اللبنانيون ينتظرون {الدخان الحكومي الأبيض}

الرياضة 2020/01/18
...

 
 
بيروت/جبار عودة الخطاط 
 
 
 
رغم ارتفاع منسوب ِالتفاؤلِ بأن الحكومة اللبنانية أصبحت ولادتها القيصرية المنتظرة قريبة جدا، ورغم التوقعات التي أشاعتها أمس الأول الجمعة تصريحات وزير المال علي حسن خليل وغيره من المسؤولين اللبنانيين بأن الحكومة تتنظر وضع اللمسات الأخيرة ومعالجة بعض العقد الخاصة بتمثيل الطوائف لتبصر النور، فإن ولادة الحكومة ما زالت قيد الترقب من قبل الشارع اللبناني المثخن بالصعاب
تفاصيل بسيطة
عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن عز الدين أكد خلال لقاء سياسي أقيم في بلدة حاروف الجنوبية بمشاركة شخصيات وفاعليات من البلدة السبت: أن "كل ما يتعلق بشأن الحكومة والتأليف والتشكيل والإعلان عنها أصبح متوافقا عليه وما بقي من تفاصيل بسيط جدا وقابل للحل، وإن شاء الله يكون اللبنانيون على موعد قريب لتشكيل الحكومة الجديدة لتذهب مباشرة لوضع برنامج لمعالجة الوضع الاقتصادي والنقدي، والعمل على إنجاز بيانها الوزاري الذي يعبر عن آمال وطموحات هذا الشعب في الثوابت الوطنية للبنان وفي معالجة أزماته"الى ذلك أعلن العميد الركن المتقاعد طلال اللادقي، سحب اسمه من التداول لمنصب وزير الداخلية من مسودة تشكيل الحكومة وبصورة نهائية لاسباب خاصة.
 
التمادي بالخلاف
أما الأمين العام لـ "التيار الأسعدي" معن الأسعد، فقال في بيان له السبت: إن  "من يعرقل التشكيل في هذه المرحلة هو عدو للبنان وشعبه، هذا الشعب الذي حولته الطبقة السياسية الى خصم وتدفعه الى الشارع لرفع سقف التفاوض والشروط في مواجهة الفرقاء الآخرين".وسأل عن "حكومة تصريف الأعمال التي تقاعست عن القيام بمسؤولياتها وهل ما زال رئيس الحكومة وأعضاؤها يقبضون رواتبهم من خزينة الدولة وماذا فعلت لفك قيد اموال المودعين في المصارف التي صادرتهم الطبقة السياسية بالتواطؤ مع الحاكم والقطاع المصرفي؟"وحذر السلطة من "التمادي بالاعتماد على تأجيج الخلافات الطائفية والمذهبية وبث الفتن والاحقاد"، معتبرا أن "الانفجار الاجتماعي الذي بدأت مؤشراته، ستتوسع دائرة مخاطره إذا لم يتم وضع حد لهذا الانزلاق الى الخطر القاتل"
 
الحراك الشعبي
حركة الاحتجاج التي ارتفعت وتيرتها قبل خمسة أيام عادت الى الشارع بعد أن أستفزتها ما "سمتها بمنهج التعويق والمماطلة من قبل ساسة لبنان في تعاطيهم مع الأزمة الخانقة التي هم تسببوا بالشعب اللبناني من دون أن يتحركوا بما يتفق وحجم التحديات المعيشية المعقدة الناجمة عن الازمة"، ففي طرابلس تجمع أعداد من المحتجين في ساحة عبد الحميد كرامي للانطلاق إلى العاصمة بيروت، للمشاركة في الاعتصام الذي يقام في ساحتي الشهِداء ورياض الصلح.وشدد المحتجون على "المبادئ التي أطلقوها منذ اليوم الأول في 17 تشرين الأول، وفي مقدمها "المطالبة بحكومة مستقلين واختصاصيين، رئيسا وأعضاء"، ومعارضتهم "لأي محاولات للالتفاف على مطالب الشعب اللبناني المنتفض ضد الطبقة السياسية الفاسدة".كما احتشد عدد من المحتجين أمام منزل رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في الحمرا، مطلقين هتافات ضده وسط حضور عناصر مكافحة الشغب.والملاحظ كثافة التظاهر في الأيام الأخيرة أمام مصرف لبنان في الحمرا وغالبا ما تشهد تلك التظاهرات اشتباكات مع القوى الأمنية، وقد حدثت مساء الجمعة وصباح السبت حالة من الهرج والمرج بعدما قام المحتجون برمي الحجارة باتجاه المصرف واطلقوا الهتافات المنددة بسياسات مصرف لبنان "التي أفقرت اللبنانيين وقادت البلاد الى هذا الوضع المأساوي"، المتظاهرون اشعلوا النيران أمام المصرف وحاولوا ازالة الشريط الشائك أمامه.ثم انتقل المحتجون الى شوارع الحمرا حيث قامت عناصر مكافحة الشغب بملاحقتهم، وكان المحتجون قد انطلقوا من أمام مصرف لبنان في الحمرا وجابوا شوارع الحمرا قبل الوصول الى منزل رئيس الحكومة الأسبق السنيورة.
 
سباق المناصب
وفي إطار صراع الحصص والتباري من أجل الظفر بالمكاسب الحزبية والطائفية في ما بات يعرف بسباق المناصب الحكومية، أكّد النائب ميشال ضاهر أنّ "الطائفة الكاثوليكية هي الأكثر انفتاحاً ومن أوائل المطالبين بإلغاء الطائفية السياسية، ولكن هناك فرقا بين عدالة التمثيل وبين الطائفية، فمع كامل الاحترام للطائفتين الكريمتين الدرزية والأرمنية، ولكن الدروز يتمثّلون بـ 8 نواب في المجلس النيابي والارمن بـ 6 والكاثوليك بـ 8 فأين العدالة بتمثيل الدروز والارمن بحقيبتيْن وزاريتين والكاثوليك بحقيبة واحدة؟".وأضاف، "لطالما تمثّل اخواننا الأرمن بحقيبتيّن والكاثوليك والدروز بثلاثة في حكومات من 30 وزيراً فماذا تغيّر الآن لكي يتمثّل الدروز والأرمن بحقيبتيْن والكاثوليك بحقيبة واحدة في حكومة من 18 وزيراً".
 
حصة الكاثوليك 
وأشار الضاهر الى أن "المرشّحة لنيل وزارة البيئة الدكتور منال مسلّم تملك خبرة في مجال البيئة وهي ابنة زحلة ويمكنها أن تستلم حقيبتين ولكن أتمنّى أن تكون الحكومة من 20 وزيراً بدلا من 18 علماً أن عدد الحقائب هو 22، واسناد وزارتين اضافيتين للدروز والكاثوليك لرفع الاجحاف بحقّ الطائفة بغضّ النظر عن تأييدي لدمج بعض الوزارات، واذا كان هناك حسابات معيّنة بخصوص الثلث المعطّل فمن غير المقبول أن يدفع الكاثوليك الثمن بحجّة الهروب من هذه المعضلة".
ولفت الضاهر الى أنّه "نائب كاثوليكي عن زحله وقضائها أوّلاً وأنه متحالف مع فخامة الرئيس ضمن تكتّل لبنان القوي ولكنّه رغم ذلك لا يمكنه أن يعطي الثقة للحكومة اذا لم تُعط الطائفة حقوقها وذلك من مبدأ عدالة التمثيل، وهذا لن يدفعه للخروج من هذا التحالف، اذ أنه يمتلك حيثيّة يتفهّمها حلفاؤه في التكتل وقد سبق أن تمايز بعدّة مواضيع أبرزها عدم التصويت للموازنة وقد أثبت الوقت أنه كان على حقّ".
لعبة الدولار 
في سياق متصل تخوف مصادر متابعة أن "يعاود الدولار الارتفاع في الأيام المقبلة، اذا ما استمرّت مناخات التعثّر في ولادة الحكومة"، لافتة الى أنه " كان قد بدأ يتراجع منذ يومين، وهبط من 2500 ليرة الى 2100 ليرة. وكانت التوقّعات تشير الى احتمال وصول الدولار الى معدّل الـ2000 ليرة. لكنّ حسابات الحقل خالفت حسابات البيدر، وعاود الدولار ارتفاعه أمس في سوق الصيرفة حيث تراوح بين 2150 و2200". وفقا لصحيفة الجمهورية.وفي خط متوازٍ، خاطب المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان من أسماهم بـ "لصوص الدولار" ومصاصي دماء الناس والمستغلين ومعدمي الحس الأخلاقي والوطني بالقول: إن "عملكم مرفوض، وجشعكم مدان بكل المعايير، ويندرج في إطار الجرائم الموصوفة بحق اللبنانيين جميعاً، ما يعني أن ملاحقتكم ومحاسبتكم وكل من يتعاون معكم ويسهّل لكم من مصارف وحيتان مال، باتت أمراً ملحّاً وضرورياً، وعلى القضاء أن يتحرّك ويتحمّل مسؤولياته في وضع الحدود لكل متطاول على النقد الوطني ولقمة عيش الناس".
 
الدخان الأبيض
وأضاف المفتي قبلان نأمل "أن يخرج الدخان الأبيض من (مشحرة) هذه الطبقة السياسية التي سوّدت أيام اللبنانيين، وأمعنت في إفلاس البلد بسياسات النهب والهدر والتجويع وتكديس الثروات على حساب الناس ومصير البلد، الذي أصبح اليوم معلقاً على خشبة المحاور والانقسامات والصراعات الطائفية والمذهبية؛ نعود ونؤكّد أن أي حكومة مهما كان اسمها وشكلها وعديدها، لن تكون قادرة على إخراج البلد مما هو فيه، طالما بقي التعاطي السياسي على قاعدة تثبيت المكاسب، وتأمين المصالح تحت ستار العباءات الفئوية والطائفية، هو السائد. 
 
عودة المعرقلين
البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لفت من جانبه، إلى أنّ "الوعود البشريّة كانت تشير إلى ولادة الحكومة خلال هذا الأسبوع، ولكنّها لم تبصر النور لأنّه - وكما يعلم الجميع- عاد المعرقلون إلى منطق الحصص، أي عُدنا إلى ما كنّا عليه في السابق".وركّز خلال مواصلته صلاة المسبحة الوردية على نيّة لبنان من كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، على أنّ "ممارستهم هذه تجبر شبابنا والصبايا على البقاء في الطرقات والساحات بالرغم من تضحياتهم ومعاناتهم"، منوّهًا إلى "أنّني أريد الليلة أن أعلن أنّ كلّ من يعرقل ولادة الحكومة المنتظرة يُمعن في إغراق لبنان أكثر فأكثر في أزمته الماليّة والاقتصاديّة بشكل يحول دون خروجه منها".
 
انتظار الحكومة
وحول انتظار اللبنانيين لولادة حكومته وما يحول دون ذلك من (عرقة المعرقلين) شدّد البطريرك الراعي على أنّهم "بأسلوبهم هذا، إنّما يعادون الشعب اللبناني الّذي يهاجر، ويعادون لبنان ومؤسساته. إنّني اسمّيهم (أعداء لبنان)"، وذكر أنّ "الرب يسوع يقول: (صلّوا من أجل أعدائكم)، ونحن سنصلّي من أجلهم الليلة"، مؤكّدًا أنّ "الّذين يعرقلون ولادة الحكومة إنّما يعرقلون قيام لبنان ونهوض الشعب اللبناني من معاناته، وقد فقد الأمل في كلّ شيء. وهم من يجعل من شبابنا المطالب بحكومة نزيهة تنهض بلبنان، عرضة للإذلال والقهر على الطرقات وفي الساحات. إنّهم يطالبون بكرامتهم المسلوبة وبخير لبنان"