تشكو معظم أمهات الأطفال من الأوقات الطويلة التي يقضيها أولادهن أمام الأجهزة اللوحية بشتى صنوفها، الأمر الذي يسترعي القلق والمخاوف من المخاطر الكامنة وراء هذا الاستخدام الضار وانعكاساته السلبية على مجمل صحة الأولاد. وتشير البيانات الى ارتفاع متوسط الوقت الذي يمضيه هؤلاء الأطفال يوميا في مشاهدة التلفزيون أو استخدام جهاز كومبيوتر أو جهاز محمول أو الآيباد، بدءا من عمر السنة الواحدة حتى الثالثة، وفقا لتحليل أجراه باحثون في المعهد الوطني للصحة العامة، بالتعاون مع الباحثين في جامعة نيويورك. وحسب التحليل، فقد لوحظ ان الأطفال بسن الثامنة، أكثر عرضة لتسجيل أكبر قدر من الوقت أمام الشاشات اللوحية.
تقول البروفيسورة ادوين يونغ، الباحثة في قسم الأوبئة بمعهد كيندي الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية: “تشير نتائجنا الى أن عادات المكوث المطول مع الشاشة تبدأ مبكرا طبقا لمعطيات العصر الحديث. ونحن بدورنا نرمي الى ضرورة التدخلات الجادة الرامية الى تقليل الوقت الذي يمضيه الأولاد أمام الشاشات اللوحية التي قد تكون لها فرصة أفضل للنجاح فيما لو تم تقديمها
مبكرا.”
حلل باحثو المعهد القومي للديمقراطية وحقوق الانسان، بيانات من دراسة أطفال أجريت لمتابعة تطور الأطفال في ولاية نيويورك، من العام 2008 الى العام 2010. وقد أجابت أمهات نحو 4 آلاف طفل شاركوا في الدراسة، على الأسئلة حول العادات الاعلامية لأطفالهم عندما كانوا بأعمار 12 و 18 و 24 و 30 و 36 شهرا. كما أجابوا على أسئلة مماثلة عندما كان عمر الأطفال 7 و 8 سنوات. وجمعت الدراسة معلومات ديموغرافية اضافية عن الأمهات والأطفال من سجلات المواليد والمسوحات الأخرى.
وتوصي الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، بتجنب التعرض للوسائط الرقمية للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 شهرا، وادخال ممن هم بأعمار 18 الى 24 شهرا على شاشة الوسائط ببطء، واقتصار وقت الشاشة على ساعة واحدة يوميا للأطفال من سن 2 الى 5 سنوات.
أرقام ومعدلات
وفي الدراسة الحالية، وجد الباحثون أن 87 بالمئة من الأطفال لديهم وقت شاشة يتجاوز هذه التوصيات. ومع ذلك، فأنه في الحين الذي ازداد فيه قضاء الوقت أمام الشاشة اللوحية في جميع أنحاء العالم للأطفال في سن 7 و 8 ، فقد انخفض الوقت الى أقل من 1.5 ساعة في اليوم. ويعتقد الباحثون أن هذا الانخفاض يتعلق بالوقت الذي تستغرقه الأنشطة والواجبات المتعلقة بالمدرسة.
قام مؤلفو الدراسة بتصنيف الأطفال الى مجموعتين بناء على مقدار زيادة متوسط وقت الشاشة اليومي من عمر سنة واحدة الى 3 سنوات. وكانت المجموعة الأولى تشكل نسبة 70 بالمئة من المجموع، لديها أقل زيادة من متوسط وقت يقدّر بنحو ساعة واحدة يوميا، الى ما يقرب من ساعة ونصف الساعة في اليوم. أما المجموعة الثانية وتشّكل نسبة 30 بالمئة من المجموع، فقد حققت أعلى زيادة بلغت نحو نصف ساعة يوميا الى نحو 4 ساعات. وارتبطت مستويات أعلى من التربية الأبوية مع انخفاض احتمالات الادراج في المجموعة الثانية. بالاضافة الى ذلك، كان احتمال وصول الفتيات الى المجموعة الثانية أقل قليلا من الأولاد، في حين أن أطفال الأمهات الأوليات كنّ أكثر عرضة للانضمام الى المجموعة ذات الزيادة العالية.
صنف الباحثون الأطفال أيضا الى نسب مئوية بناء على اجمالي وقت الشاشة اليومي. فكان الأطفال أكثر احتمالا لأن يدرجوا في المرتبة العاشرة أو أعلى اذا كان والديهم حاصلين على شهادة ثانوية فقط أو ما يعادلها ( أكثر من الضعف على الأرجح) أو كانوا أطفالا للأمهات لأول مرة (ضعف احتمال ذلك تقريبا).
وبالمثل، مقارنة بالأطفال، فمن المحتمل أن ينتمي التوائم الى أعلى مجموعة زمنية للشاشة. بالمقارنة مع أقرانهم تحت الرعاية المنزلية، فهم أكثرعرضة لأمضاء ضعف الوقت أمام الشاشة اللوحية.
بحث آخر
وفي بحث متصل، أظهر أنه عندما يلجأ الأطفال لمشاهدة التلفاز مطولا، تزداد لديهم مخاطر السمنة. ومع ذلك، يأتي المزيد من الوقت مع أدوات أخرى مثل الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية.
فقد وجد أن 20 بالمئة من المراهقين يقضون أكثر من 5 ساعات يوميا على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكومبيوتر وألعاب الفيديو مقارنة بنسبة 10 بالمئة فقط يشاهدون التلفاز أكثر من 5 ساعات يوميا. كما كانت مشاهدات التلفاز مرتبطة بالسمنة وسوء التغذية بين المراهقين.
ومع ذلك، وجد الباحثون أيضا، أن المراهقين الذين أمضوا أكثر من 5 ساعات يوميا على أجهزة الشاشة كانوا أكثر عرضة مرتين لتناول المشروبات السكرية يوميا، وعدم حصولهم على قسط كاف من النوم أو النشاط البدني، وكانوا أكثر عرضة بنسبة 45 بالمئة للسمنة مقارنةً مع المراهقين الذين لم يقضوا الوقت على هذه الأجهزة.
يقول البروفيسور آرثر كيني، استاذ الصحة العامة في جامعة بنسلفانيا: “تشير هذه الدراسة الى أن الحد من ارتباط الأطفال والمراهقين بأجهزة الشاشة الأخرى قد يكون مهما للصحة مثل الحد من وقت التلفزيون. ونحث نحث الأسر على الانتباه كثيرا في كيفية استخدام تلك الأجهزة بشكل صحي وسليم.”
عن ساينس ديلي