تجدد المشاورات لاختيار شخصية {توافقية} رئيساً للوزراء

العراق 2019/12/29
...

بغداد / الصباح   مهند عبد الوهاب 
 
تجددت المشاورات والاجتماعات المكثفة بين الأطراف السياسية بعد عودة رئيس الجمهورية برهم صالح إلى بغداد في وقت متأخر من ليل السبت إثر زيارة قام بها إلى محافظة السليمانية، لاختيار شخصية “توافقية” رئيساً للوزراء، وبينما كشفت عدة أطراف في تحالف البناء عن طرح أسماء ثلاثة مرشحين لشغل المنصب بعد سحب اسم محافظ البصرة أسعد العيداني بصورة رسمية وسط توقعات بعرض الأسماء خلال الـ 24 ساعة المقبلة؛ أكدت قيادات في التيار الصدري أن قبولها بأي شخصية مطروحة لتسنم المنصب مرهون بـ “قبول الشارع العراقي لها”.
وقال سروت سوسي مستشار رئيس الجمهورية برهم صالح: إن “رئيس الجمهورية برهم صالح عاد من السليمانية إلى بغداد مساء أمس الأول السبت، وهو يتواجد حالياً في قصر السلام ويمارس أعماله الرسمية”، وأفاد مصدر في رئاسة الجمهورية، بأنه “من المؤمل أن يبدأ الرئيس صالح استكمال مشاورات المرشح لمنصب رئيس الوزراء”.
بدورها، كشفت القيادية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني آلا طالباني، عن سبب زيارة رئيس الجمهورية برهم صالح الى السليمانية، وقالت: إن “زيارة رئيس الجمهورية برهم صالح الى السليمانية أمر طبيعي”، مبينة ان “زيارته تتعلق بنتائج الانتخابات الأخيرة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي بقي بلا أمين عام بعد رحيل مؤسسه وزعيمه التاريخي جلال طالباني”.
وأضافت طالباني، ان “هذه الزيارة هي لأغراض متابعة واستكمال نتائج انتخابات الحزب، ولا علاقة لها بأي مسألة أخرى”، مشيرة الى أن “السليمانية هي مدينة عراقية وليست دولة أجنبية”.
 
مرشحو البناء
إلى ذلك، قال النائب عن تحالف البناء فاضل جابر: إن “تحالف البناء يجري مشاورات مع الكتل والأحزاب الشيعية بشأن طرح ثلاثة أسماء من الشخصيات المستقلة لمنصب رئيس الوزراء”، متوقعاً “تقديم الأسماء خلال 24 ساعة”.
وأضاف جابر، ان “الشخصيات الثلاث التي يعتزم طرحها تحالف البناء لمنصب رئيس الوزراء المقبل هم عبد الغني الاسدي وتوفيق الياسري ومحمد توفيق علاوي”، مبيناً ان “عبد الغني الأسدي يعد الأوفر حظا لكونه يحظى بمقبولية من جميع الأطراف بما فيها الشارع العراقي”.
النائب عن التحالف حنين قدو، قال: إنه “تم حذف اسم محافظ البصرة أسعد العيداني من الترشيح لرئاسة الحكومة، وما زالت المشاورات للاتفاق على شخصية مقبولة هذه المرة من قبل الأطراف السياسية والمتظاهرين”.
وأضاف، أن “الوضع صعب جداً، وليست هناك تفاهمات بين الأطراف السياسية بشأن اختيار رئيس الوزراء الجديد، وهناك جهات تريد ترشيح شخصيات من قِبلها حصراً، والتركيز على شخصيات أكاديمية قد يكون فيه مخاطر، فلا يمكن معرفة قدرة تلك الشخصيات على قيادة البلاد في هذه المرحلة الحرجة”.
وأشار قدو، إلى أن “قضية عزل الرئيس صالح، ستحسم قريباً اما بعزله أو إبقائه بشكل نهائي، فهناك اجتماع حاسم لقادة تحالف البناء في الساعات المقبلة، وهكذا قرار يتخذ بشكل جماعي بين القوى السياسية”.
من جانبه، كشف النائب عن كتلة صادقون المنضوية في تحالف البناء عبد الأمير التعيبان، عن مرشح البناء الجديد لرئاسة الحكومة الانتقالية، واصفاً إياه بـ “المرموق”.
وقال التعيبان في بيان ورد لـ “الصباح”: انه “نزولاً عند رغبة الشارع العراقي والجماهير الغاضبة تم سحب ترشيح أسعد العيداني لرئاسة الوزراء”، وأضاف ان “البناء بصدد دراسة شخصية مرموقة لتقديمها الى رئيس الجمهورية”، مشيرا الى أنه” من خلال توجه رغبة الشارع باختيار شخصية عراقية معروفة أتوقع ترشيح الفريق الركن عبد الغني الأسدي لرئاسة الحكومة الانتقالية المقبلة”.
ودعا التعيبان تحالف البناء، الى “ترشيح الأسدي للمنصب كونه مقبولاً لدى المحافظات وساحة التحرير وسط بغداد”، مبيناً ان “الأسدي شخصية مخلصة لا غبار عليها”، وأشار الى “استمرار البناء بالاجتماعات التشاورية مع باقي الكتل بشأن اختيار شخصية جديدة”، لافتاً الى أن “هناك توجها من نواب الفتح والبناء لتمرير الأسدي”.
النائب عن تحالف البناء مختار الموسوي، أكد ان “رئيس مجلس الوزراء الجديد لن يبقى في السلطة أكثر من ستة أشهر، ومن ثم يتم إجراء الانتخابات المبكرة، بالتالي لا يوجد ما يقلقنا في هذا الجانب”.
وأضاف، ان “جميع القوى السياسية متفقة على تلبية مطالب الشارع العراقي، ومنها اختيار شخصية رئيس مجلس الوزراء تحظى بمقبولية الشارع والجميع، وإجراء الانتخابات المبكرة”، وأشار الى أن “الحديث عن محاولات بعض القوى ضرب بعضها البعض من أجل إضعاف حظوظها في الانتخابات المقبلة، كلام غير واقعي لأن الحديث الفيصل سيكون للشعب في حال أجريت الانتخابات”.
بدوره، أكد رئيس كتلة الفتح النيابية محمد الغبان، عدم وجود أي اتفاق سياسي على بقاء حكومة تصريف الأعمال.
وقال الغبان في تصريح لوكالة الانباء العراقية (واع): إن “إجراء انتخابات مبكرة يعتمد على جهوزية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات”، وبين أن “حكومة تصريف الأعمال مستمرة بعملها لحين منح الثقة للحكومة الجديدة”.
في السياق نفسه وجّه ممثل الشبك في البرلمان النائب قصي عباس، رسالة الى قادة تحالف البناء، بشأن اختيار رئيس الحكومة العراقية الجديدة.
وقال عباس: إنه “على قادة تحالف البناء ترشيح شخصية مقبولة من جميع الأطراف، ولها مقبولية من الشارع العراقي، وشخصية ليست عليها أي شبهات فساد، شخصية مستقلة غير مشاركة في الحكومات السابقة أو الحكومة الحالية، وأضاف، ان “شخصية رئيس الوزراء الجديد، يجب أن تكون شخصية أكاديمية معروفة على الساحة العراقية، وتحالف البناء هو من يحتفظ بحقه بترشيح هذه الشخصية”.
 
التيار الصدري والحكمة
في المقابل، رهن القيادي في التيار الصدري حاكم الزاملي، موافقة تياره على اسم عبد الغني الأسدي أو أي مرشح آخر لرئاسة الوزراء بـ “قبول الشارع له”.
وقال الزاملي: إن “رئيس الجمهورية برهم صالح والكتل السياسية، مطالبان من الشارع بأن يكون هناك توافق على ترشيح شخصية مقبولة، شخصية غير جدلية، وقادرة على القيام بمهامها خلال فترة الحكومة الانتقالية”.
ورأى الزاملي، أنه “لا يمكن الحكم الآن على أي شخصية يتم ترشيحها، سواء بالإيجاب أو بالسلب، فهذا الأمر يعتمد على أن يكون الترشيح أمراً واقعاً وحقيقياً، سواء تم ترشيح عبد الغني الأسدي أو غيره، فنحن ننتظر ردود الشارع العراقي”.
وأضاف، ان “التيار الصدري يعتمد في قبول ورفض المرشحين على رد فعل الشارع، فإذا وافق على ترشيح شخصية ما، فالتيار سيوافق عليها، وإذا رفضها، فالتيار سيرفضها ويمنع تمريرها أو تكليفها”، مؤكدا أنه “ليس لدينا أي تحفّظ على شخصية عسكرية، نحن مع أي شخصية يقبلها الشارع العراقي”، بحسب تعبير الزاملي.
إلى ذلك، دعا رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم إلى اختيار شخصية مستقلة نزيهة لرئاسة الوزراء.
حديث السيد الحكيم جاء خلال استقباله أمس الأحد، سفير كوريا الجنوبية في بغداد جانغ كيونغ ووك، وأفاد بيان لمكتبه تلقته “الصباح”، بان “السيد الحكيم أكد ان العراق يمتلك فرصاً واعدة كثيرة في جميع المجالات”، مشدداً “على ضرورة أن يحظى رئيس الحكومة الانتقالية القادمة بالتأييد الشعبي، ويتصف بالاستقلالية والنزاهة والقدرة على إدارة البلاد في هذه المرحلة الحساسة، وتهيئة الاجواء والمناخات الملائمة لإجراء الانتخابات المبكرة”.
 
توافقات سياسية
النائب عن تحالف النصر ندى شاكر جودت، أكدت في حديث لـ “الصباح”، ان “تسمية رئيس الوزراء ما زالت معلقة، وعلى عاتق رئيس الجمهورية، لأن الترشيح كان توافقياً وخلال فترة محددة، ومهام تلك الشخصية تنتهي بين ستة أشهر الى سنة”، مشيرة الى أن “القانون يشير الى إنه ليس من حق رئيس الجمهورية أن ينظر مدى مقبولية المرشح أو لا، وبما إنه استفسر عن الكتلة الأكبر وحددها مجلس النواب، فلابد أن يقبل بترشيح الكتلة الاكبر ويمضي
بها”.
وأكدت جودت لـ “الصباح”، انه “من الضروري أن يتسلم المنصب مرشح لديه تجربة سياسية وفي العمل التنفيذي، ونحذر من الذهاب الى الفوضى”، وأضافت، ان “المرشح لرئاسة الوزراء لن يتسلم المنصب سوى لفترة انتقالية، لحين تمهيد الارضية المناسبة لإجراء انتخابات مبكرة، وبالتالي تشكيل انتخابات وفق المعايير التي تنطبق عليها المواصفات التي أرادها الشعب”، مؤكدة ان “تأخير تسمية رئيس الوزراء وخلق مشكلة إيجاد مرشح؛ ضيعت الاستجوابات وأخرتها في كل الوزارات سواء التربية أو الصحة أو الصناعة”.
من جانبه، بين القيادي في الحزب الشيوعي العراقي طلعت كريم، ان “الموقف بشأن ترشيح رئيس للوزراء؛ مازال رهن الاتفاقات السياسية التي لم تتوافق عليه، وبقيت الصراعات بين الكتل وإرادة الجماهير التي تصر على تسمية شخصية مقبولة من شروط الانتفاضة الجماهيرية”.
وأكد كريم لـ “الصباح”، ان “التوافقات مازالت مستمرة بين الكتل السياسية، وكل يرفع من سقفه ويتخندق في مكانه، وبالتالي لا توجد حلول تلوح في الأفق”، مشيرا الى أن “الوضع الحالي لن يستمر، ولابد أن تتوصل الكتل إلى حل، وذلك حين تشعر أنها فقدت وجودها بالسلطة حيث ستقدم على تنازلات في ما بينها”.
 
رئيس الجمهورية
وبالعودة إلى خطاب رئيس الجمهورية للبرلمان الذي أبدى فيه الاستعداد للاستقالة، عدّ النائب عن تحالف سائرون أمجد العقابي، أن “الرئيس لم يخرق الدستور كما يحاول البعض اظهاره للرأي العام”.
وقال العقابي: إن “المادة 76 من الدستور واضحة وأشارت الى تكليف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة الاكبر، والواقع أن الجلسة الأولى للبرلمان بدورته الحالية لم تتم فيها تسمية كتلة أكبر”، وأضاف، ان “الحديث عن تسمية كتلة معينة بأنها الأكبر؛ هو مغالطة واضحة والجميع يعلم بأنها غير صحيحة”، بحسب تعبيره.
بينما أشار الخبير القانوني بشار الحطاب في حديث لـ “الصباح”، إلى أن “رئيس الجمهورية في العراق مازال يحمل بصمات النظام البرلماني الذي بدأ مع دستور 2005، فرئيس الجمهورية رمز لوحدة الوطن ويمثل سيادة البلاد”. 
وأضاف، ان “الدستور قد خول الرئيس ممارسة جزء من السلطة المستقلة التي تمكنه من تكليف مرشح الكتلة الأكبر لتشكيل الحكومة طبقا للمادة (76) من الدستور”، وبصدد ضوابط استقالة رئيس الجمهورية وما يتبعها من آثار، بين الخبير القانوني، ان “الدستور تناول صراحة حق رئيس الجمهورية بالاستقالة من منصبه من خلال تقديمها تحريرياً إلى رئيس مجلس النواب، وتعد نافذة بعد مضي سبعة أيام من تاريخ ايداعها، ويتحتم على مجلس النواب في حالة استقالة رئيس الجمهورية أن ينتخب رئيساً جديداً لإكمال المدة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية اعمالاً للمادة (72/ثانياً/ج) من الدستور”.
أما بشأن مصير منصب رئيس الجمهورية للفترة ما بين استقالته وبين انتخاب رئيس جديد، بين الحطاب، أنه “يمكن القول إن رئيس الجمهورية يستمر في ممارسة مهامه لحين انتخاب رئيس جديد من قبل مجلس النواب خلال (30) يوماً من تاريخ نفاذ الاستقالة، وسند ذلك هو ما قررته المادة (72/ثانياً/ب) التي منحت رئيس الجمهورية صلاحية ممارسة مهامه بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد. فمن باب أولى طبقاً للمبادئ العامة أن يستمر في ممارسة مهامه لحين انتخاب رئيس جديد”.
بدوره، وصف الخبير القانوني طارق حرب، الطريق الذي رسمه الدستور العراقي لإعفاء رئيس الجمهورية برهم صالح بـ “الصعب والمعقد جداً”.
وقال حرب في بيان تلقته “الصباح”: إن “الطريق الذي رسمه الدستور في المادة 61 منه لإنهاء خدمة رئيس الجمهورية معقد وصعب جداً، فمن (طلب يحدد الاسباب الى تصويت أغلبية عدد الاعضاء وليس أغلبية الحضور الى تحقق حالة من الحالات التي حددها الدستور وهي الحنث باليمين الدستورية أو انتهاك الدستور الى الخيانة العظمى)، بحيث يتم تصويت النواب على ذلك ثم يحال الموضوع الى المحكمة الاتحادية العليا لكي تتولى إصدار حكم على الرئيس بأنه ارتكب واحدة من الحالات أي الحنث أو الانتهاك أو الخيانة”.
وأوضح، إنه “إذا صدر حكم بالإدانة، فلا بد من جلسة للبرلمان لكي يقرر بأغلبية الاعضاء وليس أغلبية الحاضرين بإعفاء الرئيس، علماً ان الاعفاء يحمل معنى التخفيف، في حين ان لرئيس الوزراء استعمل الدستور مصطلح الاقالة وسحب الثقة، وهو مصطلح عقابي أي ان صعوبات دستورية أمام مسألة رئيس الجمهورية، إذ لا بد من تصويت بالأغلبية العددية 156 نائبا للمساءلة فقط، وبعدها يحال الموضوع الى المحكمة الاتحادية العليا، فإذا قررت إدانة الرئيس يجب أن يتولى المجلس التصويت مجدداً بنفس الاغلبية السابقة للمرة الثانية، وبعد كل ما تقدم يتم اعفاء الرئيس وليس اقالته أو سحب الثقة منه أو
عزله”.
وتابع حرب بالقول: إن “هناك فرقا بين الاعفاء وبين الاقالة وسحب الثقة والعزل، كما ان المحكمة لا تثبت الادانة في جميع ما ينسب للرئيس لكي يتم اعفاؤه، وانما الاعفاء يكون اذا ثبت للمحكمة ان الرئيس انتهك الدستور أو حنث باليمين أو أرتكب الخيانة العظمى، وهذه مسائل قانونية صعبة ودقيقة وليست كالافعال الاخرى كالسرقة والقتل مثلا”.
ومضى الخبير القانوني بالقول: إن “أعلى هيئة قضائية في العراق تتولاها وليس غيرها، بالاضافة الى مسألة جمع هذا العدد من الاصوات -أي ان الموضوع برلماني قضائي وبأغلبية عالية- وليس مثل حال رئيس الوزراء الذي يكتفى بالمساءلة البرلمانية فقط”.