السفير الصيني لـ « الصباح »: قادرون على احتواء «كورونا»

العراق 2020/02/09
...

بغداد / خاص الصباح
 
أكدَ السفيرُ الصيني في بغدادَ تشانغ تاو، ثقته بقدرة بلاده على احتواء فيروس كورونا عبر تطوير أساليب وقائية فعالة وكذلك تحديث النظام اللقاحي والصحي الذي دأبت عليه بكين منذ ظهور المرض، وبينما شدد على التعاون التام مع السلطات العراقية في سبيل الوقاية من الفيروس ومنع وصوله إلى البلاد، أبدى أسفه لإجراءات بعض الدول التي أثارت الرعب والخوف في العالم، مبيناً في حديث خاص لـ «الصباح» ان ما يجري الحديث عنه بشأن تأثر الاقتصاد الصيني بظهور كورونا، هي أساليب تتضمن المبالغة والتهويل،

 وان هذا الاقتصاد قائم على أسس قوية وعلمية وبإمكانه التعافي سريعاً من أي مؤثرات جانبية، في وقت أكدت فيه لجنة الاستثمار والاقتصاد النيابية، ان الشركات الصينية بعد الانتهاء من أزمة فايروس كورونا ستتوجه الى العراق من أجل المباشرة في مشاريع الأعمال التي تضمنها 
الاتفاق.
وقال السفير تشانغ تاو لـ “الصباح”: إن “السفارة الصينية في العراق، تولي اهتماماً بالغاً لمكافحة الفيروس ومنعه والوقاية منه، ومنذ يوم 22 كانون الثاني 2020 أصدرت السفارة الصينية أكثر من 20 تعليماً وأمراً للشركات الصينية العاملة في العراق، بما فيها تعليق عمليات التناوب للعاملين الصينيين في تلك الشركات، إذ لم يأت عاملون صينيون جدد الى العراق بعد هذا التاريخ، كما أصدرنا أمراً بشأن العاملين الصينيين الذين قدموا الى العراق خلال الفترة بين 22-8 كانون الثاني، بالإبلاغ عن حالاتهم 
الصحية”.
 
إجراءات في العراق
وأضاف، “لقد أكدنا للشركات الصينية ضرورة تعزيز الاجراءات الوقائية، بما فيها تخفيض السفر داخل العراق وخارجه، وحتى الآن فإن الحالة الصحية لجميع العاملين الصينيين في العراق جيدة، ولم تسجل أي إصابة بالفيروس، كما لاحظنا أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات، بما فيها منع الوافدين من الصين لمدة 30 يوماً، وتعليق بعض الرحلات الى الصين، ونحن نتفهم تلك الإجراءات”.
وأفاد السفير تاو، “لقد لاحظنا أن العديد من العاملين الصينيين في العراق واجهوا مشكلات وتحديات عند تعاملهم مع المؤسسة العراقية، إذ أنه وفي ظل منع دخول العاملين الصينيين الى العراق، أصبحت عملية تمديد إقامة العاملين الصينيين في العراق أمراً مهماً جداً، لاسيما ان العديد من الصينيين العاملين في مختلف القطاعات الاقتصادية في العراق أصبحت تأشيرات إقامتهم على وشك النفاد، وهم بحاجة لتمديدها، ونأمل من الحكومة العراقية، ضمان المصالح المشروعة للعاملين الصينيين السالمين في العراق”.
وكشف السفير الصيني، عن تواصله مع الأمين العام لمجلس الوزراء، وكذلك وزير الداخلية، وإجراء مباحثات معهم بهذا الشأن، وقال: “لقد تلقينا دعماً جيداً منهم، كما أن ضمان تمديد الاقامة للعاملين الصينيين سيلعب دوراً جيداً لضمان تنفيذ المشاريع بشكل سلس، لاسيما أن الشركات الصينية تلعب دوراً كبيراً في المجالات النفطية مثلاً، إذ ان الشركات الصينية تسهم باستخراج ما نسبته 50 بالمئة من مجمل الانتاج النفطي العراقي”، وأشار إلى أن “العاملين الصينيين -ونتيجة لمنع عمليات التناوب- واجهوا ضغوطات نفسية وإرهاقاً جسدياً كبيراً، ونحن على يقين من أن الحكومة العراقية ستنظر الى هذا الأمر الذي سيعزز عجلة الإعمار في العراق”.
وتابع: “التقيت مؤخراً كذلك، الوكيل الفني لوزارة الصحة، وتبادلت معه وجهات النظر بشأن الإجراءات الوقائية وكذلك بخصوص إجراء مراقبة طبية بحق الوافدين العراقيين العائدين من مدينة ووهان، رغم أني أرى أن إجلاء الرعايا ليس له جدوى كبيرة، إذ أن الصين تمتلك إمكانيات طبية كبيرة لمواجهة الفايروس والوقاية منه ومعالجته”.
 
جهود دولية
ودعا السفير تاو، إلى “تضافر جهود المجتمع الدولي لمواجهة الفيروس والحد منه ومواجهته، كما ينبغي أن يكون هنالك رأي عام مساند للصين بهدف تمكينها من مواجهة الفيروس والحد من انتشاره، كما لا نجد مبرراً لكل ذلك الذعر والخوف من الفيروس، ولا يجب نشر الافتراءات والأكاذيب والمبالغة”.
وأضاف، إنه “على حد علمنا، ووفقاً للتقارير الطبية، فإن فيروس كورونا يموت في غضون 30 دقيقة تحت أجواء تفوق فيها درجات الحرارة الـ 50 درجة مئوية، كما اننا على استعداد تام للتعاون مع العراق بهدف الوقاية من الفيروس ومنع وصوله وانتشاره”.
وألمح السفير إلى “وجود بعض الأصوات التي تتحدث عن أن الاقتصاد الصيني يمكن أن يتأثر بسبب الفيروس، وأنا أظن أنه لا يوجد مبرر لكل ذلك القلق والخوف، لاسيما ان الصين تتمتع بإمكانية كبيرة وسوق أكبر”، مبيناً، ان “البنك الدولي وصندوق النقد أصدرا قبل أيام، تقارير أشارت الى أن لديهما الثقة بالتنمية الاقتصادية الصينية وتحقيق الاقتصاد الصيني تنمية جيدة بسبب تمتعه بمرونة قوية”، وأشار إلى أنه “في العام 2003، حين أصاب فيروس سارس الصين، فإن الاقتصاد الصيني شهد نمواً حينذاك بمقدار 10 بالمئة، ولم يتأثر 
إطلاقا”.
وأكد ان “فيروس كورونا أسهل بطريقة العلاج من فيروس سارس، كما ان نسب العلاج الخاصة بكورونا تشهد تقدماً ملموساً، إذ ان معدل الاصابات يشهد انخفاضاً جيداً، ويمكن القول ان عملية احتواء الفيروس تشهد تقدماً جيداً، ونحن على يقين من أن المرحلة المقبلة ستشهد الحد من انتشار الفيروس”.
وأكد السفير الصيني، أن “الفيروس الآن تحت السيطرة، إذ ان نسبة المصابين قياسا الى عدد نفوس مدينة ووهان أو الصين، صغيرة جداً، ورغم ذلك لن نستبعد ارتفاع حالات الاصابة بسبب طبيعة ذلك الفيروس، كما اننا نمتلك نظاماً علاجياً معيناً، ونسبة حالات الشفاء كبيرة، والصين تتواصل مع منظمة الصحة العالمية بشكل وثيق للتوصل الى علاج نهائي لذلك
 الفيروس”.
 
مراحل الفيروس
وتطرق السفير تاو خلال حديثه لـ “الصباح”، إلى نشأة ومراحل ظهور فيروس كورونا، وقال: إن “ ظهور الفيروس حدث خلال عيد الربيع الصيني، الذي يمثل مناسبة تشهد تنقل مئات الملايين من الصينيين داخل البلاد، وهم يعودون الى مسقط رؤوسهم للاجتماع مع أسرهم، ومع الأسف ظهر الفيروس في مدينة ووهان التي تمثل نقطة التواصل بين العديد من الصينيين، وتربط تسع مقاطعات في الصين، وفضلاً عن ذلك فإن قرابة خمسة ملايين مواطن من أهالي ووهان يغادرون مدينتهم في عيد الربيع الصيني للاجتماع واللقاء مع أسرهم”.
وأكد انه “على الرغم من جميع التحديات، فقد عبرت الحكومة الصينية عن إرادتها الصارمة لمكافحة الفيروس، ومن أجل منع انتشاره؛ استأنفت المؤسسة الحكومية عملها للخوض في معركة مواجهة ذلك الفيروس، ووفقاً للإنجازات الأولية، فقد تم الحد من انتشار ذلك الفيروس بشكل جيد، ووفقا لآخر الاحصائيات فقد سجلت مؤخراً قرابة 34673 ألف حالة إصابة مؤكدة، و724 حالة وفاة، و2375 حالة شفاء، ومعدلات الوفاة بهذه الحالة ليست كبيرة، فهي تبلغ 0.1 بالمئة، ونظراً لذلك فإن خطر ذلك الفيروس ليس كبيراً مقارنة مع الفيروس H1N1 الذي أدى الى إصابة مليون و630 ألف شخص، وتسبب بقرابة 280 ألف حالة
 وفاة”.
وأضاف، “لذلك نقول ان فيروس كورونا المستجد، لا يشكل خطراً كبيراً نسبياً، ورغم ذلك فإن الصين تولي اهتماماً بالغاً لمكافحته والسيطرة على منع انتشاره، إذ اتخذت حكومة بكين إجراءات صارمة ضد ذلك الفيروس، انطلاقاً من تحمل مسؤوليتها في توفير السلامة لمواطنيها، كما أن الاجراءات الصارمة لمكافحة الفيروس تلعب دوراً ايجابياً وجيداً في الحد من انتشار كورونا الى دول أخرى، وبالتالي تضطلع الصين بمسؤوليتها تجاه العالم، كما تلقت الاجراءات المتخذة من قبل الحكومة الصينية تقديرا عاليا من قبل منظمة الصحة العالمية”.
واستدرك السفير، انه “على الرغم من أن هذا الوباء لا يشكل خطراً كبيراً، لكن الحكومة الصينية أعلنت حالة الطوارئ القصوى للحد من انتشار ذلك الفايروس، لكي تستطيع أن تتحمل مسؤوليتها في القضاء عليه، وهذه اجراءات استثنائية”.
وتابع القول: إنه “نظراً لاعتبار مدينة ووهان منبع ذلك الفيروس، فقد اتخذت الحكومة الصينية إجراءات متكاملة لعزل المدينة ومراقبتها، ومعظم الوفيات حدثت في هذه المدينة، كما أننا نعزز انشاء المستشفيات المتخصصة لمواجهة الفيروس، وخلال الأيام العشرة الماضية تمكنت الصين من إنشاء مستشفيين متخصصين لعلاج الفيروس بسعة 2500 سرير في مدينة ووهان، وهي الاجراءات التي لاقت اشادة كبيرة من قبل المجتمع الدولي الذي قدم دعماً جيداً وثميناً للصين بهدف مساعدتها على مواجهة الفيروس، وبالمقابل -وللأسف الشديد- اتخذت دول أخرى اجراءات ضد الصين لإثارة الرعب والخوف المبالغ فيه، إذ قامت تلك الدول بالمبالغة في ردة الفعل، وبادرت الى إصدار قرارات غريبة بضمنها منع دخول المواطنين الصينيين السالمين الى بلدانها، كما ان هذه الدول تتعمد خلق الافتراءات للمبالغة بالحقيقة”.
من جانب آخر، قالت عضو لجنة الاستثمار والاقتصاد، ندى شاكر جودت: إن «الشركات الصينية -بعد الانتهاء من أزمة فيروس كورونا- ستتوجه الى العراق من أجل المباشرة في مشاريع الاعمال التي تضمنها الاتفاق بين البلدين».
وأضافت ان “العقود التي أبرمت مع الصين ضمن الاتفاقية، ستتم مراقبتها من قبل ديوان الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، بالإضافة الى مجلس
 النواب”.
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، التقى رئيس جمهورية الصين الشعبية، شي جين بينغ، وناقشا آخر المستجدات عن فيروس كورونا المستجد، وأكّدا التزامهما بالسيطرة عليه.
 وكان بصحبة الدكتور تيدروس المديرُ الإقليمي للمنظمة، الدكتور تاكيسشي كاساي، والمدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية للمنظمة، الدكتور مايك رايان، وضمّ اللقاء أيضاً مستشار الدولة ووزير خارجية الصين، وانغ يي، ووزير الصحة، ما 
تشاوي.
 وعرضت لجنة الصحة الوطنية الصينية، القدرات والموارد المتينة التي تكرسها الصين في مجال الصحة العمومية من أجل التصدي لفاشيات الأمراض التنفسية وتدبيرها العلاجي. وركزت المناقشات على التعاون المستمر بشأن تدابير الاحتواء في ووهان، وتدابير الصحة العمومية في المدن والمقاطعات الأخرى، وإجراء المزيد من الدراسات بشأن حدة الفايروس وقدرته على الانتقال، بالإضافة إلى مواصلة تبادل البيانات وتقاسم الصين موادها البيولوجية مع المنظمة. وستؤدي هذه التدابير إلى تعزيز الفهم العلمي للفايروس وتسهم بالتالي في وضع التدابير الطبية اللازمة لمكافحته، كاللقاحات والعلاجات.
 وقد اتفق الطرفان على أن توفد المنظمة خبراء دوليين لزيارة الصين من أجل العمل مع نظرائهم الصينيين على تعزيز فهم الفاشية وتوجيه مساعي الاستجابة 
العالمية.
 وفي هذا الصدد، قال الدكتور تيدروس: “إن وقف انتشار هذا الفايروس في الصين وعلى الصعيد العالمي هو الأولوية العليا للمنظمة الآن”. وتابع قائلاً:”نقدّر الجدية التي تتعامل بها الصين مع هذه الفاشية، لا سيما الالتزام الذي أظهرته قيادتها العليا والشفافية التي أبدتها، بما في ذلك تقاسم البيانات المتعلقة بالفايروس وتسلسله الجيني. وتعكف المنظمة بدورها على العمل عن كثب مع الحكومة الصينية لتطبيق تدابير تساعد على فهم الفايروس والحدّ من انتقاله. وستواصل المنظمة العمل جنباً إلى جنب مع الصين والبلدان الأخرى كافة من أجل حماية الصحة وصون سلامة 
الناس».