العراق ينعى الشهيدين {المهندس} و {سليماني}

العراق 2020/01/03
...

بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب وعمر عبد اللطيف 
 
دانت الرئاساتُ الثلاث وهيئة الحشد الشعبي الاعتداء الأميركي الذي أدى في وقت مبكر من فجر أمس الجمعة إلى استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي القائد الحاج أبو مهدي المهندس، وضيف العراق اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، وثلة من الشهداء منتسبي الحشد الشعبي الذين سيجري تشييعهم صباح اليوم السبت في بغداد، ووصفت رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان ما جرى بـ"الانتهاك السافر للسيادة الوطنية"، داعين إلى الوحدة والحكمة في التعامل مع الحدث، وبينما دعت رئاسة البرلمان إلى عقد جلسة طارئة (غداً الاحد) لبحث تداعيات هذا التصعيد الخطير واتخاذ موقف بشأن الوجود الأميركي في البلاد، عدت العمليات المشتركة ما حصل "اعتداءً غادرا وجبانا وانتهاكا صارخا لسيادة العراق". 
بيانات الرئاسات
رئيس الجمهورية برهم صالح، دعا الى ضبط النفس وتغليب صوت العقل والمنطق والحكمة وتقديم المصلحة الوطنية.وقال صالح في بيان تلقته "الصباح": "ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ استشهاد القائدين الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، والشهيد الحاج قاسم سليماني اللذين كان لهما دور مهمٌ وحاسم في قتال تنظيم داعش الإرهابي، وسطرا في الحرب عليه أروع صور الإيثار".وأضاف، "اننا ندين هذا العدوان الذي طال قادة أمنيين ينتمون للمؤسسة العسكرية العراقية، والذي بلا شك سوف تترتب عليه آثار وتداعيات أمنية في العراق والمنطقة لا سمح الله في حال لم يبادر الحكماء الى اعلاء صوت العقل والمنطق، ومحاولة احتواء الآثار المترتبة على هذا العدوان، الذي يهدد سلم المنطقة والعراق بشكل واضح"، داعياً "الجميع الى ضبط النفس وتغليب صوت العقل والحكمة وتقديم المصلحة الوطنية العليا".وتابع صالح: "في هذا الظرف الاستثنائي واجبنا التمسك بوحدتنا ورصّ الصفوف وتجاوز الخلافات العابرة من أجل حماية المصالح الوطنية العليا، وحماية سيادة العراق وأمنه، وتجنيب البلاد والعباد ويلات ومآسي نزاعات مسلحة انهكته على مدى أربعة عقود من الزمن ولا تزال آثارها وجراحها لم تندمل".بدوره، قال رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: "ندين بأقصى درجات الادانة والاستنكار إقدام الإدارة الأميركية على عملية اغتيال الشهيدين الحاج أبي مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني وشخصيات عراقية وإيرانية أخرى".وأضاف عبد المهدي، "لقد كان الشهيدان رمزين كبيرين في تحقيق النصر على داعش الارهابي"، لافتا الى أن "اغتيال قائد عسكري عراقي يشغل منصبا رسميا يعد عدوانا على العراق دولة وحكومة وشعبا".وأوضح، أن "القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقا سافرا للسيادة العراقية واعتداء صارخا على كرامة الوطن وتصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة في العراق والمنطقة والعالم، وهو خرق فاضح لشروط تواجد القوات الأميركية في العراق ودورها الذي ينحصر بتدريب القوات العراقية ومحاربة داعش ضمن قوات التحالف الدولي وتحت إشراف وموافقة الحكومة العراقية".وتابع عبد المهدي، "لقد وجهنا دعوة رسمية إلى عقد جلسة استثنائية لمجلس النواب استنادا إلى أحكام المادة (58) من الدستور من أجل تنظيم الموقف الرسمي العراقي واتخاذ القرارات التشريعية والاجراءات الضرورية المناسبة بما يحفظ كرامة العراق وأمنه وسيادته".أما رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، فقال في بيان مماثل: "بعميق الحزن والأسى تلقينا نبأ استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الحاج القائد أبي مهدي المهندس ومساعديه، الذي كان له الدور البارز في معارك تحرير الأراضي العراقية من دنس عصابات داعش الإرهابية، مسطرا بذلك أروع صور الشجاعة".وأضاف، أن "ما جرى في محيط مطار بغداد الدولي من استهداف لقائد عسكري ينتمي إلى المؤسسة العسكرية العراقية يعدُّ خرقًا سافرًا للسيادة، وانتهاكًا للمواثيق الدولية، في حين أن أي عملية أمنية وعسكرية على الأراضي العراقية يجب أن تحظى بموافقة الحكومة"، داعياً "الحكومة في هذا الظرف الحساس إلى اتخاذ الإجراءات والتدابير السياسية والقانونية والأمنية اللازمة؛ لإيقاف مثل هذه الاعتداءات".وتابع الحلبوسي: "في الوقت الذي ندين فيه هذا الانتهاك ونحذر من تداعياته التي تهدد سلم العراق والمنطقة؛ ندعو الجميع إلى ضبط النفس، وتغليب الحكمة، وتوحيد الصفوف، ومواجهة التحديات، وإبعاد العراق عن أن يكون ساحة اقتتال أو طرفا في أي صراع إقليمي أو دولي، وتجنيبه أي نزاعات مسلحة، والحفاظ على استقرار البلد وأمنه الذي أنهكته الحروب".واختتم بيانه بالقول: "تعازينا الحارة والمواساة إلى الشعب العراقي وهيئة الحشد الشعبي، كما نتقدم بالتعزية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستشهاد ضيف العراق الحاج قاسم سليماني، سائلين الله تعالى أن يرحم الشهداء ويتغمدهم بواسع رحمته ويلهم ذويهم الصبر والسلوان".
 
جلسة برلمانية طارئة
نائب رئيس مجلس النواب حسن كريم الكعبي، دعا من جانبه لعقد جلسة برلمانية طارئة (غدا الاحد) تخصص لمناقشة الاعتداء الأميركي.
وقال الكعبي في بيان تلقته "الصباح": "آن الأوان لوضع حد للاستهتار والاستكبار الأميركي داخل العراق، فكل يوم يتضح بشكل جلي زيف ادعاءاتهم واستهانتهم بسيادة العراق"، مؤكداً أن جلسة (يوم غد الاحد) ستخصص لاتخاذ قرارات مفصلية تضع حدا للتواجد الاميركي داخل العراق".وعزى الكعبي، "على خلفية الاغتيال الغادر الذي نفذته قوى الشر الاميركية، لنائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبي مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني فجر الجمعة في محيط مطار بغداد الدولي، العالم الاسلامي والمراجع العظام والجمهورية الاسلامية ومجاهدي الحشد الشعبي الأبطال والشعب العراقي أجمع باستشهاد هذه النخبة المؤمنة من المجاهدين".وأكد الكعبي، أن "استهدافهم يوم الجمعة لم يكن استهدافا لشخوصهم بقدر ما هو اغتيال صريح لروح المقاومة العراقية لقوى الاستكبار والتكبر ممثلة بأميركا واسرائيل، وهو استهداف للجهاد والمعارضة والروح الثورية الدولية، ولكننا نقول لهم إنكم لن تنالوا من عزمنا وجهادنا، وأسأل الله أن يجنب المنطقة الخطر، ويجنب عراقنا الحبيب المخاطر، وأتمنى على الجميع التحلي بالحكمة والحنكة".
نعي عسكري
نائب قائد قيادة العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الامير رشيد يارالله، قال في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: إن "قيادة العمليات المشتركة تنعى الشهيد البطل شيخ المجاهدين الحاج جمال جعفر الابراهيمي (أبو مهدي المهندس) نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الذي استشهد إثر حادث غادر وجبان نفذته الطائرات الأميركية قرب مطار بغداد الدولي، هو وعدد من منتسبي هيئة الحشد الشعبي".
وأضاف، "نستذكر دوره الكبير في عمليات التحرير في مواجهة عصابات داعش الارهابية"، مشدداً بالقول: "بالوقت الذي ننعى فيه قائدا عراقيا وبطلا قارع الارهاب بكل شجاعة وبسالة وبطولة، نؤكد أن "ما حصل هو انتهاك صارخ لسيادة العراق وخروج واضح عن مهام القوات الأميركية المحدد لمكافحة داعش وتقديم الدعم والإسناد للقوات العراقية".كما أصدر رئيس أركان الجيش الفريق الأول الركن عثمان الغانمي، بيان تعزية قال فيه: " ببالغ الحزن ومزيد من الأسى تلقينا نبأ استشهاد المجاهد البطل جمال جعفر الابراهيمي (أبو مهدي المهندس) نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وعدد من منتسبي هيئة الحشد الشعبي في حادث غادر قرب مطار بغداد الدولي، وبالوقت الذي ننعى فيه هذا الشهيد البطل الذي قارع الارهاب وعمل جاهدا في سبيل الخلاص من عصابات داعش الارهابية من خلال مسؤولياته وتواجده بالميدان طيلة سنوات القتال مع داعش؛ لا يسعنا إلاّ أن نسأل الله أن يتقبلهم قبول الشهداء والصديقين ويغفر لهم ويرحمهم ويلهمنا وذويهم الصبر والسلوان".
 
الصدر والحكيم
بدوره، قال زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر: "أعزي نفسي وأعزي الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرجعية وقائدا وشعبا وحكومة باستشهاد المجاهد الحاج قاسم سليماني ومن معه من المؤمنين"، لافتا الى أنه "من المعلوم أن استهدافه من الاستكبار العالمي هو استهداف للجهاد والمعارضة والروح الثورية الدولية".وأضاف، " لكن لن ينالوا من عزمنا وجهادنا، وأسأل الله أن يجنب المنطقة الخطر، ويجنب عراقنا الحبيب المخاطر والبلاء"، متمنيا "من الجميع التحلي بالحكمة والحنكة".ونوه الصدر قائلا: "إنني كمسؤول المقاومة العراقية الوطنية أعطي أمرا بجهوزية المجاهدين لا سيما جيش الإمام المهدي ولواء اليوم الموعود ومن يأتمر بأمرنا من الفصائل الوطنية المنضبطة لنكون على استعداد تام لحماية العراق".رئيس تيار الحكمة السيد عمار الحكيم، قال في بيان في الشأن نفسه: "ببالغ الحزن والأسى نتقدم للشعبين العراقي والإيراني بأحر التعازي باستشهاد القائدين الكبيرين الحاج أبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، فقد أفنى الشهيدان جلّ حياتهما بالجهاد والتضحية وكان لهما دور رائد في مقارعة الارهاب والانتصار على الإرهاب الداعشي".وأضاف، "نستنكر وندين بشدة هذا الاستهداف والانتهاك الصارخ لسيادة العراق، وإننا نحذر من تداعيات وتأثيرات وخطورة هذا الاستهداف كونه يضع المنطقة على صفيح ساخن، كما ندعو الحكومة العراقية في هذا الظرف الحساس لاتخاذ الإجراءات اللازمة لردع مثل هذه الاعتداءات، كما ندعو شعبنا العراقي إلى الوحدة والتماسك ورص الصفوف لمواجهة التحديات".
 
تشييع مركزي
في غضون ذلك، أعلنت هيئة الحشد الشعبي، عن إقامة تشييع مركزي لجثمان نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس مع باقي الشهداء في بغداد.
وقالت الهيئة في بيان: إن "هيئة الحشد الشعبي تقيم تشييعا مركزيا لجثمان قائد الحشد العسكري الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس مع باقي الشهداء (في الساعة العاشرة صباحاً اليوم السبت) في العاصمة بغداد، ويلي التشييع الرسمي تشييع شعبي من بوابة المنطقة الخضراء باتجاه منطقة الجادرية في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً"، وأضاف البيان أنه "سيوارى الجثمان الطاهر للشهيد القائد أبو مهدي المهندس في مقبرة وادي السلام بالنجف الأشرف حسب وصيته".وكانت هيئة الحشد الشعبي؛ أعلنت أمس الجمعة، استشهاد نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني بغارة أميركية استهدفت عجلتهما على طريق مطار بغداد الدولي"، كما أدت الغارة إلى استشهاد مسؤول تشريفات الهيئة محمد رضا مع عدد من مرافقيه.بينما قال السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي: إنه " نحو الواحدة فجراً تعرضت سيارتا قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، إلى هجوم صاروخي أميركي في بغداد، مما أدى إلى استشهاد الركاب العشرة جميعهم".
 
تأثيرات الحدث
وفي تأثيرات الحدث الخطير، أكدت وزارة النفط، مغادرة عدد من الموظفين ممن يحملون الجنسية الاميركية فقط، مشيرة الى أن عمليات الانتاج والتصدير لم تتأثر.وذكر المكتب الإعلامي للوزارة في بيان، أن "وزارة النفط تنفي مغادرة موظفين أجانب يعملون في الشركات النفطية جنوب العراق، باستثناء عدد من الموظفين العاملين ممن يحملون الجنسية الاميركية فقط، استجابة لطلب حكومتهم".وأكدت الوزارة، أن "الأوضاع طبيعية في الحقول النفطية في جميع أنحاء العراق"، موضحةً أن "عمليات الانتاج والتصدير لم تتأثر".
وكانت وكالة "رويترز" نشرت خبراً مفاده مغادرة موظفين أجانب يعملون بالشركات النفطية، بعد عملية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني.ودعت الولايات المتحدة رعاياها إلى مغادرة العراق "فوراً" على خلفية اغتيالها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس فجر الجمعة في محيط مطار بغداد الدولي.
 
آراء برلمانية وسياسية
وبشأن الجلسة الاستثنائية للبرلمان، قال النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني ديار برواري لـ "الصباح": إن "عقد جلسة طارئة يجب أن يعتمد على بناء مخرجات محددة وليست حوارية"، مشددا على "أهمية تركيز الجلسات الطارئة للوصول لقرار يصب بمصلحة الشعب وبفاعلية".وبين برواري، "أهمية أن تكون السلطة التنفيذية حاضرة في الجلسات الطارئة، لأن القرارات التي تتخذ يجب أن تطبق من الجانب التنفيذي كي لا تتخذ السلطة التشريعية قرارات لا تستطيع تنفيذها".من جانبه، طالب عضو مجلس النواب حيدر الفوادي، أعضاء مجلس النواب باتخاذ قرارات ملزمة للحكومة بأن "تضع حدا للغارات الاميركية غير المبررة على قادة عسكريين عراقيين".وقال الفوادي لـ"الصباح": إن "البرلمان يمكن أن يخاطب الجامعة العربية والمجتمع الدولي باتخاذ خطوات جدية وحقيقية في ايقاف التصرفات غير المدروسة للولايات المتحدة"، متوقعاً أن "يخرج البرلمان بقرارات واضحة أمام المجتمع الدولي ترفض بشكل قاطع هذه الممارسات، وأن تتخذ الحكومة خطوات جادة لإخراج القوات الاميركية من العراق وإلغاء الاتفاقيات الامنية بين
 الطرفين".المتابع للشأن السياسي رحيم الشمري دعا في حديثه لـ "الصباح"، "السلطة التشريعية في الجلسة الاستثنائية التي ستعقد الى أن تكون قوية وتثبت موقف العراق وتتخذ قراراً تاريخياً، حتى لو وصل لإلغاء الاتفاقيات الأمنية والمعاهدات والتحالفات الثنائية".أما المحلل السياسي الدكتور أسامة السعيدي، فقد توقع في حديثه لـ "الصباح"، أن "العراق مقبل على تصعيد إقليمي ودولي خطيرين، ويجب الإسراع بإصدار قرارات مناسبة يمكن أن تحد من ذلك"، مؤكداً أن "إقرار قانون خروج القوات الأميركية من العراق كان يمكن أن يقر في أولى جلسات البرلمان؛ إلا أن المزاج السياسي وعدم اتفاق الأحزاب بينها منع ذلك".