تلويح برهم صالح بالاستقالة.. جدل جديد في المشهد السياسي

العراق 2019/12/27
...

بغداد / الصباح 
 
ما أن قدم رئيس حكومة تصريف الأعمال الحالي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي؛ استقالته تلبية لخطاب المرجعية، حتى انفتح باب الجدل السياسي والشعبي بشأن الأسماء المتداولة لتولي المهمة من بعده، ويبدو أن ارتباك المشهد السياسي زاد حدة بعد الكتاب الذي أرسله رئيس الجمهورية برهم صالح إلى البرلمان الذي أعلن فيه رفضه لمرشح كتلة البناء أسعد العيداني واستعداد الرئيس للاستقالة من منصبه، حيث ظهر «جدل جديد» على الساحة السياسية لا يقل عن سابقه، فقد فسرت أطراف قانونية وبرلمانية كتاب صالح بتفسيرات مختلفة، وبينما رفضت معظم الكتل السياسية استقالة صالح؛ انتقد تحالف البناء موقف رئيس الجمهورية من الدستور ومبدأ الكتلة الأكبر.
وقال نائب رئيس مجلس النواب بشير حداد في حديث صحفي أمس الجمعة، إنه «في حال لم يسحب رئيس الجمهورية رسالته خلال أسبوع، فإنها ستعد استقالة، وفي هذه الحالة -وحسب الدستور- ينبغي أن يخلفه نائبه».
وأضاف، «باعتبار انه لا يوجد نائب للرئيس، فإن الدستور العراقي يقضي بأن يتسلم رئيس مجلس النواب المنصب وأن يتم تعيين رئيس للجمهورية خلال 30 يوما»، وأكد حداد «الحاجة الى توضيح من المحكمة الاتحادية كون رسالة الرئيس برهم صالح هي استعداد للاستقالة وليست استقالة واضحة».
 
خبراء قانون
الخبير الدستوري ورئيس النزاهة الأسبق حسن الياسري، أصدر أمس الجمعة، توضيحاً بشأن حكم الدستور في إعلان رئيس الجمهورية الاستعداد للاستقالة.
وقال الياسري في بيان تلقته «الصباح»: إن «خطابَ رئيسِ الجمهوريةِ الموجَّه للبرلمانِ الذي يُعرب فيه عن استعدادهِ لتقديم استقالتهِ لا يعني تقديمَ الاستقالةِ البتة، ولا يُرتِّب أيَّ أثرٍ دستوريٍ، ما يجعله سلوكاً سياسياً لا علاقة له بالدستور».
وأضاف أنه «إذا شاءَ رئيسُ الجمهوريةِ تقديمَ الاستقالةِ لكانَ أعلنَ عنها مباشرةً وصراحةً، فالاستقالةُ شيءٌ، والإعلانُ عن الاستعدادِ لتقديمها شيءٌ آخر».
وأوضح الياسري أنه «إذا افترضنا جدلاً أنه قدَّمَ الاستقالةَ لاحقاً، فإنها لا تتوقف آنئذٍ على قبولِ مجلسِ النواب، ولا تحتاجُ الى التصويت، وتعدُّ نافذةً بعد مرور سبعة أيام من تأريخ إيداعها لدى المجلس، ذلك نصٌ صريحٌ غير قابلٍ للتأويل، ما لم يتكلمْ فيهِ الذينَ لا يعلمون».
وكان رئيس الجمهورية برهم صالح قد أعلن أمس الأول الخميس، استعداده لوضع الاستقالة وتقديمها إلى مجلس النواب.
وقال صالح في بيان تلقته «الصباح»: إن «الموقف المتحفظ من ترشيح أسعد العيداني لمنصب رئاسة الوزراء قد يعد إخلالاً بنص دستوري، لذلك أضع استعدادي للاستقالة من منصب رئيس الجمهورية أمام أعضاء مجلس النواب، ليقرروا في ضوء مسؤولياتهم كممثلين عن الشعب ما يرونه مناسباً، فيقيناً لا خير يرتجى في موقع أو منصب لا يكون في خدمة الناس 
وضامناً لحقوقهم».
بدوره، قال الخبير القانوني طارق حرب: إن «استقالة رئيس الجمهورية لا تكون نافذة الا بعد سبعة أيام من تاريخ ايداعها لمجلس النواب»، وأضاف، «وبعد مضي هذه المدة من دون سحبها يحل رئيس البرلمان محله حيث يجمع رئيس البرلمان الرئاستين لعدم وجود نائب لرئيس الجمهورية على أن يتم انتخاب رئيس جديد خلال شهر». 
أما النائب هوشيار عبد الله، فقال في بيان: إن «الذي أقدم عليه برهم صالح هو (مطالعة) أبدى فيها استعداده للاستقالة، وهو لم يرسل استقالته ابداً للبرلمان كما روج في الاعلام، وهناك فرق كبير بين مفردة (الاستقالة) و(الاستعداد للاستقالة)»، مبدياً استغرابه من «الفهم الخاطئ السائد لرسالة صالح وقيام بعض وسائل الإعلام بنشر خبر مفاده بانه قدم استقالته».
 
رئاسة الجمهورية
إلى ذلك، كشف المستشار القانوني في رئاسة الجمهورية أمير الكناني عن سبب عدم تكليف الرئيس برهم صالح لمرشحي الكتل في رئاسة الوزراء، وقال في بيان: إن «امتناع رئيس الجمهورية عن تكليف مرشح الكتل السياسية جاء لعدة أسباب منها، تعارض المخاطبات والكتب الرسمية التي وصلت الى رئيس الجمهورية بشأن من هي الكتلة المعنية بالترشيح بعد فرط عقد الاتفاق بين كتلتي البناء والإصلاح، الالتزام الدستوري الملقى على عاتق الرئيس وفق المادة 67 من الدستور كونه ملزما بالسهر على سلامة البلاد وأمنها ووحدتها، هي مقدمة على المادة 
76 من الدستور».
وأضاف، «للأسف تريد بعض القوى السياسية أن تجعل من مهام وصلاحيات الرئيس أن يكون ساعي بريد لتطبيق مضمون المادة 76 من الدستور، وهذا ما يأباه المنطق والعقل السليم من كيفية تطبيق أحكام المادة 67 إذا ما تعارضت مع احكام المادة 76 من الدستور لأن مواد الدستور يكمل بعضها البعض الآخر».
 
تحالف البناء
في المقابل، اتهم تحالف «البناء»، رئيس الجمهورية بمخالفة الدستور، داعياً 
البرلمان لإقالته.
وذكر بيان لتحالف البناء تلقته «الصباح»، «انه «بعد استقالة السيد رئيس الوزراء، كنا حريصين على اتباع ذات الآلية (التوافق) في اختيار مرشح بديل لمنصب رئيس الوزراء»، وأضاف، «لكن لجوء السيد رئيس الجمهورية الى سياسة قتل الوقت وتوجيه الرسائل الى هذه الجهة، وتلك وعدم الالتزام بالمهل الدستورية، دفعنا الى تقديم الأدلة الثبوتية التي لا تقبل الشك باعتبارنا الكتلة النيابية الأكثر عددا والتي اعتمدناها في تقديم مرشحنا لرئيس الجمهورية الذي كان قد تعهد بتكليفهِ بتشكيل الحكومة، ولكننا فوجئنا بإصرار رئيس الجمهورية على مخالفة الدستور وعدم تكليف مرشح الكتلة الاكبر بحجة رفض المرشح من بعض 
الأطراف السياسية».
وتابع البيان، «أننا في تحالف البناء وإذ نجدد التزامنا التام بالسياقات الدستورية التي تؤكد عليها المرجعية الدينية العليا نرفض بشكل قاطع أي تبريرات أو عملية التفاف على الدستور، وإن انتهاك الدستور من الجهة التي يفترض أن تكون حامية له يعني دفع البلاد الى الفوضى التي لا تخدم سوى الجهات الأجنبية التي تتربص الشر بالعراق وشعبه الذي يرفض بقوة الاملاءات من أي جهة كانت وفرض سياسة الأمر الواقع ولي الأذرع وتجاوز المؤسسات الدستورية»، ودعا التحالف «مجلس النواب الى اتخاذ الإجراءات القانونية بحق رئيس الجمهورية لحنثه باليمين وخرقه للدستور».
وفي المواقف السياسية، أعلن كل من تيار الحكمة وائتلاف النصر وتحالف سائرون، رفضهم لما ورد في كتاب رئيس الجمهورية برهم صالح الى مجلس النواب والمتضمن تقديم استقالته من منصبه، مؤكدين ضرورة بقائه في المنصب والحرص على عدم خرق الدستور، أما ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي، فدعا لتشكيل وزارة مصغرة برئاسة برهم صالح بالتنسيق مع الامم المتحدة وتعيين مفوضيةٍ جديدةٍ للانتخابات ووفق قانون جديد منصف وعادل، على الا تتجاوز مهمة هذه الحكومة سنةً كاملة وتتعهد بالا تترشح للانتخابات.
 
بين الصدر والحكيم
إلى ذلك، أعلن «صالح محمد العراقي» لسان حال والمقرب من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، رفض أسماء ثلاثة مرشحين كان قد طرحهم أمس الأول الخميس.
وقال «العراقي» أمس الجمعة: «بما انه لم يصلني من المتظاهرين الجواب على المنشور الأخير، فاني سأعتبره رفضا منهم لمرشحيهم»، وأضاف «وعلى الاخوة في سائرون عدم تبني أي مرشح لا في الوقت الحالي ولا لاحقاً، بل ليسلكوا منهج (المعارضة) الشعبية البناءة من داخل قبة البرلمان الى أن يأذن الله.. وشكرا لهم».
وكان المقرب من الصدر، اقترح ثلاثة مرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء، هم مدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، ورئيس هيئة النزاهة السابق رحيم العكيلي، وعضو البرلمان الحالي فائق الشيخ علي.
من جانبه، قال رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم: إن «الاستقلالية والنزاهة والولاء للعراق، وأن يكون غير جدلي ولم يرتكب جرما بحق الشعب، فضلا عن انه يحظى بالمقبولية والشعبية وأن يمتلك برنامجا حكوميا واعدا وهي صفات يجب ان تتوفر في شخص رئيس الحكومة الانتقالية القادمة».