الكتل السياسية تمنح {الرئيس المكلف} حرية اختيار الوزراء
العراق
2020/02/04
+A
-A
بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
رحبت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق بتكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة الانتقالية، وبينما أكدت مصادر برلمانية لـ "الصباح" أن الكتل السياسية عقدت اتفاقاً "أولياً" على منح علاوي الحرية كاملة وعدم التدخل في اختياره كابينته الوزارية؛ كشفت المصادر عن وجود استثناء للوزراء الناجحين في حكومة عادل عبد المهدي من التغيير الوزاري المرتقب.وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي في بيان تلقته "الصباح": إن "تكليف رئيس الوزراء الجديد محمد توفيق علاوي يعد خطوة مهمة تجاه اجتياز الأزمة السياسية في البلاد، فالعراق بحاجة ماسة لحكومة انتقالية فعّالة تكون قادرة على التركيز على قضايا المساءلة والاصلاحات وتنظيم الانتخابات الجديدة".وأكد البيان "سوف يستمر الاتحاد الأوروبي بدعم التطلعات الشرعية للشعب العراقي لإقامة دولة قوية وفاعلة ذات مؤسساتٍ خاضعة للمساءلة تعمل على خدمة المواطنين".
وزراء ناجحون
إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب بدر الزيادي في تصريح خص به "الصباح": إن "الكتل السياسية أعطت الحرية الكاملة لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي لاختيار التشكيلة الحكومية المقبلة"، مؤكداً انه "سيجري اتصالات مكثفة وسيستعين بمستشارين لاختيارها وصولاً الى يوم عرضها على مجلس النواب".
وبين الزيادي أن "هناك فكرة لاستثناء الوزراء الناجحين في حكومة تصريف الاعمال من التغيير الوزاري"، مؤكداً أنّ "عبد المهدي سيعطي المشورة لعلاوي للإبقاء على الوزراء الذين أثبتوا وجودهم وجدارتهم في إدارة الوزارات خلال مدة سنة، إضافة الى أنه ليس لديهم أي مؤشر سلبي؛ بل انهم أضافوا شيئاً للوزارات التي كانوا فيها".
وألمح عضو مجلس النواب الى أن "هناك فكرة أخرى، بأن يكون التغيير الوزاري على شكل وجبات لحين اكتمال تشكيلة حكومية مستقلة ناجحة تخدم العراق".
من جانبه بين الكاتب والباحث في الشأن السياسي كفاح محمود أن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بدأ بإجراء مباحثات واتصالات ومشاورات مع جميع الكتل السياسية وبعض الشخصيات التي سيختارها للتشكيلة الحكومية في عموم أرجاء البلاد".
وأضاف محمود لـ "الصباح" أن "السلطات المسؤولة في إقليم كردستان اجتمعت يوم الاحد الماضي للتباحث في الاوضاع السياسية في بغداد والمساهمة في تهدئتها بشكل إيجابي، والمشاركة في الحكومة الجديدة"، وأكد أنه "يجب على علاوي استشارة جميع القوى السياسية باعتبارها أعمدة أساسية في النظام السياسي بالبلد لا يستطيع تجاوزها للذهاب لخيارات ربما تقود البلاد الى مسائل خطيرة جداً، بمعنى انه يمكنه اختيار شخصيات تكنوقراط ومشهود لها بأنها متخصصة وبعيدا عن فكرة المحاصصة، لكن يجب أن يؤخذ رأي الكتل السياسية بنظر الاعتبار".
وبين محمود أن القوى السياسية في المركز أو الاقليم - وبعد ما حصل من تظاهرات في تشرين الأول- تلقت درساً مهماً جداً بأنها إن لم تعد النظر في توجهاتها ربما ستخسر مواقعها في الانتخابات المقبلة، ولذلك فإن من الحري بها أن تذهب الى خيارات تلبي رغبة الجمهور خارج المؤسسات التشريعية والتنفيذية".
وتابع أن "هناك رجالات دولة مهنيين إداريين لديهم صفحات بيضاء في تاريخهم السياسي، ولا توجد عليهم أي شبهات سواء ما يتعلق بالنزاهة أو سوء استخدام السلطة"، مؤكداً أنّ "العراق من شماله الى جنوبه مليء بشخصيات كهذه لو بحث عنها علاوي بدقة بدعم من القوى السياسية، فإنه سيجد طاقما يتجاوز به هذه المرحلة الحرجة لحين إجراء الانتخابات وتغيير الصورة النمطية التي اعتدنا عليها من 2005 وحتى الآن".
لقاء النواب
بدوره قال عضو مجلس النواب النائب عبود العيساوي: إن "مجموعة من النواب من كتل مختلفة التقوا رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، لمعرفة وجهة نظره لإدارة البلاد، وإمكانية تطبيق برنامجه الحكومي خلال الفترة المقبلة"، لافتاً الى أن "النواب وجهوا أسئلة عدة لعلاوي تتعلق بهيبة الدولة والأمن وكذلك حقوق شهداء التظاهرات والجرحى، بالإضافة الى المواضيع الاقتصادية، ومحاربة الفساد المستشري، فضلاً عن آلية اختيار الكابينة الوزارية".
وأوضح العيساوي أن "الكتل السياسية أعطت علاوي صلاحية اختيار كابينته الحكومية بكل حرية، على أن يتم اختيارها على وفق خبرته وتواصله مع الشخصيات المستقلة والنزيهة"، مبيناً أن "النواب طلبوا من علاوي أن يتواصل مع البرلمان عبر استضافته باستمرار وأن يكون صريحاً كاشفاً عن جميع القضايا أمام المجلس والشعب".
وتابع أن "النواب طلبوا من علاوي أيضاً تواصل الوزراء مع اللجان المختصة، شهرياً أو أسبوعيا"، مشيراً الى أن "علاوي وعد بتشكيل دوائر استشارية تابعة لمكتب رئيس الوزراء تشرف على الوزارات وتتابع تطبيق البرنامج الحكومي".
ولفت الى أن "علاوي وعد أيضا بفتح مكاتب في المحافظات تمثل مكتب رئيس الوزراء، لكي تتابع دور المحافظات ودوائر الدولة وتتواصل مع المتظاهرين وفئات المجتمع من العشائر والأكاديميين والنقابات لمتابعة هموم الناس وطلباتهم"، منوهاً بأن "هناك نية لإشراك ممثلين عن المتظاهرين في هذه المكاتب لمتابعة العمل ومدى تطبيق البرنامج الحكومي".
وأكد العيساوي أن "علاوي وعد كذلك بمتابعة موضوع الفساد المستشري في دوائر الدولة، والقضاء على حالات الرشوة وما شابه ذلك، وكذلك وعد بتعزيز الأمن وإعادة هيبة الدولة، فضلاً عن موضوع حقوق الإنسان"، لافتاً الى أن "الموازنة هي من أولويات عمل حكومة علاوي التي ستناقشها وتجري تعديلات عليها ومن ثم ترسلها الى البرلمان، لأن فيها عجزاً مالياً كبيرا".
مصير الموازنة
بدورها أكدت اللجنة المالية النيابية أن حكومة علاوي ستعيد النظر ببعض فقرات الموازنة العامة لسنة 2020، لمعالجة العجز المالي.
وقال عضو اللجنة النائب أحمد حمه: إن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي لا يمكنه إقرار الموازنة وإرسالها الى البرلمان، إلا بعد التصويت على كابينته الوزارية وبرنامج حكومته"، وتابع أنه "بعد تصويت البرلمان بالأغلبية المطلقة على أعضاء الحكومة الجديدة والمنهاج الوزاري، يمكن لحكومة علاوي مناقشة الموازنة وارسالها الى مجلس النواب".
وأشار الى أن "رئيس الوزراء المكلف لديه باع طويل في السياسة المالية والنقدية في البلد، فيمكن إعادة النظر بالموازنة التي فيها عجز مالي كبير يتجاوز 48 ترليون دينار"، مبيناً أن "الحكومة الجديدة ستقوم بمعالجة العجز المالي من خلال إعادة النظر ببعض الفقرات".
ولفت حمه الى أن "علاوي لديه ملاحظات عديدة على الكثير من الأمور المالية والاقتصادية في الدولة، ويمكن معالجة جميع المشكلات بفترة وجيزة أو على شكل مراحل".
من جانبه أفاد عضو لجنة الخدمات النيابية جاسم البخاتي بأن "حكومة محمد توفيق علاوي لن ترسل الموازنة حال منحها ثقة مجلس النواب، وإنما ستقوم بمراجعتها وفق معطيات المرحلة"، مبيناً أن "رؤية أي حكومة تختلف عن سابقتها، وأن الحكومة المقبلة هي من ستتحمل مشروع قانون الموازنة كونها الجهة التي ستقوم بإرسالها للبرلمان".
وأضاف أن "حكومة عادل عبد المهدي خلال مدة تصريف الأعمال ارتكبت مخالفات عدة من خلال إصدار قرارات لا يجيز لها الدستور، وبذلك ستتم مراجعة جميع القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء والوزارات خلال مدى مدة تصريف الأعمال لمطابقتها دستورياً".
الخبير القانوني علي التميمي كشف عن صلاحيات رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، وقال: إن "علاوي لا يمتلك أي صلاحيات قانونية تسمح له بالتدخل في شؤون الدولة أو تيسير عمل الحكومة بالوقت الحالي، كما لا يمكنه الاطلاع على بعض الملفات الحساسة في عمل الحكومة"، وأضاف أن "هذه الصلاحيات تمنح لعلاوي بعد منحه الثقة من قبل مجلس النواب ومن ثم أداء اليمين الدستورية".
الفرصة الأخيرة
بدوره وصف النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بـ "الفرصة الأخيرة لعبور المجهول".
وقال الموسوي: إن "تكليف علاوي جاء في ظروف مختلفة وسط تصاعد وتيرة الاحتجاجات وانتهاك السيادة العراقية وتفشي الفساد وارتفاع نسبة البطالة"، مؤكدا انه "جاء بعد سلسلة مباحثات بين الكتل السياسية بالاتفاق على ترشيح شخصية مستقلة خارج الوسط السياسي".
وعدّ الموسوي الذهاب باتجاه علاوي "استجابة لمطالب الجماهير"، منوها بـ "حاجة المشهد السياسي العراقي المعقد الى شخصية قوية وقادرة على لملمة الأمور"، مؤكداً أن "جميع الشخصيات في القوى السياسية عراقيون، وبالتالي من مصلحتهم أن ينجح علاوي؛ لأن نجاحه بمثابة فرصة أخيرة لهم لتفادي الذهاب الى المجهول".
وأضاف أن "اتباع الآليات القديمة في تشكيل الحكومة السابقة هو سبب فشلها، وعلى الأحزاب أن تمتثل لأوامر المرجعية بالاعتماد على آليات جديدة في تشكيل الحكومة"، مشيراً الى أن "تنازل الفتح عن استحقاقه الوزاري ليس كلاماً فحسب؛ بل قول وفعل، إذ إن الفتح لن يكتفي بالتصريحات؛ بل سيدعم الحكومة الجديدة بشدة"، وأوضح أن "هناك اتفاقا أوليا بين الكتل على فسح المجال الكامل لعلاوي، ولا سيما أن كل الكتل السياسية لم تصر على فرض اسم معين لوزارة ما".
أما النائب عن تحالف سائرون سلام الشمري فقال في بيان: إن "تسمية رئيس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة نزع فتيل أزمة كبيرة أراد البعض استمرارها لخلق فوضى في البلاد".
وأضاف أن "رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي أمام فرصة كبيرة لتهدئة الأوضاع باختيار وزراء مستقلين تكنوقراط وفق مطالب المتظاهرين السلميين"، مشدداً على "أهمية التواصل المستمر مع أبناء الشعب بمختلف توجهاتهم والاستماع المباشر لمطالبهم المشروعة والاستجابة لها وفق القانون والدستور، لما لها من أهمية قصوى في الاستقرار المجتمعي والتهيئة المناسبة لمتطلبات المرحلة المقبلة".
دعم سياسي
النائب عن تيار الحكمة أسعد ياسين المرشدي أكد أن "تيار الحكمة يتعامل بشكل ايجابي مع تكليف محمد توفيق علاوي، وسندعم أي تكليف أو خطوة تهدف لحل الأزمات"، متوقعاً أن "لا تستسلم بعض الكتل وستحاول الضغط على علاوي من أجل الحصول على مكاسب في الحكومة".
وأضاف المرشدي أننا "سنقف مع التكليف والشخص المكلف بشكل إيجابي، بغية دعمه ضد الكتل الباحثة عن مكاسب من أجل المجيء بحكومة مستقلة وبعيدة عن المحاصصة"، لافتا الى أن "المرجعية والشارع طالبوا بتوفر شروط أساسية بكل مرشح، وهي أن يكون قويا ومستقلا ومتحررا من هيمنة الأحزاب، ونحن بدورنا سنكون داعمين لرئيس الوزراء المكلف في تحقيق مطالب الشعب العراقي ودعوات المرجعية ولن نضغط عليه بل نساعده في تحقيق ما وعد به الجماهير".
ورجح المرشدي أن يقدم علاوي 60 بالمئة من كابينته الوزارية لمجلس النواب لمنحها الثقة، بينما بين أن كابينة علاوي ستخلو من الوزراء المتحزبين.
من جانبه قال النائب علي البديري: إن "فريقا من المستشارين والمختصين أكمل إعداد البرنامج الحكومي الذي ركز على كيفية النهوض وتطوير الواقع الخدمي وإمكانية استيعاب أكبر عدد من العاطلين".
وأضاف أن "رئيس الوزراء المكلف اختار طاقمه الوزاري قبل فترة معتمدا على معايير الكفاءة والنزاهة"، لافتا إلى أن "طموح رئيس الحكومة الانتقالية يقضي بتحديد شهر تشرين الأول المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية الذي يحتاج إلى اتفاق مع مفوضية الانتخابات".
وبين البديري أن "علاوي بدأ يتواصل مع نواب بعيداً عن رؤساء الكتل إذ ركزت هذه الاجتماعات على كيفية تشكيل الحكومة المقبلة، والموقف من حركة الشارع (التظاهرات) التي تتطلب إقناعها بتأليف كابينة وزارية قادرة على معالجة كل الأخطاء"، مشيرا إلى أن "اختيار الوزير من قبل رئيس الحكومة المكلف يعد من الأشياء المهمة والضرورية".
في غضون ذلك أكد النائب عن مكون الشبك قصي الشبكي أن "الحكومات السابقة ومنها حكومة عادل عبد المهدي عودتنا على اقصاء الاقليات وخصوصا الشبك من التمثيل في التشكيلة الحكومية"، لافتا الى "وجود العديد من الشخصيات الشبكية الكفوءة المستقلة التي تقدمت بسيرها الذاتية لكن من دون جدوى".
وأضاف "نحن مع حكومة ووزراء مستقلين ذوي كفاءة وخبرة وتاريخ في الأداء الإداري المتدرج في مؤسسات الدولة التنفيذية، وشخصيات نزيهة لا توجد في سجلها أي ملفات فساد"، وشدد على ضرورة "الانصاف والأخذ بنظر الاعتبار تنوع المكونات وتمثيلهم في الحكومة سواء بالمشاركة كوزراء أو مستشارين أو وكلاء أو درجات
خاصة".