بعد التجربة المرّة التي عاشها العراقيون مع من تسنموا السلطة في أعقاب الإطاحة بالدكتاتورية البائدة في 9/4/2003، لم يكن من السهل على الاطلاق أن تجتمع كلمتهم على شخصية معينة والنظر إليها على أنها المستوفية لكل ما يتطلبونه في المسؤول التنفيذي الأول من مواصفات.
وفي مثل هذه الأجواء الملبّدة بالغيوم تم تكليف (محمد توفيق علاوي) بتشكيل الوزارة الجديدة، فاستقبل عارفوه – ومنهم كاتب السطور – هذا التكليف، بارتياح كبير؛ ذلك أنّ الرجل معروف عندهم بالإخلاص والصدق والوطنية فضلا عن النزاهة العالية، وهذه الصفات تكفي لطمأنتهم على أنَّ التكليف كان موفقا للغاية.ولكن ذلك لا يعني انَّ ساحات الاحتجاج الشعبي، في بغداد وفي بعض المحافظات الأخرى، كان لها الرأي نفسه في الرجل المكلف بتشكيل الوزارة. ولكن أحداً لا ينكر أنّ تياراً شعبيا كبيرا – وهو التيار الصدري تحديداً – وقف مسانداً ومؤيدا لمحمد توفيق علاوي لأنهم يعرفون منه ما لا يعرفه الآخرون.
إن خطاب محمد توفيق علاوي مع الجماهير حافلٌ بالكثير من الشواهد والأدلة على أنَّ الرجل بعيد عن أي شبقٍ سلطوي فهو سيبادر إلى الاستقالة فوراً إذا ما حاولت بعض الجهات السياسية أن تفرض عليه املاءاتها.كما أنه سيُولي التحقيق الخاص لمعرفة الجناة والقتلة الذين استخدموا القوة المفرطة مع المحتجين عناية كبرى، ولن يهدأ له بال حتى يساق القتلة والقناصون والمعتدون على المحتجين السلميين إلى القضاء وينالوا جزاءهم العادل.وتحدّث إلى المواطنين بنبرات صادقة كاشفة عن عميق حبه لوطنه وللمواطنين العراقيين جميعا، بعيداً عن أيّة ذرة من ذرات الفوقية والاستعلاء، وهذه هي أخلاقيته الرفيعة التي يجب أنْ تثمن ويحسب لها الحساب.
ولقد دعا المتظاهرين إلى الاستمرار في تظاهراتهم واحتجاجاتهم السلمية، وعدّ الاحتجاجات الشعبية السلمية ذات مردودات إيجابية كبيرة للوصول إلى التغييرات المنشودة.
وإذا كان حسّان ذياب، رئيس الوزراء اللبناني، قد واجه من الشارع اللبناني أصواتا رافضة لتكليفه بتشكيل الوزارة إلّا أن ذلك لم يمنعه من أن ينال ثقة مجلس النواب.فما وقع بالأمس في لبنان سيقع في العراق إذ إنَّ الأصوات المطلوبة لمنحه الثقة، في مجلس النواب، موجودة، وليس ثمة ما يحول بينه وبين حصول حكومته على الثقة المطلوبة.
والمهم أنه ليس من الصحيح على الاطلاق أن يقال في حقه إنه رجل هذه الدولة أو تلك، لأنه ابن العراق، وحامل همومه، والساعي إلى إخراجه من المأزق والمعاناة.ومن هنا:فلا بد أن يسانده المخلصون والغيارى على المصالح العليا للبلاد والعباد لكي ينجح في مهامه وتشرف حكومته المرتقبة على انتخابات نيابية مبكرة نزيهة حرة خالية من شوائب التزوير ليكون ذلك المدخل الحقيقي للتغيير والإصلاح المنشود.