صالح الشيخ خلف
عقدتِ الاسبوع الماضي في العاصمة الماليزية كوالالمبور قمة ضمت أربع دول اعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي وهي تركيا وايران وماليزيا وقطر، اضافة الى عدد من المفكرين والشخصيات الاسلامية بدعوة من رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، الهدف من ورائها - كما قال - البحث في ستراتيجية جديدة للتعامل مع القضايا التي يواجهها العالم الاسلامي، هذه القمة تغيبت عنها السعودية وغيبت معها باكستان واندونيسيا بسبب مشاركة ايران، في خطوة تؤشر الى صعوبة الموقف وتشتته في العالمين
العربي والاسلامي.
ومهما تكن الاسباب التي حالت دون مشاركة دول اسلامية كبيرة ومؤثرة في هذه القمة، الا ان الواقع الراهن الذي تعيشه الامتان العربية والاسلامية لا يؤشر الى وجود فهم معاصر لدعم اسس التنمية والسلام في المنطقتين العربية والاسلامية .
القمة كما قال منظموها تسعى الى استعادة امجاد الحضارة الاسلامية ودراسة سبل الوصول الى حلول قابلة للتنفيذ لمشكلات العالم الاسلامي، والمساهمة في تحسين العلاقات بين المسلمين والدول الاسلامية، وتشكيل شبكة تواصل فعالة بين القادة والعلماء والمفكرين في العالم الاسلامي .
القضايا التي ركز عليها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد كانت مهمة وفي غاية الدقة عندما اشار الى هجرة المسلمين من ديارهم لاسباب اقتصادية وامنية وسياسية ، وتصنيف الاسلام « دين ارهاب « في الوقت الذي راى ان غالبية الدول الاسلامية ليست دولا متطورة وان بعضها اصبحت»
دولا فاشلة» .
ان الدول الاسلامية تحتل موقعا جيو ستراتيجيا وجيو سياسيا مهما، وطاقة بشرية هائلة،اضافة الى مواردها الاقتصادية، لكنها تعاني من مشكلات بنيوية تجعلها غير قادرة على القيام بمهامها لمعالجة مشكلاتها والقيام بدور مؤثر في الاقتصاد العالمي والاقليمي ناهيك عن فقدانها لاساليب التأثير والتفاعل مع المحيطين الاقليمي
والخارجي .
ان سوء توزيع الثروات، والفساد المستشري في المجتمعات الاسلامية وسيطرة اصحاب رؤوس الاموال على حساب اغلبية المواطنين، اضافة الى المشكلات السياسية وغياب الديمقراطية وعدم احساس المواطنين بالعدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، كل ذلك شكل ظواهر عامة عند غالبية الشعوب الاسلامية التي باتت مقتنعة بعدم فاعلية انظمتها السياسية واجراءاتها لتحقيق المشاركة الشعبية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة .
ليس مهما ان تكون» قمة كوالالمبور» بديلا عن» منظمة التعاون الاسلامي» ام لا ، المهم ان تستطيع القيادات الاسلامية خلق اجواء تستطيع معالجة الازمات المختلفة التي تمر بها الدول الاسلامية .
ان الدول الاسلامية لم تستطع معالجة الازمات التي تمر بها الدول الاسلامية، كالأزمة في ميانمار وكشمير وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا والصومال وغيرها من الازمات الاقتصادية والامنية والسياسية ناهيك عن مشكلات الكراهية التي يعاني منها المسلمون . فمنظمة المؤتمر الاسلامي والجامعة العربية ومجموعة الثماني الاسلامية ومجموعة الست وما قبلها وما بعدها لم تنجح في معالجة المشكلات والازمات التي مرت بها الدول العربية والاسلامية وباتت هذه الاطر الاقليمية كيانات سياسية تعاني امراضاً بنيوية حالها حال الانظمة التي تستضيفها
وترعاها وتمولها.
ان التفكير بمنهج جديد يستند الى الحوار بين الدول الاسلامية لحل الازمات وتعزيز اواصر التنمية وصولا للتكامل الاقتصادي يعد من الخيارات الاساسية لتجاوز المشكلات التي يعاني منها العالمان
العربي والاسلامي . ان الدول الاسلامية ليست بحاجة الى تكتلات جديدة بقدر حاجتها لمنهج وطريقة تفكير جديدة وخارطة طريق من اجل استغلال الثروات الهائلة التي تمتلكها هذه الدول لتصب بمصلحة شعوبها واقتصادياتها بعيدا عن اجندة الدول الاجنبية التي تسعى الى تعميق حالة التخلف والتبعية
السياسية والاقتصادية .
لقد اضحت القضايا المتعلقة بالتنمية والامن والدفاع والامن الغذائي والصناعي والتقنية العالية مطالب اساسية من اجل النهوض بواقع الامة. ان اي تكتل او جهد اسلامي او عربي يبذل لابد من له ان يعالج حالة اليأس والاحباط الذي تشعر به الشعوب
الاسلامية والعربية .
وفي نظرة واقعية، فان الجميع مسؤول عما وصل اليه واقع الامة، وعليه فان الجميع مسؤول ايضا عن معالجة النزاعات الجانبية والحروب المتعددة في تسمياتها
وفي حواضنها .
حسنا فعلت» قمة كوالالمبور» عندما استضافت مفكرين وسياسيين ومثقفين الى جانب الزعماء من اجل تعميق حالة الحوار المجتمعي وجعل الدين يتحرك في افاق الحوار والثقافة، بدلا من تحركه في حالة الفرقة والشتات والتناحر .