الأطر القانونية للجرائم المخلة بالشرف في القانون العراقي

العراق 2020/01/20
...

 القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي 
 
 
الأصل ان الشرف هو صفة تقيم مستوى الفرد في المجتمع ومدى ثقة الناس به بناء على افعاله و تصرفاته و احيانا نسبه و في تلك الحالة تصف مدى النبل الذي يتمتع به الفرد اجتماعيا و لكل شخص مكانة في المجتمع و قد يهدر شخص ما مكانته بارتكابه افعالا يكشف بها عن سلوك متدن في الخلق يفقده احترامه و يضعف ثقة الناس به و قد يرتكب شخص ما جريمة يهدر بها مكانته في المجتمع و تزعزع ثقة الناس به 
وتوصف تلك الجرائم بانها جرائم مخلة بالشرف فالاخلال بالشرف وصف يلحق بالفعل الذي يعد جريمة وان المشرع العراقي لم يحصر الأفعال التي تعد مخلة بالشرف و انما أورد لها امثلة في المبادئ العامة
في قانون العقوبات فالمادة (21/أ/6) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل أوضحت ان بعض الجرائم تعد مخلة بالشرف كالسرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الأمانة و الاحتيال و الرشوة و هتك العرض كما ان بعض القوانين المتعلقة بالوظيفة العامة اشترطت ان يكون المتقدم لاشغال الوظيفة العامة غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف و منها قانون الخدمة المدنية العراقي رقم (24 ) لسنة 1960 إذ يشترط في من يعين بالوظيفة الحكومية  ان يكون حسن الاخلاق وغير محكوم عليه بجنحة تمس الشرف  كما ان قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21)
 لسنة 2008 إذ حدد شروط العضوية في مجالس المحافظة و الاقضية والنواحي بان يكون العضو غير محكوم بجناية أو جنحة مخلة بالشرف و كذلك الحال في قانون المعهد القضائي رقم (33 ) لسنة 1976 و لم يورد المشرع العراقي تعريفا للجريمة المخلة بالشرف و انما أورد تعريفا لبعض الجرائم التي تعد مخلة بالشرف مثل السرقة و التزوير
وان الجريمة المخلة بالشرف كغيرها من الجرائم التي
يرتكبها المتهم ولكن هذه الجرائم توصف بوصف يلحق بها ولايلحق بغيرها من الجرائم لاعتبارات تتعلق بالسلوك المرتكب للمتهم و هو مجافاته وانتهاكه لقيم يجب ان تحترم
ويمكن تعريف الجريمة المخلة بالشرف بانها الجريمة التي تكشف عن سلوك سيئ لمرتكبها، فقد اهدر اعتباره بهذا الارتكاب وصار منبوذا بين افراد المجتمع لاخلاله بالثقة و الأمانة وان بعض الجرائم المخلة بالشرف تتعلق
بالوظيفة العامة إذ ان هذه الجرائم لايمكن ان يرتكبها الا من كانت له صفة محددة و هي صفة الوظيفة العامة أو التكليف بالخدمة العامة وهي جرائم الاختلاس و الرشا وهناك من الجرائم المخلة بالشرف لا تتطلب صفة  خاصة بالفاعل و من هذه الجرائم السرقة و خيانة الأمانة و الاحتيال و التزوير و جريمة إعطاء صك بدون رصيد و جرائم هتك العرض و جريمة اغتصاب الأموال وان تحريك الدعوى الجزائية في  الجرائم المخلة بالشرف يتم بدون شكوى فان الاخبار عن هذه الجرائم امام المحاكم الجزائية يكون وجوبيا خاصة في الجرائم ذات الصفة الخاصة بالجاني كجرائم الاختلاس والرشا
وهناك بعض القوانين والقرارات التي لها قوة القانون وصفت بعض
الجرائم بكونها مخلة بالشرف و منها الجريمة المخلة بالشرف في قانون مكافحة الإرهاب رقم (13 ) لسنة 2005 اذ نصت المادة ( 6/1) منه على ( تعد الجرائم الواردة في هذا القانون من الجرائم العادية المخلة بالشرف  ) ويتجلى الاخلال بالشرف في الجريمة الإرهابية ، ان هذه الجريمة تؤدي الى احداث الرعب بين الناس و إشاعة الفوضى وتعطيل أوامر الحكومة وتتحقق هذه الجريمة من خلال عصابة مسلحة تهاجم السكان مستهدفة ارواحهم و ممتلكاتهم و كذلك تعد جريمة تسريب أو افشاء الأسئلة الامتحانية من الجرائم المخلة بالشرف و ذلك بموجب الفقرة رابعا من القرار (132 ) لسنة 1996 و هي من الجرائم العمدية المرتكبة من قبل أعضاء لجان الامتحان أو واضعي اسئلتها أو المكلفين بنقلها أو بالحفاظ عليها أو بتهيئتها أو 
ترجمتها. كما تعد الأفعال المتقدمة مخلة بالشرف أيضا في ما يتعلق بالامتحانات الفصلية أو النهائية التي تجري في الكليات و المعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي و البحث العلمي كما عد المشرع العراقي جريمة المراباة من الجرائم المخلة بالشرف
و هي جريمة اقراض
 النقود باي طريقة بفائدة ظاهرة أو خفية تزيد على الحد المقرر قانونا و ذلك استنادا لاحكام القرار (68 ) لسنة 1997  لما في ذلك من استغلال لحاجة الناس و عدم  مساعدة المحتاجين منهم ضمن الحد المقرر للفوائد القانونية المقررة ، وتعد جريمة التخريب الاقتصادي من الجرائم المخلة بالشرف كما تعد جريمة اخراج الادوية من المؤسسات الصحية الحكومية و المتاجرة بها والمنصوص عليها بموجب القرار (39  ) لسنة 1996 من الجرائم المخلة 
بالشرف.
 كما تعد جريمة الهروب من الخدمة العسكرية من الجرائم المخلة بالشرف ويترتب على كون الجريمة المخلة بالشرف ان تحكم المحكمة بتجريم المتهم وليس الإدانة إذ يكون قرارا بالتجريم ويطلق عليه وصف ( مجرم )
و من الاثار التي تترتب على الحكم على شخص بجريمة مخلة
بالشرف الكثير من الاثار القانونية و خصوصا الموظف ومنها الفصل من الوظيفة العامة
والعزل و ذلك استنادا لاحكام قانون انضباط موظفي الدولة إذ يتم فرض عقوبة
العزل اذا اثبت ارتكاب الموظف فعلا خطيرا يجعل بقاءه في الدولة مضرا بالمصلحة العامة أو حكم عليه عن جناية ناشئة عن وظيفته أو ارتكبها بصفته الرسمية ويترتب عليها فقدان الموظف لوظيفته نهائيا لانه كشف عن سلوك
فاسد لا يرتقي الى مستوى التكليف الوطني للوظيفة العامة في خدمة الناس و من ثم الاحتكام الى نصوص قانونية جازمة في المحافظة على نزاهة الوظيفة العامة ان الجرائم المخلة بالشرف
لا يجوز  إيقاف تنفيذ العقوبة فيها
وذلك لما تتركه من اثر سيئ في المجتمع و نجد من الضروري تعريف الجرائم المخلة بالشرف تعريفا شاملا في قانون العقوبات العراقي
والنص على اعتبار بعض الجرائم من الجرائم المخلة بالشرف ومنها جرائم تهريب النفط وجريمة الاضرار العمدي بالمال العام المنصوص عليها في المادة (340 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة
1969 المعدل.