المؤلف والقارئ

ثقافة 2020/01/18
...

أَينا ماريا شوا*
ترجمة / عادل العامل 
يسألُ أحد الصحفيين المؤلف: هل تفكّر، حين تكتب، بالقارئ؟ والمؤلف لا يفكّر بأي شيء غير هذا. فهو ينظر، في أفكاره، إلى القارئ كأمير ملتفٍّ ببُردٍ مزَركشٍ مُبهر. ومملكته من مستعمرات كوكب الأرض في فضاءٍ خارجي. ولأنّه أمير، فإنّ إيماءاته بطيئة ومترفّعة. فتراه يرمي جانباً، بإيماءةٍ متعاليةٍ منه، بالنسخة العربية من عمل المؤلف. ويستدعي، بإشارةٍ متراخية، أمين مكتبة القصر ويطلب الترجمة الألمانية للكتاب. فالأمير قارئٌ يُتقن العديد من اللغات ويتَّسم بنفاذ البصيرة. وهو يقرأ ويتأثّر متسائلاً: كيف يكون من الممكن أن يستطيع إنسان آخر، بعيدٌ جداً في الزمان والمكان، أن يعبّر عن مشاعري بهذه الطريقة؟ 
ولم يجب المؤلف، في غضون ذلك، على السؤال، فيطرحه عليه الصحافي مرةً  أخرى بصوتٍ أعلى. فيجفل فجأةً إلى حدٍ ما، ويجيب بسرعة: لا، بالطبع لا، إنّي لا أفكر بالقارئ أبداً، إن الفنان الحقيقي لا يفكر إلّا بعمله. وبعد ذلك يغادر الصحافي، ويبقى المؤلف حزيناً جداً وهو يفكر بأنّه ليس بفنانٍ حقيقي وأنه يودّ أن يكون ذلك.
 
عن / cafeirreal
* كاتبة أرجنتينية بارزة في مجال القصة القصيرة جداً، إلى جنب القصة القصيرة، والرواية، والشعر.