«البناء» سيقدم لرئيس الجمهورية مرشحاً يرضي جميع الأطراف

العراق 2019/12/28
...

بغداد /الصباح / مهند عبد الوهاب وعمر عبد اللطيف 
 
كشفَ نوابٌ عن كتل سياسية مختلفة عن وجود انفراج سياسي خلال الأسبوع الحالي في قضية اختيار مرشح لرئاسة الوزراء، مؤكدين وجود زيارة مرتقبة من تحالف البناء الى رئيس الجمهورية برهم صالح لتقديم مرشح لرئاسة الوزراء يرضي جميع الأطراف والمتظاهرين، وفي وقت كشفت مصادر عن مبادرة لحلحلة الأزمة تقودها قيادات سياسية، مبينة أن رئيس الجمهورية سيعود إلى بغداد اليوم الأحد؛ أوضح النائب الثاني لرئيس مجلس النواب بشير حداد أن "خطاب رئيس الجمهورية برهم صالح لرئاسة البرلمان هو بيان موقف وليس طلباً رسمياً للاستقالة".  
وقال عضو مجلس النواب عن كتلة سائرون أمجد هاشم العقابي لـ"الصباح": إن "رسالة المرجعية الدينية كانت واضحة بعدم رضاها عما يجرى في الوسط السياسي بالوقت الحالي، ما أدى الى حصول ردود فعل لدى تحالف البناء بعد أن امتنعت المرجعية عن التطرق للواقع السياسي في خطبتها الجمعة الماضية".
وأكد، أن "تحالف البناء بصدد طرح شخصية مستقلة بعيدة عن أي تأثير حزبي لتسنم منصب رئيس الوزراء"،متوقعاً "وجود زيارة مرتقبة للتحالف لرئيس الجمهورية برهم صالح الى السليمانية لتقديم مرشحهم استعداداً لطرحه في مجلس النواب".
 
مبادرة الحكيم
من جانبه، توقع عضو مجلس النواب عن كتلة الحكمة جاسم البخاتي في حديث لـ "الصباح"، "حصول انفراج في الأزمة السياسية القائمة خلال الاسبوع الحالي".
وقال البخاتي: إن "الكتل والمكونات دخلت في نفق آخر بعد جدل اختيار شخصية لرئاسة الوزراء،ألا وهو رئيس الجمهورية الذي ترك كل ما وراءه من التزامات وذهب الى السليمانية"،مؤكداً انه "كان من المفاجئ ترك رئيس الجمهورية بغداد في هذه المرحلة المهمة والعصيبة"، مشيراً الى أن "جهوداً تبذل من (عقلاء القوم) باتجاه عودة رئيس الجمهورية الى بغداد بتقليل عملية الاحتقان الحاصلة بينه وبين بعض من الكتل السياسية".
وتابع: أن "رئيس الجمهورية لديه حرص على وحدة العراق، ولديه تفاهم مع كل الكتل، ورسالته واضحة ومفهومها بأننا (يجب أن نتفق جميعا على آلية التمرير على أن لا يكون ذلك من خلال قطب واحد)،ناهيك عن الضغط الدولي باتجاه إنهاء المسألة بأسرع وقت ممكن"، معرباً عن أمله بأن "تذهب الأمور للم الشمل والاستفادة من الاخطاء السابقة، والسعي لعودة رئيس الجمهورية واختيار رئيس وزراء يحظى بمجموعة من الشروط تؤهله أن يمرر على الأقل في هذه المرحلة الحرجة".
وأضاف البخاتي، أن "الخلافات السياسية بشأن اختيار رئيس الوزراء اتجهت نحو التعقيد، وان رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم ولشعوره بخطورة التطورات في المشهد السياسي؛ بدأ بتحركات واتصالات جدية بين قادة الكتل السياسية لترطيب الأجواء"، وأوضح، أن "تحركات السيد الحكيم شملت أيضا إجراء اتصالات مع رئيس الجمهورية وأصحاب العقل،لأجل حلحلة أزمة رئيس الحكومة والتوصل الى اختيار شخصية مقبولة للجميع".
 
حماية الدستور
أما عضو مجلس النواب عباس يابر العطافي، فقد أعرب عن تحفظه لذهاب رئيس الجمهورية الى السليمانية، واصفاً في حديث لـ"الصباح" هذا التصرف بـ "غير الصحيح" باعتباره حامي الدستور،متوقعاً أن "يكون ذهابه الى هناك لكي لا يصادق على قانون الانتخابات".
وأضاف، أن "صالح اليوم هو المكلف بحماية الدستور، ويجب أن يكون صريحا أمام الشعب، وأن يخرج للإعلام ويطرح كل التفاصيل إذا كان هناك مرشح غير مقبول تفرض عليه الكتلة الأكبر أن يكلفه، ليقوم هو بتكليف شخص آخر لعبور المرحلة الحالية"،مؤكداً ان "التهرب من المسؤولية أمر مرفوض ولايمكن القبول به على الاطلاق، وعليه فإن رئيس الجمهورية يجب أن يطرح استقالته بشكل صريح لغرض تمريرها، ويحل بدلاً منه رئيس جمهورية ينتخب من قبل مجلس النواب".
وتوقع العطافي، أن يشهد الأسبوع الحالي "انفراجاً في الأزمة السياسية، وأن يصدر رئيس الجمهورية بياناً لأبناء الشعب العراقي يعتذر فيه عن هذا التصرف، وفي حال عدم استجابته لذلك، فعليه تقديم استقالة فورية ورسمية"،ملمحاً الى أن "هناك الكثير من الشخصيات المستقلة وتنطبق عليها الشروط التي وضعت في السابق لتسنم المنصب، وهي أن لا يكون عمره قد تجاوز الـ55 ويتصف بالنزاهة والاستقلالية".
النائب عن تحالف الفتح فاضل جابر، قال في حديث صحفي: إن "الحل الأمثل للخروج من الأزمة السياسية؛ يتطلب من قادة الكتل السياسية الاستعجال بعقد اجتماع تشاوري موسع والاتفاق على شخصية مقبولة من جميع الأطراف، وذلك لمنع التدخلات الخارجية التي ترغب بخلق فوضى في البلاد"، مبيناً ان "حضور رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التشريعية للاجتماع التشاوري ضروري"، مشيراً إلى أن "اختيار رئيس الحكومة المقبلة يجب أن يقيد بواجبات معينة وبفترة زمنية محددة لاتتجاوز عاماً واحداً وإجراء انتخابات خلال المدة".
 
عودة الرئيس
في السياق، قال القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني نصر الله السورجي: إن "رئيس الجمهورية برهم صالح سيعود الى العاصمة بغداد (اليوم الأحد) لممارسة عمله الاعتيادي"، وأضاف ان "زيارة رئيس الجمهورية الى محافظة السليمانية جاءت من أجل لقاء عائلته وزيارة المحافظة"، نافياً" وجود أبعاد سياسية للزيارة"، وأوضح، أن "رئيس الجمهورية برهم صالح سيعاود عمله من بغداد يوم الأحد، وسيقرر متطلبات المرحلة وفقاً للمعطيات".
من جانبه، أكد نائب رئيس مجلس النواب بشير حداد في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه،"ضرورة أن ينال المرشح (لمنصب رئيس الوزراء) رضا وقبول الجماهير وعلى أساس الاتفاق السياسي وبما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا للبلاد، لاسيما ونحن نمر اليوم بمرحلة مفصلية وأزمة سياسية".
وقال: إن "خطاب رئيس الجمهورية إلى رئاسة مجلس النواب هو بيان موقف وليس طلبا رسمياً للاستقالة، وما ذكره فخامته في رسالته هو تفسير لما جرى من ضغوط واستعداده لتقديم الاستقالة بسبب ما حصل من خناق سياسي وعدم الاتفاق على مرشح لرئاسة الوزراء، وهي أزمة حقيقية معقدة في المشهد السياسي".
ودعا حداد، "الجميع إلى تغليب المنطق ولغة العقل والحكمة لتجنيب البلاد مزيداً من المآسي والمشكلات، وفي حال إذا قدم رئيس الجمهورية طلباً تحريرياً صريحاً للاستقالة عند ذاك سيتم التعامل مع الطلب بحسب المادة (75) من الدستور العراقي".
 
الكتل السياسية
رئيس كتلة التغيير النيابية يوسف محمد صادق، قال في حديث لـ "الصباح": إن "أزمة تسمية رئيس الوزراء باقية، لذلك يجب أن تأخذ الكتل السياسية مسار الحوار لحل هذه الاشكاليات التي تقف أمام تسمية رئيس للوزراء، والوصول الى شخصية توافقية مع مساعدة رئيس الجمهورية من أجل القيام بمهامه الدستورية".
وبين ان "الظرف الحالي يحتم على رئيس الجمهورية أن يقوم بمهامه الدستورية، مع مراعاة الوضع العام بما يتعلق بالتظاهرات الشعبية، لكي يتم التوافق على شخصية رئيس الوزراء للقيام بمهام المرحلة الانتقالية ليس الا"، وأضاف، "يجب أن تعتمد الكتل السياسية على الحوار للوصول الى شخصية لمنصب رئيس الوزراء، إذا لم تكن توافقية ترضى بها الاغلبية على الأقل"، وأكد ان "هناك ضبابية في تسمية الكتلة الأكبر، وقد طالبنا رئيس الجمهورية بالاستناد الى الاستشارة النيابية بدلا من مخاطبة البرلمان والمحكمة الاتحادية لحسم الموضوع بشكل أسهل للوصول الى حل".
من جانبها، بينت النائب عن كتلة مستقلون هناء الطائي في حديث لـ "الصباح"، أن "الأزمة التي يمر بها العراق كبيرة، والكثير من خطب الجمعة للمرجعية الرشيدة بزعامة المرجع الأعلى السيد على السيستاني، وضعت خارطة طريق من أجل تنظيم المسيرة السياسية والمحافظة على الدم العراقي".
وأضافت، ان "القيادات السياسية تسير وفق برامجها الموضوعة سلفاً؛ ولكن من الضروري أن تتجنب الجدلية في اختيار رئيس الوزراء، لذلك عليها أن تحذر من اختيار شخصية جدلية"، مشيرة إلى أن "الشخصيات المختارة من قبل الكتل السياسية ليست بالضرورة شخصيات ليست وطنية أو غير كفوءة؛ ولكن رفض ساحات التظاهر أمر مهم جدا، وهو ما جعل الإخفاق ملازماً للقيادات السياسية في تسمية رئيس الوزراء".وأكدت الطائي، أن "أعضاء مجلس النواب تتباين آراؤهم بين راضٍ وغير راضٍ عن أداء كتلهم السياسية، ولذلك هناك ضرورة أن تعظم المصلحة العامة للبلاد على مصلحة المنظومة السياسية في العراق، واختيار رئيس وزراء مناسب يتخطى هذه المرحلة الى انتخابات مبكرة أشارت اليها المرجعية الرشيدة".
 
بيان بارزاني
رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، أصدر بياناً جاء فيه: "نتابع بقلق بالغ وعن كثب أوضاع وتطورات العراق الذي يعاني من أزمة عميقة"، وأضاف، "فبينما ينذر التهديد بعدم الاستقرار والمزيد من تعقيد الأوضاع البلدَ بالمضي نحو مستقبل مجهول، فإن الواجب يحتم على الجميع التعامل مع الوضع بالتفاهم وبروح وطنية وبمسؤولية وبعيداً عن الضغوط السياسية لاجتياز المرحلة وفقاً للسياقات الدستورية".
وتابع: انه "في موضوع تكليف مرشح لرئاسة الحكومة العراقية القادمة، يبدو أن رئيس الجمهورية برهم صالح يتعرض لضغوط كبيرة وبخلاف الآليات والاسس الدستورية"، مشددا على أن "أي حل يجب أن يكون قائماً على أساس الدستور ووفقاً للسياقات القانونية".
 وأكد بارزاني، أنه "لاختيار مرشح وطني وغير جدلي لرئاسة الحكومة يجب أن يكون مقبولاً من القوى المؤثرة، وينبغي الأخذ في الحسبان المطالب المشروعة للمتظاهرين وأوضاع ومصالح البلد عند اختياره"، داعياً إلى "تقديم المساعدة للحكومة القادمة، لغرض اجتياز المرحلة الانتقالية المقبلة والإعداد لانتخابات جديدة".
 
أهل الحق
بدوره، قال الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي في لقاء مع قناة "الميادين" اللبنانية: أن "أمامنا ثلاثة خيارات (بشأن المرشح لرئاسة الوزراء)، الأول هو أن يكون رئيس الوزراء سياسياً حزبياً ينتمي إلى أحد أطراف تحالف البناء مثلاً، وهذا من حق الكتلة حسب الدستور، لكن في ظل الظروف الحالية فهذا مئة بالمئة مرفوض شعبياً".
وأوضح، أن "الخيار الثاني هو اختيار شخصية سياسية لكنها ليست حزبية، وهذا يمكن أن يُقبل نسبياً ويُرفض نسبياً"، ماضياً إلى القول: "أياً كان هذا الشخص فسيكون مرفوضاً نسبياً"، وأضاف، أن "الخيار الثالث هو المجيء بشخص مستقل تماماً، بمعنى أنه لم يكن نائباً ولا وزيراً في فترة من الفترات، وهذا مستوى قبوله سيكون عالياً ولكن نسبة المخاطرة أنه لا يمتلك تجربة سياسية تجعله مؤهلاً أن يقود وضع البلد خلال هذه الفترة الحساسة".
وتابع قائلاً: "ما بين هذه الخيارات أنا رأيي أن نختار الشخص الثالث، وهو أن نختار شخصية سياسية ولكن له قوة شخصية ويُدعم ونقف معه في القرارات السياسية الأساسية، ونتحمل المسؤولية جميعاً ونعبر إلى بر الأمان"، معتبراً أن "المهم الآن قطع محل النزاع".
في غضون ذلك، أعلن النائب عن كتلة الحكمة النيابية ستار الجابري، عن تحركات نيابية لجمع تواقيع من أجل إقالة رئيس الجمهورية برهم صالح، مبينا أنه "ليست المرة الأولى التي يتعمد فيها صالح بخرق الدستور العراقي"، بحسب تعبيره.
في المقابل، أعلن النائب عن تحالف سائرون رعد المكصوصي، دعم تحالفه للرئيس صالح والوقوف ضد أي محاولات لعزله، واصفاً موقف رئيس الجمهورية بأنه "وطني ومشرف".
 
خبير قانوني
إلى ذلك، أكد الخبير القانوني حسن الياسري، أن رئيس الجمهورية لا يملك صلاحية رفض تكليف مرشح الكتلة الأكبر.
وقال الياسري في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: إن "الالتزام الدستوري لرئيس الجمهورية بصدد التكليف من الناحية الدستورية المجردة، وبعيداً عن المواقف السياسية والعاطفية، لا يتمتع رئيس الجمهورية بصلاحية تكليف إلا من ترشحه الكتلة النيابية الأكثر عدداً".
وأضاف، "عند اعتراضه (أي رئيس الجمهورية) على المرشح وعدم قناعته به، فلا يملك دستورياً صلاحية رفض تكليفه البتة، وليس أمامه من سبيل سوى التكليف إذعاناً لحكم الدستور، ثم يمكنه من بعد ذلك تقديم استقالته- وليس الإعلان عن الاستعداد للاستقالة- احتجاجاً على المرشح المكلف وانتصاراً للجماهير".
وبين الياسري: "وحينئذٍ يكون قد عمل بضميره، والتزم بالدستور بحسب اليمين التي أقسم بها، وأرضى الجماهير، ولم يرتكب خرقا دستوريا!! وبخلاف ذلك، فالخرق قائم لا محالة، وتلك حقيقةٌ دستورية بعيدة عن الشحن العاطفي وعن المواقف السياسية المسبقة".