الجامعة العربية ترفض «صفقة القرن}

العراق 2020/02/01
...

القاهرة / إسراء خليفة

أكد وزير الخارجية محمد علي الحكيم، موقف العراق الثابت بدعم القضية الفلسطينية، مبيناً أن العراق يحث أشقاءه الفلسطينيين على الالتزام بالوحدة والتماسك والاتفاق لضمان حقهم المشروع في دولة فلسطينية موحدة قابلة للحياة، عاصمتها القدس، وضمان حق العودة لجميع الفلسطينيين الى أرضهم وبيوتهم، بينما أعلن البيان الختامي للاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي ترأسه العراق أمس السبت في القاهرة رفضه لما يسمى بـ «صفقة القرن». 

 وقال الوزير الحكيم في الاجتماع العربي بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس: إن «العراق، حكومة وشعبا بمرجعياته الدينية والسياسية والعشائرية كافة، يؤكد على موقفه الثابت بدعم القضية الفلسطينية، ويدعم التوجهات والقرارات التي يتخذها الأشقاء الفلسطينيون، وندعو العرب والمسلمين وجميع أحرار العالم الى دعم حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، واستعادة جميع أراضيه».
وأضاف، اننا «نجتمع في دورة استثنائية، لمجلس جامعـة الدول العربيـة على مستوى وزراء الخارجيـة، وهي استثنائية بموضوعها وتوقيتها وظروفها، إذ نواجه ظروفاً بالغة الدقة والحساسية، بعد إعلان ما يسمى بـ (صفقة القرن)، المبنية على التفاهم والتنسيق مع طرف واحد وعدم التنسيق مع السلطة الفلسطينية الشرعية، والدول العربية والجهات الاقليمية والدولية، وخاصة أعضاء مجلس الأمن، والرباعية الدولية».
ودعا الوزير الحكيم، إلى «وضع ستراتيجية (عربية) للعمل مع دول الاتحاد الاوروبي الصديقة، ودول العالم الاسلامي ودول عدم الانحياز وروسيا والصين واليابان لزيادة الوعي العالمي، بشأن مخاطر هذه الصفقة المجحفة على الأمن والاستقرار في منطقتنا»، كما دعا الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الى «تقديم جميع أشكال الدعم لفلسطين المحتلة، وأن نبين للعالم أن ما يسمى بصفقة القرن تسعى الـــــــــــــى فرض سياســـــــة الامر الواقع وتفاقم مستويات العنف والتطرف في المنطقة».
وأضاف، «نعتقد بأن حل مشكلات المنطقة، لابد من أن يمر من خلال ضمان حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية، بما فيها قرارات مجلس الأمن، وحقه غير القابل للتصرف وفي مقدمتها حق تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدس المحتلة».
 
رؤية الجامعة العربية
من جهته، أكد الامين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، ان «اجتماعنا الطارئ، باعثه الحاجة إلى بلورة موقف عربيّ جماعي من الطرح الأميركي للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين كما أعلن عنه الرئيس ترامب، بحضور ومشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي».
وأضاف، «نحن نبعث برسالةٍ للعالم أجمع، بأن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، وان القرار الفلسطيني الحر، له ظهير عربي، مساندٌ في كل حال، وداعم في كل حين».
وأشار أبو الغيط، الى أربع ملاحظات، وهي أن «العرب يأخذون كل مقترح للسلام، من أي طرفٍ كان بالجدية الكاملة وبروح المسؤولية، لأن إنهاء الصراع مع إسرائيل هو مصلحة فلسطينية وعربية مؤكدة»، وأضاف، ان «الطرح الأميركي الأخير، والمدعوم إسرائيلياً، قد كشف عن تحولٍ حاد في السياسة الأميركية المستقرة تجاه الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وكيفية تسويته، ونرى أن هذا التحول في محددات الموقف الأميركي لا يصب في صالح السلام أو الحل الدائم والعادل».
وأضاف، «أما الملاحظة الثانية، فإن السياق الذي طُرحت فيه الخطة الأميركية، وتوقيت طرحها يُثير علامات استفهام في أقل تقدير، لكي لا نقول الريبة والتشكك، ولقد كان في طرح الخطة على هذا النحو رسالة سلبية للرأي العام أثرت في استقباله للخطة ومضمونها، أما الملاحظة الثالثة، فهي انني وإن كنتُ لا أرغب في أن أناقش تفاصيل الخطة الأميركية، إلا أنني أكتفي فقط بالقول إننا كعرب (لسنا متشنجين أو من أنصار المواقف العنترية)، ومن حقنا أيضاً أن نقبل أو نرفض، وإلا كان المقترح الأميركي – في حقيقته وجوهره- يمثل إملاءاتٍ أو عرضاً لا يُمكن رفضه أو حتى مناقشته، وسيكون الأمر في هذه الحالة منافياً لأبسط مبادئ العدالة والإنصاف، والملاحظة الأخيرة، ان هناك ما يشير للأسف إلى أن الطرف الإسرائيلي يفهم الخطة الأميركية بمعنى الهبة أو العطية التي يتعين اغتنامها والاستحواذ عليها».
وأشار الى ان «هذه السيناريوهات لا تجلب استقراراً أو تقيم سلاماً، بل تضع بذور مئة عام أخرى من الصراع والمعاناة، وأرى أن البديل المنطقي والآمن ما زال في أيدينا لو صحت النوايا، لابد من أن يتفاوض الطرفان بنفسيهما من أجل الوصول إلى حل يستطيع كلٌ منهما التعايش معه والقبول به، لا يُمكن أن تكون نقطة البداية لهذا التفاوض هي الحد الأقصى لمطالب طرف، والتجاهل الكامل
لرؤية الطرف الآخر، لا يُمكن أن تكون خطوط الحل، بل وتفاصيله، مفروضة فرضاً ومقررة سلفاً، فعلام يكون التفاوض إذن، إن كان الأمرُ كله قد أُقر والحدود رُسمت، والتفاصيل حُسمت؟!».
وأوضح أبو الغيط، ان «التحديات التي تطرحها علينا الخُطة الأميركية لابد من أن تدفع الإخوة الفلسطينيين إلى العمل بأقصى سرعة على سد الثغرة الخطيرة التي ما برحت تنخر في بنيان العمل الوطني، والسعي بكل سبيل إلى رأب هذا الصدع الذي خصم من النضال الفلسطيني لما يربو على ثلاثة عشر عاماً كاملة من الانقسام الداخلي، لقد آن لهذا الانقسام البغيض أن يُفارقنا إلى غير رجعة، فالتحديات المتسارعة تواجه الفلسطينيين جميعاً ولا ينبغي أن يواجهوها منقسمين متفرقين».
 
موقف عباس
من جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كلمته: إن «نتنياهو لا يؤمن بالسلام، ولم يحصل أي تقدم في الفترات الثلاث التي قضاها في الحكومة»، مشيرا إلى أنه يرفض «أي حل يقول بضم القدس لإسرائيل ونحن حراسها والمسؤولون عنها».
كما رفض عباس قبول الولايات المتحدة «وسيطاً وحيداً في أي مفاوضات مع إسرائيل»، مطالباً بـ «آلية دولية للسلام مع رفض أن تكون (صفقة القرن) ضمن أي طرح»، مؤكدا أن السلطة الفلسطينية «أبلغت الأميركيين والإسرائيليين أن لا علاقة لنا معهم بما في ذلك في المجال الأمني».
وفي ختام الاجتماع الطارئ، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن «البيان الختامي للاجتماع، أعلن صراحة رفض ما يسمى صفقة القرن لأنها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني».
من جانبه أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أن الفلسطينيين حصلوا في الجامعة العربية، على الدعم اللازم، لمواجهة ما يسمى بخطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط المعروفة بـ «صفقة القرن»، مشيرا إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيحضر اجتماعا لمجلس الأمن الشهر الجاري.
 
البيان الختامي
وفي ما يلي نص البيان الختامي لاجتماع جامعة الدول العربية بشأن «صفقة القرن»: خلص مجلس الجامعة العربية الى أن ما قدمته الإدارة الاميركية وبكل أسف ليس خطة مناسبة لتحقيق السلام العادل والدائم والشامل المبني على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بل انتكاسة جديدة في جهود السلام الممتدة على مدار ثلاثة عقود، وأن هذه الصفقة التي توجت القرارات الأميركية الأحادية المجحفة والمخالفة للقانون الدولي بشأن القدس والجولان والاستيطان الاستعماري الاسرائيلي وقضية اللاجئين؛ لن يكتب لها النجاح لأنها تخالف المرجعيات الدولية لعملية السلام، ولا تلبي الحد الادنى من تطلعات وحقوق الشعب الفلسطيني -غير القابلة للتصرف- وفي مقدمتها حق تقرير المصير واقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط 4 حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة على أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
وإذ يؤكد المجلس على جميع قراراته المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي على مستوى القمة والوزاري ولاسيما القمتين الاخيرتين قمة القدس التي عقدت في الظهران بالمملكة العربية السعودية وقمة تونس يقرر:
1 ـ التأكيد على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين وعلى حق دولة فلسطين بالسيادة على كامل أرضها المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوي والبحري ومياهها الاقليمية ومواردها الطبيعية وحدودها مع دول الجوار.
2ـ رفض صفقة القرن الأميركية - الإسرائيلية باعتبار أنها لا تلبي الحد الادنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة الى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ودعوة الادارة الاميركية الى الالتزام بالمرجعيات الدولية لعملية السلام العادل والدائم والشامل.
3ـ التأكيد على عدم التعاطي مع هذه الصفقة المجحفة أو التعاون مع الادارة الأميركية في تنفيذها بأي شكل من الاشكال.
4 ـ التأكيد على أن مبادرة السلام العربية - كما أقرت نصوصها عام 2002- هي الحد الأدنى المقبول عربيا لتحقيق السلام من خلال انهاء الاحتلال الاسرائيلي لكامل الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، والتأكيد على أن إسرائيل -القوة القائمة بالاحتلال- لن تحظى بالتطبيع مع الدول العربية ما لم تقبل وتنفذ مبادرة السلام العربية.
5ـ التأكيد على العمل مع القوى الدولية المؤثرة والمحبة للسلام العادل لاتخاذ الاجراءات المناسبة إزاء أي خطة من شأنها أن تجحف بحقوق الشعب الفلسطيني ومرجعيات عملية السلام، بما في ذلك التوجه الى مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.
6ـ التحذير من قيام إسرائيل -القوة القائمة بالاحتلال- بتنفيذ بنود الصفقة بالقوة متجاهلة قرارات الشرعية الدولية، وتحميل الولايات المتحدة واسرائيل المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه السياسة، ودعوة المجتمع الدولي الى التصدي لأي اجراءات تقوم بها حكومة الاحتلال على أرض الواقع.
7 ـ التأكيد على الدعم الكامل لنضال الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية -وعلى رأسها الرئيس محمود عباس- في مواجهة هذه الصفقة وأي صفقة تقوض حقوق الشعب الفلسطيني -غير القابلة للتصرف- وتهدف لفرض وقائع مخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.
 
لقاءات الحكيم
وكان وزير الخارجية محمد علي الحكيم، التقى قبيل ترؤسه للاجتماع العربي، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتبادل الجانبان وجهات النظر حول ما يسمى (صفقة القرن).
وأكد الوزير الحكيم -بحسب بيان للخارجية- «موقف العراق الثابت إزاء القضيّة الفلسطينيّة، ونيل الشعب الفلسطينيّ حقوقه الكاملة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
كما التقى وزير الخارجية على هامش الاجتماع، كلا على حدة، نظيريه السعودي فيصل بن فرحان والعماني يوسف بن علوي، وبحث الجانبان، مُستجدّات القضيّة الفلسطينيّة، وما يُسمّى (صفقة القرن)، وآثارها على الشعب الفلسطينيّ، والمنطقة».
ودعا الحكيم، بحسب بيان للخارجية، إلى «دعم حقّ الشعب الفلسطينيّ في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، واستعادة جميع أراضيه».