اغتيال سليماني لن يردع إيران

العراق 2020/01/06
...

سكوت بيترسون
ترجمة وإعداد / انيس الصفار                                  
منذُ وقتٍ طويل كان اللواء قاسم سليماني، أقوى القادة الإيرانيين العسكريين وأشدهم مهابة واجلالا، قد أعلن بأن حلمه هو الاستشهاد على طريق المقاومة، وفي الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة الماضي تحققت له أمنيته عندما تمكنت طائرة أميركية مسيرة من اغتياله في بغداد. صور المسؤولون الأميركيون الحادثة بأنها “عملية استباقية” ضد قائد قوة القدس المنتخبة والى جانبه قائد عراقي في قوات الحشد الشعبي. بيد أن الضربة الأميركية، بدلاً من أن تكون رادعاً لإيران، ينظر اليها اليوم هناك على أنها تصعيد يرقى الى مصاف إعلان حرب ولابد لها من رد عسكري.أقر الرئيس “دونالد ترامب” بمسؤولية الولايات المتحدة عن حادثة الاغتيال وبررها بأن الجنرال سليماني كان وراء مقتل وجرح آلاف الأميركيين.  بيد أن كثيرين يتساءلون الان بشأن حكمة حسابات الادارة في قتلها أحد أرفع رموز المقاومة الإيرانية شعبية ومقاماً. لقد سنحت فرص عديدة مماثلة من قبل لرؤساء أميركيين سابقين وحتى للقادة الاسرائيليين، ولكنهم امتنعوا لشعورهم بخطورة هذا العمل الذي ستترتب عليه بلا ريب عواقب على نطاق عالمي من جانب إيران وحلفائها الأوفياء. وسط التوترات الملتهبة تثار تساؤلات ايضاً حول هذا النأي الواضح لدى صناع السياسة في واشنطن تجاه الحقائق على أرض الواقع في العراق وإيران، حيث يقول المحللون أن تفاخر الأميركيين باغتيالهم الجنرال سليماني قد يحفز ويعزز نوازع انتقامية تقودها إيران.
يقول علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمة الدولية: “المفارقة هنا هي أن الفعل الذي يفترض به ردع إيران من دون القيام بهجمات أخرى في المنطقة قد يؤدي 
الى نتيجة عكسية بالضبط.”  يوضح فايز أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي يأبى ابداء أي مظهر من مظاهر الضعف، وإذا ما تقاعست إيران عن الرد فإن واشنطن ستؤول موقفها ضعفاً، وهذا سيجر على إيران المزيد من الهجمات الأميركية.  يمضي فايز مستطرداً: “لقد أسست إيران شبكة من الحلفاء والاتباع والشركاء في عموم المنطقة لهذه الغاية بالذات.”عملية الاغتيال عرضت ايضاً العلاقات الأميركية العراقية للتدهور في حين وحدت الأصوات الداعية لطرد اكثر من 5000 جندي أميركي منتشرين في العراق. 
يقول مسؤول عراقي في بغداد طلب عدم ذكر اسمه: “ما ترونه ليس سوى البداية. انتم لم يصبكم حتى الان سوى بعض الزجاج المكسور وبعض الشعارات بالطلاء على الجدران، ولكن الاتيات أعظم.” يمضي المسؤول مضيفاً :”في اعتقادي الشخصي أن الولايات المتحدة أخطأت في قراءة الموقف، فهم يستطيعون الان ان يقولوا لجماهيرهم في الوطن اننا قد نلنا ممن كانوا يستهدفوننا وكان ردنا قوياً.” بيد أن الجنود الأميركيين في العراق سيكونون اهدافاً سهلة أمام إيران وحلفائها. 
بل أن القادة الإيرانيين كانوا يحذرون منذ عقود بأنهم سيردون على اي هجوم أميركي باستهداف القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة من الخليج الى افغانستان.
في خضم هذا كله إذا بواشنطن ترسل 3500 جندي إضافيين الى الشرق الأوسط.
يقول ريناد منصور، وهو خبير في الشأن العراقي من مؤسسة “تشاثام هاوس” الفكرية بلندن: “لقد بقي الأميركيون يتخبطون طويلاً لا يدرون ماذا يفعلون. كل ما كانوا يفعلونه هو النظر الى أعدى اعدائهم وهم يوسعون نفوذهم، ولعلهم اعتقدوا انهم بهذا الفعل سيؤكدون فرض هيمنتهم الجوية، لكن ما أوضحته ردة الفعل هو أن تلك حركة خلت من الحكمة. يبدو لي أن أقوى الحلقات السياسية في المؤسسة الأميركية، وأعني مجلس الأمن القومي والبيت الأبيض، قد غرهم بعض الشيء ما رأوه من مشاعر معادية لإيران في العراق.” 
 عن صحيفة {كريستيان ساينس مونيتور}