ياسر المتولي
التغيير الذي طرأ على سعر صرف الدينار العراقي في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، توقعناه مع بداية الأزمة في تشرين من العام المنصرم في مقال سابق حمل عنوان (سعر الصرف مستقر) وتساءلنا الى متى سيصمد؟
وأشرنا الى أنَّ استمرار الأوضاع قد يتسبب بحدوث التذبذب في سعر الصرف واستشهدنا بالتجربة اللبنانيَّة في حينها كيف تدهور سعر صرف الليرة اللبنانيَّة على الرغم من استقراره على مدى عقدين من الزمن ودعونا الى التحوط والحيطة
والحذر.
وقد أكدنا أنَّ السياسة النقديَّة الناجحة قادرة على المحافظة على استقرار سعر الصرف مع دعم وإسناد المصارف ومكاتب الصيرفة، وبدافع وطني قد أسهموا جميعاً في ثبات
السعر.
نعم.. صحيح حصل الذي توقعناه في حدوث التذبذب، ولكنْ حتى اللحظة لا يزال التغيير في سعر الصرف ينحسر في حدود النمرة أو النمرتين وتعدُّ هذه النتيجة طبيعيَّة جداً قياساً بحجم الأزمة المتمثلة بالصراع الدولي والإقليمي.
على عكس ما ذهب إليه الكثير من المحللين في توقعاتهم بتغيير كبير سيحصل على سعر الصرف استناداً لقراءتهم لسرعة الأحداث وحجم
تأثيرها.
اللافت في نتائج هذه الأزمة على الرغم من حجم المخاطر والتحديات التي رافقتها، فإنَّ تأثيراتها كانت أقل مما هو متوقع. معادلة محيرة فعلاً.
ما هو السبب في تقديراتكم قراءتي لهذه الظاهرة كمتابعٍ للشأن الاقتصادي تنطوي على أنَّ الموقف الوطني والمسؤول لتجارنا وأصحاب أسواقنا بعدم استغلال الظروف ورفع الأسعار كان قد ساعد من تخفيف آثار الصدمة، هذا بالدرجة الأساس، كما أنَّ المواطنين تماسكوا ولم يهرعوا الى الأسواق لتخزين المواد الغذائيَّة، فحافظت السوق على انسيابيَّة السلع واستقرار
الأسعار.
ثم لا بدَّ من عدم بخس دور السياسة النقديَّة السليمة التي سارعت للتصدي للأزمة بإعلانها ضخ العملات للمحافظة على السعر في محاولة لكبح جماح التذبذب المتوقع، وكذلك التزام المصارف بدعم هذه الإجراءات، وكذلك دور مكاتب الصيرفة بعدم المضاربة واستغلال الظرف، وهذا يُحسب لهم ولوطنيتهم
العالية.
هذا التماسك والتعاون بين المواطنين والتجار والمؤسسات النقديَّة والمصرفيَّة أفضى الى تخطي الأزمة، فهل سنمضي بمثل هذا النهج السليم والصحيح؟
نعم. كلنا أمل وثقة بأنَّ المستقبل ينذرُ بالخيرات لا ريب.