أيام ذهبية وسنوات عجاف في رحلة محارب
الرياضة
2019/12/28
+A
-A
استذكارات كاظم الطائي
تعرفت عليه بعد نيسان من العام 2003 عبر تواصلي مع الاتحادات الرياضية المنضوية للجنة الاولمبية الوطنية لنشر اخبارها في صحيفة (الصباح) وكان الراحل بشار مصطفى يعمل في رياضة الفن النبيل قادما من دهوك وناديها الاول في حين كانت تربطني زمالة بشقيقه الاكبر (ابو ميسون) الذي تواجد معي ببناية واحدة هي وزارة الاعلام في بداية التسعينيات والتقينا مرات كثيرة في مقر عمله في وكالة الانباء العراقية في الطابقين التاسع والعاشر منتقلا من الطابق الخامس لمجلة الف باء .
تولى رحمه الله رئاسة اتحاد الملاكمة الذي ضم المع نجوم اللعبة امثال اسماعيل خليل وسعيد عبد الحسين واخرين وتحمل وزر تطوير رياضة الفن النبيل ونقلها الى مصاف متقدم بفضل الرعاية والاهتمام والدعم المقدم من قبله للمنتخبات الوطنية وبطولات اللكم في الاندية والمؤسسات واعتماد الاتحاد على نخبة من المدربين الاكفاء لتفعيل اللعبة مثل عبد الزهرة جواد وفاروق جنجون وطارق محمد .
منصب أولمبي رفيع
انتخابات اللجنة الاولمبية الوطنية في اول مسار لها في العهد الجديد وضعته نائبا اول لرئيس الاولمبية لكنه تولى الرئاسة وكالة على مدى سنوات بعد اختطاف الحجية وعدد من اعضاء المكتب التنفيذي ومن ابرز ما عاصره الراحل مشاركة منتخباتنا في اسياد الدوحة في العام 2006 ونيل منتخبنا الكروي فضية الدورة واوسمة ملونة في العاب اخرى .
زيارة مصطفى مع الامين العام وكالة انذاك حسين العميدي الى مقر الاولمبية الدولية في سويسرا وتقديم عباءة عراقية لرئيسها السابق جاك روغ كانت من بين المحطات التي شهدت اختلافا في وجهات النظر وتقاطعا كاد ان يعيق العمل الرياضي في البلد وحلت التجاذبات بطرق امنة منعت عقوبات كانت تلوح في الافق .
قبل الأمم الآسيوية التاريخية
اواخر ايام حزيران من العام 2007 رشحني الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية لمرافقة وفد المنتخب الوطني بكرة القدم المشارك في بطولة الامم الاسيوية التي اقيمت انذاك لاول مرة في اربع مدن قارية هي بانكوك وهانوي الفيتنامية وكوالالمبور الماليزية وجاكارتا الاندونيسية وقد اوصلت كتاب الترشيح الى الامين العام العميدي وصادق سريعا على الامر الا ان ممثل اتحاد الكرة رفض ذلك واعتذر عن زج صحفي مع الوفد لاسباب مالية .
اصرار العميدي على تواجدي مع الوفد واعلان الراحل بشار مصطفى الذي كان في دهوك في حينها لحضور مؤتمر رياضي عن تحمل نفقات الايفاد على حساب الاولمبية خلال بحثه الموضوع مع رئيس اتحاد الكرة الاسبق الكابتن حسين سعيد مهدا لاضافتي الى قائمة الوفد في اللحظات الاخيرة قبل يوم واحد من مغادرة اخر الاسماء الى عمان وهم نائب رئيس الاتحاد ناجح حمود والزملاء وليد طبرة منسق الاتحاد والمعلق رعد ناهي والمراسل احمد قاسم واللاعب سامر سعيد وفي الاردن استقبلنا الكابتن سعيد واصطحبنا بعد ايام الى تايلند .
في العواصم الاسيوية التي احتضنت كاس الامم القارية كنا على تواصل عبر الهاتف مع رئيس اللجنة الاولمبية بالوكالة ومن خلاله تلقيت اتصالات من قبل لجنة الشباب والرياضة البرلمانية وعدد من اعضاء مجلس النواب بينهم مثال الالوسي وحسن عثمان وكان الحديث مفرحا عن تكريم الوفد حال عودته .
فوزنا بكأس الامم الاسيوية لاول واخر مرة طوال عقود وعودتنا من جاكارتا بعد الفوز على الاخضر السعودي الى بانكوك ودبي وتوقفنا في عمان لايام كان مصطفى في مقدمة المستقبلين وقدم التهنئة للوفد عدنا بطائرة خاصة الى بغداد وسط حفاوة بالغة لم تألفها رياضتنا في كل العقود .
بين عمان والسلط والقاهرة
في العام 2005 رافقت وفد الملاكمة للمشاركة ببطولة مصر الدولية والعرب في القاهرة وترأس الوفد رئيس الاتحاد بشار مصطفى وضم العديد من ابطال اللعبة بينهم المعتزلون علي تكليف الرئيس الحالي ومجيد كيطان والاخوان علي ومحمد عبد الزهرة جواد وعلي خليل وعماد سعيد واسماء اخرى من اصحاب القبضات الذهبية والمدربان عبد الزهرة جواد وطارق محمد وغيرهم .
تأخر الحصول على تأشيرة الدخول الى الاراضي المصرية من عمان دعا الراحل مصطفى الى اقامة معسكر للملاكمين في مدينة السلط الاردنية وخوض نزالات مشتركة مع ابرز ابطال اللعبة بقيادة احد المدربين العراقيين المقيمين هناك لمدة اسبوع فضلا عن تدريبات مكثفة لرفع لياقة الرياضيين وحينما دخل منتخبنا المنافسات العربية والدولية في القاهرة كانت بصمته واضحة في تحقيق اهم النتائج المتقدمة في المسابقتين .
6 اوسمة ذهبية وفضيات ثلاث حصدها ابطالنا ولم يتركوا وزنا شاركوا فيه الا ونالوا قصب السبق فيه وخطفوا لقب البطولة العربية بالملاكمة عن جدارة واستحقاق وتركوا اجمل الانطباعات في جسد المنافسات التي ازرها جمهور عراقي مقيم هناك تقدمهم رجل الاعمال ثائر الطائي وحضور فنانين معروفين منهم فاروق هلال ونصير شمة واسعد الغريري وعايد المنشد .
أهرامات الجيزة
نظمت للوفد زيارات لعدد من الاماكن الدينية والسياحية والثقافية مثل مسجدي الامام الحسين عليه السلام والسيدة زينب عليها السلام والمتحف المصري وخان الخليلي والمناطق الاثارية لخوفو وخفرع ومنكورع واهرامات الجيزة وغيرها من مواقع تحظى بالاهتمام وفي الجيزة تحديدا اقترح الراحل ان نرتدي الزي الشعبي المصري ونرتقي الجمل لالتقاط العديد من الصور التذكارية وضحكنا كثيرا عندما فشلنا في ايقاظ جملينا بالرغم من مساعدة صاحبيهما واكتفينا بصور حصلنا عليها في لحظات مقابل ثمن دفعه الراحل .
تواجدنا في مقر اقامة الوفد في المعادي داخل المدينة الاولمبية التي تضم الملعب الاولمبي والمسابح الدولية وقاعات الفنون القتالية والملاكمة والمصارعة وغيرها من انشطة منحنا الفرصة لتمضية اوقات جميلة لمتابعة تلك الفعاليات فضلا عن تدريبات ملاكمينا ومنافسات بطولتي مصر والعرب وقد نقلت للقراء في صحافتنا المحلية جوانب مهمة من تلك الرحلة واجريت لقاءات يومية مع رئيس الاتحاد والملاك الفني والاداري للوفد واصحاب الاوسمة الملونة .
تكريم {الصباح» في عيدها
منح الراحل شعار اللجنة الاولمبية الوطنية لكاتب هذه السطور ولصحيفة "الصباح" في احد احتفالاتنا بذكرى الصدور تقديرا للجهود المبذولة في دعم العمل الرياضي في العراق وكان سباقا في تلبية دعوتنا لحضور جلسات نقاشية تخص رياضتنا اقيمت في مركز الصباح للدراسات الستراتيجية بمشاركة اهل الالعاب وزملاء المهنة .
وداع أخير
في الاعوام الاخيرة استقر مصطفى في دهوك ليتفرغ لاسرته تاركا رياضة الفن النبيل في دهاليز الامس وتاركا ذكرياته في اتون اللعبة وخارجها ويحتفظ مقربوه بحكايات لا تنسى عن حياته التي عاشها بتواضع واحترام لمن عاصره ويشير احد الاصدقاء الى ان شقيقه الاكبر زاره في مقر عمله عندما شغل منصب رئيس الاولمبية ولاحظ كيف واجه موقفا محرجا بتدخينه سيكارة حاول اخفاءها عن اخيه وهو بهذا العمر والموقع .
نعاه الاصدقاء وشيعه المحبون الى دار حقه بعد رحلة ممتدة على سكة عقود امضاها في سنوات عجاف وايام ذهبية طويت اخيرا وما كلمات الرثاء والتأبين التي اطلقها المشيعون من اهل اللعبة وخارجها الا رسالة تفصح الكثير من رحلة بشار مصطفى عثمان في ميادين الرياضة واسوار بعيدة عن القفازات رحمة الله عليه .