بغداد بصدد مناقشة إجراءات قانونية ضد واشنطن
العراق
2020/01/06
+A
-A
بغداد / الصباح / اسطنبول / فراس سعدون
بدأت بغداد، بعد استدعاء السفير الاميركي، باتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد واشنطن على خلفية الضربات الجوّية في القائم ومطار بغداد والتي ادت الى استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي وقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني، ابرزها تصويت البرلمان على إلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد وإلغاء الاتفاق الأمني، مع الولايات المتحدة والغاء طلب مساعدة التحالف الدولي بقيادة واشنطن في محاربة الإرهاب.
وقوبل قرار البرلمان الاخير بـ”ردود افعال دولية”، اذ هدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بفرض عقوبات على بغداد ودفع تكلفة بناء قاعدة عين الاسد، بينما رفض المجتمع الدولي تصريحات ترامب وسط تحذيرات لواشنطن من اساءة استخدام القوة.
استدعاء السفير الأميركي
وبحسب بيانات لوزارة الخارجيّة، تسلمت «الصباح»، نسخاً منها، فأنها استدعت سفير الولايات المتحدة الأميركيّة لدى بغداد ماثيو تولر، على خلفيّة الضربات الجوّية التي تعرَّضت لها القطعات العراقيّة في القائم، وما أسفر
عنها من سُقُوط ضحايا بين شهيد وجريح، وكذلك الضربة الجوّية التي استهدفت قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى مع مرافقيهم في الاراضي العراقية، والتي نتج عنها استشهاد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبيّ الشهيد جمال جعفر محمد (أبو مهدي المهندس)، مع ثلة من الشهداء من القيادات العراقية والصديقة.
واعتبرت هذه العمليّات العسكرية غير المشروعة التي نفذتها الولايات المتحدة اعتداءً وعملاً مُداناً يتسبّب في تصعيد التوتر بالمنطقة في الوقت الذي ينبغي أن تتعاون الإدارة الأميركية مع العراق في خفض التوتر الأمنيّ، وحلحلة الأزمات التي تُعاني منها المنطقة.
كما التقى وزير الخارجيّة محمد علي الحكيم السفير الفرنسيّ برونو أوبير، والسفير البريطاني ستيفن هيكي، والسفير الألمانيّ
أوله دييل، لبحث التطوُّرات الأمنيّة الأخيرة في العراق.
وأكد وزير الخارجية في اتصال هاتفي من نظيره اللبناني جبران باسيل، ان «العراق سيتخذ الاجراءات القانونية اللازمة كافة لحماية ارضه ومواطنيه من مثل هذه الانتهاكات والخروقات».
هزيمة عصابات “داعش” الارهابية
وأعلن التحالف الدولي، عزمه “كشركاء لحكومة وشعب العراق” للمساعدة في هزيمة تنظيم “داعش” الارهابي
وأوضح في بيان، أن “أولويتنا الأولى هي حماية جميع أفراد التحالف الملتزمين بهزيمة داعش”، مبينا أن “الهجمات الصاروخية المتكررة خلال الشهرين الأخيرين تسببت في مقتل أفراد من قوات الأمن العراقية ومدني أميركي”.
واضاف، “نتيجة لذلك نحن ملتزمون تمامًا بحماية القواعد العراقية التي تستضيف قوات التحالف، وقد حد ذلك من قدرتنا على إجراء التدريب مع الشركاء ودعم عملياتهم ضد داعش وبالتالي قمنا بإيقاف هذه الأنشطة مؤقتًا ، رهنا بمراجعة مستمرة”.
واضاف “نحن لا نزال عازمين كشركاء لحكومة العراق والشعب العراقي الذين رحبوا بنا في بلدهم للمساعدة في هزيمة داعش، مؤكدا “ما زلنا على استعداد لإعادة انتباهنا وجهودنا الكاملة إلى هدفنا المشترك المتمثل في ضمان الهزيمة الدائمة لداعش».
مع ذلك، قالت الخارجية الصينية، في بيان: إن “بلادها تعارض الاستخدام الجائر لتهديد الرئيس الأميركي بفرض عقوبات على العراق”، مبينة أن “ضمان السلام والاستقرار في منطقة الخليج أمر حيوي للغاية للعالم كله”.
وعبرت الوزارة عن “قلقها الشديد إزاء الوضع الحالي بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران”، داعية “واشنطن إلى عدم إساءة استغلال القوة وتحث الأطراف المعنية على التحلي بضبط النفس”.
من جانبه، يرى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ان تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على العراق غير مفيدة.
وكان الرئيس الأميركي، قد هدد بفرض عقوبات على بغداد بعدما طالب البرلمان العراقي القوات الأميركية بمغادرة البلاد، مضيفا أنه إذا غادرت قواته فسيتعين على بغداد أن تدفع لواشنطن تكلفة قاعدتها الجوية.
واعربت وزارة الخارجية الاميركية في بيان، عن خيبة املها بشأن تصويت البرلمان العراقي على اخراج القوات الاجنبية”، مشيرة الى ان “واشنطن تحث القادة العراقيين أن يأخذوا بعين الاعتبار أهمية العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين”. وتعتقد بان مواصلة قتال داعش “مصلحة مشتركة” لبغداد وواشنطن.
منع التوترات المتزايدة
في السياق نفسه، دعت برلين وباريس ولندن، بغداد الى عدم تعريض عملية مكافحة تنظيم “داعش” للخطر، كما طالبت طهران بالتخلي عن الإجراءات التي تتعارض مع الاتفاق النووي للعام 2015، كما دعتها للامتناع عن “الأعمال العنيفة” انتقاما لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني.
ودعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في بيان مشترك إيران إلى سحب كل الإجراءات التي لا تتوافق مع الاتفاق النووي”.
وجاء ذلك بعد أن أعلنت طهران تخليها عن جميع القيود على أنشطتها النووية في إطار “الخطوة الخامسة والنهائية” من تقليص التزاماتها الدولية.
كما تطرق البيان الثلاثي إلى التوترات المتزايدة في أعقاب الضربة الجوية الأميركية التي أدت إلى مقتل قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس يوم الجمعة الماضي في بغداد.ودعا البيان إيران إلى الامتناع عن القيام “بأعمال عنيفة جديدة أو دعم أعمال كهذه”.
وأضاف ماكرون وميركل وجونسون: “من المهم حاليا خفض التصعيد، وندعو جميع الجهات إلى إظهار أقصى درجات ضبط النفس والمسؤولية”.
كما دعا القادة الأوروبيون الأطراف المعنية إلى عدم تعريض عملية مكافحة تنظيم “داعش” للخطر، وذلك بعد أن دعا البرلمان الأحد الحكومة إلى “إنهاء تواجد أي قوات أجنبية” على أراضيه عبر المباشرة بـ”إلغاء طلب المساعدة” المقدم إلى المجتمع الدولي في هذا الإطار.
وقال القادة الثلاثة: “في هذا السياق، يعد الحفاظ على التحالف (ضد داعش) ذا أهمية حاسمة، و ندعو السلطات العراقية إلى مواصلة تقديم الدعم اللازم للتحالف”.
الى ذلك، عبرت وزيرة الدفاع الاسترالية ليندا رينولدز عن قلق استراليا البالغ ازاء ازدياد التوترات في منطقة الشرق الاوسط وقرار البرلمان العراقي باخراج القوات الاجنبية من البلاد.
واضافت أن “استراليا ستظل ثابتة في جهودها لمواجهة داعش وشبكة الدعم في المنطقة ، والتي تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي والعالم”، مشيرة الى أن “الحكومة الاسترالية تتابع الوضع في العراق والمنطقة عن كثب وتواصل تشجيع ضبط النفس وتجنب التصعيد”.
تحذيرات الرئيس التركي
في السياق نفسه، حذر الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، من تحويل العراق إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي في منطقة الشرق الأوسط، فيما ذكر أنه نصح نظيره الأميركي بعدم تصعيد التوتر مع إيران.
وقال الرئيس التركي إنه أجرى اتصالات مع زعماء حول العالم، على خلفية التطورات، وفي مقدمتهم رؤساء العراق وإيران وفرنسا وأمير قطر.
وقال اردوغان إنه أبلغ الرئيس الإيراني بأهمية “ضبط النفس والاعتدال وليس لدينا حل آخر، وبالمثل في اتصال مع الرئيس العراقي أبلغته بنفس الأمر، كما كانت لدي محادثة مع قادة دول غربية على سبيل المثال مع ماكرون (الرئيس الفرنسي)”، كما كانت لدي محادثة مع أمير دولة قطر الشيخ تميم».فيما قال مولود جاووش أوغلو، وزير الخارجية التركي: إن “لدينا جميعا مخاوف مشتركة من أن يتحول العراق إلى منطقة صراع لدول أخرى وللبلدان الثالثة”. وأردف “هذا خطر شديد على العراق ومنطقتنا”.وأفاد “نتواصل مع جميع الأطراف المعنية، فالرئيس اردوغان أجرى اتصالات هاتفية مع نظرائه في إيران، وفرنسا، والعراق، وقطر، وسيهاتف زعماء وقادة آخرين مثل رئيس الوزراء البريطاني والمستشارة الألمانية”.
وواصل “وأنا كوزير للخارجية تناولت مسألة خفض التصعيد بين طهران وواشنطن مع نظرائي في إيران، والولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا، وقطر، وباكستان، ومع الأمين العام للأمم المتحدة». وقال الوزير التركي “سنواصل العمل مع البلدان الأخرى في الأيام المقبلة لحل هذه المشكلة، أو تخفيف التوتر”.
انهاء التواجد الأجنبي
وتناول وزير الخارجية التركي موقف أنقرة من قرار البرلمان العراقي “التزام الحكومة العراقية بإنهاء تواجد أي قوات أجنبية في الأراضي العراقية ومنعها من استخدام الأراضي والمياه والأجواء العراقية لأي سبب كان”.
وتنشر تركيا قوات في مناطق متفرقة من إقليم كردستان ومحافظة نينوى لمطاردة عناصر حزب العمال الكردستاني.
وأصدر البرلمان العراقي العام 2016 قرارا اعتبر “القوات التركية في العراق محتلة ومعادية” ولابد من إخراجها، ولكن هذا القرار لم ينفذ عمليا.وقال جاووش أوغلو “على الرغم من أن قرار الأمس كان يستهدف الولايات المتحدة بشكل عام، فإنه كان ذا أهمية عامة للجميع، ولكنه ليس ملزما”. وأضاف أن “قرار البرلمان العراقي غير ملزم، لكنه على الأقل مؤشر على موقف الكتلة الشيعية (في البرلمان) بعد اغتيال سليماني”. وتمتلك تركيا معسكرا في بعشيقة أثار جدلا في مراحل مختلفة بين العراق وتركيا.
ونوّه الوزير التركي “في موضوع بعشيقة أثرنا مسألة ما إذا كان بإمكاننا إنشاء مركز تدريب مشترك، ودعونا أصدقاءنا لمواصلة العمل على هذا، وقلنا إن لدينا بعض القضايا الأخرى مع العراق، بما في ذلك المياه والتحكيم”. ويطالب العراق تركيا، باستمرار، بعدم الحد من حصص المياه المتدفقة إلى نهر دجلة عبر توجيه كميات كبيرة من المياه لملء سد (إلي سو). ولفت الوزير إلى “نحن نلتقي بهم (بالمسؤولين العراقيين) أيضا، بينما كانت كل هذه المفاوضات جارية قبل الأزمة الحكومية (استقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي)، ولدينا الآن هذه الأزمة”.
وأكد “هدفنا هو ترتيب كل هذه الأمور من خلال اتفاقية ثنائية، وإنشاء البنية التحتية القانونية، والتغلب على هذه المشكلات”، معبرا عن أمله بأن “نتمكن من توقيع مثل هذا الاتفاق بعد تشكيل الحكومة (العراقية الجديدة) في الفترة المقبلة”.