«تأييد» برلماني للاتفاقية مع الصين
العراق
2020/01/14
+A
-A
بغداد / الصباح / مهند عبد الوهاب
معَ الحديثِ عن بدء الحكومة العراقية بتنفيذ الخطوات الاولى للاتفاقية مع الصين، افصحت لجنة الخدمات النيابية عن “تفاصيل جديدة”، بخصوص الاتفاقية التي عدتها “مصلحة اقتصادية”.
وتقول اللجنة: ان رأيها بالاتفاقية جاء بعد قراءتها “المتفحصة” لبنودها وتحققها من سمعة أسماء الشركات والمصارف التي تضمنتها، بينما تبرز دعوات بضرورة ان تمر الاتفاقية عبر بوابات مجلس النواب ورئاسة الجمهورية من خلال الأطر الدستورية.
ويجتمع اعضاء في مجلس النواب قريبا مع رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي والسفير الصيني في بغداد للاطلاع على تفاصيل ادق بخصوص الاتفاقية بين بغداد وبكين.
وكانت الحكومتان العراقية والصينية وقعتا في بكين في ايلول الماضي اتفاقية اقتصادية بحضور وإشراف رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ.
تفاصيل الاتفاقية الموقعة
وبحسب بيان لجنة الخدمات النيابية عن تفاصيل الاتفاقية الذي جاء خلال مؤتمر صحفي بحضور اعضاء اللجنة، فإن الاتفاقية تضمنت:
_انشاء صندوق الاتفاقية لتغطية مشاريع (المطارات، بناء المدارس، تعبيد الطرق الخارجية، سكك الحديد، بناء مجمعات سكنية، مشاريع البنى التحتية، مشاريع الطاقة والتحليل، معالجة التلوث في دجلة والفرات وشط العرب وأي مشاريع أخرى بحسب طلب الحكومة العراقية فإذا كانت كلفة أحد المشاريع مليون دولار يؤخذ من الصندوق بواقع 850 مليون دولار من الصين و150مليون دولار من مبيعات النفط العراقي.
– إن الاتفاقية من غير شروط جزائية وتندرج ضمن اتفاقيات الصداقة وفي حال حصول خلاف يتم اللجوء إلى هيئات التحكيم الدولية للبت فيه.
– يشرف على الصندوق الصيني للإعمار الطرف العراقي وشركة استثمارية ضامنة يتم اختيارها من قبل البنك المركزي من بين 5 شركات عالمية.
– الاتفاقية مضمونة من الطرف الصيني عن طريق مؤسسة التأمين الصينية «ساينو شور» وهي منظمة حكومية عليا.
– تحجز إيرادات 100 ألف برميل يوميا من النفط المباعة للصين وبالتحديد لشركتي (زنهوا وسينوك) الصينيتين الوطنيتين وتوضع في الصندوق العراقي الصيني.
– سقف ائتمان المصارف الصينية للصندوق العراقي بقيمة 10 ملايين دولار بفوائد مدعومة من الحكومة الصينية.
– في حال نجحت الحزمة الأولى من المشاريع ورغب العراق بزيادة الاستثمارات يتم رفع سقف مبيعات النفط العراقي إلى 300 ألف برميل يوميا وتقوم الصين بزيادة سقف الاقتراضات إلى 30 مليار دولار مما يدفع الصين لتقديم أفضل طاقاتها في الحزمة الأولى.
– يودع المبلغ بمصرف (ستي بنك) ثم يقوم البنك بتحويل الحساب إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في نيويورك الذي يشرف على مبيعات النفط العراقي الإجمالية وبعدها يحول إلى حساب جديد يسمى (investment account) حساب الاستثمار.
– يتم إنشاء حساب ( repay account) خدمات الديون وتخصص لدعم نسبة الفائدة وتستقطع مبالغه من حساب الاستثمار.
– يختار مجلس الوزراء المشاريع ويوقع العقد لمرة واحدة. مثال، يتم التوقيع لبناء 2000 مدرسة بعقد مفتوح يسمى(open contract).
– تم البدء بإيداع أموال النفط العراقي بتاريخ 1 /10 /2019. وتراكم مبلغ قدره نصف مليار دولار وهو في تزايد مع جاهزية الصين لإيداع مبلغ قدره 10 مليارات دولار.
– يحق للعراق اختيار شركات عالمية أوروبية وأميركية لتكون شريكا مع الصين بحسب نوع المشروع، وبعد قراءتنا المتفحصة لبنود الاتفاقية وتحققنا من سمعة أسماء الشركات والمصارف التي تضمنتها بنود الاتفاقية وجدنا فيها تحقيق المصلحة الاقتصادية العراقية.
جني ثمار الاتفاقية
ويقول رئيس اللجنة وليد السهلاني في مؤتمر صحفي: إن “الحكومة العراقية شرعت بتنفيذ الاتفاقية الصينية النفطية، بينما تستمر مطالبات الخيرين السلميين من أبناء الشعب العراقي بضرورة الإصلاح والنهوض بالواقع الاقتصادي للبلد”، موضحا أن “البلد سيجني ثمارها بشكل ممتاز في قابل السنوات المقبلة”.
واشار السهلاني الى أن “أحداث العراق الأمنية والسياسية أخرت التوقيع على أول مشروع للاتفاقية”، داعيا الجميع وخصوصا الجهات المعنية إلى “فرض الاستقرار والعمل على تحقيق السلم في الشارع العراقي ضمانا للبدء بتنفيذ المشاريع المتوقعة وخدمة للأجيال القادمة من أبناء الشعب العراقي”.
بينما يؤكد عضو لجنة الخدمات النيابية بيستون زنكنة، في تصريح لـ”الصباح” ان اللجنة تدعم الاتفاقية الصينية العراقية وتعدها من الاتفاقيات الجيدة التي ستنهض بالواقع العراقي وتخدم جميع القطاعات العامة في الدولة وتنفذ الكثير من المشاريع الستراتيجية منها الطرق والجسور والسكن والسكك الحديدية وهي تصب في صالح البنى التحتية للبلاد”.
وأضاف ان “مدة الاتفاقية ستكون 20 عاما، ودخلت حيز التنفيذ منذ بداية تشرين الاول من عام 2019 وهناك ما مقداره 500 مليون دولار في البنوك”، مبينا ان اللجنة “تدعم ان يكون انشاء البنى التحتية عن طريق الجانب الصيني تفاديا للفساد الاداري والضغط على الشركات”.
واشار زنكنة الى أن “الاتفاقية لم تصل الى مجلس النواب الا ان اللجنة لديها اطلاع كامل”، مشيرا الى انها “طلبت تحديد موعد مع رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للاطلاع على تفاصيل ادق اضافة الى تحديد موعد مع السفير الصيني لبحث تفاصيل الموضوع ولقاء اخر مع وزير التخطيط بهذا الخصوص”.
ميناء الفاو والقناة الجافة
بدوره اوضح عضو لجنة التخطيط الستراتيجي النيابية محمد البلداوي في حديث لـ”الصباح” ان “اهم المشاريع التي ستنفذها الاتفاقية هو اكمال ميناء الفاو ومشروع القناة الجافة الذي يحتوي على طرق برية وسكك الحديد التي تربط الميناء باوروبا”.
واضاف ان “رئاسة الوزراء وجهت الوزارات بإرسال مشاريعها الستراتيجية من اجل ادراجها في الجدول وتحديد الاولويات”.
بينما افادت عضو اللجنة المالية سهام العقيلي بان “الحكومة جادة في تنفيذ الاتفاقية مع العلم ان نصوص الاتفاقية لم تصل الى مجلس النواب للاطلاع عليها ويجب ان يسن لها قانون”.
بالمقابل اكد عضو اللجنة القانونية النيابية سليم همزة، عدم امكانية الحكومة الشروع بالاتفاقية الصينية العراقية دون تمريرها في البرلمان، مبينا ان البرلمان سيدرس الاتفاقية وتفاصيلها قبل التصويت عليها.
وقال همزة في تصريح صحفي ان “البرلمان سيكون له مداخلات بشأن الاتفاقية العراقية الصينية من اجل الاطلاع على تفاصيلها”.
واضاف ان “النواب سيطالبون رئاسة البرلمان بمخاطبة الحكومة لارسال الاتفاقية بالكامل لغرض دراستها وادراجها في الجلسات المقبلة والتصويت عليها”.
وأوضح همزة ان “الاتفاقية العراقية الصينية تكلف الدولة مليارات الدولارات ولا يمكن الشروع بها مطلقا من قبل الحكومة دون التصويت عليها داخل البرلمان ومصادقة رئاسة الجمهورية”.
الى ذلك، قالت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية النائب ندى شاكر جودت، في تصريح صحفي: ان “لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية لا تملك أي معلومات عن الاتفاقية العراقية الصينية وتجهل تماما السياقات القانونية التي تم في ضوئها ابرام تلك الاتفاقية”.
وأضافت جودت ان “المعلومات التي تمتلكها اللجنة عن الاتفاقية بانها قديمة ولها تفاهمات سابقة إبان حكومة حيدر العبادي”، مبدية استغرابها من “عدم ارسالها الى مجلس النواب رغم مرور اكثر من ثمانية اشهر على ابرامها”.
توضيح للرأي العام
في السياق نفسه، يرى النائب عن تيار الحكمة حسن خلاطي في تصريح صحفي أن “الجميع يدرك أهمية فقرات هذه الاتفاقية ويدرك مدى فائدة الاتفاقية الحالية والمستقبلية للعراق، لكن غياب التوضيح الحكومي، سوف يترك المجال واسعاً الى من ينتقد ويضعف من هذه الاتفاقية المهمة”.
ودعا الحكومة الحالية إلى “الافصاح بشكل تفصيلي إلى الرأي العام عن أهمية هذه الاتفاقية وعن سريانها سواء بوجود الحكومة الحالية أو بالحكومة الجديدة، فهذه القضية لها أهمية كبيرة في الجانب الاقتصادي والجانب العمراني، خصوصاً ان التظاهرات التي حصلت نتيجة تلكؤ الخدمات، وأحد تنفيذ مطالب المتظاهرين هو تنفيذ هذه الاتفاقية على أرض الواقع”.
وتابع خلاطي ان “على الحكومة العراقية الاستمرار بهذه الاتفاقية وتنفيذها، فالكتب التي تم توجيهها من الحكومة الى الدوائر والوزارات والمحافظات، دليل واضح على أنها ماضية في تنفيذ هذه الاتفاقية، لكن الأمر بحاجة إلى توضيح تفصيلي إلى الرأي العام بشأن هذه الاتفاقية المهمة”.
وفي ما يتعلق بالفساد المالي، اكد النائب عن تحالف الفتح فاضل الفتلاوي، في تصريح صحفي ان “الاتفاقية مع الجانب الصيني ستبعد المشاريع الاستثمارية عن سطوة المتنفذين وحالات الفساد”، لافتا الى ان “معظم العمالة في هذه المشاريع ستكون من نصيب العراقيين”.
واضاف ان “الايدي العاملة في المشاريع الصينية ستكون عراقية باستثناء الخبراء والمهندسين سيكونون من الصين”، لافتا الى ان “هذه الاتفاقية ستبعد المشاريع عن الفساد وبالتالي فهي اتفاقية استثنائية تصب في مصلحة العراق”.
الى ذلك، قال النائب عن كتلة التغيير هوشيار عبد الله، في بيان تلقت “الصباح”، نسخة منه: إن “تنفيذ الاتفاقية الإطارية يعد مخالفاً للمادة 61 من الدستور (الفقرة رابعاً) والتي تنص على أن تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات من اختصاصات مجلس النواب، وبما أن هذه الاتفاقية لم يتم تمريرها في مجلس النواب ولم يصادق عليها المجلس فإن تنفيذها يعد مخالفة دستورية واضحة من قبل السلطة التنفيذية ونسفاً لعمل البرلمان وإلغاء لدوره”.
وأضاف “كما أن المادة 110 من الدستور تنص على أن (السلطات الاتحادية تختص بالاختصاصات الحصرية الآتية: أولا: رسم السياسات الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية)، وكلنا نعلم أن السلطات الاتحادية تتكون من مجلسي النواب والوزراء والسلطة القضائية، وبالتالي فإن تنفيذ هذه الاتفاقية بدون علم البرلمان وبدون مصادقته عليها خرق للدستور لكونها تعد باطلة”.
ومضى عبد الله إلى القول: “نحن لسنا ضد الاتفاقية، فمن حق العراق أن يبرم اتفاقيات دولية ولكن بشرط أن تمر بالأطر الدستورية ومن خلال مؤسسات الدولة وبدون إلغاء دور مجلس النواب”.
انتخاب حكومة جديدة
من جهته، افاد الخبير القانوني علي التميمي بان “الاتفاقية التي وقعتها الحكومة الحالية مع الصين معلقة لا يمكن تنفيذها لحين انتخاب الحكومة الجديدة”، مشيرا الى ان “الحكومة الحالية حكومة تصريف اعمال ومستقيلة وليس من صلاحياتها إرسال مشروعات القوانين للبرلمان ومنها الاتفاقية مع الصين”.
واضاف التميمي انه “ووفقا للدستور المواد 61 و80 و77 والنظام الداخلي للبرلمان مادة 127 والمادة 1 من القانون 35 لسنة 2014 قانون عقد المعاهدات لا بد من مصادقة البرلمان بأغلبية الثلثين وبقانون ومصادقة رئيس البلاد ايضا ولا تكون الاتفاقية أو المعاهدة نافذة الا بعد هذه الإجراءات”.
وبخصوص انعكاس الاتفاقية على الموازنة اوضح الخبير الاقتصادي أسامة النعيمي، ان “عجز الموازنة وبحسب اخر المعلومات المتوفرة سيصل الى 27 ترليون دينار، لكن هذا العجز قد يكون اقل بكثير من هذا الرقم مع بدء تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية مع الصين”.
وأضاف ان “موازنة 2020 وعلى الرغم من عدم قدرة الحكومة على ارسالها الى البرلمان، فإن حكومة عبد المهدي يجب ان تجري تعديلات جذرية على الموازنة وخاصة الاستثمارية، من اجل تقليل المبالغ المخصصة للمشاريع، بعد ان تم توجيه كتاب الى الوزارات والمحافظات بشأن إيضاح ما تحتاجه من مشاريع، لذا فإن الحكومات المحلية والوزارات ستستغني عن بعض أموال المشاريع لتنفذها الشركات الصينية وفقا للاتفاقية مابين البلدين”.
ولفت النعيمي الى ان “العراق بامكانه الاعتماد بنسبة 60 بالمئة على فائض انتاج النفط للتعاقد مع دول أخرى وخاصة روسيا للتزود بالسلاح وانشاء مصانع تصنيع العتاد داخل العراق عن طريق النفط، في حين تبقى أموال
الميزانية الاستثمارية تدور داخل العراق يستفاد منها لاستقطاب خبرات عالمية لتنمية القدرات العراقية في شتى المجالات وخاصة الصناعات الدوائية”.