هل ستلقي أميركا طوق نجاة لانتشال الاقتصاد اللبناني؟

الرياضة 2019/12/30
...

بيروت / جبار عودة الخطاط
 
«الإدارةُ الأميركيةُ غيرُ مقتنعة بإمكانية حصول تغيير فعلي في لبنان”، هذا ما ذهبت اليه دراسة للخبير الأميركي في شؤون المنطقة السفير دينيس روس نشرتها “فورين بوليسي”، معتبراً “انّ استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لا فائدة منها ولن تهدئ الوضع”،وبينما طالب نائب لبناني بتشريع زراعة القنب (الحشيشة) للاستفادة من وارداتها لمعالجة الأزمة الاقتصادية اللبنانية غير المسبوقة، تتحدث الأنباءعن أن ثمة وديعة مالية عربية من دون فائدة ستصل بيروت لإنعاش الاقتصاد اللبناني على وجه السرعة.
 
تقاسم المناصب
الدراسة الأميركية المذكورة لا ترى ثمة فائدة من استقالة الحكومة في بيروت “لأنّ الاوساط السياسية الماسكة بمقاليد القرار في بيروت تركّز بمقدار كبير على تقاسم المناصب الوزارية في الحكومة المقبلة وليس على تقديم اقتراحات إصلاح سياسية واقتصادية جريئة تستجيب لمطالب المحتجّين”، ورجح السفير روس في دراسته “استمرار هيمنة النخبة التي تغذّي نفسها من خلال توزيع السلطة على أسس طائفية”.
قوى أساسية في بيروت لا تعوّل على ما تشيعه واشنطن ودول غربية أخرى بشأن عزمها دعم لبنان للحيلولة دون انزلاقه في حضيض الفوضى والانهيار، في حين يراهن آخرون على مساعدة أميركا ومجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان وعلى ما يبذله صندوق النقد الدولي من مساعٍ بهدف تقديم العون الكفيل بـ(نهوض الاقتصاد اللبناني)، وقد أعادت تلك الأوساط ما كان قد أصدره البنك الدولي عام 2016 من تقرير حول الواقع 
الاقتصادي اللبناني.
 
إحصاءات مهمة
تقرير البنك الدولي المذكور جاء فيه:أنّ “الموظفين الحكوميين ورعاتهم السياسيين يستحوذون مباشرة على نحو 25 بالمئة من أموال القطاع العام، وأن نصف اللبنانيين يرزحون تحت خطّ الفقر وأنّ هذه الأرقام خطيرة”، ووفق التقرير نفسه، فإن 1 بالمئة من اللبنانيين فقط هم من الأكثر ثراء ويستحوذون على 25 بالمئة من الدخل الوطني، في وقت لا يملك فيه52 بالمئة من اللبنانيين تأميناً صحياً مناسباً».
وورد في التقرير أيضاً، أنّ «حصّة الكهرباء من عجز الموازنة نحو 11 بالمئة، مع العلم انّ فاتورة الكهرباء التي يدفعها اللبنانيون هي ضعف المعدل في المنطقة»، أمّا صندوق النقد الدولي فيرى أنّ الدين الخارجي للبنان (حكومة ومصارف وشركات) نحو 195 بالمئة من الناتج المحلي أو 107 مليارات دولار، أي بمعدل 15.500 دولار أميركي لكلّ مواطن لبناني.
زراعة الحشيشة
في سياق متصل رأى النائب ​بلال عبدالله​في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي،انه “الوقت المناسب لإقرار تشريع زراعة القنب(الحشيشة)، ووضعها تحت إشراف ​الدولة​،وتحويل وارداتها الى الخزينة، بعد أن انهت اللجنة الفرعية المنبثقة عن ​اللجان المشتركة​ عملها”. وأوضح، إنه “نحن نشرع​ الزراعة ​للتصدير والاستخدام للصناعة الطبية فقط، مع تشديد القوانين لمحاربة التعاطي والاتجار”.
الى ذلك، أكد سياسي بارز، إن “هناك أموالا ستأتي من (دولة عربية صغرى) الى لبنان كوديعة من دون فوائد لمدة 10 سنوات، وهي ستكون هدية تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، وهذه الهدية ليست مشروطة وسيتم ضخها في السوق وستكون إنقاذية، وبعض الاشخاص باتوا على علم بها في لبنان رسمياً”، 
وفقاً لموقع»VDL News» .
 
مشروع أميركي
هذا وقد ابدت مصادر عن دول «المجموعة الدولية لدعم استقرار لبنان سياسيا وأمنياً»، استغرابها من التقارير التي تصلها من سفرائها في بيروت عن حجم العوائق التي تعترض رئيس الوزراء المكلف حسان دياب من القيادات السياسية والتي جعلته يغرق في طلبات تناقض ما يسعى إليه من أجل تشكيل حكومة تحظى بثقة الشارع المنتفض ضد الفساد، في حين تعكف مجموعة من الحزب الديمقراطي الأميركي على إنضاج مشروع يحفز الإدارة الأميركية على القيام بمبادرة سياسية  لحلحلة الازمة الخانقة في لبنان، ورغم انّ الحزب الديمقراطي يعيش مرحلة توتر مع الحزب الجمهوري لكن في العادة إنّ مسائل خارجية مماثلة تلقى ترحيباً لدى الحزب المقابل.
وستتضمّن المبادرة وفق الاقتراح الجاري بلورته، إمكانيّة التمويل والمساعدة لدعم الإصلاح في الوزارات المدنية، والمساعدة في مكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون وإعادة الخدمات وتقديم التدريب وتطوير البنى التحتية وتحفيز النمو الاقتصادي، وبالطبع ستكون هنالك أثمان سياسية تطلبها واشنطن.
 
ركود عميق
وقدّر الوزير السابق ونائب حاكم مصرف لبنان السابق ناصر السعيدي، حجم السيولة التي أصبح لبنان بحاجة ماسة إليها “بين 20 مليار دولار و25 ملياراً، ما يفوق المبالغ المحدّدة في مؤتمر سيدر بقيمة 11 مليار دولار للبنية التحتية، ولبنان سيحتاج إلى أكثر بكثير من أجل دعم الاقتصاد واسترجاع بعضاً من عافيته وتجنّب الدخول في ركود اقتصادي عميق يتقلّص فيه الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 10 بالمئة مع كل أثره السلبي اجتماعياً واقتصادياً من بطالة وافلاسات وزيادة لمعدلات الفقر 
الذي بات مستشرياً”.
وأضاف السعيدي في تصريحات صحفية، إن “الفئات الأشدّ فقراً تُعدّ بنحو أكثر من 200 ألف شخص لا يمكنهم الحصول على الغذاء، وهناك 500 ألف يرزحون تحت خط الفقر الأعلى ويعيشون بأقل من 5 دولارات يومياً، وهذا الأمر يزيد بطريقة كبيرة ونحن لا نزال في خضمّ الأزمة، وفي الوقت نفسه، هناك تضخّم في الأسعار بنسبة 20 بالمئة، أي ما معناه أن الذين يتقاضون أجورهم بالليرة ستتقلص قدراتهم الشرائية بهذه النسبة، وهذه الأزمة ستطول الشرائح الفقيرة أولا وهو ما يجب تجنبه أولا”.
 
إحباط الناس
في خط موازٍ، نظم عدد من المحتجين أمس الإثنين، اعتصاما أمام مصرف لبنان في طرابلس ورددوا هتافات ضد السياسة المالية للمصرف في ظل انتشار عناصر قوى الامن الداخلي في المكان، ثم انتقلوا إلى شركة كهرباء “قاديشا” في البحصاص وتجمعوا أمام مدخل الشركة ورددوا هتافات ضد الفساد في قطاع الكهرباء، بينما دعا عضو مجلس النواب اللبناني عن (حزب الله) حسن فضل الله الى “تسهيل عملية تشكيل الحكومة”، معتبراً إن “ما تقوم به المصارف 
غير قانوني».
ورأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب فضل الله، أن “هناك محاولة لإيصال الناس إلى أقصى درجات اليأس والإحباط  ليفرضوا عليهم الشروط التي يريدونها، علما أن الوضع في البلد قابل للعلاج والحل، ولكن هذا يحتاج إلى خطوات وإجراءات ومسارات معني بها الجميع في لبنان، بدءا من القوى السياسية والكتل الممثلة في المجلس النيابي وصولا إلى الناس، وعليه فلا يمكن لأي أحد في لبنان أي يلقي الحمل على جهة دون جهة، وعلى فريق دون فريق، لأن الأزمة موجودة في كل لبنان وتطال جميع اللبنانيين من أقصى عكار إلى هنا في أقصى الجنوب وربما لأول مرة يشعر بها الفقراء 
والأغنياء”.
اشتباك التيارين
وتواصلت السجالات الحادة بين تياري عون والحريري في أعقاب خروج الأخير من السباق الحكومي، وعكست السجالات الأخيرة بين التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس عون وتيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري وبما شهدناه من سقف عالٍ من اتهامات متبادلة حجم التردي التي وصلت اليه العلاقة السيئة بين التيارين، وصولاً الى مرحلة القطيعة الكاملة بينهما في الفترة الراهنة، وقد ترجم الطرفان ذلك من خلال استمرار الاشتباك السياسي والإعلامي بينهما اعتباراً من هرم القيادات حتى مستوى ​القاعدة​الأمر الذي يخشى معه مراقبون من اشتباك في الشارعين يتوقعون حصوله  الاسبوع المقبل وبعد انقضاء عطلة الاعياد.
تيار المستقبل من جانبه، أكد، إن “كل الدعوات الى الشارع والتصعيد هي مشبوهة ومدسوسة ولا علاقة لنا بها”، النائب السابق وعضو المكتب السياسي لـ”المستقبل” الدكتور ​مصطفى علوش​قال: إن”الرئيس الحريري من دعاة الاستقراروحفظ الامن،ولسنا دعاة تخريب وكلما يحض على ​العنف​والشغب ليس صادراً عنا”.
 
قطيعة سنية
ويؤكد علوش، ان “العلاقة في أسوأ حالتها بين التيارين (الازرق والبرتقالي)، وتسير نحو القطيعة الكاملة، والتصريحات المتبادلة بين الجانبين تعكس هذا التوجه وخصوصاً ان الامور حكومياً لم تنجح”. ويشير علوش، الى ان “​التسوية الرئاسية ​كانت بين الرئيسين الحريري وميشال عون​، ولم تكن يوماً مع الوزير ​جبران باسيل ​والتيار الوطني الحر، والعلاقة في ظل التسوية الرئاسية، لم تكن مستقرة مع التيار البرتقالي ومع الوزير باسيل، ولم تنجح هذه التسوية في تحقيق المطلوب من استقرار 
مالي وسياسي”. وعن تأثير هذه القطيعة في ​الحكومة​ المزمع تشكيلها من قبل الدكتور حسان دياب، يقول علوش: إن “هناك مقاطعة سنية واسعة للتأليف،ولم تقبل حتى ​الساعة ​اي شخصية سنية بارزة التوزر، وإن المفتي ​الشيخ عبد اللطيف دريان​ يرفض استقبال الرئيس المكلف ​حسان دياب ​وتغطية حكومته”، ويضيف: “لا علاقة للمستقبل بكل مايجري حكومياً، وخصوصاً ان هناك فريقاً تجاوزه فليشكل الحكومة، ومن مسؤولية الرئيس المكلف والقوى السياسية التي تدعمه ان تحل مشاكلها”.