المنطقة الخضراء

آراء 2020/01/29
...

د. حسين القاصد
 
بعد سقوط النظام السابق في العام 2003 ظهر اسم المنطقة الخضراء وشاع وأصبح راسخا، حتى كاد المواطن البغدادي ينسى الاسم القديم لهذه المساحة الجغرافية المقتطعة من الكرادة من جهة الرصافة، لتشمل حي التشريع حتى حدود الحارثية في الكرخ. 
والتسمية، في أصلها، عسكرية، إذ يتم تلوين المناطق العسكرية على الخرائط بحسب حجم المخاطر والأنشطة الحربية فيها، فيكون اللون الأحمر للمنطقة التي تقع تحت سيطرة العدو وتكون هدفا لمرمى النيران، أمّا المناطق التي تكون قيد التحرير وتكون القوات العسكرية قد قطعت شوطا في تحريرها فحصتها اللون الأصفر، بينما تحظى المنطقة الآمنة باللون 
الأخضر. 
بعد تصويت مجلس النواب على خروج جميع القوات الأجنبية من العراق، وبعد التعديلات التي ينتظرها المواطن، صار من المنطقي أن تُلغى هذه التسمية التي تشي بالطبقية والفوقية وزرع الفوارق الاجتماعية بين أفراد 
المجتمع. 
المنطقة الخضراء بمساحتها الكبيرة، وسط بغداد، ليست مدينة ولا حيّا سكنياً من أحياء بغداد، ولعل احتفاظها بتسمية المنطقة دلالة على التسمية 
العسكرية.
لقد ضحى المواطن العراقي بكل ما يملك من أجل الدفاع عن الوطن، وتطهير الأرض العراقية من دنس الأعداء، كي لا تكون هناك منطقة في العراق تصح تسميتها بالمنطقة 
الحمراء.
وبعد أن شهدت بغداد بشكل خاص والعراق بجميع محافظاته هدوءاً أمنيا ملحوظا، تم فتح بعض الشوارع المغلقة، من بينها تلك التي تمر بالمنطقة الخضراء قبل اندلاع التظاهرات في الأول من تشرين الأول الماضي  لكن الخضراء بقيت خضراء مميزة
، مع أن من يدخلها هو نائب المواطن الذي انتخبه حتى ينوب عنه في اجتماعات مجلس النواب ويحمل 
طلباته.
لقد كان النظام السابق يسمي قصوره وأماكن إدارة السلطة بالقصور الرئاسية أو المواقع الحكومية ويعطيها بعض الأسماء أو الأرقام، لكنها تبقى مواقع تقتصر على مساحة البناية ولم تتحول إلى منطقة 
خاصة.
الآن، وبعد ما شهده العراق من احتجاجات واسعة، يصحبها ترقب للتعديلات التي توفر للمواطن بعض حقوقه؛ ربما يكون من المناسب إلغاء هذه التسمية التي صار المواطن يتحسس من طبقيتها
، لأن من حق المواطن العراقي على بلاده والقائمين على أمر البلاد، أن تكون جميع مناطق العراق  خضراء آمنة، لا فرق فيها بين مواطن 
وآخر.