مجزرة مطار بغداد

الرياضة 2020/01/04
...


صالح الشيخ خلف 
 
ثلاثة اسئلة ملحة كانت على الأفواه تبحث عن اجوبة منذ الغارة الاميركية التي استهدفت قاسم سليماني قائد فيلق القدس الايراني وابو مهدي المهندس نائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقي فجر يوم الجمعة الفائت في مطار بغداد، وهي كيف سترد ايران على الغارة الاميركية ؟ واين ؟ ومتى ؟
ايران صُدمت بمقتل سليماني والمهندس وتحركت منذ الساعات الاولى لتبحث عن تداعيات الحدث والية الرد، اجتماعات متواصلة شهدتها اروقة وزارة الخارجية الايرانية والبرلمان وقيادة الحرس الثوري وفيلق القدس انتهت الى اجتماع لمجلس الامن القومي الذي أُلتأم بحضور المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي وبحضور جميع اعضاء المجلس المذكور بما فيهم الرئيس الايراني حسن روحاني باعتباره رئيس المجلس .
الحادثة من العيار الثقيل لجهة الشخصية المستهدفة اولا، ولتوقيتها ثانيا، لقد اكتسب قاسم سليماني خلال السنوات الخمس الماضية محبوبية عالية منقطعة النظير في داخل ايران، ناهيك عن من احبه في خارج ايران حيث انعكست هذه الحالة بشكل واضح بعد اعلان استشهاده داخل جميع الاوساط حتى تلك التي لديها انتقادات للنظام السياسي الايراني، سليماني مثل ايقونة الجهاد طوال العقود الثلاثة الماضية كما انه مثل ايقونة الدفاع عن مصالح الشعوب التي وقف الى جانبها في العراق وسوريا ولبنان .
في العراق كان الرجل الاول الذي وصل كردستان العراق وتحديدا الى مدينة اربيل ليدافع عنها امام عناصر عصابات داعش الارهابية التي أرادت احتلالها في حزيران عام 2014 ، كما انه دافع عن حزام بغداد الجنوبي في منطقة جرف الصخر وبقي مرابطا من خلال مستشاريه حتى القضاء على العصابات التكفيرية وانقاذ العراق من الجماعات الارهابية .
في سوريا عمل على عدم نجاح الفصائل الارهابية في تعزيز مواقعها والانطلاق نحو بقية بلدان المنطقة، في الوقت الذي قام فيه بزيارتين تاريخيتين للعاصمة الروسية موسكو ولقائه مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أقنعه بضررة المشاركة في مواجهة الجماعات الارهابية، حيث ادت هذه الجهود الى تشكيل مسار استانة الذي حاول خفض واتساع مناطق خفض التوتر .
اما في لبنان فلها قصة من نوع اخر، حيث وقف يقود الحرب بنفسه ضد القوات الاسرائيلية خلال حرب عام 2006 وبقي في بيروت حتى وقف اطلاق النار .
ايران اعتبرت حادث الاغتيال "اعلان حرب" من قبل الولايات المتحدة، كما عبر عن ذلك مندوبها في منظمة الامم المتحدة مجيد تخت روانجي، وعلى اساس ذلك حملتها مسؤولية جميع العواقب.
القيادة الايرانية قالت: ان الرد سيكون عنيفا، لكن حتى الآن لم يستطع احد التكهن بطبيعة هذا الرد، العارفون بالسياسة الايرانية يقولون ان الرد يستند الى ثوابت وارتكازات اعتمدتها السياسة الايرانية، اولا، انه سيكون سريعا وليس متسرعا، بمعنى انه لن يكون انفعاليا ولاترقيعيا وانما يقوم على اسس ستراتيجية تؤذي الجانب الاميركي بشكل مباشر. ثانيا ان الرد سيكون متزنا يتناسب مع الفعل الاميركي وموجها بشكل مباشر للشخص الذي اتخذ قرار الهجوم وهو الرئيس الاميركي دونالد ترامب . وثالثا ، ان الرد لن يكون انتقاميا بقدر ماهو رد يهدد المصالح والتواجد الاميركي في المنطقة .
وسطان معنيان بالرد الايراني . الوسط الاول هو الداخل الايراني الذي يطالب برد يعيد الحالة النفسية والثورية الى وضعها الطبيعي بعد شعوره بكسر شوكته باغتيال قاسم سليماني ، وهذا الرد يجب ان يكون مقنعا للايرانيين بعد كل تلك التهديدات التي اطلقها القادة والشخصيات الايرانية . اما الوسط الثاني فهم اعضاء المحور الذي تتزعمه طهران وهو" محور المقاومة" المنتشر ليس في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين فحسب بل كل المؤمنين بهذا المحور وثقافته سواء اقتنعوا بزعامة ايران له ام لا . وبذلك فان الرد الايراني يجب ان يكون متناسبا ومقنعا لهذا الوسط ايضا، لان اي ضعف يشعر به ابناء هذا الوسط من جراء عدم الرد يعني ضعفا لجميع مكونات هذا المحور ومستقبل وجوده.
في هذه الاجواء جرت العديد من المشاورات الدولية مع القادة الايرانيين ، كما شهدت طهران زيارات لعدد من المسؤولين لضبط ايقاعات الرد الايراني ، تم الاعلان عن بعضها بينما بقى البعض الاخر خارج اطار التغطية . في الوقت الذي تحركت فيه الدبلوماسية الايرانية لشرح موقفها للمجتمع الدولي لان الرد الايراني مرشح لنشوب حرب يتحدث عنها كثيرون في اكثر من قارة ، اللهم الا الادارة الامريكية فهي تريد ان « تبلع » تداعيات الرد لفسح المجال امام خيارات
المفاوضات.