تعد الأسمدة الزراعية بمختلف أنواعها إحدى الضرورات لإدامة العملية الزراعية؛ لما للأسمدة من دور مهم في تغذية النباتات في بدايات وطوال دورة حياتها، وذلك بفعل الاجهاد الذي تتعرّض له التربة بفعل الزراعة المتكررة ما يؤدي الى استنزاف المواد الغذائية الموجودة في التربة، والتي يمكن ان تعيش عليها النباتات في بدايات نموها وعلى مدار إنباتها.
ويؤدي الاستخدام الواسع للتسميد الى زيادة المحصول الزراعي، ويمكن من تقليل المساحات الزراعية بفعل الحاصل الوفير الناتج عن استخدام الأسمدة التي تؤدي الى هذه الزيادة في المحصول، ففي حالة قلة اجراء عملية التسميد او انعدامها فإنّ ذلك يتطلب بالضرورة الى زيادة مضاعفة في المساحات الزراعية مع ما يترافق ذلك من صعوبات بالغة بفعل قلة الموارد المالية والمائية وشح الأراضي الخصبة المؤهلة للإنتاج الزراعي.
من هنا فإنّنا نستنتج بأنّ الأسمدة هي منتج بالغ الأهمية لدرجة الضرورات الاستراتيجية التي لا يمكن الاستغناء عنه للقطاع الزراعي مما يتطلب الاهتمام بهذا المنتج في أي بلد من بلدان العالم. لذا فإنّه في العراق يتطلب الاهتمام بصناعة الأسمدة بمختلف أنواعها لما لها من أهمية للقطاع الزراعي كونه لا يمكن الاستغناء عنه، ومن الملاحظ ان المصانع الخاصة بالأسمدة في العراق يلاحظ عليها ضعف الإنتاجية بسبب مجموعة من العوامل التي أدت الى شح المنتج الوطني من هذه السلعة الاستراتيجية وما رافق ذلك من عمليات استيراد كبيرة لهذا المنتج من اجل تغطية حاجة الأسواق المحلية، وما تسبب ذلك من اهدار مبالغ مالية كبيرة جداً على عملية الاستيراد من مختلف المناشئ العالمية، فضلاً عمّا يرافق عملية استيراد هذه السلعة الفائقة الأهمية للقطاع الزراعي من ارتهان القطاع الزراعي لعمليات الاستيراد وحتى لأهم
متطلباته.
لذا فإنّه من الضروري جداً العمل على إصلاح الخلل في المصانع العراقية الوطنية الموجودة حالياً والخاصة بإنتاج الأسمدة بمختلف أنواعها، لا سيما أنّها مصانع عريقة وقد تأسست منذ عشرات السنوات والتي يمكن عن طريق إصلاحها وتأهيلها وتطويرها انتاج كميات كبيرة من هذا المنتج الاستراتيجي وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من عملية الاستيراد بما يرافق هذه العملية من هدر أموال كبيرة جداً من أموال الموازنة العامة التي يمكن تخصيصها للتوسع في تلبية المتطلبات والضروريات الأخرى
للزراعة.
كما انه يتطلب العمل على التوسع في تأسيس مصانع جديدة لإنتاج الأسمدة الزراعية بمختلف أنواعها لا سيما أنّ الموارد الأولية لتصنيعها متوافرة سواء من الفوسفات او الغاز الطبيعي او البوتاس والجبس، ويجب ان يراعى في انشاء المصانع الجديدة ان تغطي اغلب المحافظات العراقية لا سيما المحافظات التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الزراعة او المحافظات التي تتوافر فيها المواد الأولية اللازمة لصناعة
الأسمدة.
إنّ التوسع في انتاج الأسمدة الخاصة للأغراض الزراعية سواء من المصانع القائمة حالياً او من المصانع الجديدة في حال انشائها يمكن ان يلبي الطلب على هذه السلعة الاستراتيجية الضرورية للقطاع الزراعي، وسيمكن من التوسع وزيادة المساحات الزراعية مستقبلاً، كما انه سيقلل من تكلفة المحصول الزراعي الذي تذهب نسبة كبيرة من هذه الكلفة على شراء الأسمدة ما سيؤدي الى تقليل أسعار المحاصيل الزراعية على المستهلك ويجعل من عملية الزراعة عملية ذات مردود اقتصادي مجزٍّ او مقنع على الأقل للفلاح، لانّ الكثير من الفلاحين عزفوا عن العمل في مجال الزراعة بفعل التكاليف العالية لمستلزمات الزراعة ويأتي السماد من ضمن هذه المستلزمات العالية
الكلفة.
كما أنّ التوسع في انتاج الأسمدة الزراعية وبعد تلبية الطلب من قبل الأسواق المحلية يمكن ان يصار الى تصديره الى باقي دول العالم وبذلك يمكن تحقيق مورد مالي كبير للموازنة العامة للدولة، لا سيما وان العراق تتوافر فيه جميع المتطلبات الضرورية لإنتاج الأسمدة الزراعية بمختلف أنواعها، وهو ما يحتاج الى اعداد خطط متكاملة للنهوض بهذه الصناعة المهمة في بلدنا التي ستسهم في دعم اقتصادنا الوطني لاسيما الاقتصاد
الزراعي.