مراقبون يبددون المخاوف من تأثر الاقتصاد العراقي بقرار انهاء الوجود الأجنبي

العراق 2020/01/07
...

بغداد / هدى العزاوي
 
 
قللَ مراقبون وخبراءٌ في الشأن الاقتصادي، من التهديدات التي اطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب بشأن فرض عقوبات اقتصادية على العراق، بينما أكدوا ان الانخفاض الذي طرأ على سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار مؤخرا هو تراجع طفيف يمكن تلافيه باجراءات يسيرة يتخذها البنك المركزي العراقي والجهات ذات العلاقة.
ورغم ما يثار بشأن فرض عقوبات وما يروج له البعض بتأثيره في الاقتصاد العراقي، الا ان المراقبين استبعدوا اقدام الادارة الاميركية على مثل هذه الخطوة، مؤكدين ان العراق لم يخرق اياً من بنود اتفاقية الاطار الستراتيجي مع الولايات المتحدة، وان قرار اخراج القوات الاجنبية الذي صوت عليه مجلس النواب، الاحد الماضي، ليست له علاقة بهذه الاتفاقية.
وفي حديثه لـ"الصباح" اكد رئيس لجنة خبراء القانون في الجامعات العراقية الاستاذ الدكتور ميري الخاقاني، ان اتفاقية الاطار الستراتيجي الموقعة بين العراق والولايات المتحدة الاميركية في العام 2008 لا تقتصر على الجانب الامني، وانما تتضمن التعاون في العديد من المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، وكذلك التعاون في مجالات الطاقة والصحة والبيئة والاتصالات وغير ذلك من الجوانب.
واضاف ان القرار الذي صوت عليه مجلس النواب يتضمن فقط انهاء وجود القوات الاجنبية في العراق، ولا يؤثر في العلاقات الاقتصادية كما يروج له البعض، مشيرا الى ان القرار ركز على انهاء طلب المساعدة من القوات الاجنبية، بعد انتفاء الحاجة لوجودها مع انتهاء صفحة داعش. ووصف الخاقاني ردود الافعال التي صدرت من بعض الجهات بهذا الصدد بأنها تنطوي على أبعاد سياسية اكثر منها قانونية، مشددا على ان القانون الدولي لا يسمح بفرض عقوبات على العراق، كونه لم يخرق اي بند من بنود الاتفاقية الستراتيجية، وهو ما أكدته دول عدة. وكانت العديد من دول العالم الكبرى قد اعربت عن التزامها بالسيادة العراقية، ورفضها تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض عقوبات على بغداد إذا أجبرت القوات الأميركية على مغادرة العراق.
فقد أكدت فرنسا وبريطانيا وألمانيا في بيان مشترك الالتزام بسيادة العراق وأمنه، وكذلك الالتزام بمواصلة قتال عصابات داعش الارهابية.
من جانبه، قال وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس: إن التهديد بفرض عقوبات على العراق لا يجدي نفعا، وذلك بعدما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن بغداد قد تتعرض لعقوبات "لم يروا مثلها من قبل مطلقا" إذا أُجبرت القوات الأميركية على المغادرة.
كما عبّرت الخارجية الصينية عن قلقها الشديد إزاء الوضع الحالي في المنطقة وتأزم الأوضاع بين الولايات المتحدة وإيران.
ودعت بكين نظيرتها واشنطن إلى عدم إساءة استغلال القوة، وحثت الأطراف المعنية على التحلي بضبط النفس.
أما اليابان فقد دعا رئيس وزرائها شينزو آبي الأطراف المعنية إلى حل المشكلات بوسائل دبلوماسية عقب اغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي بغارة أميركية في بغداد.
وقالت المكسيك إنها قلقة بشأن الأحداث الأخيرة في العراق وإيران، وطالبت كل الأطراف المعنية بممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوتر الإقليمي. من جهتها أعلنت وزارة الخارجية في جنوب أفريقيا دعمها لسيادة العراق، ودعت للهدوء والحوار، في حين وصف حزب المؤتمر الوطني الحاكم الغارة الأميركية التي قتلت سليماني والمهندس بإرهاب
الدولة.
وسجل الدينار العراقي تراجعا طفيفا امام الدولار خلال اليومين الماضيين، وتراوح سعر الدولار بين (1200 – 1350) دينارا. وفي هذا الشأن يقول المستشار الاقتصادي لجمعية السياسات العامة والتنمية البشرية الاستاذ الدكتور جعفر باقر علوش في تصريحه لـ"الصباح" ان "الانخفاض الذي طرأ على قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار يعد  طفيفا ويمثل نسبة لا تزيد على 1.5 بالمئة، مؤكدا ان سعر الصرف سيعود الى سابق عهده حال تبدد المخاوف وقيام السلطات النقدية باتخاذ معالجات لوقف اي تراجع في العملة". واضاف ان هذه المعالجات يجب ان تنسحب ايضا على استقرار الائتمان الداخلي والخارجي وقيمة السندات الحكومية العراقية في المصارف العالمية.
وشدد علوش على اهمية ان تقوم الحكومة بتوفير البدائل من خلال تنشيط قطاعات الإنتاج وخلق فرص ومناخات استثمارية لاستقطاب المدخرات المحلية، وتنمية الأموال المدخرة.
كما يمكن، والحديث لعلوش، اعتماد واردات النفط لتعزيز الاستدامة المالية بأساليب علمية رصينة، بحيث يمكن تجاوز الأزمات المالية أو على الأقل الحد منها، من جانبه، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عباس العرداوي لـ"الصباح" ان العقوبات التي لوح بها الرئيس الاميركي ليست ذات قيمة، مبينا ان العراق يزخر بالعديد من الموارد يمكن ان تكون بديلا عن التمويل الذاتي، لاسيما ان العراق ليست لديه التزامات مالية كبيرة مع الجانب الاميركي ليس كبلدان الخليج التي لديها التزامات مالية كبيرة مع الجانب الاميركي.
واضاف العرداوي ان واشنطن سوف تصطدم برفض دولي في ما لو اتخذت قرارا بفرض اي عقوبات على العراق.