدة، كما شهد وسط بيروت تجمعات جماهيرية في ساحتي رياض الصلح والشهداء فضلاً عن مناطق أخرى، بينما تزامنت مسألة الاستشارات وما تمخضت عنه مع زيارة لافتة لمساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل الذي قدم الى بيروت على رأس وفد كبير، التقى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون وعرض معه الأوضاع العامة في لبنان ومستجدات الملف الحكومي اللبناني فضلا عن تناول قضايا
المنطقة.