صدر للدكتورة فيان موفق النعيمي الاستاذة بجامعة الموصل كتابها الموسوم - معالجة المشكلات البيئية لعمائر الموصل خلال العصور الاسلامية- والذي توزع بين خمسة فصول، أحاط من خلالها بكل مايخص المعالجات التي جرت لمبانٍ ومشيدات تاريخية واسلامية وتراثية مع تبيان ماهية تلك المشاكل التي طالت العمائر من جميع النواحي لاسيما مايتعلق بالمناخ والتحديات البيئية ونوعية مواد البناء التي تتناسب مع البيئة والمعالجات. وتقول الدكتورة فيان: أثبت المعمار الموصلي وعلى مر العصور الاسلامية انه كان ملما ومدركا للخصائص المناخية لمدينته
وقد جعلت منه مدينة الموصل مخططا ومصمما وبناء من الطراز الفريد من خلال وعيه التام ببيئته بسلبياتها
وايجابيتها. وعلى الرغم أنّ فكره المعماري لم يخل من دراية فعلية من الناحية التصميمية التي هي ردود افعال حيال البيئة إلا انه استلهم خبراته من موروث غني يعود اصله الى حضارة وادي الرافدين بعد ان اضاف لحركة التطور المعماري ولذلك الموروث فنا معماريا يجمع اصالة وتواصل الفن القديم مع الجديد الذي ابدع فيه ليجعله اكثر انسجاما مع بيئته مستغلا بذلك مايتوفر بمحيطه من مواد البناء والتصور البعيد لما قد يحدث من تأثيرات بيئية على الخصائص الفيزيائية والكيميائية
لتك المواد.
الفكر التخطيطي
وبيّنت النعيمي: ومن هنا تبرز مشكلة البحث بوصفها محاولة للتعرف بصورة اكثر عمقا وشمولا على قدرات المعمار وما حققه من انجازات في جعل مدينته اكثر مواءمة لمتغيراتها
المناخية. ومعرفة هل اصاب فكره التخطيطي في اختيار التصميم والفضاءات المعمارية؟، وهل تمكن من توظيفها بحسب الاهمية الوظيفية والبيئية للمبنى؟،
وهل اخذ بالحسبان عند تصميمه للمفردات المعمارية للمباني ومواد البناء ومواضع استخدامها وقدرتها على خلق مواءمة بينها وبين المناخ وخلق مناخات تفصيلية وجعل المباني
اكثر استدامة؟.
خمسة فصول
وذكرت الدكتور فيان أنّ هدف بحث - معالجة المشكلات البيئية لعمائر الموصل خلال العصور الاسلامية - يكمن في ايضاح ما استطاع فيه المعمار بايجاده مناخات تفصيلية داخل مباني المدينة وشوارعها لجعلها
اكثر ملاءمة له من المواقع والتجوال في احياء المدينة وازقتها الذي تكلل بتصوير بعض المشيدات على الرغم من تعذر تصوير بعضها الاخر لصعوبة
الوضع الراهن واستكمالا لاتمام هذا العمل توجب تهيئة واعداد الخرائط ذات الصلة بالموضوع، واجراء مقابلات شخصية مع اساتذة متخصصين في اقسام علوم الارض والبيئة والفيزياء علاوة على الاعتماد على الصيغ المقيسة في استنباط وتحليل وحل المسائل المتعلقة ببعض الفصول، كما تمت مراسلة عدد من دور النشر العربية لاحتياجنا لبعض المصادر والمراجع، وذكرت أنّ الكتاب قسّم الى خمسة فصول، إذ تناول الفصل الاول = الخصائص الجغرافية الموقعية والموضعية لمدينة الموصل = وتناول الفصل الثاني - المعالجات البيئية لتخطيط المدينة وخططها - اما الفصل الثالث فحمل عنوان - تخطيط مفردات المركب الداخلي للمدينة - واكد على استعمالات الارض الدينية والسكنية والتجارية والخدمية فضلا عن الدفاعية التي تتقاسم مساحة المدينة وتشكل بمجملها المركب الداخلي لمدينة الموصل ومن خلاله توضح موضع المباني داخل الحيز الحضري.
ظواهر عمرانيَّة
وفي الفصل الرابع - المعالجات البيئية للفضاءات والعناصر المعمارية - ركّزت على المفردات والعناصر المعمارية مثل الفناء والايوان والسرداب والحجر والشناشيل وغيرها وما تقدمه كل مفردة عمارية تصميمية من معالجة بيئية مع الاخذ بالحسبان ان تلك المفردات ظواهر عمارية غير معزولة او مفصولة عن بيئتها، وعالج الفصل الخامس - مواد البناء - ودورها في المواءمة البيئية والتطرّق لخصائصها الجيولوجية ومديات مقاومتها لعناصر المناخ وشملت مواد البناء الاساسية التي استخدمها المعمار
الموصلي. وقالت: انفرد مزار الامام يحيى بن القاسم بن الحسن بن الامام علي بن ابي طالب عليهما السلام الذي يقع في الجهة الشمالية من مدينة الموصل قرب السور على جانب دجلة الايمن في شمال اطلال قصر السلطان بدر الدين لؤلؤ - قرى سراي - شيّده بدر الدين لؤلؤ سنة = 637 هـ - 1239 م = انفرد بموقعه عن باقي مزارات المدينة وكذلك أقدم تاريخ مدوّن للعمارة، اذ ورد ضمن الكتابة المدوّنة لصندوق = قبر = خشبي من خشب الصاج عليه نص كتابي يتضمن سنة البناء واسم مشيّده بدر الدين لؤلؤ وهو محفوظ بالقاعة الاسلامية في
متحف الموصل.
تناولات واسعة
بقي ان نقول: إنّ الباحثة فيان النعيمي اسهبت في الحديث عن العمارة والتخطيط في الموصل والمساجد ومكوناتها، ومنها منارة الحدباء وجامع النوري ومساجد ومزارات وكنائس واديرة ومعابد وتاريخها وتفاصيل بنائها، علاوة عن القلاع والاسوار والاسواق والمدارس وعمارة البيت الموصلي وتفرّدها في مجالات معينة ومنها مبتكرات الفن الاسلامي في مجال الزخرفة إن كان في المراقد والأضرحة او المباني في
الموصل.