برلمانيون وخبراء يشخصون إيجابيات قانون الانتخابات وسلبياته

العراق 2019/12/25
...

بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
 
يتوقع ان يقدم عدد من اعضاء مجلس النواب طعونا الى المحكمة الاتحادية بشأن قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان أمس الأول الثلاثاء، واكدت التوقعات بان تطبيق هذا النظام الانتخابي يحتاج الى ما لا يقل عن سنتين لإجراء العملية الانتخابية ما يزيح فرضية إجراء انتخابات مبكرة؛ من جانب ثان ٍأبدى نواب ترحيبهم بالقانون باعتبار تشريعه يعد جزءا من مطالب المتظاهرين، بينما أبدى آخرون امتعاضهم واعتراضهم على إقرار القانون، مبينين السلبيات المرافقة له والتي تنبئ بظهور أزمة مستقبلية.
وقال عضو مجلس النواب شيروان دوبرداني، لـ «الصباح»: إن «الكتل السياسية الصغيرة تعتزم تقديم طعن على قانون انتخابات مجلس النواب كون هذا النظام سيقصي تلك الكتل من الوصول الى مجلس النواب الجديد».
وأضاف، أن «التحالف الكردستاني وكتلا سياسية أخرى أبدت تحفظها على إقرار هذا القانون كونه سيؤخر إجراء الانتخابات الى مدة قد تصل الى ما لا يقل عن سنتين، فضلاً عن المشكلات الادارية الكبيرة التي سيخلفها هذا النظام بوجود 41 قضاء غير مسجل في وزارة التخطيط».
وتابع: أن «سكان العراق زاد بمقدار كبير اذ وصل الى 38 مليون نسمة في هذا العام بعد أن كان 32 مليونا في عام 2014، إضافة الى ترقيم الدور والدوائر وكيفية توزيع المقاعد على هذا الأساس»، واصفاً هذه العملية بالمعقدة جدا، والأهم هو الدور الكبير الذي سيلعبه المال السياسي، وكيفية اقناع المنظمات الدولية بالحفاظ على (كوتا) النساء في مجلس النواب المقبل».
وأشار دوبرداني، إلى «وجود الكثير من المشكلات المرتبطة بعدم حسم تبعية الأقضية الى المحافظات والمناطق المتنازع عليها، فليس من السهل إيجاد آلية لتطبيق هذا القانون على أرض الواقع، وهو بداية لتقسيم جديد للبلد ليكون فيه عضو مجلس النواب هو نفسه مسؤولاً عن القضاء المنتخب منه».
وتوقع النائب، أن «تقدم الكتل الصغيرة طعنا للمحكمة الاتحادية على قانون الانتخابات الجديد بعد أن أحست ان هذا القانون سيضرها من خلال إقصاء ممثليها من الوصول الى قبة البرلمان».
 
طعون ونظام جديد
بدوره، أشار مصدر برلماني، إلى أن «قانون الانتخابات الذي صوت عليه مجلس النواب، قد يتعرض لطعون من كتل سياسية عدة»، مبينا ان «هذه الكتل تعتبر أن بعض بنود القانون تتعارض مع الدستور»، وأضاف ان «البنود التي تتعارض مع الدستور هي إلغاء تصويت النازحين والمغتربين، وهو ما يتعارض مع النص الدستوري الذي يمنع فيه مصادرة أصوات العراقيين الانتخابية أو حجبها، كما ينص الدستور على عدم التمييز بين القوميات والمكونات الأخرى، وهو ما فعله القانون الحالي بتخصيص (كوتا) لكل مكون ديني أو قومي».
من جانبه، قال عضو مجلس النواب هيبت الحلبوسي، لـ «الصباح»: إن «المفوضية الجديدة للانتخابات والتي اختير أعضاؤها من القضاة المستقلين؛ ستطبق هذا النظام على أرض الواقع خلال الانتخابات المقبلة».
وأضاف، ان «البرلمان صوت أمس الاول الثلاثاء على نظام جديد سيعتمد خلال انتخابات مجلس النواب المقبلة، ليكون الحاصل على أعلى الاصوات هو الفائز بمقعد في مجلس النواب المقبل»، مبيناً ان «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ستعمل على تهيئة جميع المستلزمات الفنية واللوجستية لإجراء العملية الانتخابية بأسرع وقت ممكن».
 
انتقادات وسلبيات
الى ذلك، قال عضو مجلس النواب طعمة اللهيبي في حديث لـ «الصباح»: إن «من سعى لإقرار قانون انتخابات مجلس النواب؛ رغب بالبقاء في السلطة أكثر وقت ممكن».
وأوضح، ان «اعتماد نظام الدائرة الواحدة في الانتخابات كان يمكن تطبيقه خلال 6 أشهر، أما النظام الحالي والذي يعتمد على الدوائر المتعددة فإنه يحتاج الى سنتين لتطبيقه، لأن هنالك الكثير من الاجراءات الفنية التي يحتاج تطبيقها لإجراء هذه الانتخابات».
وتابع اللهيبي، ان «القانون الجديد كرس لتشتيت العراق بعد أن كان الانتخاب على أساس 18 محافظة، أما الآن فإننا نحتاج الى تطبيقه على مستوى الأقضية مما يجعل النواب المقبلين يعملون من أجل منطقتهم وليس للعراق كله».
عضو مجلس النواب صادق السليطي، أكد لـ «الصباح»، ان «نظام الدوائر المتعددة هو الأكثر تعقيداً، وهو موضوع فني أكثر مما هو سياسي»، مبيناً ان «هذا الموضوع الفني تحسمه مفوضية الانتخابات التي شكلت مؤخرا، ووضع خطة متكاملة وواضحة وميزانية لإجراء الانتخابات حسب ما يحدده هذا النظام».
وأكد السليطي، ان «الحكومة ومجلس النواب سيعملان على تخصيص الأموال اللازمة لإجراء هذه الانتخابات»، منوهاً بأن «موازنة 2020 يجب أن تنتبه لهذا الأمر وحجز المبالغ اللازمة لهذه العملية».
 
مواقف سياسية
وتتابعت المواقف السياسية والبرلمانية من إقرار القانون الجديد، اذ أكد تحالف سائرون، أن القانون سيفسح المجال للكفاءات والنخب بالدخول إلى ميدان التنافس الانتخابي بصورة واسعة.
وقال رئيس كتلة تحالف سائرون نبيل الطرفي: إن «الشعب العراقي والمرجعية أكدوا على تشريع قانون انتخابي يلبي الطموح، ويكون نقطة انطلاق للإصلاح والتغيير الحقيقي، وهو من متطلبات المرحلة الحالية، فقد تم التصويت على قانون الانتخابات رغم الصعوبات والعراقيل والاختلاف السياسي الذي رافق عملية استكمال هذا القانون».
وأضاف الطرفي، أن «إرادة القوى الوطنية كانت أقوى من جميع الظروف التي أحاطت بعملية إقرار القانون»، مبيناً «اننا في تحالف سائرون أعلنا منذ البداية موقفنا الرسمي المرتكز على ضرورة إقرار قانون انتخابي يتماشى مع توجيهات المرجعية ومطالب المتظاهرين».
رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي همام حمودي، رحب بتصويت مجلس النواب على قانون الانتخابات، وقال في تغريدة على صفحته بموقع «تويتر»: إن «قانون الانتخابات الجديد إنجاز وطني على المسار الديمقراطي، سيجدد حيوية مجلس النواب أشخاصاً وأداء، ويفتح الطريق للكفاءات المستقلة لأخذ دورها في الإصلاح وبناء العراق المزدهر، وهو بلا شك نصر على مسار معركة الإصلاح».
كما وصفت النائب عن محافظة ميسان دلال الغراوي، إقرار قانون الانتخابات الجديد بأنه انتصار لإرادة الشعب، ودعت في بيان تلقته «الصباح»، الجميع إلى «تضافر الجهود والعمل على تحقيق خارطة الطريق التي رسمتها المرجعية العليا في النجف للخروج من الأزمة السياسية وتنفيذ مطالب الجماهير الإصلاحية». 
موقف تحالف البناء، عبر عنه عدد من النواب، اذ قال النائب عن كتلة صادقون المنضوية في التحالف سعد شاكر الخزعلي: إن «رؤية كتلة صادقون داخل تحالف البناء منذ البداية مع الدوائر المتعددة لكل 100 ألف نسمة»، وبين ان «القانون جاء لمصلحة الشعب وعليه أن يحسن الاختيار ليكون ممثلاً عن مصالحه، كما سيضمن القانون توزيعا عادلا لتغطية المحافظة من شمالها لجنوبها».
أما النائب عن تحالف الفتح فاضل جابر، فقال: إن «إقرار قانون انتخابات مجلس النواب المقبل كان بضغط شعبي وكذلك استجابة لنصيحة المرجعية الدينية الرشيدة؛ وإنه من يقول جاء بصفقة سياسية فهو واهم».
وأضاف، ان «إجراء انتخابات مبكرة أصبح أمراً واقعاً بعد أن تم التصويت على قانون الانتخابات، وان البرلمان عازم على حل نفسه حال اكتمال الإجراءات الإدارية لمفوضية الانتخابات، ولا تستطيع أي كتلة التحدث بعدم إمكانية إجرائها لأسباب فنية منها عدم وجود تعداد عام للسكان أو غيره».
النائب عن الفتح قصي عباس الشبكي، أفاد في حديث صحفي بان «قانون الانتخابات الفردي المقر سيخدم العراق في صعود الكفاءات والمستقلين والابتعاد عن مبدأ المحاصصة ويحد من الفساد».
وأشار الى أن «هناك بعض الملاحظات من بعض الكتل بشأن موضوع الدوائر المتعددة في المادتين 15 و16، ورغبتها في أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة»، موضحاً أن «الدوائر الانتخابية تحقق العدالة في التمثيل المناطقي والعشائري».
بينما عبرت كتلة الحكمة النيابية، عن موقفها بشأن القانون عبر النائب عباس سيد صروط، الذي قال: إنه «بعد المعترك العسير بشأن قانون الانتخابات الجديد؛ تم التصويت على جميع فقراته»، عاداً إياه» انتصارا للجماهير».
وأضاف، ان «القانون توجه نحو القوائم الفردية المتعددة على مستوى القضاء، ولا يحق للناخب في القضاء أن يصوت لمرشح في دائرة أخرى»، مشدداً على «ضرورة التعديل الدستوري في ما يخص المستوى السكاني بعد ازدياد عدد السكان، وإن لم يحدث أي تعديل سيزداد عدد المقاعد في البرلمان»، مبيناً ان «القانون يحتاج الى تعداد سكاني ورسم للحدود الإدارية».
رئيس حزب الحل جمال الكربولي، قال في تغريدة على حسابه في «تويتر»: إن «قانون الانتخابات الجديد يؤخذ عليه إغفال مطلب تقليص عدد أعضاء البرلمان، كما إنه لم يشترط التصويت البايومتري باعتباره الضامن للحد من التزوير المحتمل إذا ما استخدمت البطاقة الالكترونية، فضلاً عن ان القانون لم يحدد موعد الانتخابات واكتفى بوصفها بالمبكرة».
بدوره، أشار رئيس كتلة المشروع العربي النائب أحمد مدلول الجربا، إلى أن “المادة 15 من قانون الانتخابات مررت بأجواء سياسية غامضة”، مشددا على “ضرورة عرض فقرة التصويت على الرأي العام ليطلع عليها الشعب وأن الفقرة مررت بثانيتين وهذه أسرع مادة تمرر في جميع القوانين المصوت عليها”، بحسب قوله.
 
اعتراض كردي وتركماني 
شهدت جلسة التصويت على قانون الانتخابات، انسحاباً من النواب الكرد وخصوصاً من كتلتي الحزبين الرئيسين “الديمقراطي” و”الاتحاد الوطني”، وأكد المتحدث باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني آرام بالاتي ان “قانون انتخابات مجلس النواب بصيغته الحالية فصل على مقاس الأقوياء والأحزاب الكبيرة، وسيكون المستقلون والأحزاب الصغيرة هم الضحية في هذا القانون، على اعتبار ان المال والسلاح والنفوذ ستكون لهم الكلمة في ترشيح اسم على حساب آخر”، بحسب
تعبيره.
وأضاف بالاتي، ان “القانون بصيغته الحالية وخاصة في مادته الخامسة عشرة، فيه أخطاء فنية عديدة ستجعل من تطبيقه أمرا صعبا جداً وستكون له نتائج كارثية”، لافتا الى أن “القانون لن يخدم وحدة العراق ووحدة النسيج المجتمعي”.
بينما عد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني دانا محمد جزا، تمرير المادة 15 من قانون انتخابات مجلس النواب “ذبحاً” للعملية الديمقراطية في العراق، على حد وصفه.
وقال جزا: إن “التصويت على المادة 15 من قانون الانتخابات كان ذبحا للديمقراطية والتوافق السياسي في العراق”، مبينا أن “التحالف الكردستاني سيعقد اجتماعا لبحث تداعيات تمرير المادة ومدى مخاطرها على العملية السياسية”.
وبموازاة الموقف الكردي، أكد القيادي التركماني محمد البياتي، ان القومية التركمانية والأقليات الأخرى ستكون ضحية في الانتخابات المقبلة بسبب القانون الجديد.
وقال البياتي في حديث صحفي: إن “قانون انتخابات مجلس النواب، كان مخيبا للأقليات الدينية بسبب إلغاء (الكوتا) الخاصة بهم، وكذلك سيضر بالقومية التركمانية لكون التركمان منتشرين في عموم البلاد ولا ينصفهم إلا نظام اعتبار العراق دائرة واحدة”.
 
خبراء قانون
خبراء القانون كانت لهم آراؤهم بخصوص القانون، اذ خاطب الخبير القانوني طارق حرب نواب البرلمان بالقول: “جميعكم لن تصلوا الى البرلمان طبقاً للقانون الجديد، هذا ما يمكن قوله لكم إذ أن أغلبكم أو جميعكم لن يفوز بالانتخابات لأنكم وطنيون جغرافياً وليس في المناطق الصغيرة”، مبيناً ان “ترشيح أي واحد منكم على المحافظة كدائرة انتخابية ممكن فوزكم، ولكن ترشيحكم على المئة ألف نسمة فإنه حتماً لن يفوز، فالواحد منكم معروف في المحافظة كدائرة ولكنه ليس معروفاً في دائرته المشكلة من مئة ألف 
نسمة”.
أما الخبير القانوني علي التميمي، فأكد ان «القانون الجديد يحتوي على فقرات عديدة تلبي طموحات الشارع العراقي؛ باستثناء فقرة مزدوجي الجنسية لم يذكرها بنص القانون وإنما قرر إلحاقها بقانون آخر».
وأضاف، ان «الدوائر المتعددة والتصويت الفردي واحتساب أعلى الأصوات سيطيح بالعديد من الوجوه النيابية المتكررة لعدة دورات»، مشيرا الى أن «نسبة التغيير للأعضاء ستكون 100 بالمئة»، وأوضح «من إيجابيات القانون انه ستطيح برؤساء الكتل والعديد من النواب الذين يحصلون على مقاعد نيابية ولم يحضروا الجلسات من خلال إضافة فقرة استبدال النائب الذي لم يحضر الجلسات لمدة 30
يوما».