الضرائب.. مصدر إيراد ومنظم لجوانب الحياة

اقتصادية 2020/01/29
...

بغداد / عماد الإمارة
 
تعد الإيرادات الضريبية من أهم مصادر الإيرادات العامة للدولة في العصر الحديث، ولا ترجع أهمية هذا المصدر لكبر حجمه المطلق أو النسبي إذا ما قورن بغيره من الإيرادات الأخرى فقط، وإنّما لمدى تأثيرها في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.الأكاديمي الدكتور عبد الله نجم الشاوي قال: "تعد الحكومة وحدة اقتصادية مهمة تحتاج الى أرصدة مالية لتمويل نشاطها العام، ما يعبر عنه بالإيرادات العامة، التي تحصل عليها الدولة في شكل تدفقات مالية بهدف تغطية الإنفاق العام وإشباع الحاجات العامة، 
وعلى هذا الأساس يتم الاعتماد على مصادر متعددة للإيرادات العامة التي تختلف حسب النظام  الاقتصادي السائد ومدى تقدم الدولة والتطور التاريخي للأنواع من الإيرادات العامة، فالضرائب تعد أهم أدوات السياسة المالية العامة التي تستخدمها للتأثير على النشاط الاقتصادي بهدف تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية".
 
النظام الضريبي
وأضاف "إن النظام الضريبي يهدف إلى تحقيق جملة من المعطيات للدولة التي تحددها فلسفتها السياسية، ويعكس ما يطرأ على هذه الأهداف من تغيرات، كذلك فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة في الدولة يمكن أن تلعب دورا كبيرا في تحديد أهداف النظام الضريبي الواجب تنفيذه،  والواقع أن أهداف النظام الضريبي لا تختلف في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية ولكن وسائل تحقيق  هذه الأهداف هي التي تختلف لتأثرها بمستوى التقدم والتخلف الموجود في الدولة، وعلى  هذا الأساس  يمكن تحديد أهم الأهداف للنظام الضريبي".
 
الأهداف المالية
أشار الشاوي الى أن "وجود أهداف تسعى الدولة الى تحقيقها من وراء فرض الضريبة وعلى قمة هذه الأهداف الهدف المالي. لقد كان الهدف المالي قديما وما زال حتى الوقت الحاضر من الأهداف الرئيسة من وراء فرض الضريبة، إذ إن معظم الدول تعتمد على الأموال التي تحصلها لتمويل نفقاتها المختلفة، وبناءً على ذلك يجب أن تكون الضريبة محايدة  لا تهدف إلى إحداث أي تغيير في الحياة العامة الاجتماعية منها والاقتصادية".
وقال:"يعتقد بعضهم أن الهدف الوحيد من وراء فرض الضريبة هو الهدف المالي من خلال سعي الدولة الى جباية الأموال من المواطنين لغاية تمويل نفقاتها، إلّا أن للضريبة أهدافا أخرى يمكن أن تكون ذات أهمية بالغة وينعكس أثرها المباشر والإيجابي في المواطنين إذا تم استغلال فرض الضريبة بشكل فعال، والأهداف التي نحن بصددها هي الاجتماعية للضريبة، وتعد كثيرة ومتنوعة، لا سيّما بعد ظهور مبدأ العدالة الاجتماعية، وبرفد الاتجاهات الحديثة لتوزيع عادل للدخل والحدّ من استغلال الطبقة العاملة، فضلا عن ظهور مفاهيم توزيع العبء الضريبي في المجتمع حسب مستوى الدخول فالضريبة وسيلة لإعادة توزيع الدخول
 والثروات".
الأهداف الاقتصادية
ذكر الشاوي أن "الأهداف الاقتصادية الأهم بالنسبة للضريبة، في عصرنا الحاضر، فالضريبة لا تستقطع من دون أن تثير انعكاسات على المستهلك والانتاج والادّخار والاستثمار، لذلك تقوم الحكومات باستخدام الضريبة لتوجيه سياساتها الاقتصادية لحلّ الأزمات التي قد  تتعرض لها، وذلك بتشجيع فروع الانتاج الضرورية ومعالجة دورات الكساد والركود ومحاربة التكتل والتمركز في المجتمع، ومن الأهداف الاقتصادية استخدامها كوسيلة لتشجيع قطاعات اقتصادية مثل العمل على تشجيع الصناعات المحلية وحمايتها من المنافسة الخارجية".  
وتابع: "قد تلجأ الدولة لحماية بعض الصناعات المحلية التي لا تكون قادرة على منافسة الصناعات المستوردة، وهذا بدوره يعمل على رفع أسعار السلع المستوردة ويؤدي بالتالي إلى إيجاد ظروف منافسة أفضل  للسلع المصنعة محليا، وكثيرة تلك الدول التي استخدمت الضريبة كوسيلة لتشجيع قطاعات اقتصادية مثل قطاع  السياحة أو الصناعة أو الزراعة فقامت بإعفاء تلك النشاطات من أيّة ضرائب".
 
الهيكل الضريبي
كما أكّد الشاوي "أهمية العمل على إجراء تغييرات في الهيكل الضريبي لجعله أكثر مرونة وأكثر استجابة وقدرة على تحقيق الأهداف، واعتماد الضرائب البيئية بهدف تحسين البيئة والحدّ من التلوث لانعكاس ذلك إيجابيا على الصحة العامة مستقبلا، وتفعيل الدور المالي للنظام الضريبي من خلال توسيع  القاعدة الضريبية واعتماد معدلات ضربية مقبولة. صحيح أن الاقتصاد العراقي يتمتع بوفرة موارده الطبيعية، إلّا أنه يتميز بعدم تنوع مصادر إيراداته ممّا يجعله عرضة للتقلبات والأزمات، لذا من الضروري تقليل اعتماد الموازنة العامة على الإيرادات النفطية وبالمقابل  تنويع إيراداتها عن طريق زيادة الايرادات الضريبية وتفعليها في الاقتصاد  
الوطني".