مسحة التظاهرات الثقافيّة

ثقافة 2020/01/13
...

حسين رشيد
 
منذ انطلاق تظاهرات تشرين في الاول منه، وثمة فعاليات وممارسات ثقافية ترافق هذه التظاهرات المطلبية التي تحولت الى احتجاجات عمت ارجاء البلاد وعمت معها الفعاليات الاجتماعية والتكافلية والممارسات الثقافية، ندوات عامة، جلسات حوارية، قراءات شعرية، سينما، مسرح، تشكيل، غرافيك، موسيقى وغناء، فوتوغراف، تصوير فيدوي، مقاطع تمثيلية كوميدية وساخرة وغير ذلك، ما اضفى على هذه التظاهرات والاحتجاجات سمات عدة أسهمت في بلورة تغيير اجتماعي في التعامل بين الناس ان كان في ساحة التحرير وساحات التظاهر في مدن البلاد، او في الاماكن العامة الاخرى، نتيجة هذا التأثر، فالتظاهرات تحولت اليوم الى قضية اجتماعية موجودة في كل بيت عراقي وفي كل مفصل من مفاصل الحياة وعدت معيارا اجتماعيا مؤثرا في التغيير.
هذه الفعاليات والممارسات الثقافية كشفت عن كم كبير من المواهب الفنية الشبابية وبشكل خاص في مجال الغوتوغراف والتشكيل والجرافيك، الذي تزينت بها مقتربات الساحة، ونفقها الشهير الذي تجمل بتلك الرسومات الموثقة والمجسدة لتفاصيل التظاهرات والاحتجاجات وما رافقها من احداث. وهذا يدل على اهمية هكذا حراك جماهيري يستند الى أسس التغيير ليس السياسي فحسب بل الاجتماعي والفني والاقتصادي، ومثل هكذا تحدي يحتاج لوعي كبير ومنظم، وهذا ما اثبته شباب التظاهرات طوال الاسابيع الماضية.
فضلا عن التشكيل والفوتوغراف كان ثمة حضور مهم للغناء والموسيقى، اذ كانا من محفزات الاستمرار وبث روح الحماس والتواجد في ساحات التظاهرات باغاني حماسية فضلا عن الاغاني الوجدانية والوطنية والمعزوفات الموسيقية التي قدمها مجموعة من الموسيقيين والعازفين المعروفين، ترافقها ندوات وحورات نقاشية عن مجمل اوضاع البلاد وما حدث بعد نيسان 2003 من فسادٍ ضرب كل مفاصل الحياة واسسَ لثقافة مشوهة للمجتمع العراقي مستندة الى الفوارق الطبقية، وغياب مفهوم العدالة الاجتماعية، وتسيّد فئة من المفسدين على مشاريع البلاد الاستثمارية وسعيهم بنهب المال العام والاستحواذ على منشآت الدولة المنتجة.
منصات القراءة والكتب اضافة مميزة ثقافية اخرى للتظاهرات وقدمتها كفعل ثقافي وممارسة يومية حرص زوار ساحة التحرير وبقية الساحات على هذه الممارسة التي تطورت الى جلسات حفل توقيع كتب واحتفاء بكتاب حرصوا على التواجد بين المتظاهرين الشباب الذين فتحوا صالة عرض سينمائي ايضا استهلت بعرض افلام وثائقية لفنانين شباب حصدت العديد من الجوائز المحلية والعربية اغلبها يتحدث عن معاناة الناس وما خلفتها حروب النظام السابق وصراعات وفساد النظام الحالي الذي انعكس على كل مفاصل الحياة. المسرح ايضا كان حاضرا وبقوة في ساحات التظاهر وبشكل خاص ساحة التحرير عبر تخصيص خيمة لعروض مسرحية قدمها جمع من الشباب المسرحي منها يحاكي مسيرة التظاهرات والاحداث التي رافقتها، واخرى تناولت احداث مرتبطة بالتظاهرات ...
كل تلك الفعاليات قدمت التظاهرات والاحتجاجات المطلبية بصورة تختلف عن كل نظيراتها في العالم، ناهيك عن اعطائها مسحة ثقافية خاصة اذ لم تبقَ اي فعل ثقافي او مجال الا وقُدم في ساحات الاحتجاجات واخرها راقصة الباليه التي قدمت عرضا ممتعا في ساحة التحرير، هبطت بها الباليه من قاعات المسارح وصالات العرض الى ساحة
 التحرير.